أمراض القلب لدى النساء.. تختلف عن الرجال

الدراسات الطبية وواقع الممارسات الإكلينيكية الذي يُشير إلى أن النساء أكثر عُرضة للوفاة عند الإصابة بالجلطة القلبية أو السكتة الدماغية، مقارنة بالرجال.
الدراسات الطبية وواقع الممارسات الإكلينيكية الذي يُشير إلى أن النساء أكثر عُرضة للوفاة عند الإصابة بالجلطة القلبية أو السكتة الدماغية، مقارنة بالرجال.

الحقائق العلمية تُملي على النساء أن لا يُطالبن بمساواتهن بالرجال، بل أن يُتم التعامل معهن بتمييز، على الأقل فيما يختص بصحة قلوبهن أو أمراضها، ذلك أن ما قدمته الدراسة الجديدة للباحثين من كندا، في مضمار صحة القلب، أعاد تأكيد حقيقة أن قلوب النساء تختلف بنية وعملاً وتفاعلاً حال الصحة وحال الإصابة بالأمراض، التي تطول الأجزاء المتفرقة فيها، عن ما هو معروف لدى الرجال. وهذه الحقيقة لا مناص لعموم الأطباء، وليس أطباء القلب فقط، ولعموم الناس، وليس فقط النبيهات من النساء وذوي الذوق الرفيع من الرجال، من التعامل معها بكل جدية.


وكان الكنديون قد نشروا في عدد أكتوبر الإلكتروني من مجلة بايوميد سنترال الطبية BMC Medicine نتائج مراجعتهم لـ 23 دراسة طبية حول مدى جدوى الأسبرين في تقليل احتمالات الإصابة بالجلطات القلبية.

 ومن خلال النتائج تبين لهم أن النساء أقل استفادة بالأسبرين، لتلك الغاية، مقارنة بالرجال. والخبر ليس سيئاً بالكلية للنساء، فإنهن وإن كن أقل تمتعاً بجدوى الأسبرين في خفض الإصابة بالجلطة القلبية، مقارنة بالرجال، إلا أنهن بالمقارنة مع الرجال أيضاً، أكثر استفادة بالأسبرين في تقليل الإصابة بالسكتة الدماغية.

ولئن كانت موروثات الحكمة قد نبهت العقلاء على ضرورة «الرفق بالقوارير»، فإن ما يتحدث الوسط الطبي عنه اليوم مفاده أن خبرات الممارسات الإكلينيكية اليومية في التعامل مع قلوب النساء وكذلك نتائج الدراسات الطبية التطبيقية حول أمراض قلوبهن، تدل على أن التعامل يجب أن يكون مختلفاً من جوانب شتى عند مباشرة اتخاذ وسائل للوقاية أو عند تولي الاهتمام بطرق معالجة أمراض أو اضطرابات عمل أجزاء قلوبهن.

قلب المرأة
وتُعطي الهيئات العالمية المتخصصة في الاهتمام بأمراض القلب وبصحة النساء تبريرات عدة، مستخلصة من نتائج بحوث طبية، لأسباب اختلاف قلوب النساء عن قلوب الرجال حال الصحة أو المرض.

والأمر لا علاقة له بعدم المساواة بين الرجل أو المرأة، أو من نوع التحيز ضد المرأة، بل هي الدراسات الطبية وواقع الممارسات الإكلينيكية الذي يُشير إلى أن النساء أكثر عُرضة للوفاة عند الإصابة بالجلطة القلبية أو السكتة الدماغية، مقارنة بالرجال.

كما أن اضطرابات النبض وخفقان القلب لدى النساء يختلف عما هو لدى الرجال، وأن أعراض الإصابات بأمراض الشرايين القلبية لدى النساء هي أشد غموضاً وأصعب تشخيصاً، فيما لو اشتكت المرأة منها، مقارنة بما يشكو الرجال منه. وأن تدني الكوليسترول الثقيل وارتفاع الدهون الثلاثية في الدم مؤشرات على ارتفاع خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب لدى النساء أكثر مما هو لدى الرجال.

هذا ولا تزال ثمة قضايا محل خلاف بين أطباء القلب حول كيفية معالجة أمراض القلب وكيفية تخفيف حدة تأثيرات مجموعة الأمراض المُسماة «عوامل خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب» مثل ارتفاع ضغط الدم واضطرابات الكوليسترول والسكري. وكذلك إلى أي مدى يُمكن طمأنة المرأة بأن خطورة إصابتها بالجلطة القلبية متدنية حال إجراء قسطرة تشخيصية لشرايين القلب والتوصل إلى أنها تخلو من أي ضيق أو سدد. وغير هذا كله من الجوانب التي ستمر بنا في العرض.

ومما لا يتسع ضيق المقام لعرضه، تلك الاختلافات في خفقان قلب المرأة حال وجود اضطرابات في إيقاع نبض القلب نتيجة لاضطرابات في نظام كهرباء القلب، ولا للحديث عن الاختلافات بين الرجال والنساء في عملية توسيع ضيق الشرايين بالبالون عبر القسطرة أو معالجة أمراض الشرايين بجراحات التخطي من خلال عمليات القلب المفتوح للشرايين، ولا للاختلافات في معالجة ارتفاع ضغط الدم أو اضطرابات الكولسترول والدهون، بين الرجال والنساء، ولا غيرها من الجوانب المتشعبة في الفروق بين النساء والرجال في معالجة أمراض أجزاء القلب المختلفة، من قبل أطباء القلب.

الجلطات القلبية
وأفاد الباحثون من جامعة بريتش كولومبيا، في فانكوفر بكندا، بأن اختلاف نوع الجنس Gender يُمكن أن يُفسر الاختلاف الجدير بالاعتبار في جانب فاعلية تأثير العلاج بالأسبرين لتقليل مخاطر الإصابة بالجلطة القلبية، وأكدوا بأن النساء أقل استفادة.

وعليه طرح الدكتور دون سن، الباحث الرئيس في الدراسة، أن النساء اللواتي لديهن مستوى متدن من خطورة احتمالات الإصابة بالجلطة القلبية، ربما عليهن أن لا يتناولن الأسبرين كعلاج وقائي.

ومعلوم أن تناول قرص من الأسبرين يومياً هو أحد استراتيجيات الوقاية من الإصابة بالجلطة القلبية، وذلك إما لمنع الإصابة بالجلطة القلبية كوقاية أولية، لمن لم تسبق إصابتهم بها، أو لمنع تكرار الإصابة بها كوقاية متقدمة، لمن سبقت إصابتهم بها.

والجلطات القلبية تحصل حال نشوء انسداد في مجرى الدم داخل أحد الشرايين التاجية الثلاثة أو فروعها الرئيسية، ما يمنع تماماً، وليس جزئياً، توصيل الدم إلى أجزاء من عضلة القلب. وهذه الجلطات القلبية قد تُؤدي إلى الوفاة وتُسمى نوبات قلبية قاتلة fatal heart attacks . وقد لا تُؤدي إلى ذلك، وتُسمى نوبات قلبية غير قاتلة non-fatal heart attacks.

وثمة عوامل ترفع من احتمالات الوفاة آنئذ وعوامل تُقلل منها. في حين أن الذبحة الصدرية، المختلفة تماماً عن الجلطة القلبية، تحصل عند مرور كميات غير كافية من الدم خلال أحد أجزاء الشرايين التاجية التي فيها ضيق ناجم عن ترسبات الكولسترول، وبالتالي يصل الدم إلى أحد أجزاء عضلة القلب، لكنه بكمية غير كافية لسد احتياجها.

ودور الأسبرين متعدد الأوجه في تحقيق الغاية هذه، من أهمها العمل على منع سهولة تراكم والتصاق الصفائح الدموية بعضها على بعض في مواضع وجود تضيقات الشرايين التاجية المكونة من ترسبات الكوليسترول.

 كما أن الأسبرين عامل قوي في تخفيف حدة تفاعلات الالتهاب في تلك المواضع الضيقة من الشرايين التاجية.

وثمة آليات أخرى لفائدة الأسبرين في تقليل احتمالات الإصابة بالجلطة القلبية، وهي وإن كانت أقل أهمية من العنصرين الأولين، لكنها أيضاً تتأثر إيجاباً بالأسبرين.

الأسبرين والنساء
وفي بحث شامل وواسع لمجمل الدراسات التي أُجريت وتم نشرها في المجلات العلمية، راجع الباحثون الكنديون نتائج 23 دراسة حول فحص مدى فاعلية الأسبرين في الوقاية من أهم تداعيات أمراض شرايين القلب، وهي الجلطة القلبية. وبلغ عدد المشمولين من الناس في تلك الدراسات حوالي 114 ألف شخص.

وتبين للباحثين، أن المقارنة بالجملة بين تناول قرص من الأسبرين بتناول قرص يحتوي على مادة مزيفة غير دوائية، أظهرت أن العلاج بالأسبرين يُفيد بدرجة متوسطة، أي حوالي 28%، في تقليل الإصابات بالجلطات القلبية غير القاتلة.

 لكنه لم يُخفض من خطورة الإصابة بالجلطات القلبية القاتلة. لكن لدى تفصيل البحث، تبين أن حوالي 30% من الاختلاف بين نتائج الدراسات منشأه هو مدى نسبة اشتمال الدراسات تلك على الرجال أو النساء.

وأن الدراسات التي أظهرت قدرة عالية للأسبرين في خفض الإصابات بالجلطات القلبية غير القاتلة هي التي شملت في الغالبية الرجال. في حين أن التي اشتملت في غالبيتها على النساء لم تُظهر تلك الفائدة.

وعلق الباحثون بأن النتائج تعيد تأكيد الانطباع الطبي، السائد لدى أطباء القلب، أن النساء أقل استفادة من الرجال في جدوى الأسبرين من تقليل الإصابات بالجلطات القلبية، وأن النساء ربما لديهن ممانعة ومقاومة للأسبرين Aspirin Resistance أكثر من الرجال.

وكان قد سبق في ملحق الصحة بـعدد 27 إبريل 2006 من «الشرق الأوسط» عرض جوانب موضوع مقاومة الجسم لمفعول الأسبرين وعرض الضوابط الطبية في مدى تناول أقراص الأسبرين للوقاية الأولية من الجلطات القلبية، والآليات التي من خلالها يعمل الأسبرين في أمراض شرايين القلب أو أمراض أخرى في الجسم.

النساء ورقّة القلب
وتحت عنوان «حقائق حول النساء وأمراض شرايين القلب» تقول رابطة القلب الأميركية ان أمراض شرايين القلب لا تزال الأولى بين كل فئات الأمراض التي تُوجد على قائمة الأمراض التي يتم وضعها للمريضات عند خروجهن من المستشفيات.

 ومعلوم أن كل مريض عند خروجه من المستشفى يُعطى تقريراً طبياً يشتمل على قائمة الأمراض التي لديه. وما تنبه رابطة القلب الأميركية إليه هو أن تشخيص الإصابة بأمراض القلب شائع جداً لدى النساء.

كما تُؤكد الرابطة على أن الإحصاءات الحديثة تُؤكد على أن حوالي 40% من وفيات النساء في الولايات المتحدة هي بسبب أمراض القلب والجهاز الدوري، وعلى وجه الخصوص بين الأقليات، على حد وصفها، من الأعراق المختلفة، مثل النساء السود مقارنة بالنساء البيض.

وأشارت إلى أنه في عام 2003 بلغت الوفيات بين النساء بسبب أمراض القلب والجهاز الدوري حوالي ضعف الوفيات الناجمة عن الإصابات السرطانية.

وتحديداً قالت بأن الوفيات لدى النساء في عام 2003، داخل الولايات المتحدة فقط، بسبب أمراض الشرايين القلبية وحدها، بلغت ستة أضعاف الوفيات الناجمة عن سرطان الثدي، وأكثر من أربعة أضعاف تلك الناجمة عن سرطان الرئة، لدى النساء.

أي هذه الوفيات التي تسببت بها أمراض الشرايين التاجية للقلب وحدها فقط، من بين مجمل الوفيات بسبب أمراض القلب والجهاز الدوري، والتي تشمل غير الشرايين كما هو معلوم.

والأهم من كل هذا هو أن الإحصاءات تُؤكد على أن حوالي 40% من النساء يتوفين في بحر السنة الأولى ما بعد الإصابة بالجلطة القلبية، في حين أنه يُتوفى فقط 25% من الرجال خلال السنة الأولى بعد الإصابة بالجلطة القلبية.

وهو ما يعني أن الجلطة القلبية حينما تُصيب المرأة تكون أقوى وأشد وطأة على سلامة حياة المرأة مقارنة بالرجل، وأن أجسام النساء لا تتحملها مثلما تتحملها أجسام الرجال.

كما أكدت على حقيقة أن النساء يمتن بنسبة أكبر من الرجال فيما بعد التعرض للسكتة الدماغية، كمظهر لأمراض شرايين الدماغ.

وتُضيف الرابطة القول بأنه ومع هذا كله وغيره من حقائق، لا يزال الاعتقاد الشائع هو أن أمراض القلب والجهاز الدوري ليست مشكلة قائمة لدى النساء! واستشهدت بنتائج استطلاع مؤسسة هاريس الأميركية في عام 2003، والتي أظهرت أن 13% فقط من النساء قلن ما هو الصواب، من أن أمراض الشرايين، في القلب والدماغ، هي الخطر الأكبر على صحة النساء.

وعلقت الرابطة بقولها إن هذا يُظهر نقصاً، واضحاً جداً، في المعرفة والفهم لدى الغالبية العظمى من النساء حول ماهية «الخطر الصحي الأكبر» عليهن.

* فروق شاسعة في أمراض القلب بين النساء والرجال

* من نواحي الأسباب والأعراض وطرق المعالجة

أمراض القلب ليست سواء فيما بين الرجال والنساء
لكن تاريخياً استحوذ الرجال على كل الاهتمام فيما يتعلق بالوقاية والتشخيص ومعالجة أمراض القلب، مقارنة مع ما حصلت عليه النساء. والسبب هو ذلك الوهم بأن الرجال أكثر عُرضة للإصابة بها وأكثر عُرضة للتضرر جرائها.

 و أطباء القلب لا يعلمون حقيقة من أين دخل هذا الوهم أذهان الناس؟ ولا منْ ساعد على بثه بينهم؟ ولا أيضاً منْ أفهم النساء أن عدوهم الصحي الأكبر هو السرطان، خاصة في الثدي أو الأرحام وما يُلحق بها، دون الالتفات إلى أنه «أمراض القلب»؟

إلا أن ثمة منْ يتحمل مسؤولية أن الدراسات الطبية، فيما يختص بأمراض شرايين القلب، كانت غالباً ما تشمل فيما مضى كثيراً من الرجال وقليلاً من النساء، ما يكون قد ساهم في نشر التصور الخاطئ ذلك.

وبالرغم من أن العناصر التقليدية لعوامل خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب هي أمور مؤذية لقلب الرجال والنساء، مثل ارتفاع ضغط الدم، واضطرابات الكوليسترول والدهون، ومرض السكري، والسمنة وغيرها.

إلا أن ثمة منها عوامل أشد أذى على النساء من الرجال. ومن ذلك التأثر السلبي الأكبر على النساء من الرجال بحالة متلازمة الأيض (التمثيل الغذائي) Metabolic syndrome، التي هي متلازمة تجمع سمنة البطن تحديداً وارتفاع ضغط الدم وارتفاع نسبة سكر الدم وارتفاع الدهون الثلاثية triglycerides.

كما أن تأثيرات التدخين السلبية على شرايين القلب، أشد ضرراً على النساء من الرجال. وكذلك انخفاض مستوى هورمون الأنوثة أو الإستروجين estrogen ، بعد بلوغ سن اليأس وانقطاع الدورة الشهرية، يرفع بدرجة مهمة احتمالات الإصابة بأمراض الشرايين القلبية الصغيرة microvascular disease لدى النساء، أي ليست الشرايين القلبية الكبيرة التي تفحص سلامتها صور فيلم قسطرة القلب مثلاً. وكذلك العوامل النفسية الرافعة لاحتمالات الإصابة بالجلطات القلبية، والاكتئاب والتوتر النفسي من أهمها على وجه الخصوص.

ومن المعلوم ان الاكتئاب يُصيب النساء بنسبة الضعف مقارنة بالرجال، ويرفع بحد ذاته خطورة الإصابة بأمراض الشرايين التاجية للقلب بنسبة ثلاثة أضعاف ما يُؤثر به على الرجال.

ودلت الدراسات الطبية على أن خُمس النساء اللواتي يدخلن المستشفى نتيجة فشل القلب أو نتيجة الإصابة بالجلطة القلبية لديهن حالة اكتئاب.

وهو ما يدل على ضرورة الاهتمام بحالات الاكتئاب لدى النساء، عبر التشخيص والعلاج المبكر، خاصة لدى منْ لديهن أحد عوامل خطورة الإصابة بأمراض القلب أو لديهن أحد أمراض القلب.

وكانت دراسة واسعة جداً قد أجرتها المؤسسة القومية للصحة في الولايات المتحدة على منْ سبق لهم الخضوع لعملية قسطرة شرايين القلب لتصوير مدى سلامة الشرايين من أي تضيقات أو سدد.

وبمراجعة أفلام القسطرة تبين أن حوالي 3 ملايين امرأة أُخبروا بنتيجة القسطرة أن شرايينهم القلبية سليمة تماماً من أية تضيقات أو سدد.

لكن القصة لم تنته هنا، بل ما توصل له الباحثون، بمتابعتهم لهؤلاء النساء، أن وجود صور سليمة لشرايين قلب المرأة لا يعني أنها سليمة من أمراض شرايين القلب بالمطلق، خاصة تلك الشرايين الصغيرة التي لا تبدو عادة واضحة من صور فيلم القسطرة.

وعليه استنتج الباحثون من تلك الدراسة المُسماة «تقييم متلازمة الإسكيميا لدى النساء» أن القسطرة، وإن كانت تُعد الوسيلة التشخيصية الذهبية لأمراض الشرايين، إلا أنها قد لا تُظهر تلك التضيقات أو الانسداد المنتشر في الشرايين الصغيرة لقلوب النساء.

ومن ناحية الأعراض التي يشكو منها المصابون بالجلطة القلبية، فإن الشكوى الفلوكلورية (الشعبية الدارجة) من «ألم الصدر» أو «الضغط على الصدر» أو «عدم ارتياح فيه» قد لا يكون لدى النساء بنفس الكيفية المشهور انتشارها لدى الرجال.

 والغالب هو أن لا تكون شكوى المرأة حينئذ هي من ألم في الصدر، بل قد تشكو المرأة من مجرد عدم ارتياح يطول العنق أو الكتف أو أعلى الظهر أو أعلى البطن، أو قد تكون شكواها قصور في التنفس، أو غثيان أو قيء، أو زيادة تعرق، أو دوار ودوخة، أو حتى ربما إجهاد عام وتعب غير مُبرر.

وهذه الأعراض الرقيقة والناعمة لشكوى النساء حال حصول جلطة قلبية لديهن، بالمقارنة مع ذلك الألم الشديد والضاغط على الصدر آنذاك لدى الرجال، قد يكون ناتجاً عن صغر حجم شرايين قلب المرأة، مقارنة بما هو في قلب الرجل، أو قد يكون نتيجة أسباب أخرى أعقد، تطول طبيعية بنية ترسبات الكوليسترول أو تفاعل شرايين القلب لدى الرجال دون النساء.

وأياً كان السبب، فإن المحصلة الثابتة علمياً هي أن النساء يصلن إلى المستشفيات وقد تلفت لديهن أجزاء أكبر من عضلة القلب، مقارنة بالرجال، وبالتالي فإن تضرر المرأة من الجلطة القلبية هو أعلى مما يُصيب الرجل.

وهذه النقطة بالذات تُوجب على المرأة الاهتمام بأي أعراض غير طبيعية، مما تقدم ذكره، قد تشكو منها. والأساس في العرف الطبي أن مما يستحق الاهتمام العالي هو نجاح تشخيص إصابة شخص واحد بجلطة في القلب من بين مائة شخص يشكون من أعراض من المحتمل أن تكون أو لا تكون ناتجة عن جلطة قلبية.

وقدومهم حينئذ جميعاً إلى قسم الإسعاف بالمستشفى وفحص الأطباء لهم، شيء يستحق العناء وليس هدراً للمال أو إضاعة للوقت.

لأن إنقاذ حياة شخص واحد أغلى بكثير جداً من مجرد عناء مراجعة 99 شخصا وانشغال الأطباء بهم.

ولأن هذه هي مهمة الطبيب وليس الإنسان الشاكي من أية أعراض غير طبيعية، ولأن السبيل الوحيد للتأكد هو إثبات الطبيب لهم أن ما يشكون منه ليس بسبب القلب. ولا يُوجد البتة سبيل آخر.