نصائح للحجاج المصابين بالأمراض المزمنة

الجاهزية الصحية .. أحد أركان القدرة على الحج
الجاهزية الصحية .. أحد أركان القدرة على الحج

تعتبر المقدرة الصحية لأداء فريضة الحج أحد أركان القدرة المعنية في الآية الكريمة «ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلاً» وذلك بالتأكد من تمام المقدرة قبل القيام بهذه الرحلة الروحانية العظيمة.


كيف يتأكد الشخص من جاهزيته الصحية قبل أن يتوجه للحج؟ ما الاحتياطات التي يجب عليه مراعاتها ضمن استعداداته لأداء هذه الفريضة؟ ماذا عن شريحة الحجاج الذين يعانون من الأمراض المزمنة كالسكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض الكلى وغيرها؟ وكيف يقي الحاج نفسه من الإصابة بعدوى الأمراض؟

أن ‏الصحة لم تعد تعني كما يظن الكثيرون ‏خلو ‏البدن من الأسقام والأمراض فقط بل إنها أوسع من ذلك. وإذا أخذنا تعريف منظمة الصحة العالمية فهو يعرف الصحة بأنها «حالة من الانسجام والاستقرار البدني ‏والنفسي والاجتماعي والروحي التي تمكن الإنسان من ممارسة نشاطاته اليومية بشكل طبيعي».

ولتسليط الضوء على صحة الحجيج في موسم الحج حاولنا تقسيم الموضوع إلى ثلاثة محاور رئيسية، وهي كالآتي:

توصيات أولية

تشمل التوصيات للحجاج قبل القيام بأداء فريضة الحج:

اولاً - زيارة الطبيب: على كل حاج، سواء حجاج الداخل المقيمين في المملكة أو حجاج الخارج القادمين من دول العالم، قبل أن يتوجهوا إلى منطقة المشاعر المقدسة لأداء هذه الفريضة أن يراجع الطبيب وذلك لمعرفة ما استجد من إجراءات وقائية وتطعيمات وأيضًا ليطمئن على وضعه الصحي في حالة كونه من ذوي الأمراض المزمنة.‎ وإذا كان الحاج مصابًا بمرض معين، فعليه أن يسأل طبيبه عن النصائح الخاصة بحالته الصحية وعن مدى تحمُّل جسمه لعبء ومشقة الحج. ويستحسن أن يحمل معه تقريرًا طبيًا عن حالته الصحية.

ثانياً - اللقاحات الخاصة بالحج أصبحت شرطًا أساسيًا: يُعدّ أخذ التطعيمات الضرورية قبل السفر أحد الشروط الأساسية لأداء فريضة الحج، حيث قررت الحكومة السعودية عدم السماح لأي حاج بالدخول إلى المملكة ما لم يكن قد أخذ تطعيمات معينةً سنذكرها لاحقًا. وأخذ هذه التطعيمات يحمي الحاج وبقية الحجاج من أمراض معدية وخطيرة.

ولذلك، لا ينبغي التساهل في التطعيمات، أو محاولة الحصول على شهادات تطعيم غير حقيقية، فالضرر هنا كبير. وتنص التوصيات العلمية الحديثة الحجاج بأخذ عدد من التطعيمات، أهمها:

- التطعيم ضد الحمى الشوكية (التهاب السحايا). ‎وهو ضد جرثومة المكورة السحائية meningococcus، ويجب أن يتم التطعيم به قبل 10 أيام من بدء الحج، ويمكن إعطاؤه للأطفال فوق سن 6 سنوات، وتنصح النساء الحوامل أيضًا بأخذ هذا اللقاح. وعلى الحاج أن يتأكد من أن تطعيم الحمى الشوكية من النوع الرباعي (ACYW).

- التطعيم ضد البكتيريا الرئوية. وهو ضد جرثومة المكورة الرئوية pneumococcus، ويعطى للمرضى المصابين بالأنيميا المنجلية، أو الفشل الكلوي، أو نقص المناعة، أو المرضى الذين جرى استئصال الطحال لديهم. كما يمكن إعطاؤه للحجاج كبار السن، أو الذين يعانون من أمراض مزمنة في الكبد أو القلب أو الرئة.

- التطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية. وهو تطعيم عام لكل الحجاج والمقيمين المخالطين للحجاج.

- استكمال التطعيمات الأساسية للأطفال. قبل اصطحاب الأطفال للحج يجب التأكد من استكمالهم للتطعيمات الأساسية حسب سنهم، بالإضافة إلى تطعيمات الحج المعروفة. وإذا كانت التطعيمات الأساسية للطفل لا تشمل تطعيم جرثومة «المستدمية النزلية» Hemophilus influenzae فإننا نقترح أن يأخذها الطفل قبل الحج بوقت كاف.

ثالثاً - الحقيبة الطبية: هناك نوعان من الأدوية يجب توفيرها في الحقيبة الطبية التي يصطحبها الحاج معه في هذه الرحلة، هي الأدوية العامة والأدوية الخاصة:

وتشمل الأدوية العامة:
- خافضًا للحرارة ومسكنًا للألم.

- مضادًا للسعال وطاردًا للبلغم.

- كريمات وفازلين وبودرة لاستخدامها عند حدوث تسلخ أو تسميط في الجلد.

- كريمات ومراهم لإصابات العضلات.

- شرابًا أو كبسولات للحموضة.

أما الأدوية الخاصة ببعض الأمراض فتشمل أدوية السكري، ارتفاع ضغط الدم، الربو، أمراض القلب، الكبد، الكلى أو الصرع وغيرها، مع البطاقة الطبية التعريفية وكذلك أدوات النظافة
الشخصية، مظلة شمسية، جهاز قياس ضغط الدم، جهاز قياس حرارة الجسم.

نصائح للحجاج المرضى
‎كما سبق ذكره يجب على كل المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة زيارة طبيبهم المعالج قبل الحج لإجراء الفحوصات اللازمة، وأخذ التوصيات الضرورية، والحرص على لبس أسورة المعصم التي تحتوي على المعلومات الأساسية، كالاسم والعمر وتشخيص المرض والأدوية المستخدمة أثناء الحج.

1- مرضى السكري، يجب عليهم مراعاة نقطتين:

- انخفاض مستوى السكر في الدم، ويحدث هذا في الحج بسبب الإجهاد والحرارة وتغير نظام الوجبات.

- الجروح والتقرحات في القدمين أو غيرهما، وذلك بسبب الحركة الكثيرة والزحام.

لذا ننصح بتجهيز بما يلي:
- حقيبة السكري: وتحتوي على كميات كافية من الأدوية.

- حافظة ثلج صغيرة (ترمس) لحفظ الإنسولين.

- جهاز قياس السكر.

- كمية من السكر، لاستعماله عند الحاجة.

وتشمل النصائح:
- يفضل التوقف عن مواصلة أداء المناسك عند الشعور بأعراض انخفاض السكر.

- تكثيف فحص الدم أثناء الحج لمعرفة نسبة السكر.

- تجنب الزحام الذي يمكن أن يسبب جروحًا في القدمين.

- الإكثار من تناول السوائل والمياه عند تأدية المناسك، كالسعي بين الصفا والمروة، ورمي الجمرات.

 - على مريض السكري الذي يستعمل إبر الإنسولين، التخلص من الإبر المستعملة بطريقة آمنة، وحتى لا يؤذي إخوانه الحجاج أو عمال النظافة، وذلك بإعادة الغطاء إليها، وجمعها في صندوق خاص.

2- مرضى الربو والشعب الهوائية المزمنة.
لا بد أن يأخذ المريض معه بخاخات الربو بنوعيها الموسع للشعب الهوائية (مثل الفنتولين) والواقية كالكورتيزون (على أن تكون بكمية كافية). كما يفضل دومًا أن يؤدي المريض المناسك في الأوقات التي يقل فيها الزحام، لأن الزحام من العوامل المثيرة للربو.

وعند الشعور بأعراض نوبة الربو، فعلى المريض المبادرة إلى استعمال البخاخات، وعند تطور المرض فعليه سرعة التوجه إلى أقرب مركز صحي. وقبل القيام بأي مجهود بدني، يفضل استعمال موسع القصبات، لا سيما في الطواف والسعي ورمي الجمرات.

3- مرضى القلب
نخص بالذكر المصابين بأمراض الشرايين، الصمامات، أو الهبوط في عضلة القلب:

- يجب عليهم تجنب الإجهاد، تجنب أوقات الزحام، عدم الصعود على الجبال، عدم الانفعال والتوتر.

- يجب المداومة على أخذ الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب في أوقاتها.

- اتباع نظام غذائي تقل فيه نسبة الدهون والأملاح.

- يفضل أن يؤدي المناسك وسط مجموعة من الأقرباء أو المعارف حتى يتمكنوا من إنقاذه في حالة حدوث أي طارئ.

- عند شعور المريض بأي ألم في الصدر أو ضيق في التنفس، يجب عليه فورًا أخذ قسط من الراحة. وفي حالة تطور هذه الأعراض فعليه أن يقابل الطبيب المختص فورًا.

4- المصابون بأمراض الكلى
أمراض الكلى كثيرة، تشمل بشكل عام الفشل الكلوي الذي يحتاج إلى غسل كلوي، ضعف وظائف الكلى، وحصوات الكلى.

بالنسبة للمريض الذي يحتاج إلى غسيل كلوي، فإن في الحج خطرًا عليه ومشقة كبيرة، إلا إذا تمكن من الحج مع بعثة طبية، وجرى الترتيب المسبق مع أحد المستشفيات لإجراء الغسيل الكلوي له بشكل منتظم.

وبالنسبة لمريض حصوات الكلى، فينصح بالإكثار من تناول السوائل بمعدل 3 لترات في اليوم، كما ينصح بتجنب حرارة الشمس، ويفضل تأديته لبعض المناسك بعد غروب الشمس. أما بقية مرضى الكلى، فلا بد لهم من مراجعة الطبيب قبل السفر للحج للنظر في حالتهم الصحية ووضع الاحتياطات اللازم اتخاذها.

5- مرضى الصرع
مرضى الصرع متفاوتون في درجة وشدة المرض، فبعضهم من أمكنه السيطرة على مرضه بالأدوية، وهذا الصنف من المرضى يمكنه الحج. أما المرضى المصابون حديثًا بالمرض، أو الذين لم تجر السيطرة على مرضهم، فهؤلاء من الأفضل لهم طبيًا أن يؤخروا الحج حتى تستقر حالتهم. ولاشيء عليهم - إن شاء الله لأنهم غير مستطيعين. وإذا قرر المريض المصاب بالصرع الحج، فعليه الاحتياط الكامل بحيث يأخذ كفايته من الأدوية، ولا يجهد نفسه، ولا يؤدي المناسك وحده، بل لا بد أن يصحبه أحد معارفه تحسبًا لأي طارئ.

الوقاية من العدوى أثناء الحج
نخص بالذكر هنا متلازمة الشرق الأوسط التنفسية فيروس «كورونا» (MERS – cov)، و«إنفلونزا الخنازير» (H1N1) وغيرهما من أمراض الجهاز التنفسي المعدية.

تتشابه أعراض متلازمة الشرق الأوسط التنفسية بشكل عام مع أعراض الإنفلونزا والتهاب الرئة، حيث يعاني المريض من حمى وأعراض تنفسية، مثل السعال وضيق التنفس والألم الصدري. وقد يشكو بعض المرضى من توعك شديد وحمى وإسهال دون أية أعراض تنفسية.

 وإذا شعر الحاج بأعراض مشابهة لما ذكر آنفًا، سواء في أثناء زيارته للأراضي المقدسة أو بعد عودته منها، فينبغي عليه استشارة الطبيب بأسرع وقت ممكن.

توصي وزارة الصحة السعودية الفئات التالية من الزوار بتأجيل قرارهم بالحج، لهذا العام، وذلك حرصًا على سلامتهم وسلامة الآخرين، وهم:
- المسنون الذين تجاوزوا الخامسة والستين من العمر.

- المصابون بحالات صحية مزمنة (مثل أمراض القلب، أو أمراض الكلى، أو الأمراض التنفسية، أو السكري).

- الأشخاص الذين يعانون من ضعف في الجهاز المناعي لأي سبب كان (سواء أكان سببًا دوائيًا أو مرضيًا).

- المصابون بسرطان خبيث.

- المصابون بأمراض لا يرجى شفاؤها.

- النساء الحوامل.

- الأطفال تحت سن الثانية عشرة.

كما قامت كل من وزارة الصحة في المملكة العربية السعودية ومنظمة الصحة العالمية بتزويد الحجاج بمجموعة من النصائح للحد، ما أمكن، من انتشار العدوى التنفسية بكل أشكالها، وتتلخص النصائح بما يلي:

- غسل اليدين جيدًا بالماء والصابون أو سوائل التعقيم، وخصوصًا بعد السعال أو العطس.

- استخدام المناديل الورقية عند السعال أو العطس والتخلص منها عقب ذلك مباشرة.

- تجنب فرك العينين بواسطة اليدين، أو لمس المنخرين أو الفم.

- تجنب الاحتكاك بالأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض الإصابة بعدوى تنفسية أو أشكال أخرى من العدوى.

- الالتزام بتناول أطعمة صحية، وطهي اللحوم - وغيرها من المأكولات - بشكل جيد وضمن شروط صحية، وغسل الفواكه والخضار بشكل جيد قبل تناولها، وتجنب تناول الحليب غير المعقم، خصوصًا حليب النوق.

- ارتداء الكمامات، خصوصًا في الأماكن المزدحمة، وتبديل الكمامة بواحدة جديدة بحسب تعليمات الجهة المصنعة لها.

- الالتزام بالنظافة الشخصية وقواعد الصحة العامة.

- تجنب التعامل مع الحيوانات الأليفة.

- وإذا شعر الحاج بالتوعك الصحي في أثناء قيامه بالمناسك، فينبغي عليه طلب المساعدة الطبية فورًا.

- إذا شعر الحاج، لدى عودته من الأماكن المقدسة، بتوعك أو أعراض مرضية، خصوصًا الحمى والأعراض التنفسية، فينبغي عليه استشارة الطبيب فورًا.

وعلى الرغم من أن الإصابة بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية لا تزال نادرة نسبيًا، وغالبًا ما تكون الأعراض ناجمةً عن أشكال مختلفة من العدوى، إلا أنه ينبغي أخذ هذا الاحتمال بالحسبان، وذلك بهدف تجنب المخاطر الصحية المحتملة ووقاية العائلة ككل.