متي يكون الإشعاع خيار علاجي «وسطي» لسرطان البروستاتا؟

قد يكون الأمثل بين خياري المراقبة النشطة أو الاستئصال الجراحي
قد يكون الأمثل بين خياري المراقبة النشطة أو الاستئصال الجراحي

من الممكن أن يشكل الإشعاع خيارًا فاعلاً بالنسبة للرجال في أي مرحلة من سرطان البروستاتا، عند الاعتماد عليه بمفرده أو بالإضافة إلى العلاج الهرموني.


خيارات العلاج
في الوقت الحالي، غالبًا ما يجري طرح خيارين للعلاج على الرجال المصابين بسرطان البروستاتا، يقف كل منهما على النقيض من الآخر. أولهما: المراقبة النشطة، بمعنى أن تتخلى عن العلاج الفوري وتراقب نمو الخلايا السرطانية. وثانيهما: الاعتماد على الجراحة في إزالة البروستاتا المصابة بالسرطان.

ومع ذلك، قد يكون الخيار الوسطي بين الاثنين، أي العلاج الإشعاعي، هو الأمثل بالنسبة للرجال الذين لا يرغبون في معايشة قلق الانتظار أو المرور بمحنة الجراحة.

الملاحظ أن بعض الرجال ينفرون من العلاج الإشعاعي، لأنهم يعتبرونه نمطًا مكثفًا من العلاج. ومع ذلك، يبقى للعلاج الإشعاعي كثير من الجوانب الإيجابية.

في هذا الصدد، شرح د. بول نغوين، اختصاصي الأورام الذي يعمل بمستشفى «بريغهام النسائية» التابعة لجامعة هارفارد أن «هذا النمط من العلاج أقل تدخلاً مقارنة بالجراحة، ويمكن المريض من الاحتفاظ بالبروستاتا. وبصورة أساسية، فإن أي رجل يفكر في الخضوع لجراحة تتعلق بسرطان البروستاتا من المحتمل أيضًا أن يكون مؤهلاً لأن يجري علاجه بالإشعاع».

متى يجري استخدام الإشعاع للعلاج؟
من الممكن استخدام الإشعاع عبر جميع المراحل الأربع من مرض سرطان البروستاتا السريري clinical prostate cancer، بدءًا من المرحلة 1 المرتبطة بالخطورة المنخفض، مرورًا بالمرحلة 2 المتوسطة، وصولاً إلى المرحلتين 3 و4 المرتبطتين بالخطورة المرتفعة.

وتشبه العملية الجهود الأخرى المماثلة لمحاربة السرطان بالإشعاع، ذلك أنها تعتمد على توظيف أشعة عالية الطاقة في محاولة لقتل الخلايا السرطانية أو على الأقل وقف انتشارها.

أنماط العلاج الإشعاعي
وفيما يخص البروستاتا على وجه التحديد، فإن هناك نمطين من العلاج الإشعاعي: العلاج الإشعاعي بأشعة خارجية، والإشعاع الداخلي (ما يطلق عليه المعالجة القريبة).

مع العلاج الإشعاعي بحزمة أشعة خارجية external beam radiation therapy (EBRT)، يجري تركيز الأشعة على غدة البروستاتا على نحو يشبه إلى حد كبير التعرض للإشعاع عن إجراء فحص روتيني بأشعة «إكس». ومن الممكن استخدام هذا الأسلوب في علاج أنواع السرطانات في المراحل المبكرة أو المعاونة في التخفيف من الأعراض إذا كان السرطان قد انتشر بمنطقة ما من الجسم. وفي العادة، يتلقى المريض دورة واحدة من الإشعاع ويخضع للعلاج خمسة أيام أسبوعيًا داخل عيادة خارجية لعدة أسابيع على الأقل.

من بين الأشكال الأخرى للعلاج الإشعاعي بحزمة أشعة خارجية، العلاج بحزمة من البروتونات proton beam therapy وهو غير متوفر على نطاق واسع، والذي يعتمد على حزمة من البروتونات (وهي جسيمات ذرية)، بدلاً عن أشعة «إكس». وعلى خلاف الحال مع أشعة «إكس»، التي تطلق طاقة قبل وبعد أن تصيب هدفها، تطلق البروتونات طاقتها فقط بعد انتقالها عبر مسافة محددة.

وأوضح د. نغوين أنه «بينما يعتقد البعض أن البروتونات قد تسبب ضررًا أقل للأنسجة الطبيعية القريبة وتؤدي لآثار جانبية أقل عن الأشكال الأخرى من العلاج الإشعاعي بأشعة خارجية، فإن هذه تبقى مسألة خلافية ولا تزال تخضع للدراسة».

أما النمط الآخر من العلاج الإشعاعي، المعالجة القريبة internal radiation (brachytherapy)، فيعتمد على حبوب أو «بذور»، كل منها في حجم حبة الأرز. ويجري إدخال نحو ما بين 60 و100 من خلال الجلد إلى داخل البروستاتا، حيث تطلق إشعاعًا على مدار عدة أسابيع أو شهور.

ونظرًا للصغر الشديد بحجم البذور وتوقفها نهاية الأمر عن إطلاق إشعاعات، فإنها تترك داخل الجسم. إلا أن د. نغوين استطرد بأنه «في حالات المعالجة القريبة مكثفة الجرعة، يجري إدخال البذور إلى الجسم لثوان قليلة في كل مرة على امتداد فترة العلاج من دورة علاجية واحدة إلى أربع دورات».

وبوجه عام، قد يجري استخدام المعالجة القريبة لوحدها فقط، في علاج الرجال الذين يعانون سرطان بروستاتا من الدرجة المتدنية التي ينمو فيها ببطء نسبيًا. وأحيانا يجري الجمع بينها وبين الإشعاع الخارجي في حالات الرجال الذين يواجهون مخاطرة أكبر لأن ينتشر السرطان إلى خارج البروستاتا.

العلاج الهرموني
من الممكن أن يؤدي إضافة العلاج بالهرمونات إلى الآخر الإشعاعي، بهدف رفع معدلات الشفاء في الرجال الذي يعانون سرطانا متوسط ومرتفع الخطورة. على سبيل المثال، توصلت دراسة نشرت في عدد مايو (أيار) 2016 من دورية «يوروبيان يورولوجي» إلى أنه عند 15 عامًا بعد التشخيص، نجح هذا المزيج العلاجي في تقليص مخاطر الوفاة بسبب سرطان البروستاتا إلى النصف، من 34 في المائة إلى 17 في المائة، مقارنة بالاعتماد على الإشعاع فحسب.

أما عن أسلوب عمل هذا التوجه العلاجي، فقد قال د. نغوين إنه «أولاً: تزيد الهرمونات من صعوبة تعافي الخلايا السرطانية من الأضرار التي ألحقها الإشعاع بالحمض النووي. ثانيًا: تعمل الهرمونات على مكافحة المرض الذي انتشر لما وراء البروستاتا بصورة مباشرة».

ومع ذلك، فإنه مثلما الحال مع أي نمط آخر من علاج السرطان، تبقى للإشعاع جوانبه السلبية، مثل الإرهاق الذي تسببه مسألة العلاج اليومي والاحتمال الضئيل لأن يسفر العلاج بالإشعاع عن ظهور نمط مختلف من السرطان، مثل سرطان المستقيم، بجانب إمكانية معاودة سرطان المثانة الظهور بعد العلاج.

أما النبأ السار، فهو أنه أصبحت هناك المزيد من خيارات علاج سرطان البروستاتا متاحة الآن، مما يعني أنه أصبحت أمام المريض فرصة أفضل للوصول إلى العلاج المناسب.

اختيار منشأة العلاج الإشعاعي
قد يسهم قرارك باختيار المنشأة العلاجية في النتيجة النهائية للعلاج، ذلك أن دراسة نشرت في 15 مارس 2016 بدورية «إنترناشونال جورنال أوف رادييشن أونكولوجي بيولوجي فيزيكس»، خلصت إلى أن الرجال الذين تلقوا علاجهم بمنشآت تعالج أعدادًا كبيرة من المصابين بسرطان البروستاتا تتوافر لديهم معدلات نجاة أعلى قليلاً.

مشكلات العلاج الإشعاعي للبروستاتا
- مشكلات الأمعاء: من الممكن للإشعاع أن يحدث تهيجًا بالمستقيم ويسبب ألمًا به، وشعورًا بالحرقة، والإسهال (أحيانا يخرج البول ممتزجًا بدم).

- مشكلات في البول: من الممكن أن يتسبب الإشعاع في تهييج المثانة، مما يخلق شعورًا بالحاجة للتبول كثيرًا، أو يخرج البول ممزوجًا بدم، وقد تتسبب المعالجة القريبة (أي بالإشعاع) في تداعيات جانبية حادة في المسلك البولي قد تستمر لفترة طويلة.

- مشكلات في الانتصاب: غالبًا ما تظهر هذه المشكلات على امتداد عام أو أكثر. وكلما تقدم بك العمر، زادت احتمالات معاناتك من مشكلات في الانتصاب.

- الإرهاق: قد لا يزول هذا الشعور حتى أسبوعين أو ربما شهور بعد انتهاء العلاج.