حقائب «بولجاري» .. توفرها في محلاتها الخاصة بالمجوهرات فقط استراتيجية تزيد من تفردها

 بيوت مجوهرات قليلة، تحسب على أصابع اليد الواحدة، نجحت في أن تنقل ما حققته في صياغة الأحجار الكريمة إلى عالم الإكسسوارات الجلدية. 
 
من هؤلاء نذكر «بولجاري» الدار الرومانية الأصل، التي طوعت الخامات الطبيعية وأضافت إليها رشات إبهار تجذب في كل مرة، امرأة تريد أن تنغمس في عالم الترف وتحصل على قطع لا تعترف بزمن، رغم أنها تصرخ ببصماتها الواضحة. 
 
نعم تصرخ ببصماتها، رغم أن العادة جرت أن ما يتحدى الزمن لا يحمل أي لوغو ويكون غالبا بألوان ترابية هادئة أو داكنة من دون زخرفات، لكن «بولجاري» كسرت هذه القاعدة، لأن أي امرأة أنيقة أو عارفة بخبايا الموضة، تتعرف عليها من النظرة الأولى، سواء من خلال اسمها المحفور بوضوح في مجموعتها «بولغاري بولغاري» أو من خلال رأس الحية الذي يزين مجموعتها «سيربنتي»، هذا عدا عن درجاتها المتوهجة المتأثرة بألوان الأحجار الكريمة.
 
ما أدركته الدار منذ أول مرة اقتحمت فيها عالم الإكسسوارات الجلدية أنها لا يمكن أن تهمل أو تتجاهل تاريخها وخبرتها في مجال المجوهرات. فهي مكمن قوتها وسبب وجودها، لهذا استغلت الأمر وطرحت حقائب أقرب إلى قطع مجوهرات منها إلى حقائب تتبع تغيرات الموضة الموسمية. 
 
هذا التأثير يظهر جليا في مسكات يدها المصاغة بشكل يحاكي قشور الأفاعي حينا، أو رأس الأفعى، ماركتها المسجلة، التي ترصع جوانبها أو إبزيماتها حينا آخر. 
 
ما تشتهر به الدار أنها تعشق تكسير المتعارف عليه، مما يظهر جليا في استعمال أحجار بألوان لا تخطر على البال لتضاربها، لكنها دائما تتناغم مع بعض لتؤكد لنا أن الجمال يمكن أن يولد من رحم الفوضى، ما دامت هذه الفوضى محسوبة ومدروسة ونابعة من رغبة قوية في إبداع الجديد.
 
ميرايا لوبيز، رئيسة قسم الإكسسوارات تقول في لقاء جانبي خلال أسبوع ميلانو للموضة الأخير، حيث عرضت «بولغاري» إكسسواراتها الجديدة: «نحن محظوظون، لأن غيرنا من بيوت الأزياء يبحثون عن الإلهام في الخارج، بينما نحن لا نحتاج الذهاب بعيدا، فكل ما نحتاجه بين أيدينا، إما بالعودة إلى الأرشيف وإما تاريخنا وإرثنا». 
 
طبعا ما تشير إليه لوبيز لا يتعلق بالمجوهرات فحسب، بل أيضا حقائب اليد، التي تحقق نجاحا مشهودا في السنوات الأخيرة تحديدا بعد أن اكتسبت حيوية أكبر. الإلهام والتأثيرات التي تشير إليها لوبيز تتجلى في الألوان المتوهجة وعناصر مهمة من مجموعتي «سيربنتي» و«بولجاري بولجاري» اللتين تعود إليهما الدار دائما. 
 
فهما يدخلان في صميم جيناتها وأيضا من الكلاسيكيات التي تتعرف عليها المرأة من أول نظرة.
 
تقول ميريا لوبيز وهي تضحك: «في كل مرة أسافر فيها، يستوقفني أحد رجال الأمن ليسألني عن حقيبتي، مظهرا إعجابه برأس الحية، ويدعو زملاءه للتعليق عليها وهو يتساءل عن مغزاها وكيف تم صنعها. طبعا هذا لا يعني أنها جوازي للمرور دون تفتيش لكن إعجابهم يغمرني دائما بالزهو».
 
ما تطمح إليه «بولغاري» وتجتهد فيه، أن تتحول كل حقيبة تخرج من ورشاتها بفلورنسا، إلى استثمار بعيد المدى، وليس مجرد صرعة موسمية يذهب وهجها وجمالها بانتهاء الموسم. 
 
وهذا ما تشير إليه لوبيز بقولها «من المهم أن تبقى الحقيبة مع المرأة إلى الأبد، ولم لا؟ فهي تجمع العصرية بالكلاسيكية، بتصاميم وألوان تنعش أي زي مهما كانت بساطته وفي أي وقت».
 
تعرف الدار أن المرأة تريد التغيير لكنها في الوقت ذاته تريدها أن تعود دائما إلى واحدة من حقائبها عندما تصاب بالملل من التصاميم الموسمية التي تطرحها بيوت أخرى، وفي كل مرة تشعر كما لو أنها حصلت عليها للتو. 
 
ولا تنكر ميرايا لوبيز أن حقائب اليد تنتمي إلى «مجال الموضة وليس المجوهرات» لهذا فهي تدرك أن فرص الابتكار فيه أكبر، وهذا يعني ضرورة التنوع في تصاميمها وحقنها بجرعة منعشة تخرجها من براثن الأشكال المتكررة والمستهلكة بحجة الكلاسيكية. للخروج من مطب التكرار، هناك دائما حوار قائم بين الحرفيين العاملين في ورشات الدار بفلورنسا، عاصمة الجلود، وصاغة مجوهراتها في روما، مقرها الرئيسي، من خلال دورات تدريبية أو لقاءات يتبادل فيها الطرفان الآراء حول آخر التقنيات والألوان. 
 
توضح ميريا: «هناك حوار قائم ومستمر بين القسمين، حتى فيما يتعلق بالساعات، نسألهم دائما كيف يمكن ترجمة المجوهرات في مجالات أخرى. وبينما تبقى الفكرة وروح الدار واحدة، فإن الطرق تختلف، بدليل أن شكل الأفعى في المجوهرات مختلف عن شكلها في إبزيم حقيبة يد».
 
لا بد من الإشارة هنا إلى أن التقيد بجينات الدار وعدم تناسي مصمميها أنها دار مجوهرات أولا وأخيرا، لا يكبلهم بقدر ما يحفزهم على الجرأة في الابتكار.
 
فالحقائب، مهما كانت استثمارا، تبقى جزءا من الموضة وهو ما يفسح لهم المجال أن يلعبوا بإرثهم بجرأة.
 
هذا تحديدا ما ظهر في تشكيلتها الأخيرة التي قدمتها خلال أسبوع ميلانو، وكانت احتفالا بكلاسيكياتها، أو على الأصح أيقوناتها، «سيربنتي» و«بولغاري بولغاري» و«سكاليا».
 
الموضة، كما يعرف متابعوها، متغيرة تخضع لإملاءات السوق، وبالتالي تركز في كل مرة على تفصيل محدد أو قطعة معينة. مثلا إذا كان البنطلون بطل الموسم، فهو قد يأتي أقصر أو أكثر ضيقا مما كان عليه في المواسم السابقة، وعندما يحقق المصممون أقصى ما يمكن تحقيقه في هذا الصدد، يعودون إلى تطويله أو توسيعه، مع إضافة تفاصيل جديدة تجعله مناسبا للعصر. 
 
حقائب اليد تخضع لنفس المفهوم، بدليل أنها، لسنوات تميزت بالحجم الضخم، الذي تنافس مع حجم حقائب السفر في بعض الحالات، مما أصاب المرأة بآلام الظهر والأكتاف، ومع ذلك لم تستغن عنه، لأنه بكل بساطة كان يبدو رائعا في حقيبة تُنسق مع بنطلون الجينز الضيق والكعب العالي المدبب.
 
تغيرت الموضة، وأنزل المصممون الكعب إلى الأرض، ومعه تم تحجيم الحقائب بالتدريج لمظهر منطلق أكثر. في المواسم الأخيرة، نلاحظ أنهم طرحوها بأحجام متوسطة، ومؤخرا بأحجام صغيرة يصعب حمل أي شيء فيها باستثناء المفاتيح والتليفون الجوال وبطاقات الهوية. 
 
قد يقول البعض إن هذا الحجم نتج عن التحولات الاقتصادية المتباطئة، لكن هذا التباطؤ لم تترجمه الأسعار التي ظلت مرتفعة رغم صغر حجمها. مما ساعد على تأجيجها أنها انتشرت مثل النار في الهشيم في أوساط أنيقات العالم والنجمات الشابات اللواتي أقبلن عليها بنهم.
 
وفي سوق أصبحت المرأة تمتلك فيها عشرات التصاميم والألوان والأحجام، أدركت «بولجاري» أنها يجب أن تواكب تحولات الموضة وتقرأ نبض السوق لتعرف ما تريده فتقدمه لها، بشكل يتماشى مع أسلوبها وفلسفتها القائمة على فكرة الاستثمار التي تقوم عليها. 
 
وبالنظر إلى ما قدمته فإن قراءتها كانت جيدة، وترجمتها لهذه الموجة موفقة في حقائبها ذات الأحجام المتوسطة، التي تسحر العين وتفتح النفس وتغري باقتنائها، كونها تحاكي المجوهرات كما تشي بذوق رفيع في كل مرة تُستعمل فيها. 
 
هناك 3 عناصر تحدد حقيبة يمكن القول إن «ثمنها فيها» حسب فلسفة الدار: الأولى أن تكون بتصميم لا يعترف بزمن، والثانية أن تكون بخامات مترفة وجديدة، والثالثة أن تكون بتقنيات عالية يشرف على تنفيذها حرفيون متمرسون في صياغة الجلود. 
 
فقط عندما تتوفر كل هذه العناصر، تكون النتيجة تصميما يتعرف عليه الكل من بعيد، ومن النظرة الأولى ولا يؤثر عليه الزمن. 
 
وهذا ما تجسده «سيربنتي» واحدة من كلاسيكيات الدار المبتكرة والجريئة في آن واحد، إذ ما عليك إلا تصور امرأة تلبس عقدا يلتف حول جيدها أو ساعة حول معصمها أو حقيبة يزينها إبزيم على شكل حية للتأكد من حجم التميز الذي تضفيه على الإطلالة ككل. 
 
ففي لحظة واحدة تتغير إطلالة عادية وتكتسب الكثير من التميز، حتى وإن كانت هذه الإطلالة مجرد «تي شيرت» بسيط وبنطلون جينز. 
 
فحقيبة بلون الزمرد أو الياقوت أو الأكوامارين، تكفي لترقى بالمظهر إلى أقصى درجات الجمال، سواء كانت المناسبة جولة في السوق أو دعوة عشاء. فالحقيبة لها قدرة عجيبة أن تدخل المرأة إلى نادي الترف والفخامة بسهولة. 
 
وهذا ما عرفته بيوت أزياء متمرسة في هذا المجال، وتحقق أرباحا طائلة من ورائها، مثل «شانيل» و«هيرميس». لكن امرأة «بولجاري» مختلفة، لأنها أكثر ترفا، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن الدار الإيطالية لا تبيع حقائبها سوى في محلاتها الخاصة بالمجوهرات، ما يجعل إكسسواراتها الأخرى بمثابة اكتشاف لكل من تدخل هذه المحلات لشراء عقد أو ساعة أو طقم يقدر بمئات الآلاف من الدولارات.
 
وتوضح ميرايا لوبيز: «نحن نتعمد هذه الاستراتيجية، لأنها تميزنا عن غيرنا من بيوت الأزياء التي تبدو متشابهة. نحن نريد من زبوناتنا عندما يحضرن لشراء قطعة مجوهرات أن يكتشفن جمال الحقائب ويتذوقنها في أجواء أكثر حميمية تفوح من جوانبها فخامة الأحجار الكريمة، وهن يسمعن عن تقنياتها وحرفيتها العالية، ويستمتعن بتدرجات ألوانها وهن يتلمسن جلودها».
 
تركيز الدار هذا العام، على أيقوناتها الشهيرة، يعود إلى أن لكل مجموعة قصة مشوقة تتعدى الأزمنة وتتحدى الجغرافيا والأعمار، سواء كانت «سيربنتي» أو «بولجاري بولجاري» التي بلغت عامها الـ40. فامرأة تقبل على مجموعة «سيربنتي» قد تكون صبية في عمر الزهور أو امرأة ناضجة عارفة بخبايا الموضة وأسرارها، لكن هناك دائما قاسم مشترك بينهما ألا وهو الثقة بالنفس، ورغبة جامحة في التفرد والاختلاف. 
 
أما التي تقبل على «بولجاري بولجاري» فهي امرأة تحب الموضة عموما واسم «بولجاري» خصوصا، وتريد أن تظهر حبها لهذا الاسم بارتدائه بفخر لوضوحه فيها.