ارتفاع مستويات هرمون الحليب بالدم .. أحد الأسباب الرئيسية المؤدية لتأخر الإنجاب

يؤدي أيضًا إلى مشاكل العجز الجنسي لدى الرجال
يؤدي أيضًا إلى مشاكل العجز الجنسي لدى الرجال

هرمون الحليب (برولاكتين) هو هرمون مكون من سلاسل أحماض أمينية يتم إفرازه بالفص الأمامي للغدة النخامية بالدماغ، ويرتبط دور الهرمون بعملية الإرضاع، فهو يعمل كمحفز لإدرار الحليب من الغدد الثديية عند المرأة أثناء الحمل، في حين يبدأ مستوى الهرمون في الدم بالانخفاض بعد الولادة، إلا أن الإرضاع الطبيعي يساعد على بقاء مستويات هرمون الحليب مرتفعة بدرجة تساعد على استمرارية تحفيز إدرار الحليب طيلة فترة الإرضاع.
 
وتحدث هذه العملية تلقائيًا لدى الحوامل وبصورة طبيعية.
 
هذا الموضوع، كان محور لقاء علمي حضره أكثر من مائتي طبيب وطبيبة في تخصص أمراض النساء الولادة، وكان من أبرز المتحدثين فيه البروفسور أيمن أبو النور، استشاري أمراض النساء الولادة بجامعة عين شمس – مصر، الذي تناول آخر المستجدات في هذا المجال، وطرحت جريدة «الشرق الأوسط» عليه مجموعة من الأسئلة حول اضطراب إفراز هرمون الحليب.
 
- متى يتحول ارتفاع مستوى هرمون الحليب في الدم إلى مشكلة تتوجب التدخل العلاجي؟
أجاب البروفسور أبو النور أنه عندما ترتفع مستويات هرمون الحليب بالدم Hyperprolactinemia لدى غير الحوامل بدرجة تزيد عن الحدود الطبيعية لسبب أو آخر فإن ذلك يؤدي إلى انخفاض مستوى هرمون البروجستيرون الأنثوي في الجسم لا سيما بعد التبويض مما يسبب بدوره الكثير من المشاكل التي يجب علاجها حتى تعود المريضة إلى حالتها الطبيعية.
 
- ما هي أهم الأعراض؟ 
ولعل من أهم أعراض ارتفاع مستوى هرمون الحليب بالدم لدى النساء: عدم القدرة أو تأخر الإنجاب، اضطراب أو انقطاع الطمث (الدورة الشهرية) في غير سن اليأس، إفراز حليب من الثدي في غير وقت الحمل والإرضاع، ارتفاع هرمون الذكورة ونمو شعر بشكل غير طبيعي في أماكن متفرقة من الجسم، صعوبة وألم في الجماع، وحدوث نزيف مهبلي في غير أوقات الدورة الشهرية.
 
- ما هي أسباب ارتفاع هرمون الحليب بالدم؟ 
يقول بروفسور أبو النور بأن حدوث خلل في الغدة النخامية نتيجة تكون أورام صغيرة في غالب الأحيان أو حتى كبيرة يعتبر أكثر الأسباب شيوعًا لارتفاع هرمون الحليب، وهناك أيضًا بعض الأسباب التي قد تؤدي إلى ذلك مثل: تناول بعض الأدوية مثل مضادات الاكتئاب التقليدية، ومضادات الذهان، وأدوية ضغط الدم الشائعة، تناول بعض الأعشاب والنباتات مثل نبات الحلبة وبذور الشمر، تناول أنواع معينة من الطعام، التوتر والإجهاد، قصور وكسل الغدة الدرقية، استثارة حلمة الثدي وارتداء المرأة صدريات ضيقة. كما أن ارتفاع هرمون الحليب في الدم غير مرتبط بعوامل وراثية أو عرقية، إلا أن اكتشاف وتشخيص المرض يختلف من منطقة إلى أخرى ومن مكان لآخر حسب الإمكانات المتوفرة والقدرة على التشخيص المبكر الذي يجعل التعامل مع الحالة أكثر سهولة.
 
- تأخر الإنجاب
إن ارتفاع هرمون الحليب سبب رئيسي لتأخر أو عدم الإنجاب لدى النساء، ويقول البروفسور أبو النور بأن ارتفاع مستوى هرمون الحليب يحد من كفاءة عمل المبايض لدى المرأة ويؤدي إلى انقطاع الدورة الشهرية وأحيانا مشاكل في العظام، وأن نسبة 30 – 40 في المائة من النساء اللاتي يعانين مشاكل في الإنجاب لديهن ارتفاع في مستوى هرمون الحليب بالدم. 
 
كما أن 20 في المائة من النساء اللاتي يعانين عدم انتظام الدورة الشهرية و78 في المائة ممن تنقطع لديهن الدورة الشهرية قبل سن اليأس يرتفع لديهن مستوى هرمون الحليب بالدم والذي يوجد أيضًا لدى 50 في المائة ممن يعانين نزيفا مهبليا.
 
ووجد أن 61 في المائة من حالات حدوث نزيف الرحم من دون أسباب عضوية ناتجة عن زيادة مستوى هرمون الحليب بالدم.
 
كما أكد أبو النور أن ارتفاع مستوى هرمون الحليب بالدم لا يرتبط بسن معين أو مرحلة عمرية معينة دون الأخرى، فهو قد يصيب النساء في كافة الأعمار، لكن وجه الاختلاف يكمن في سهولة اكتشاف المرض وتشخيصه لدى السيدات الأصغر سنًا، فعندما تشكو مريضة من انقطاع أو اضطراب الدورة الشهرية من عدم القدرة على الإنجاب قبل بلوغ سن اليأس يكون تشخيص المرض أسهل بكثير عنه في حالة مريضة تخطت سن انقطاع الطمث وسن الإنجاب.
 
- هرمون الحليب لدى الرجال
ومن المثير للدهشة كما يقول البروفسور أيمن أبو النور أن مشكلة ارتفاع مستويات هرمون الحليب في الدم تطال بعض الرجال حيث وجد أن 90 في المائة من الرجال الذين يعانون العنة (عدم القدرة الجنسية) وقصور الغدد التناسلية ترتفع لديهم مستويات هرمون الحليب بالدم، ولعل من أكثر الأعراض شيوعا لارتفاع مستوى هرمون حليب الدم لدى الرجل هو ضعف الرغبة الجنسية، ضعف الانتصاب، العقم، والتثدي (أي كبر حجم الثديين)، ولأن الرجال ليس لديهم أي مؤشر يمكن الاعتماد عليه في احتمال الإصابة بارتفاع مستوى هرمون حليب الدم مثل الحيض عند النساء، فإن الكثير من المصابين بالمرض من الرجال يتأخرون في مراجعة الطبيب إلى أن يبدأوا في الشعور بالصداع أو حدوث مشاكل في النظر نتيجة تضخم الغدة النخامية وضغطها على العصب البصري الواقع بالقرب من الغدة النخامية، وقد لا يتنبه الرجال إلى حالة الفقدان التدريجي في القدرة أو الرغبة الجنسية إلا بعد العلاج.
 
التشخيص والعلاج
يتم إجراء فحص بسيط بالرنين المغناطيسي للغدة النخامية للتأكد من تضخمها ووجود ورم بها، ورغم أن معظم الأورام التي تصيب الغدة النخامية غالبًا ما تكون أورام حميدة فإن تمدد الورم ونمو حجمه حتى وإن كان حميدًا – كما يقول البروفسور أبو النور – يضغط على العصب البصري المتاخم له مسببا ضعف الإبصار، وفي هذه الحالة يجب البدء بالعلاج الدوائي فورًا للسيطرة على حجم الورم وبالتالي تحسن حالة الإبصار وبمتابعة العلاج يتقلص حجم الورم إلى أن يختفي وحتى إن لم يختفِ وتطلب الأمر استمرار العلاج لمدة طويلة فلن تكون هناك مشكلة.
 
أما علاج ارتفاع مستوى هرمون الحليب بالدم، فيطمئن البروفسور أبو النور جميع المريضات اللاتي يعانين من ارتفاع مستوى هرمون الحليب بالدم إلى أن التطور العلمي الذي تشهده صناعة الدواء جعل التعامل مع هذه الحالات سهلا وبسيطا وفعالا ومن دون آثار جانبية خطيرة باستخدام الأدوية مثل عقار «دوستنكس DOSTINEX» الذي يستخدم كخط علاج أول في مثل هذه الحالات، وتصل نسبة الاستجابة للعلاج الدوائي إلى 92 في المائة من إجمالي الحالات، حتى نسبة الـ 8 في المائة المتبقية فإن نصفها يستجيب لاستخدام جرعات إضافية من العلاج في حين أن نسبة الحالات التي لا تستجيب للعلاج لا تتجاوز 4 في المائة من حالات الأورام الكبيرة بالغدة النخامية، لذا فقد أصبح من النادر تمامًا اللجوء للتدخل الجراحي الذي يكون صعبًا وحساسًا جدا في المنطقة المجاورة للعصب البصري ولا يتم اللجوء إليه إلا في عدد محدود من الحالات النادرة حيث من الممكن أن يحدث ما لا يحمد عقباه ويطال العصب البصري بسوء. 
 
كما أنه من النادر جدًا أن يتحول الورم الحميد في هذه المنطقة إلى ورم خبيث إلا أن اكتشاف ذلك يتم بعد استخدام الدواء، فإذا واصل حجم الورم نموه عندئذ يبدأ الشك أن يكون الورم خبيث وفي هذه الحالة يصبح التدخل الجراحي هو الخيار الوحيد رغم خطورته مع استخدام أدوية الأورام، لكن مرة أخرى لا يحدث هذا إلا في حالات نادرة للغاية. 
 
واختتم البروفسور أيمن أبو النور حديثه بتوجيه النصح للنساء بضرورة مراجعة الطبيب المختص بمجرد الشكوى أو عند ظهور أي من الأعراض ليتم تشخيص الحالة بالشكل الصحيح وتلقي العلاج السهل البسيط. وحث أبو النور الأطباء بالبدء بإجراء الفحص الخاص بالكشف عن ارتفاع مستوى هرمون الحليب بالدم عند وجود شك في أي حالة لا سيما للمراجعات اللاتي يشتكين من تأخر الإنجاب وعدم انتظام الدورة الشهرية لتجنب الحاجة لإجراء مزيد من الفحوصات الأكثر تعقيدًا.