ماذا قدم «ألكسندر ماكوين» و«تامبرلي» و«بيربري» في أسبوع الموضة بلندن لخريف وشتاء 2016؟

«ألكسندر ماكوين» و«تامبرلي» تعيدان الحلم للمرأة بتصاميم تعبق بالسحر والترف، ومن أجل عيون المستهلك: «بيربري» تغير ملامح الموضة بتشكيلة تحاكي الـ «هوت كوتير»
«ألكسندر ماكوين» و«تامبرلي» تعيدان الحلم للمرأة بتصاميم تعبق بالسحر والترف، ومن أجل عيون المستهلك: «بيربري» تغير ملامح الموضة بتشكيلة تحاكي الـ «هوت كوتير»

قبل انطلاق أسبوع الموضة بلندن لخريف وشتاء 2016، أعرب البعض عن تخوفهم من أن يفقد بريقه، بسبب قرار توم فورد أن يهجره إلى لوس أنجليس، لكن لحسن الحظ إن دار «ألكسندر ماكوين» أنقذت الموقف. 


فهي لم تملأ الثغرة التي كان من الممكن أن يُخلفها غيابه فحسب، بل أنست الكل فيه.

فهذا أول عرض للدار في العاصمة البريطانية منذ 14 عاما تقريبا، عندما هجرها مؤسسها الراحل إلى باريس لأسباب استراتيجية. 

خليفته سارة بيرتون، كانت تعرف أن عودتها بعد كل هذه السنوات لا يمكن أن تمر مرور الكرام، وبأن عليها أن تجتهد أكثر حتى تكون بمستوى التوقعات. 

لم تخيب الآمال أبدا، إذ قدمت تشكيلة حالمة، تأخذنا إلى عالم سريالي مغزول بالأحلام وقصص الأساطير، وفي الوقت ذاته أخذت كل إطلالة شكل لوحة فنية تمشي بها العارضة وكأنها شبه نائمة أو مستغرقة في أحلام يقظة. 

شملت التشكيلة كل ما تعشقه امرأة لا تريد التنازل عن أناقتها مهما كان الثمن، بدءا من المعاطف الواسعة التي يزيدها التبطين حجما، أو الفساتين المطرزة بسخاء ودقة متناهية، أو تلك التي نسجتها من التول والأورغنزا وتبدو بسيطة، لكن ما إن تقترب منها حتى تكتشف تفاصيل خفية تزيدها جمالا.

بين طياتها أيضًا تستكشف ازدواجية لذيذة، فقوة الجلود، مثلا، تُخفف منها التطريزات والتصاميم الذكورية تُنعمها الأقمشة الأنثوية الشفافة، بينما يأخذ التفصيل الكلاسيكي روحا جديدة بفضل طبعات ورود الياسمين والمغنوليا، فضلا عن الفراشات وغيرها من الحشرات التي باتت لصيقة باسم وأسلوب الدار. 

كان كل شيء يذكر بعبقرية مؤسس الدار، الراحل ألكسندر ماكوين، وهو ليس انتقاصًا من مهارات سارة بيرتون، بل العكس، بحكم أنها كانت يده اليمين لسنوات طويلة، مما يمنحها الشرعية بأن تُكمل ما بدأه بثقة وبنفس الجرأة.

شرحت المصممة أنها تعمدت أن تقدم أزياء أنثوية تناسب عالما يضج بالحياة عندما تغرب الشمس ويحل الظلام، لم تبخل فيها عليها لا بالتطريزات، التي تميزت في فساتين من الجلد، ولا بالأقمشة الشفافة والمنسابة، التي غلبت على فساتين طويلة وأخرى قصيرة، تعرف من النظرة الأولى أنها تناسب المساء والسهرة بقدر ما تناسب اللقاءات المهمة في النهار مع بعض التنسيق والتخفيف.

لكن هل أعادنا العرض إلى 14 سنة إلى الوراء حين كانت الدار تقدم تصاميم سريالية تجمع الجنون بالفنون؟.

الجواب هو نعم ولا. نعم لأن كل قطعة فيها تتميز برموز الدار الكلاسيكية، من ميلها إلى التفصيل الرجالي الذي تعلمه كل من الراحل ألكسندر ماكوين وسارة بيرتون على يد خياطي «سافيل رو»، إلى جنوحها إلى عالم غريب وبعيد عن التقليدي تتحول فيها الحشرات إلى كائنات مغرية. 

ولا، لأنها تتميز بواقعية تخاطب امرأة، قد لا تخاف الاختلاف وتبحث عن الجمال في الطيات والتفاصيل، لكنها تتوخى فيها أيضًا الراحة.

وهو ما علقت عليه سارة بيرتون بعد العرض قائلة: «طبعا الروح الإنجليزية حاضرة دائما فيما نقوم به، فنحن نعيش ونقيم في بريطانيا».

وأضافت بابتسامة: «هنا أيضًا توجد قلوبنا». السؤال المطروح هو هل يمكن أن تعود الدار إلى البرنامج الرسمي لأسبوع لندن بشكل منتظم، أم ستبقى هذه المشاركة يتيمة؟.

الجواب لا يعرفه أحد بعد، فالدار صرحت سابقا بأنها ستقوم بهذه الخطوة لمرة واحدة فقط، ربما لظروف المصممة التي تنتظر مولودها الثالث خلال عشرة أيام تقريبا من الآن، لكن الأيام القادمة يمكن أن تلقي المزيد من الضوء على هذا الأمر.

قبل عرض «ألكسندر ماكوين» بساعة واحدة، كان اللقاء مع المصممة أليس تامبرلي، التي أخذتنا بدورها في رحلة خيالية، لكن بلغة مختلفة تماما. فأبطالها شخصيات أسطورية مثل حوريات البحر والقراصنة، تجسدت في فساتين منسدلة وأخرى مفصلة وكأنها لصبيان أو فتيات يردن التنكر في مظهر الصبيان. 

وتعترف المصممة أن ما قدمته «لم يتغير عما قدمته سابقًا من ناحية مرحه وأناقته، كل ما في الأمر أني أضفت جرعة شقية أكبر هذه المرة».

وتابعت: «يمكنك القول إن بطلة العرض حورية بحر تتقمص شخصية قرصان لتقوم ببعض المغامرات، لكنها في النهاية تعود إلى أصولها كحورية فاتنة وناعمة». 

هذه القصة المثيرة أخذت أشكال قمصان واسعة وجاكيتات ذكورية وفساتين بتطريزات وكأنها وشم، إلى جانب التطريزات العصرية ذات الألوان المتوهجة التي ظهرت في عروضها السابقة. 

هذه المرة طرزتها على جاكيتات وفساتين سهرة والكثير من الأوشحة. أما لمناسبات النهار فركزت على الكشمير والصوف اللذين أضفت عليهما روحا عسكرية خفيفة، ربما من أجل أن تمنح التشكيلة قوة تُجنبها الإغراق في الرومانسية والنعومة التي تظهر في الكشاكش والدانتيل، مثلا.

فالمصممة لم تنس أن النهار يجب أن يكون للعمل والحياة الواقعية، والمساء للحلم واللعب. 

وبما أن قوة تامبرلي تكمن أيضًا في فساتين الزفاف، قدمت مجموعة لا بأس بها من التصاميم من الموسلين بالأبيض، بعضها مطرز باليد، يمكن أن تختارها أية عروس شابة وتطوعها بسهولة حسب أسلوبها.

أما القاسم المشترك بين كل هذا التنوع، فهو الرقي والعملية، لا سيما فيما يتعلق بسهولة تنسيق كل قطعة مع أخرى فضلا عن مرونة استعمالها في مناسبات متعددة بأساليب مختلفة.

الراقي والعملي كان أيضًا عنوان تشكيلة كريستوفر بايلي التي قدمها لدار «بيربري» يوم الاثنين الماضي.

تشكيلة عالمية لا تعترف ببيئة محددة أو ثقافة بعينها، وإن كانت المرأة الشرقية والشرق أوسطية ستُقدرها أكثر. خرج الكل ولسانهم يلهج بأنها أجمل ما قدم لحد الآن.

بعض الحاضرات سألن إن كان بإمكانهن الحصول عليها الآن، لكنه صدمن بأنه عليهن انتظارها إلى شهر يونيو (حزيران) القادم.

أما بالنسبة لقرار الدار بإتاحة كل ما تقدمه على منصات العرض مباشرة بعده في محلاتها ومواقعها الإلكترونية، فلن يصبح واقعًا إلا في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل. 

ومع ذلك، لم تبخل الدار كعادتها على هذه المرأة التي لا تقوى على الانتظار، وطرحت لها مجموعة من القطع المنتقاة يمكنها الحصول عليها بعد أسبوعين من الآن، إلى جانب حقائب يد، يبلغ عددها 65 فقط، يمكن شراؤها الآن من محلاتها.

تتميز هذه الحقائب بأحجام صغيرة وألوان وجلود متنوعة في الحقيبة الواحدة. 

بيد أن أكثر ما يلفت فيها هو حزامها العريض الذي يمكن استعماله أيضًا كحزام حول الخصر، وتوفر كل واحدة منها على بطاقة ذهبية، فضلا عن إمكانية حفر الأحرف الأولى من اسم صاحبتها عليها. 

أما بالنسبة لنقلة الدار التي أعلنت عنها منذ ثلاثة أسابيع وهزت أوساط الموضة، بتوفيرها التشكيلة كاملة بعد العرض مباشرة للزبائن، فلن ترى النور قبل شهر سبتمبر القادم، لكن الدار خطت الخطوة الأولى مساء يوم الاثنين الماضي عندما عرضت كل قطعة في محلها الرئيسي بـ «ريجنتس ستريت» على أن تنقلها يوم الاثنين المقبل إلى باريس ومنها إلى عواصم أخرى، لكي تستمتع بها زبونات أخريات يلمسن جمالياتها عن قرب.

قوة التشكيلة، تكمن في عودة المصمم إلى رموز الدار القديمة مثل المعاطف العسكرية التي ستتميز في خريف وشتاء 2016 بأحجامها الواسعة وأزرارها الذهبية الكبيرة، كما بالنقشات المربعة.

لكن الجديد فيها جرأة ألوانها، التي تتناقض مع المفهوم الإنجليزي الهادئ مع استعمال نادر لقماش التارتان وتطريز بنطلونات رجالية بالخرز. الجديد أيضًا أن المصمم استعمل الألوان المعدنية بسخاء لا يضاهيه سوى استعماله لنقشات الورود. 

لم يُنكر المصمم هذا الأمر وقال إنه لم يتقيد بعنوان أو موضوع واحد، بل ركز على «كل الأشياء التي أحب، إنها بمثابة باتشوورك يضم أشياء متنوعة، من الإيحاءات الأرستقراطية الإنجليزية إلى الإيحاءات العسكرية مع لمسات من الروك أند رول». 

مثل غيره من المصممين، اجتهد كريستوفر بايلي أن يقدم كل ما تشتهيه المرأة وتحتاجه، إذ اقترح عليها معاطف واسعة بأكتاف مقوسة ومنفوخة، وأخرى مستوحاة من الملابس الرجالية، كما اقترح عليها فساتين ناعمة من الدانتيل وأخرى مستقيمة تستحضر حقبتي الستينات والسبعينات من القرن الماضي بخطوطها وألوانها المعدنية. 

لكن الأهم في كل هذا، أنه لن تفوتك تلك اللفتة الواضحة نحو الترف، بدرجة تكاد تحاكي الـ«هوت كوتير»، إن لم يكن من خلال التطريز فمن خلال الأقمشة على الأقل. 

فهناك فستان قصير للنهار، مثلا، مصنوع بالكامل من جلد الثعبان، بألوان متباينة، ومعطف من فرو الراكون استعملت فيه تقنيات خاصة لكي يكتسب مظهرا غنيا ومنفوشا، يقدر سعره بأكثر من 7 آلاف دولار أميركي، وهلم جرا. المعطف الواقي من المطر، الذي يُعتبر من أهم أعمدة الدار، لم يغب، لكنه لم يظهر بنفس قوة العدد التي ظهر بها في المواسم الماضي. فقد اقتصر هنا على مجموعة قليلة مصنوعة من جلد الأفاعي، والجلد اللماع.

إذا كانت فكرة بايلي من دمج «بريت»، «لندن» و«برورسم»، خطوط «بيربري» الثلاث سابقا، في واحد، هو تكثيف الجهود للحصول على جودة مركزة وأناقة راقية، فقد نجح في مهمته، وأكد لنا أن تركيز الأفكار يساعد على الإبداع ويطلق العنان للخيال والابتكار. فهذه أول تشكيلة تجمع كل الخطوط الثلاثة وهي أكبر دليل على نجاح خطته. 

إنها كذلك آخر تشكيلة سيقدمها بالمفهوم الكلاسيكي، إذ ابتداء من شهر سبتمبر المقبل، ستكون تحت اسم «سبتمبر» عوض الربيع والصيف وستتوفر في السوق مباشرة، تليها أخرى في شهر فبراير (شباط) تحت اسم «فبراير» تكون موجهة للخريف والشتاء. 

ما لم يغيره المصمم هو حديقة «كينغستون»، مكان العرض المفضل للدار، واكتفى بتغيير الديكور الذي اكتسب حميمية أكبر بألوانه وكراسيه وطريقة رصها بأشكال ملتوية ودائرية لرؤية أفضل، إضافة إلى عدم تغييره تقليده بأن تكون الموسيقى التي ترافق العرض حية. هذه المرة كانت بصوت جايك باغ.