باستخدام تقنيات النانو .. الذهب لعلاج طفيليات داء المقوسات

عند ذكر الإصابات بداء المقوسات، الذي تتسبب به طفيليات «توكسوبلازمويز» Toxoplasmosis ، فإننا نتحدث عن ما يهم حوالي ثلث البشر الساكنين على سطح الأرض.


وما طرحه العلماء الأستراليون اخيراً من علاج محتمل الفائدة في القضاء على إصابات هذه الطفيليات، هو من المستوى النفيس، ذلك أنهم قالوا ضمن نشرات النانو الصادرة عن المجمع الأميركي للكيمياء: ان معدن الذهب هو الحل.

انتشار واسع
ومما يغيب عن أذهان الكثيرين أن ثمة انتشاراً واسعاً للإصابات بطفيليات توكسوبلازما، حيث تشير المصادر الطبية إلى أن ما بين 30 و70% من سكان العالم لديهم مؤشرات في الدم تدل على إصابتهم بالطفيليات تلك.

 لكن يتنوع مدى انتشار الإصابات تلك بين مناطق العالم المختلفة. وكانت احصاءات الهيئات الطبية في الولايات المتحدة، الصادرة عام 2005، قد أشارت إلى أن حوالي 33% من السكان، فوق سن 12 سنة، لديهم. وهو ما يُمثل ارتفاعاً ملحوظاً بالمقارنة مع ما كان الحال عليه في عام 2000.

أما في فرنسا وألمانيا وهولندا، فإن النسبة تصل إلى 80%، ويُعزى الأمر إلى تناول اللحوم غير الناضجة، مثل الستيك وغيره، وإلى تناول الحليب غير المبستر.

ولكن هذا قد لا يكون مبرراً كافياً، نظراً لأن نسبة الإصابات في بريطانيا لا تتجاوز 20%، بالرغم من التشابه في الأكل، ولأن النسبة في بعض الدول الآسيوية، مثل كوريا الجنوبية لا تتجاوز 5%.

وبالرغم من أنها طفيليات خاملة لدى غالبية المصابين، إلا أنها تكتسب أهمية عالية لدى الحوامل ولدى المرضى المُصابين بتدني مستوى قوة جهاز مناعة الجسم، كمرضى الإيدز أو المرضى الذين تمت لهم زراعة أحد الأعضاء أو المتقدمين في العمر أو مرضى الفشل الكلوي أو فشل الكبد أو السكري.

 وتحصل الإصابة حال ابتلاع طفيليات توكسوبلازما غوندي Toxoplasma gondii الموجودة في اللحوم غير المطبوخة جيداً أو في براز القطط وغيرها من الحيوانات الأليفة وغير الأليفة.

الذهب وتقنية النانو
وأعلن الدكتور مايكل كورتي وزملاؤه الباحثون من أستراليا أنهم طوروا إنتاج ما أطلقوا عليه «رصاصات من الذهب» Golden Bullet لعلاج الإصابات بطفيليات توكسوبلازما.

وهي عبارة عن قطع من معدن الذهب بحجم قطع النانو (النانومتر واحد من المليار من المتر) الدقيقة جداً في الحجم والكتلة تلتصق على أجسام مضادة موجهة للقضاء على هذه الطفيليات حال تنشيط قطع الذهب تلك بحزم من ضوء الليزر.

وتمكن الباحثون من اختبار فاعلية العلاج الذهبي على طفيليات مستوطنة داخل خلايا حية في أطباق من مزارع الأنسجة بالمختبرات.

وعند تعريض الخلايا المُصابة تلك لقطع الذهب، وتنشيط عملها بضوء الليزر، تمكن العلاج من القضاء على أكثر من 83% من تلك الطفيليات.

ويأمل الباحثون استكمال نتائج البحث عند اختبار هذا العلاج على المصابين من الناس بتلك الطفيليات.

وكان الباحثون من بريطانيا وسويسرا قد كشفوا النقاب في مايو الماضي عن الآلية التي تتمكن بها هذه الطفيليات من الدخول إلى خلايا الجسم.

وقالوا إن ثمة بروتينات معينة على أسطح هذه الطفيليات تعمل على التعلق بأنواع من السكريات الموجودة في جدران الخلايا الحية في الجسم البشري، ما يُسهل عليها دخول الخلايا تلك وإصابتها بالطفيليات.

وتعتبر هذه الدراسة البحثية متقدمة جداً في فهم كيفية تفاعل هذه الميكروبات مع خلايا الإنسان وإصابتها بالمرض.

ويأمل الباحثون من إمبريال كولدج في لندن أن تتم الاستفادة من هذا الاكتشاف في إنتاج وسائل علاجية لمنع الإصابة بطفيليات توكسوبلازما ومعالجة منْ أُصيبوا بها.

إصابات القوسيات
وتصيب ميكروبات طفيليات داء القوسيات غالبية الحيوانات من ذوات الدم الحار، وأيضاً الإنسان. وتعتبر القطط أكثر الحيوانات إصابة بها وحملاً لتلك الميكروبات.

ولأن الطفيليات تلك توجد في لحوم هذه الحيوانات أو في فضلات برازها، فإن أهم مصدرين لعدوى دخول الطفيليات إلى الجسم، هما إما تناول اللحوم غير المطبوخة جيداً، واما تناول أشياء ملوثة بالطفيليات التي تخرجها القطط مع فضلات برازها.

واللحوم قد تنقل العدوى حتى لو لم يتناولها الإنسان، وذلك عند استخدام السكين التي تم تقطيع اللحم بها أو ألواح تقطيع اللحم لإعداد السلطات أو غيرها دون غسلهما جيداً بعد الفراغ من تقطيع اللحم. كما أن ثمة طريقا ثالثا، وهو انتقال العدوى من الأم إلى الجنين عبر المشيمة.

والطفيليات توجد في أكياس لحمايتها من الحرارة أو البرودة أو أي عوامل بيئية. وتظل طفيليات توكسوبلازما قادرة على العيش في الكيس لمدة قد تصل إلى سنة.

وبالإمكان القضاء عليها إما بالطهي لدرجة حرارة 70 درجة مئوية أو بالتجميد في الفريزر لمدة تتجاوز 24 ساعة.

وعند أوائل فترة الإصابة، قد لا تظهر على المُصاب أي أعراض أو أن تظهر على المريض أعراض عامة وبسيطة، أشبه بتلك التي تُصاحب الانفلونزا ، مثل ألم العضلات وانتفاخ الغدد الليمفاوية والحمى.

 وبعد عدة أسابيع تزول الأعراض ولا يشكو المصاب من أي شيء، إلا أن المشكلة هي لدى منْ لديهم ضعف في مناعة الجسم أو لدى الحوامل.

والمضاعفات الأهم هي عند إصابة الجنين، التي قد تطال الجهاز العصبي أو العينين أو القلب أو الكبد أو أجزاء أخرى من جسمه، ما قد يتسبب في وفاة الجنين أحياناً.

 كما أن إصابة منْ لديهم نقص في مناعة الجسم قد تُؤدي إلى التهابات في الجهاز العصبي أو العينين أو مناطق أخرى.