الشيف فلوريون فافاريو : نجاحي بفضل عملاقين في عالم الطهي

فلوريون فافاريو تعلم من إيريك فريشون الدقة ومن تييري ماركس التقنية
فلوريون فافاريو تعلم من إيريك فريشون الدقة ومن تييري ماركس التقنية

الشيف فلوريون فافاريو، يترأس فريق الطهاة في مطعم «سيليست» في فندق «ذا لانزبرا» الذي افتتح أبوابه من جديد أمام الذواقة الباحثين عن النكهة الفرنسية العصرية في قلب لندن الصيف الماضي.


فلوريون يبلغ من العمر 32 عاما، إلا أن خبرته في عالم الطهي تبدو وكأنها أطول بكثير من ثلاثة عقود، والسبب يعود لحظه الجيد لأنه تتلمذ على يد عمالقة في عالم الطهي في باريس بعدما تلقى كثيرا من الخبرة والتدريب من الطاهي تييري ماركس عراب المطبخ الجزيئي الذي يحمل في جعبته نجمتي ميشلان، وساحر المطبخ الفرنسي المخضرم الشيف إيريك فريشون صاحب 3 نجوم ميشلان الذي يعد الطاهي المفضل لدى الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي.

وقع الاختيار عليه لترأس مطعم «سيليست» بعدما ارتأى الشيف فريشون أنه الشخص المناسب لهذا المنصب المهم والحساس، خاصة وأن إدارة فندق «ذا لانزبرا» انتقلت إلى مجموعة عائلة «أوكتر» الذي يقع فندق «لو بريستول» الفرنسي تحت لوائها.

فكان لا بد من إيجاد الطاهي المناسب لإدارة المطعم الجديد في الفندق الذي يعد من أهم فنادق لندن.

وبفترة سريعة جدا استطاع الشيف فلوريون أن يطبع اسمه على أوراق الصحف البريطانية التي كتبت كثيرا عن إنجازاته رغم سنه الصغيرة.

وعلى الرغم من انشغالاته الكثيرة بحكم العمل وبسبب تأسيس مطعم جديد، التقى الشيف فلوريون فافاريو «الشرق الأوسط» وكان هذا اللقاء.

كيف تصف نفسك في كلمات قليلة؟
- متفتح الذهن، ومتطلع للكمال، ومتحمس، والطهي أسلوب حياتي وفني.

كيف ساعدك السفر في الطهي؟
- لقد جعل السفر ذهني أكثر تفتحًا عندما يتعلق الأمر بالمنتجات الغذائية والناس والأسلوب، كما مكنني من سرعة التكيف مع أي وضع. لا شيء يثري الإنسان أكثر من اكتشاف ثقافات أخرى وأساليب مختلفة في العمل.

لقد عملت مع تييري ماركس الذي يعد واحدًا من أفضل الطهاة في المطبخ الجزيئي، كيف تقارنه بالطاهي إيريك فريشون؟
- تييري ماركس وإيريك فريشون لا يمكن المقارنة بينهما، ويسع المرء أن يقول إنهما لعبا أدورًا مكملة في تدريبي وخبرتي المهنية.

كلاهما طاهيان ممتازان وقد تعلمت كثيرًا من العمل بجوارهما سواء على المستوى الفني أو الدقة وتعزيز الطعم. إلى جانب تييري مارك، اكتشفت العالم والمؤسسات وتقنيات الطهي الدولية، بينما مع إيريك فريشون، تعلمت الدقة وعمليات في الطعم والوصول بطبق ما إلى الكمال.

تواجه تحديًا جديدًا الآن في لندن، كيف يمكنك أن تصف وظيفتك الجديدة في «سيليست»؟
- التحدي الجديد الذي أخوضه في فندق «ذا لانزبرا» هو الأكثر إثارة في حياتي حتى الآن، لأنه ينطوي على تحدي الوصول إلى الجودة القصوى في ترميم أحد القصور واستعادة بريقه. إنها تجربة تتعلق بتحقيق الامتياز في الإفطار والغداء وخدمة الغرف وتناول الشاي في فترة ما بعد الظهر والطعام الجيد في «سيليست». «ذا لانزبرا» هو جزء من مجموعة «أوكتر» والفندق الشقيق لفندق «لو بريستول» في باريس، لكن الأمر لا يتعلق باستنساخ ذات المطبخ ولكن تقديم الجودة نفسها في الخدمة والإتقان. إنه تحد جديد يمثل بالنسبة إلي الخطوة التالية المنطقية في مسيرتي المهنية.

هل تعتقد أن البريطانيين سوف يتقبلون مطبخك ويحبونه، في ظل أن لندن أصبحت عاصمة الطعام في العالم، والمنافسة تكون عادة شرسة جدًا في العاصمة؟
- أعتقد أن مطبخ «سيليست» سوف يروق للبريطانيين. إنه يقوم على أسس المطبخ الفرنسي لكن باستخدام المنتجات الغذائية المحلية مع إلهامات دولية.

لندن هي عاصمة جميع إلهامات الطهي وتتسم بالحيوية الشديدة، أعتقد أن هناك دائمًا مساحة للجميع، هناك مطاعم كثيرة جيدة وكلها شديدة التباين.

كيف تصف طعامك في «سيليست»؟
- مطبخي في «سيليست» فرنسي الطابع مع إلهامات دولية جمعتها من خبراتي حول العالم، إنني أعشق خصوصا أن أجرب في عملي باستخدام الخضراوات. لقد أصبح من المهم في الوقت الحاضر أن تقدم طهيًا وطعامًا صحيًا، مع أهمية الاحتفاظ بعناصر المذاق أيضًا، لكننا ما زلنا في مرحلة البداية، وأمامنا كثير لكي ننجزه.

بعض مشاهير الطهاة الفرنسيين يعارضون المطبخ الجزيئي، ماذا تقول لهم؟
- أعتقد أن المطبخ الجزيئي هو اتجاه استكشفه كثير من الطهاة في مرحلة أو أخرى من عملهم.

الطهي لا يمكن أن يقوم بشكل كامل على ذلك. هذه الأساليب مثيرة للاهتمام وما زال طهاة كثيرون يلجأون إليها، مثل استخدام النيتروجين في إعداد الحلويات، ولكنني أظن أن أهم عنصر هو الاعتدال في استخدام هذه الأساليب، وألا يضع الطاهي كل البيض في سلة واحدة.

المطبخ الفرنسي، شأنه شأن أي مطبخ آخر، يعتمد على المكونات الجيدة. هنا في «سيليست»، تستخدم منتجات غذائية بريطانية، فهل لا يؤثر ذلك على طهيك؟
- تمتلك بريطانيا منتجات رائعة، والتي من الطبيعي جدًا أن تكون مختلفة تمامًا عن فرنسا. على سبيل المثال، لم أتمكن من استغلال موسم «عيش الغراب» هنا الاستغلال الأمثل، لذا يتعين علي أن أتكيف مع المواسم والمنتجات الغذائية هنا، التي تمنحني التنوع وتجعل الأمر أكثر إثارة. لا شيء ثابت للأبد والاحتمالات غير محدودة في المطبخ. هذه العناصر هي التي توقظ خيالي في المطبخ.

هل هناك أي اختلاف في الطهي للمتذوق الفرنسي عن قرينه البريطاني؟
- الفرنسيون متعصبون لمطبخهم ومنتجاتهم الغذائية، لكن الناس في وقتنا الحاضر منفتحون على ثقافات ومطابخ دولية مختلفة، والدليل على ذلك هو عدد الفرنسيين في مدينة مثل لندن، انفتاح الذهن بات طريقة التفكير الجديدة الآن، وانطلاقًا منه نتطلع إلى بقية العالم.

أين ترى نفسك بعد 5 سنوات من الآن؟
- بعد 5 سنوات، أطمح أن أكون قد قدت المطبخ في «ذا لانزبرا» و«سيليست» إلى مستوى الامتياز الذي يستحقه، وأن أصل للنجوم من أجل «سيليست» وأحافظ على أعلى معايير الخدمة، مع تحقيق الاستقرار في فريقنا.

أتمنى أن يتحلى فريقي بالإخلاص والسعي إلى أن يكون الأفضل.

لا يعود الفضل في نجاح مثل هذا إلى رجل واحد بل إلى الفريق بأكمله.

في سن الـ 32 أصبحت واحدًا من أكثر الطهاة المرموقين في العالم، ما حلمك للمستقبل، وماذا عساك أن تحقق أكثر من ذلك؟
- ما زال أمامي كثير لكي أنجزه، رحلتي بدأت لتوها لكنني أود أن أفتح مطعمي الخاص في يوم ما وأطور مفهومي للطعام مع زوجتي، من المهم بالنسبة إلي أن أتمسك بحدسي كما أراه وأتخيله. هدفي هو اختيار مكان ومفهوم، علاوة على الديكورات والأثاث وتصميم مطبخي كما أحتاجها بالضبط، سيكون هذا أفضل إنجازاتي.

هل تعتقد أن وجود مطعم داخل أحد الفنادق يحد من إبداع الطاهي، في حال لو قارنا ذلك بمطعم مستقل؟
- هناك إيجابيات وسلبيات لإدارة مطعم داخل فندق. عندما يكون المطعم جزءًا من فندق مثل «ذا لانزبرا» ومجموعة فندقية مثل «أوكتر»، فإن ذلك يوفر لنا السبل لتحقيق مستوى من التميز لا يضاهيه شيء آخر، وهو أمر أعتقد أنه سيكون من الصعب تحقيقه في مطعم مستقل التشغيل أو الإدارة.

ماذا سيكون معدل تغييرك لقائمة الطعام؟ هل فصليًا أم حسبما يروق لضيوفك؟
- تتغير قوائم الطعام كل شهر ونصف الشهر، تبعًا للموسم والمنتجات الزراعية المتوفرة. نقدم رحلة بين الأطباق التي تتسم بالبساطة والتحرر وتحظى بقبول الناس. أهم عنصر بالنسبة إلينا هو الإصغاء إلى العملاء من أجل إرضائهم، وأن نجعلهم يعيشون تجربة لا شبيه لها، رضاهم هو أعظم جائزة لنا.