دراسات عالمية وإقليمية تؤكد فوائد الصيام على كثير من أمراض العصر

أكدت دراسات عالمية كثيرة أن الصوم يساعد في علاج الكثير من الأمراض المزمنة، التي تم تعريفها من منظمة الصحة العالمية بأنها الأمراض التي تدوم فترات طويلة وتتطور بصورة بطيئة مثل داء السكري، وأمراض القلب والسكتة الدماغية، والأمراض المناعية والتنفسية المزمنة، والسرطان وغيرها.
 
فوائد الصوم الصحية
تؤكر أحدث دراسة صدرت هذا عام 2015 من قسم علم وظائف الأعضاء في كلية الطب بجامعة الملك سعود بالعاصمة السعودية بأن صيام رمضان يقلل مستويات السكر بالدم ومعدله التراكمي Hba1c ومستويات الكولسترول الضار ‪(LDL - c، VLDL - c) ‬ والدهون الثلاثية، بينما يزيد من مستويات الكولسترول الحميد (‪) ‬HDL‪ - c‬ ويزيد من كفاءة نخاع العظام لإنتاج خلايا الدم، بالإضافة إلى فعالية الصيام في إنقاص الوزن ومحيط الخصر ومعدل كتلة الجسم ‪‬BMI‪‬ لدى الجنسين، وبالتالي يحسن ضغط الدم المرتفع وذلك كله يوفر حماية أولية من أمراض القلب والشرايين والسكتات الدماغية والفشل الكلوي المزمن.
 
وأكدت ذلك دراسات مشابهة في كل من: كلية الطب بجامعة كاليفورنيا الأميركية عام 2014، ومركز أمراض القلب بجامعة ساوباولو البرازيلية عام 2013، وكلية الطب بجامعة لافال بمدينة كيبيك الكندية عام 2012 وأضافت هذه الدراسات قدرة الصيام على تقليل نسبة الإصابة بالسرطان أيضا.
 
وهناك مجموعة من الدراسات تم جمعها من عدة مراكز بحثية حول العالم مثل جامعة سنغافورة الوطنية، جامعة كوينزلاند الأسترالية، جامعة صانكي أنكوان بكوريا الجنوبية بالإضافة إلى برنامج البحوث الجماعية (IRP) بمدينة بالتيمور بولاية ميريلاند الأميركية؛ أثبتت جميعها تأثير الصيام الإيجابي على المصابين بالسكتات الدماغية حيث يقلل الصيام من نسبة تكون السيتوكينات والبروتينات الالتهابية في أنسجة الدماغ المصابة بنقص التروية الدموية نتيجة جلطة في أحد شرايين الدماغ مما يحسن الأعراض والعجز الناتج عن السكتة الدماغية. 
 
ووفقا لدراسة حديثة (2014) بجامعة فرجينيا فإن الصيام يزيد من وظائف الدماغ الإدراكية والمعرفية ويؤخر الخرف والشيخوخة لدى الأشخاص الحريصين على الصيام.

كيف تتحقق فوائد الصوم؟ 
أول الطريق هو الحرص على تناول المنتجات التي تستحق أن تصنف بأنها طعام، لا الأطعمة التي ترى إعلاناتها على شاشة التلفزيون، كما يجب تجنب ما يعرف بالنظام الغذائي الغربي (لاحتوائه على الكثير من الأطعمة المعالجة، والدهون المهدرجة، والكثير من السكر والحبوب المعدلة والمواد الحافظة). وقد أثبتت الدراسات أن الشعوب التي تتبع هذا النوع من الغذاء تعاني من السمنة، داء السكري، أمراض القلب وانتشار السرطان وغيرها من أمراض العصر الفتاكة.
 
وعليه يجب الحرص على أكل ما تنتجه الأرض من النباتات الورقية والثمار والألياف الطبيعية، وتناول الأطعمة التقليدية والمعدة يدويا، تناول الطعام ببطء ومضغه جيدا، وهناك مثل هندي جميل يقول: «اشرب طعامك، وامضغ شرابك»، لا بد من تخصيص وقت للاستمتاع بالوجبة مثل الوقت الذي نخصصه لطهيها ونتجنب الأكل في المكتب أو أمام التلفاز، وليتنا نطبق الحكمة التي تقول «تناول إفطار الملوك، وغداء الأمراء، وعشاء الفقراء».
 
الصيام ومشاكل الجهاز الهضمي
1- قرحة المعدة والاثني عشر 
من المهم هنا التأكد من أن سبب القرحة ليس جرثومة المعدة وذلك بعمل الفحوصات اللازمة فإن وجب إعطاء الكورس العلاجي لمدة أسبوعين، وبعد ذلك تقسم الوجبات إلى 4 وجبات صغيرة مع تجنب الضغط النفسي وتقليل شرب القهوة والتدخين والمشروبات الغازية، والأكثر من الثمار القلوية كالتمر والتين والزيتون والبطيخ والخربز وغيرها.
 
2- حصوات المرارة. 
تظهر عادة عند النساء في العقد الرابع خصوصا إذا صاحب ذلك سمنة أو زيادة بالوزن. وينصح المريض بما يلي:
 
- تجنب أكل الدهون تمامًا، مثل الزيوت والزبدة ومشتقات الحليب كامل الدسم، واستبدالها بالمنتجات منزوعة الدسم.
 
- الطبخ بطريقة السلق أو الشوي بدلا من الزيوت المهدرجة.
 
- الإكثار من الخضراوات المسلوقة والطازجة والفواكه.
 
- استئصال المرارة هو الحل الأمثل وتعتبر من جراحات اليوم الواحد البسيطة، ولكنها ليست عاجلة.
 
- إذا حدثت حمى، اصفرار في العينين، أو ألم حاد جدًا مستمر بالبطن وجب مراجعة قسم الطوارئ بأي مستشفى.
 
السكري وضغط الدم
1- السكري من النوع الأول
وهو نوع وراثي يصيب الأطفال عادة ويستمر معهم مدى الحياة نتيجة توقف خلايا بيتا بالبنكرياس تماما عن إنتاج الإنسولين مما يستدعي إعطاء الإنسولين يوميا على شكل حقن تحت الجلد، وقد يكون الصيام مضرا لهذه الفئة لاحتمالية حصول نوبات انخفاض حاد بالسكر أو نوبات ارتفاع والتي تسبب الحماض الكيتوني السكري ثم الغيبوبة.
 
- لا ينصح هؤلاء عادة بالصيام إلا بعد مراجعة السجل الطبي والتعرف على التاريخ المرضي للمريض.
 
- قد يسمح لبعضهم بالصيام بشرط المراقبة اليومية وتكرار قياس مستويات السكر لضبط جرعات الإنسولين من قبل الطبيب المعالج، خصوصا في الأيام الأولى من الصيام.
 
2- السكري من النوع الثاني
وهو نوع مكتسب، وللمريض القابلية للإصابة مع العادات الغذائية غير الصحية والسمنة وعدم ممارسة الرياضة، ويصيب من تعدى الثلاثين من العمر عادة، هذه الفئة تعاني فقط من كسل في البنكرياس وبالتالي إنتاج كمية أقل أو غير فعالة من الإنسولين.
 
- هؤلاء بحاجة لتعديل أوقات أخذ الأدوية الخافضة لسكر الدم وجرعات الإنسولين إن وجدت قبل الصيام بشهر.
 
- تقليل تناول العصائر المعلبة والمحلاة بالسكر والنشويات والمعجنات المقلية بالدهون بقدر الإمكان واستبدالها بشرب الماء أو تناول كمية معتدلة من الخضار والسلطة والعصائر الطازجة التي تحضر بالمنزل.
 
- ممارسة رياضة المشي وبعض الرياضات المنزلية الخفيفة.
 
- تعجيل الإفطار وتأخير السحور إلى ما قبل أذان الفجر لتفادي انخفاض الغلوكوز بالدم.
 
- الإفطار فورا عند الشعور بأعراض نقص السكر لتجنب المضاعفات (الغيبوبة): كالتعب الشديد، الخفقان، الصداع، التعرق، تشويش الرؤية أو الدوخة.
 
3- ارتفاع ضغط الدم
لا يوجد ما يمنع المصاب بهذا المرض من إتمام صيامه ما لم تكن هناك مضاعفات أخرى (كهبوط وظائف القلب أو الكلى وغيرها). تجنب الملح والسوائل التي تحوي نسبة عالية من مادة الكافيين (كالشوكولاته، القهوة، الشاي والمشروبات الغازية). 
 
توجد عدة أنواع من الأدوية المستخدمة في علاج الضغط ذات المفعول الطويل، وتستخدم مرة واحدة أو مرتين كحد أعلى خلال اليوم، ويمكن تناولها مساءً ولا تتعارض مع الصيام. عند تناول أكثر من جرعتين يوميًا أو مدرات للبول قصيرة المفعول، قد يغير الطبيب المعالج طريقة العلاج.
 
مشاكل الكلى
 - حصوات الكلى والفشل الكلوي. يجب اتباع الحمية الغذائية في شهر رمضان كغيره من الشهور، فمثلاً المرضى الذين لديهم استعداد لتكوين حصى حمض البولينا يجب عليهم الإقلال من اللحوم وخصوصًا الحمراء، وتقليل ملح الطعام والإكثار من السوائل. أما حصوات حمض أكزالات الكالسيوم فتحتاج للاعتدال في تناول الأشياء المحتوية على الأكزالات مثل السبانخ والبندورة والكاكاو والمكسرات والشاي والقهوة والإكثار من شرب الماء بعد الإفطار.
 
أما من يعاني من القصور الكلوي المزمن، فالصوم مفيد عن طريق الإقلال من تناول البروتينات والأملاح، وهذا ينطبق على بعض الحالات المرضية المستقرة فقط، ويستثنى من ذلك حالات اعتلالات الكلى الخلالية (كالتهابات الكلى المزمنة والتكيس الكلوي) لذلك يجب مراجعة الطبيب.
 
أما الذين يخضعون لجلسات الغسيل الدموي الصناعي (الديلزة) فيمكنهم الصوم دون أن يؤثر ذلك على الحالة الصحية، وبالطبع الإفطار في أيام الخضوع لجلسات الديلزة أثناء النهار.
 
ويجب تجنب تناول كميات كبيرة من السوائل أو الأطعمة الغنية بملح البوتاسيوم (كالتمر، الموز، المشمش، قمر الدين) والبروتينات (كاللحوم، الدجاج، الحمام وغيرها)، فذلك يؤدي إلى زيادة شديدة في السوائل بالجسم وزيادة نسبة البوتاسيوم في الدم وزيادة نسبة البولينا، للوقاية من الخطر على القلب والرئتين وبالتالي الحياة.
 
أما من خضع لعملية زراعة كلى، فبناء على عدة دراسات علمية أقيمت بالمملكة العربية السعودية فإنه يوصى بعدم الصوم خلال السنة الأولى بعد عملية الزراعة، ويمكن الصوم بعد مرور عام من الزراعة إذا كانت الكلية المزروعة تعمل بنجاح.
 
نصائح عامة للصائمين
- تعجيل الإفطار وتقسيمه على فترتين، تناول أولا التمر والماء قبل الصلاة لتنبيه المعدة لامتصاص المادة السكرية والماء فيزول الشعور بالعطش والجوع. وبعدها تناول الوجبة الرئيسية المحتوية على الشوربة، سلطة الخضراوات، ونوع من اللحوم والبقوليات.
 
- تجنب التخمة وتناول كمية معتدلة من الأطعمة فهذا هو المفتاح الرئيسي للصحة الجيدة.
 
- شرب كميات كافية من الماء (بين 7 - 9 أكواب) في كل ليلة وعلى فترات متقطعة لتفادي أي انزعاج أو انتفاخ، مع تناول كميات متوازنة من الفواكه الطازجة والمنعشة، والابتعاد عن تناول الملح والبهارات والتوابل ليلا فهذا كله يجنب العطش والصداع والإرهاق نهارا.
 
- ممارسة رياضة المشي بعد الإفطار بساعتين فذلك يقوي الجهاز الهضمي وينشط الدورة الدموية ويبعد الخمول.
 
- الابتعاد عن تدخين السجائر والشيشة.
 
- تأخير السحور اقتداء بالسنة النبوية والحرص على تناول الأطعمة سهلة الهضم كلبن الزبادي والعسل وعصائر الفواكه المختلفة.