اللياقة البدنية .. هل تزيل السمنة ؟

التمارين الرياضية إجراء عظيم مهما كان الوزن، الا انها لا تزيل التأثيرات الصحية الناجمة عن حمل كيلوغرامات اكثر في الجسم.


القليل منا من هو نشط ورشيق، والنشاط والرشاقة هما الحالتان المثليتان اللتان يؤدي وجودهما معا، الى إبعاد خطر امراض القلب وعدد آخر من الحالات المرضية المزمنة.

وفي ايامنا هذه، فإن غالبية البالغين هم اما من ذوي الوزن الزائد، او من غير النشيطين، او انهم يتسمون بكلتا الخاصيتين معا.

وإن رغبت في ان تكون واحدا منهما ـ اما نشطا او رشيقا ـ فأي منهما هو الافضل؟ لقد ظل الباحثون يبحثون عن الجواب على هذا السؤال لفترة طويلة.

وافترضت الابحاث الاولى ان التمارين بمقدورها إزالة تأثير الأخطار الصحية المصاحبة للوزن الزائد.

وهذه فكرة مريحة للبال، وقد اصبحت شائعة اعلاميا، الا انها على أكثر الاحتمال، ليست سوى فكرة لتبسيط الروابط المعقدة بين الوزن، والنشاط البدني، والصحة.

نتائج أبحاث متقلبة
وقد بدأ فريق من باحثي معهد كوبر لأبحاث الآيروبيك في دالاس في اثارة المناقشات عام 1998 باصداره تقريرا استفزازيا.

قاس الباحثون تركيب الجسم لـ 22 الف رجل وطلبوا من كل واحد منهم اجراء تمرين منهك على الدواسة الكهربائية (آلة المشي الكهربائية).

وبعد ثماني سنوات من المتابعة، توفي 428 رجلا منهم. واظهر البحث ان الاشخاص البدينين من الذين كانوا يتحلون باللياقة البدنية، كما اظهرت ذلك تمريناتهم في اختبارات الدواسة الكهربائية، كانوا اقل تعرضا للوفاة بمقدار النصف من الاشخاص الرشيقين الذين لم يكونوا يتحلون باللياقة البدنية.

وبالاضافة الى ذلك، فان معدلات الوفيات كانت هي نفسها بين الرجال البدينين والرشيقين.

كما دعمت دراسات أخرى لمعهد كوبر ومنها دراسات اجريت على النساء، الفكرة القائلة ان اللياقة البدنية هي أهم من الوزن، على الاقل في ما يتعلق بطول العمر.

ولا يتفق الجميع حول هذا الامر. فقد دقق باحثون من نورث كارولينا في معدلات الوفيات بين اكثر من 5 آلاف رجل وامرأة، شاركوا في تجربة للخفض المسبق للكولسترول. وفي هذه المجموعة من المشاركين لم تقدم اللياقة البدنية سوى حماية ضئيلة ضد المخاطر الصحية المرتبطة بزيادة الوزن.

ثم جاء آخر الانباء من «دراسة النساء الصحية»، وهي اختبارات لمدى 10 سنوات على تأثيرات الاسبرين وفيتامين «إي» في نحو 40 ألف من النساء في اواسط عمرهن.

وكما يمكنك ان تتوقع، فان فرصة التعرض لنوبة قلبية، او الحاجة لعملية لفتح مجاز من الاوعية الدموية لتروية القلب بالدم، او فتح الشرايين المتضيقة، او الوفاة بسبب امراض القلب، قد زادت مع زيادة الوزن وكذلك مع قلة النشاط.

وفي كل فئة من الأوزان (الفئة الصحية، الزائدة الوزن او البدينة، السمينة) كانت النساء اللواتي حرقت اجسامهن 1000 سعرة حرارية في الاسبوع نتيجة ممارستهن للتمارين الرياضية او للنشاط البدني، كن يبدين تعرضا أفل لمشاكل القلب، مقارنة بأولئك النساء اللواتي كن خاملات بدنيا.

الا ان هناك «ضربة مفاجئة» وهي ان التمارين الرياضية لم تهزم اخطار امراض القلب والاوعية الدموية للاشخاص ذوي الوزن الزائد.

وكانت نتائج سابقة من «دراسة صحة النساء» ومن «دراسة صحة الممرضات» التي اجريت في هارفارد، قد توصلت الى استنتاجات مفادها ان التمارين لا تزيل النتائج المترتبة على حمل وزن زائد في الجسم.

«أخطار دهنية»
هل ساعدنا كل ما تقدم ذكره من الاجابة على السؤال الاصلي وهو: إن كان بمقدورك ان تكون إما نشيطا أو رشيقا، فأي منهما أفضل؟ لعله ساعد على ذلك.

ان التمارين هي افضل الامور الانفرادية التي يمكن ان تزاولها لنفسك بهدف درء امراض القلب، السكري، هشاشة العظام، الاصابة بحصى المرارة، الكآبة، وجملة من الامراض الاخرى، او التحكم بها. وهذه حقيقة سواء كان وزنك في النطاق الاعتيادي او كان كرشك وعجيزتك يتدليان نتيجة تراكم الكيلوغرامات على مر السنين.

الا ان هذا لا يعني ان تتقدم التمارين في اولويتها، على مهمة الحصول على وزن صحي. واكثر «الوزن الزائد» هو من الدهون وليس من العضلات او العظام.

ودهون الجسم ليست طبقة خاملة من العوازل او خزينا فائضا.

انها أنسجة نشطة تضخ الأحماض الدهنية، الهرمونات عوامل النمو، ومركبات تؤدي الى حدوث الالتهابات.

وهذا مهم بالفعل للدهون التي تتراكم حول الخصر. والنواتج الثانوية لدهون الجسم قد تزيد من ظهور امراض القلب، السكري، وامراض الكلى، وذلك بغض النظر عن اجراء التمارين او اللياقة البدنية.

الرياضة وإنقاص الوزن
قم بتنفيذ الأمرين، وفكر بالتمارين والوزن الصحي بوصفهما رفيقين متلازمين في جهودك للبقاء سليما، او لكي تصبح سليما.

والنشاط البدني واانقاص الوزن (عندما توجد حاجة اليهما) يحسنان من مرونة الشرايين.

وهما يقللان من ضغط الدم ويحسنان من مستويات الكوليسترول. كما انهما يخففان الالتهابات عبر كل ارجاء الجسم.

ويجعلان الدم اقل تكوينا للخثرات داخل الشرايين، وهي الخثرات التي تقود الى النوبة القلبية والسكتة الدماغية.

وتساعد التمارين على فقدان الوزن او الحفاظ عليه، فيما يوفر انقاص الوزن طاقة اكبر وحركية اكبر لاجراء التمارين.

وذلك لا يعني البتة بأن عليك ان تعدو في سباق الضاحية. فالمشي لفترة 30 دقيقة يوميا أمر عظيم. والمشي لفترة اطول، او اجراء تمرين أعنف، افضل. وليس عليك ان تصبح رشيقا فورا نحو الوزن الذي يعتبر وزنا صحيا.

وان كنت بدينا، فان فقدان ما بين 5 الى 10 في المائة من الوزن سيقودك الى الطريق نحو صحة افضل. والاشخاص الأطول قامة يكونون أثقل من الاشخاص القصار القامة.

ولذلك يستخدم الاطباء مؤشر كتلة الجسم body mass index (BMI) لقياس الوزن لكل الطول.

ولدى الاشخاص البدينين يكون هذا المؤشر اكثر من 25، ولدى السمينين ـ أكثر من 30.

اما الخصر الكبير فهو ما كان اكثر من 40 بوصة (البوصة 2.5 سم تقريبا) للرجال، و35 بوصة للنساء.

ان التمارين الرياضية هي عنصر اساسي للصحة الجيدة. كذلك التوجه الى الوزن الصحي، او الحفاظ عليه. ضع كليهما معا، وبذلك فانك تصل الى فرصتك المثلى لعمر صحي أطول.