مر 23 عاماً على وفاته لتكتشف أرملته أنه حيّ ويعيش مع أخرى!

مضى ثلاثة وعشرون عاماً على وفاة الزوج Richard Hoagland ريتشارد هوجلاند والذي قد توفي في ظروف غامضة بعد 11 عاماً زواج من السيدة Linda Iseler  ليندا إيزلر، ثم تأتي المفاجأة من الشرطة لتخبرها بأن زوجها الفقيد ليس فقيدًا وإنما هو حي يرزق ولكن مع امرأة أخرى.

هبطت المفاجأة على "ليندا" عندما هاتفها المحقق "أنطوني كارديللو" من مركز الشرطة بمقاطعة باسكو، ولاية فلوريدا الأمريكية وفقًا للمصدر إي بي سي نيوز، ليخبرها بحياة زوجها وأنه لم يعد فقيدًا كما كانت تعتقد طوال السنوات الطوال الماضية.

وتقول ليندا: "لقد اتصل بي المحقق وسألني هل تعرفين من يدعى ريتشارد هوغلاند؟، فأخبرته: نعم بالطبع فأنا أرملته، ولكن المحقق فاجأني بقوله: سيدتي من الضروري أن تعلمي أنه محتجز الآن لدينا في السجن".

وتفاصيل الحكاية الغريبة هي:
(بعد أن تخلى ريتشارد عن عائلته وزوجته في فبراير عام 1993 وبعد زواج استمر 11 عاماً وإنجابه الأطفال منها، قرر ريتشارد عدم استكمال حياته معهم وقد فعلها، وإنما ليس بالطريقة والإجراءات التي ينتهجها غيره بإنهاء الزواج بالانفصال الرسمي بالطلاق، ولكن ريتشارد اختار أغرب الطرق وهي الهروب وترك أسرته تبحث عنه لتيأس فتعتقد في النهاية بأنه قد توفي في ظروف غامضة).

يقول محقق الشرطة المسئول عن تقصي الحقائق في قضية ريتشارد: "بدأ المتهم تنفيذ خطته العجيبة في الهروب بتمثيل الوفاة، وذلك عندما سرق شهادة وفاة وانتحال هوية رجل يدعى (تيري جود سيمانسكي) وكان صياداً وقد توفي بالفعل عام 1991، وبسرقته شهادة الوفاة هذه تمكن من استخراج شهادة ميلاد لنفس الشخص (تيري) والذي قد انتحل صفته، ومن خلال شهادة ميلاد تيري تمكن ريتشارد أيضًا من استخراج رخصة قيادة، ومن هنا أصبح اسمه في الأوراق الرسمية (تيري سيميناسكي) وبفقدانه وعدم العثور عليه من قبل عائلته والشرطة أصبح (ريتشارد هوغلاند) متوفىً"

لأكثر من عقدين من الزمان يعيش (ريتشارد) المنتحل اسم (تيري) مع زوجته الثانية الجديدة وتدعى ماري وابنه المراهق في مقاطعة باسكو، وقد عمل في عدة وظائف مختلفة وتمكن من امتلاك عقارات وعدد من الممتلكات باسمه.

تقول ليندا: "كانت دائمًا ما تساورني تساؤلات ومخاوف حول وفاة زوجي وأحاول تخيل ما حدث معه، ولكن في النهاية أسلم للأمر الواقع لأني لا أجد إجابة سوى أنه فعليًا مفقود إذن فهو ميت".

والحقيقة بدأت تتضح معالمها وتطفو على السطح عندما بدأ ابن شقيق "تيري سيمانسكي" الحقيقي المتوفى عام 1991 والذي كان عمره حينما توفى 33 عاماً في البحث عبر مواقع الإنترنت عن أخبار عن عائلته وأفرادها وعن أطراف يجتذبها حول حقيقة حادث وفاة عمه الصياد ليفاجأ بأن هناك من يحمل نفس اسمه ويعيش وسط ولاية فلوريدا، بل وتزوج عام 1995 ويملك عدداً من العقارات وممتلكات أخرى في مقاطعة باسكو Pasco بفلوريدا.

وعندما أخبر ابن الشقيق باقي أفراد العائلة بنتائج بحثه استغرق الأمر منهم ثلاث سنوات في تردد حول إبلاغهم عن الشخص وعن مدى حقيقة هويته، ولكن في نهاية المطاف أبلغ أحد أفراد العائلة السلطات في إبريل من عامنا هذا 2016.

ومع حلول شهر يوليو كانت قد اتضحت عملية الانتحال التي قام بها ريتشارد للشرطة فألقوا القبض عليه في نفس الشهر (يوليو) لتوجه له تهمة الانتحال والتزوير وسرقة شهادة وفاة شخص آخر، وبالرغم من محاولته بشتى الطرق دفع التهمة عنه وإنكارها إلا أنه كان من السهل إثباتها عليه.

أُلقي القبض على ريتشارد وهو الآن بعمر 53 عاماً وكانت الحقيقة قد اتضحت بعد مرور 23 عام عليها أي على اختفائه وهروبه من عائلته وحياته الأولى.

تستطرد ليندا حديثها فتقول" اختفى هوغلاند عام 1993 فجأة ودون سابق إنذار وتركني وابنيه اللذين كانت أعمارهما حينها ست وتسع سنوات، وكنت أرى أن حياتنا تسير على نحو جيد وكنا نجدها حياة عائلية هادئة دافئة ونعده زواجاً صحياً، ولكن قرر هوغلاند التخلي عن الجميع وعن كل شئ، لقد هاتفني حينها وكنت أنا في عملي وهو في المنزل وأخبرني بأنه يشعر أنه ليس على ما يرام وأنه مريض، فطلبت منه الانتظار حتى آتي لأصحبه ونذهب للطبيب سويًا ولكنه أجاب بأن ليس لديه وقت للانتظار وسيذهب للطبيب بمفرده"! 

وتقول ليندا إيزلر: "فجأة لم أعد أعثر عليه وبحثت عنه كثيرًا في المستشفيات وأقسام الشرطة ولدى الأصدقاء وفي كل وأي مكان يمكن العثور عليه فيه ولكن دون جدوى، كانت فرشاة أسنانه لا تزال هناك في مكانها وبالرغم من أن الجو كان شديد البرودة حينها فقد كنا في شهر فبراير إلا أني وجدت معطفه مكانه، وكنت قد عجزت حينها عن إيجاد تفسير لاختفاء رجل يبلغ 30 عاماً بهذه الطريقة لمجرد أنه شعر بتوعك".

عانت أسرة هوغلاند (الزوجة والطفلين) الأمرين بعد غياب العائل، فقد عانوا نفسيًا وماديًا واضطروا لبيع المنزل والسيارة للتمكن من العيش بثمنهما، وفي خضم التوتر وعدم توقف الرأس عن التفكير في إيجاد سبب عقلاني وتفسير منطقي لاختفائه كانت تميل ليندا إلى الاعتقاد بأن زوجها اختفى لدى اعتقاله جنائيًا من قبل الشرطة، وهذا الاعتقاد هو ما كان يفسر لها عدم تمكن السلطات من العثور عليه.

ذكرت ليندا أن زوجها صرح لها في مطلع التسعينات أنه متورط في عملية اختلاس ملايين الدولارات، ومن المؤكد أنه سيخضع للتحقيق من قبل المكتب الفيدرالي، وربما لن يملك خياراً سوى الفرار من المدينة بأكملها (وفقًا للمصدر تيمبا باي تايمز)، أما في تحقيقات الشرطة فقد ورد فيها أن هوغلاند إنما غادر المدينة هربًا من زوجته ليندا.

في نهاية المطاف أخبرت الشرطة الزوجة أنه مفقود وربما توفى، ولكن وفقًا لما ذكرته ليندا أن الشرطة استدعتها وحققت معها مرارًا وتكرارًا وكانت هناك تلميحات حول شكهم في تورطها في قضية تهريب مخدرات أو عقاقير ممنوعة، ولكن اتضح لهم في النهاية أنها لم يكن لديها أي فكرة أو تورط في هذا الأمر.

تقول ليندا: "لقد دمرنا هوغلاند ودمرنا غيابه فهو لم يترك لنا أي شئ، لا شئ على الإطلاق فقد كسرني غيابه ومسئولية أطفاله أعيلهما وحدي وكسرني بسرقة راحة البال بالبحث عنه لسنوات طوال أملاً في العثور عليه". 

يقول جيري باير أستاذ القانون في جامعة تكساس أن سرقة الهوية عادة ما يرتكبها اللصوص لانتحال اسم الشخص ومن ثم ارتكاب الجرائم، وما جعل المتوفى الحقيقي تيري هدفًا مثاليًا لانتحال شخصيته هو أنه لم يسبق له الزواج وأنه ليس لديه أطفال يحملون اسمه، ولكن لا يستطيع أحد أن ينكر أن هوغلاند شخص فائق الذكاء ومتمكن في الكذب وقد وظف ذكاءه في الإجرام وتمكن من النجاح في انتحال هوية شخص آخر لما يزيد عن عقدين كاملين، وربما كان التمكن من انتحال الهوية وقتها (في التسعينات) أسهل حيث كانت السجلات جميعها ورقية ولم يكن استخدام الحواسيب وقتها معتمدًا، فقد كانت سرقة الورقة تعني سرقة كل شئ وقد فعلها هوغلاند!.

كانت صدمة عائلة هوغلاند الجديدة والتي تعرفه بـ (سيمانسكي) صدمة مروعة لدى معرفتهم بالحقيقة وأن الزوج والأب منتحل،  فعشرون عاماً زواج ليس بالزمن القصير وليست بالمفاجأة الهينة على الزوجة الجديدة ماري، وكان الأبناء (من الزوجتين) مصعوقين من الحقيقة بالرغم من أنه مازال والدهم الحقيقي، ولكن لماذا تغير الاسم فجأة، ولماذا ظهرت له عائلة قديمة سابقة قرر الهرب منها. ولماذا اتخذ واحدة جديدة لجأ إليها؟.

من المؤكد أن أفراد عائلتيه القديمة والحالية يشعرون بالغضب فيما يزداد شعور السخط لدى العائلة الأولى التي تركها تجابه مشاق الحياة وحدها وهو ما زال على قيد الحياة.

وعندما سألت الشرطة هوغلاند عن سبب فعله هذا وما السر من هروبه من أسرته الأولى، كانت إجابته بسيطة جدًا ومقتصرة، فقد أجاب: "مسئوليات ومصاعب الحياة مع زوجته وأطفاله".