عوالم رحبة للصغار أساسها البساطة والتناغم

عالم كريستين ماكفيغ الطفولي
تعمل كريستين ماكفيغ على تصميم وتنفيذ معظم ما يحتاجه الصغار في غرف نومهم، أو في أسرّتهم على الأخص. ولا يقتصر اهتمامها على الديكور الداخلي، بل يشمل قراءة للأبعاد الحقيقية لعالم الطفولة، ولكافة ما يتعلق بإحساس الأطفال ورؤيتهم ومستواهم التذوقي، كذلك بالأبعاد الثقافية لهم.


والحق، أن هذا النوعية من المصممين لا تعتبر السوق هدفا أساسيا لها، بقدر ما يهمها الرضا الذاتي. مع ذلك، فإن الأسواق والقوة الشرائية تزداد، ليس بسبب حجم السوق وكبره، بل لأن الحاجة ماسة الى النوعية والجودة، خصوصا في ظل انفتاح الأسواق الكبيرة على بعضها بعضا، مما زاد من القدرة على تعويم الأسواق ببضائع مقلدة لأكبر الماركات العالمية وبأسعار رخصية جدا.

 
ما يحسب لكريستين انها لا تعتمد نفس الخامات ونوعيات الأقمشة والتصميمات، وبالتالي ترى أن ثورة المصممين الذين يعملون فردياً في العالم، خاصة، في أوروبا، تشهد نمواً جيداً، وستنمو أكثر في الأعوام المقبلة، لأن أعمالهم تنبع من روح ثقافية ومن قدرة على تقديم المبتكر والجديد.
 
ولدت كريستين ماكفيغ في السويد وتعيش في فرنسا ودرست الهندسة التجميلية والتصميم الداخلي في بريطانيا. وقد أسست منذ عدة أعوام دار muusa.fr لتصميم وتسويق كل ما يتعلق بحاجيات غرف الأطفال من إكسسوارات الأسرة والغرف، مع العلم أنها مصنوعة من الأقمشة الفاخرة والمصنوعة يدوياً في فرنسا.

تعرف كريستين عن نفسها وحبها لعالم الطفولة بالقول: «تربّيت في السويد، وكنّا نذهب الى الريف كل سنة لتمضية فصل الصيف، حيث كانت تحيط بنا الحيوانات والطبيعة الجميلة. وفي نظري، الطفولة تمثّل الطبيعة والتناغم، وأرجو أن تعكس تصاميمي هذا الأمر».

وتعلق كريستين: «لقد دخلت بالصدفة في نشاط التصميم الخاص بالأطفال. بدأت عملي بتصميم وسادات للشقق العصرية، أي لجمهور الكبار. وفي يوم من الأيام خطر ببالي تعليق رسم قطة على وسادة مزيّنة بزخارف مطرّزة يدويا، وعرضتها على محل في باريس متخصص في زينة غرف الأطفال. فطلب مني فوراً كمية منها، وبيعت كل الوسادات في ظرف زمني قصير.

وأخبرني صاحب المحل أنّ أحد الأطفال استجدى والدته للحصول على إحداها، وأنّ طفلا آخر لا يتخلّى أبدا في المساء عن وسادته المزينة بقطة. وعندما سمعت أن تصاميمي ازدانت بقيمة «عاطفية» في نفوس الصغار، انتابني شعور بالرضا والاعتزاز، وهذا طبعا دفعني الى متابعة الدرب، والاستلهام من الطبيعة، خصوصا وأنا أحب البساطة والتناغم وروح النكتة. وربّما هذا يتأتّى عن طريقة تربيتي في السويد».

أما عن منتجاتها فتقول: «حاليا، أركّز أكثر على تصميم منتجات للأولاد، لكن في كل مجموعة أطلقها أترك دائما جزءا، ولو يسيراً للكبار، مثل وسادات الكتّان المزيّنة بقطع الجلد. وأشتهي أن استعمل التصاميم المعدّة للوسادات على أكياس التسوّق. وبودّي على سبيل المزح وروح النكتة أن استعمل بعض التصاميم المعدّة للصغار في حاجيات للكبار. لكن المؤسف أنه ليس لديّ الوقت الكافي لأقوم بكلّ ما أودّ، وعليّ أن اكتفي حاليا بتركيز جهدي على شرائح معيّنة ضمن السوق. وتـــعجبني أيضا فكرة التوفيق بين التصـــميمات المعدّة للأمهات وللصغار، وهذا ما تجده مثلا في مجموعة الحب، التي تضمّ حقائب ظهر للأولاد متوافقة في التصميم مع حقائب رياضية للأمهات».

ويعتبر تصميم الديكور الداخلي للأطفال، مجالا متخصصا ونادرا، الأمر الذي تعزيه كريستين إلى قلة الوقت المكرّس في معاهد فن الديكور والهندسة الداخلية لهذا الاختصاص: «فعلى حد علمي لا توجد في باريس مدرسة واحدة متخصصة في تعليم كيفية تصميم الأزياء والزينة للصغار، مع انه مهم لعدة أسباب، منها ضوابط أمان كثيرة يتوجّب على المصمّم أن يراعيها عدا عن عقلية الطفل».

ولا تخفي كريستين ان اختيار هذا المجال مسألة حساسة جداً، إذ لا يمكن لأي شخص، أن يتلمس الإحساس بالطفولة. فذهنية الطفل التي تمكنه من تقبل الأغراض التي توضع في غرفته مسألة صعبة، لا يمكن لأي مصمم حتى لو كان محترفاً التوصل إليها بسهولة.

وعلى هذا فإن قدرة المصمم على الدخول الى قلب الطفل، قد تخيب في أحيان كثيرة إذا لم تعتمد على الإحساس الذاتي بالطفولة وثانياً على القدرة على تلمس الابتكارات التي تلامس إحساس الطفل نفسه

لكنها تركز على الجودة، وتستشهد على هذا بظاهرة انتشار الملصقات الجدارية الصناعية المنتجة بكميات كبيرة، التي بدأت تتراجع بسبب عزوف الآباء والأمهات عنها لحساب الأعمال التي يصنعها حرفيّون يدويا، وبكميات صغيرة». والحال أن الأسواق العالمية بالمعنى الواسع، أكثر استهلاكا للنمط الكلاسيكي منه الى الأنماط الأكثر دراسة لرغبات الطفولة وتحولاتها معاً.

لكن مع ذلك تقول كريستين: «لحد الآن ركّزت على السوق الفرنسية، لكني بدأت في مرحلة مبكرة من نشاطي بالتصدير الى بلدان أخرى: اسبانيا، ايطاليا، الولايات المتحدة، اليابان، والكويت. ومن ميزات منتجاتي أنها مصنوعة في فرنسا، مما يسهل تصديرها.

وفي السنوات الآتية، سأركّز على سوق اليابان وأسواق الشرق الأوسط، ولو كان ذلك بكميات ضئيلة». وتشير أيضا إلى أنها تخطط لإنتاج أكياس تسوّق «أنيقة» تتلاءم مع أجواء البلدان الدافئة التي تُكثِر فيها النساء الخروج من البيت للتسوّق.

 كما تتمنى ان تنتشر وسادتها المزيّنة بجمل ونجمة على أسرّة الصبيان في الشرق الأوسط، خصوصا أنها متفائلة بأنه سيكون للأطفال نصيب كبير من الاهتمام في المستقبل: «فالناس صارت الآن تمضي وقتا أطول في المنزل وتقلّل الإنفاق على السياحة وعلى الترفيه والاستجمام في الخارج. ومن جهة أخرى، فإن العديد من المصممّين سينصرفون الى تصميم زينة غرف الصغار بسبب التشبّع وشدّة المزاحمة في سوق تصميم الأزياء».