الإرهاق المزمن .. من أسبابه الفيروسات المعدية والساعة البيولوجية

مما قد يكون مفيداً في تخفيف الأعراض التي يُعاني منها المُصابون بحالات متلازمة الإرهاق المزمن Chronic Fatigue Syndrome (CFS) هو انتظامهم في تناول كميات قليلة من قطع الشوكولاته الداكنة Dark chocolate ، أو إضافة مسحوقها إلى المشروبات الساخنة أو الباردة، أي تناول قطع الشكولاتة المُعدة بشكل رئيسي من مسحوق ثمار أشجار الكاكاو، ومن دون الإكثار من إضافة الحليب والزبدة والسكر إليها لتخفيف مرارة طعم مسحوق الكاكاو الطبيعي.


وهذا ما دلت عليه دراسة مرشدة ابتدائية Pilot Study تم إجراؤها في بريطانيا على مجموعة صغيرة من المرضى المُصابين بحالات متلازمة الارهاق المزمن، قد وجدت أن أعراضهم المرضية تقل عند تناول الشوكولاتة الداكنة أكثر مما هو حال تناول الشوكولاتة البنية الفاتحة اللون.

وكان الباحثون من ولاية كاليفورنيا الأميركية قد طرحوا في عدد أواخر سبتمبر الماضي من مجلة "علم الأمراض الإكلينيكي"، احدى أشد الدراسات طرافة في دواعي إجرائها حول ما قد يكون من أسباب الإصابات بحالات متلازمة الإرهاق المزمن. ذلك أن الباحثين الرئيسيين كانا الطبيب الأب المتخصص في الأمراض المُعدية، وابنه الطبيب المُصاب بهذا المرض! وربطا في نتائج دراستهما بين الإصابات بفيروسات إنتيرو Enteroviruses، التي تصيب الجهازين التنفسي والهضمي وبين ظهور أعراض متلازمة الإرهاق المزمن.

في حين ذكر الأطباء من زيورخ بسويسرا في عدد أواخر يوليو الماضي لمجلة "تطورات الأكاديمية القومية للعلوم" في الولايات المتحدة، أن ثمة اضطرابات كيميائية تحصل في جهاز مناعة الجسم، وتُخل بالتالي بعمل الساعة البيولوجية في الدماغ. وهو الأمر الذي يُفقد المرء ذلك النشاط المرتبط بالإحساس بحلول أوقات النهار، دون ذلك الخمول الطبيعي الذي يعتري المرء في أوقات الليل من اليوم.

هذا ولا تزال حالات متلازمة الإرهاق المزمن ترهق المرضى والأطباء، بل وميزانيات المخصصات الصحية في دول شتى من العالم، ولا يزال العلماء يبحثون عن الأسباب وراء تفشي هذه الظاهرة المرضية. وتشير الاحصاءات لهذا العام، الى أن عدد الحالات التي تم تشخيص الإصابات بها في الولايات المتحدة يبلغ حوالي مليون حالة، وأن تكلفة معالجة هؤلاء المرضى تتجاوز مبلغ 9 مليارات دولار سنوياً. ناهيك عن عدد الحالات المنتشرة في المجتمع الأميركي والتي لمّا يتم تشخيص الإصابة بها بعد، وناهيك أيضاً بالعدد الفعلي للمُصابين بهذه الحالة في بقية أنحاء العالم أجمع، والمبالغ المالية التي تتطلبها معالجتهم.

وتستأثر هذه الحالة باهتمام الأطباء، منذ أن تم التعرف إليها علمياً في ثمانينات القرن الماضي، دونما نجاح في معرفة أسباب الإصابة بها ولا أفضل سبل علاجها.

توارث الفيروسات
وكان الأب، الدكتور جون تشاي، قد همه ما أصاب ابنه، الدكتور أندرو تشاي، منذ عام 1997. وهو العام الذي تم فيه تشخيص إصابته بمتلازمة الإرهاق المزمن. وقاد البحث في أسباب الإصابات بهذا المرض بالتعاون مع ابنه. والذي توصل به إلى علاقة بين الإصابات بأحد مجموعة فيروسات إنتيرو بالذات وظهور متلازمة الإرهاق المزمن كنتيجة لذلك. والمعلوم أن مجموعة هذا النوع من الفيروسات تضم أكثر من 70 نوعاً، وتصيب بالدرجة الأولى الجهازين التنفسي والهضمي، إضافة إلى القلب والعضلات والجهاز العصبي المركزي.

وطُرحت في السابق أنواع مجموعات أخرى من الفيروسات، مثل فيروسات إبستن - بار Virus Epstein-Barr وسايتوميغالي Cytomegalovirus وفيروسات بارفو Parvovirus ، كأسباب لهذه المتلازمة المرضية. لكن الإشكالية العلمية، كما قال الدكتور تشاي الأب، كانت في إثبات وجود أي منها حال التسبب بالإصابة بهذه المتلازمة المرضية. وبعد متابعته لتحاليل عينات الدم من 3000 شخص مصاب، ومن خلال جهود ست سنوات، بينت له إثباتات علمية وجود فيروسات إنتيرو لدى 35% من المرضى.

لكن الأمر لم يكن بهذه السهولة، لان احتمالات اكتشاف الفيروس أو أجزاء الحمض النووي له ضئيلة، لا تتجاوز 5% فقط، عند فحص عينة واحدة من الدم. وهو ما تطلب أخذ عدة عينات في أوقات مختلفة وفحصها لإثبات الإصابة بالفيروسات تلك. ولذا حاول البحث عن الفيروس في أنسجة الجسم نفسه، لا الدم فقط.

وكان فريق أوروبي قد أثبت وجود الفيروسات هذه في أنسجة الدماغ والقلب لدى منْ أقدموا على الانتحار من مرضى متلازمة الإرهاق المزمن. ولأنه معلوم بداهة أن من الصعب أخذ عينات من أنسجة هذه الأعضاء من الأحياء، فإنه توجه بالبحث عن الفيروسات في المعدة، وذلك لأن الفيروسات هذه قادرة على مقاومة تأثيرات أحماض المعدة، وبالتالي فإن من السهل عليها التكاثر هناك. والمعلوم أيضاً أن كثيراً من المُصابين بحالات الإرهاق المزمن يشكون من أعراض اضطرابات الهضم.

وشرع بإجراء مناظير للمعدة وأخذ عينات من أنسجة بطانتها للمرضى بمتلازمة الإرهاق المزمن وأشخاص طبيعيين. وتبين له أن الفيروسات هذه موجودة لدى 82% من المرضى، بالمقارنة مع أقل من 20% من الطبيعيين. وأن لدى غالبية المرضى حصل دخول الفيروس قبل عدة سنوات من بدء ظهور الأعراض. ولذا صرح الدكتور تشاي الأب أن فيروسات إنترو السبب في نصف حالات متلازمة الإرهاق المزمن.

دراسة للكاكاو
ووفق ما توصل إليه العلماء من كلية الطب بجامعة هال يورك (Hull York) البريطانية في دراستهم الحديثة، المُعلن عنها أول شهر أكتوبر الحالي، فإن من المحتمل أن تعمل الشوكولاتة الداكنة على رفع مستوى مادة سيروتونين Serotonin الكيميائية في الدماغ. وهي الفائدة التي تعمل على تخفيف حالات الشعور بالاكتئاب والخمول الذهني المُصاحبة للإصابات بمتلازمة الإجهاد المزمن. وبالرغم من أن تناول المشمولين في الدراسة لكميات قليلة من الشوكولاتة لم تتسبب في زيادة وزن أي منهم إلا أن الباحثين شددوا على ضرورة الاعتدال في تناول الشوكولاتة، حتى تلك الأنواع الداكنة منها، لأسباب عدة.

وذكر البروفيسور ستيف أتكن، الباحث الرئيس في الدراسة، أن مما استرعى اهتمامه تلك الملاحظة التي أبدتها إليه إحدى مريضاته، بحالة متلازمة الإجهاد المزمن، من أنها تشعر عادة بتحسن واضح في الأعراض التي تُعاني منها عند تناولها قطع الكاكاو الداكنة. وذلك بخلاف ما يحصل معها عند تناول قطع الشوكولاتة الفاتحة اللون الغنية بالحليب والزبدة والسكر. وهو الأمر الذي أثار لديه الرغبة في التحقق من مدى جدوى الشوكولاتة الداكنة في هذا المضمار، وإجراء دراسة مرشدة ابتدائية لبحث الأمر بشكل علمي. وبالفعل قام البروفيسور أتكن وزملاؤه الباحثون بتجربة مقارنة على عدد محدود، لا يتجاوز عشرة أشخاص، من مرضى متلازمة الإجهاد المزمن. وتم تقسيمهم إلى مجموعتين. وتناول أفراد المجموعة الأولى 45 غراما من الشوكولاتة الداكنة يومياً، فيما تناولت المجموعة الثانية نفس الكمية من الشوكولاتة، لكن من النوع الممزوج بالحليب. وللعمل على عدم معرفة أي من الأشخاص المشمولين في الدراسة لنوع الشوكولاتة التي كان يتناولها يومياً، كان لون قطع كلا نوعي الشوكولاتة، المُقدمة إليهم، واحداً، أي غامقاً بغض النظر عن مدى احتوائها على الحليب.

وتم الطلب منهم تناول تلك القطع من الشوكولاتة يومياً لمدة شهرين. ثم طُلب من جميعهم التوقف عن تناولها لمدة شهر. وبعد ذلك تم تبادل الأدوار لمدة شهرين. أي تناول أفراد المجموعة الأولى شوكولاتة بالحليب، وتناول أفراد المجموعة الثانية شوكولاتة داكنة.

وبمراجعة نتائج المتابعة لمدى المعاناة من الأعراض المُصاحبة لحالات متلازمة الإجهاد المزمن، تبين للباحثين أن الأعراض لدى كل المرضى تخف بشكل واضح حين تناولهم الشوكولاتة الداكنة وحدها. لدرجة أن اثنين منهم ممن كانوا غير قادرين على مزاولة العمل الوظيفي خلال الستة أشهر السابقة لبدء الدراسة، تمكنوا من العودة إلى مزاولة أعمالهم جراء تناولهم بانتظام لتلك الكميات القليلة من الشوكولاتة الداكنة! وعلل البروفيسور أتكن الأمر بأن الشوكولاتة الداكنة تحتوي على كميات عالية ومركزة من مواد بولي فينول Polyphenols. وهي إحدى مجموعات المواد الكيميائية النباتية المُضادة للأكسدة. وهي المواد التي تُنسب إليها تلك الفوائد الصحية لتناول الشوكولاتة الداكنة من خفض مقدار ضغط الدم وغيره. ويعتقد الفريق البريطاني لجامعة هال يورك أن لمواد بولي فينول تأثيرا إيجابيا في رفع مستوى توفر مواد سيروتونين الكيميائية في الدماغ.

متلازمة الإرهاق المزمن حالة شائعة قلما يُلتفت إليها
تتسبب حالة متلازمة الإرهاق المزمن في الشعور بالإرهاق والتعب الشديدين. وهو ليس من النوعية المعتادة للإرهاق والتعب اللذين يأتيان عند بذل المجهود البدني أو الذهني ويزولان حال الراحة، بل يستمران لفترات زمنية طويلة، ويُعيقان المرء عن ممارسة الأنشطة اليومية المعتادة والضرورية للدراسة أو كسب الرزق أو العناية بالأسرة ومتطلباتها.

ويتم التشخيص بالإصابة عند الشكوى من الشعور لمدة تزيد عن ستة أشهر من تكرار أو دوام الشعور بالإرهاق والتعب. كما يشكو المريض أيضاً من ألم في العضلات، اضطرابات الذاكرة، الصداع، آلام متعددة ومتنوعة في المفاصل خاصة عند تحريكها، اضطرابات في النوم، ألم في الحلق وألم مع انتفاخ في الغدد الليمفاوية للعنق والإبط. ويصعب في كثير من الأحيان، وبالتالي يتأخر التشخيص مدة طويلة لدى المُصابين، لأن الشكوى من هذه الأعراض المختلفة والمتباينة تتشابه مع العديد من الأمراض الأخرى. لكن، ووفق إرشادات المجموعة الدولية لدراسة متلازمة الإرهاق المزمن، وجود الأعراض لمدة تزيد عن ستة أشهر ووجود أربعة من الأعراض الثمانية المتقدمة الذكر، كاف لتشخيص الإصابة بها لدى المريض.

كما وتشير المصادر الطبية إلى أعراض أخرى مُصاحبة، مثل الغثيان وألم وانتفاخ البطن، الإسهال، جفاف الفم والحساسية من الضجيج أو أنواع من الأطعمة أو الروائح أو المواد الكيميائية، ألم الصدر، السعال، اضطراب نبضات القلب وضيق التنفس، وألم الأذنين وألم الفك وتيبس المفاصل في الصباح، ارتفاع الحرارة بالليل مع زيادة إفراز العرق وأنواع شتى من الاضطرابات العصبية كالاكتئاب والتوتر والقلق ونوبات الذعر.

ووفق ما تشير المصادر الطبية إليه، فإن التداعيات المحتملة للإصابة بهذا المرض تشمل الاكتئاب نتيجة لنوعية الأعراض وعدم التوصل منْ قبل الوسط الطبي إلى تشخيص الإصابات به. إضافة إلى الآثار الجانبية جراء الإكثار والتنويع في تناول الأدوية المتنوعة من دون وضوح في الغاية العلاجية منها. كما ويتسبب الشعور بالإرهاق حقيقة لا كسلاً في توقف كثير من أنشطة المرء الحياتية الضرورية، بكل تبعات ذلك على فقد العمل الوظيفي وتدني مستوى الارتباط الزوجي أو مع بقية أفراد الأسرة، والعزلة عن الأنشطة الاجتماعية أو الترفيهية أو غيرها.

ولا يُعرف حتى اليوم سبب الإصابة به. لكن المعلوم هو أن أي شخص عُرضة للإصابة، خاصة النساء فيما بين سن الأربعين والستين. وتظل الإصابة مستمرة لسنوات لصعوبات التشخيص ولعدم وجود أي علاج دوائي متفق على جدواه. ولذا لا يُوجد ما يُقال طبياً كوسيلة للوقاية من الإصابة به.

ومع هذا ثمة نصائح عامة تذكرها المراجع الطبية، من المأمول أن تُفيد، في كيفية التعامل مع الإرهاق. مثل تخفيف التعرض للظروف المتسببة بالتوتر، واللجوء إلى الاسترخاء ما أمكن وعند أي فرصة لذلك، والحرص دوماً على أخذ قسط كاف من النوم، والانضباط في مواعيده، والحرص على ممارسة الرياضة البدنية المعتدلة بانتظام، وتناول الوجبات الصحية المحتوية على المنتجات الغذائية الطازجة، خاصة الفواكه والخضار.

الكاكاو الطبيعي في الشوكولاته الداكنة مفيد لتنشيط القلب ورفع المزاج
الشوكولاتة عبارة عن مسحوق ثمار نبات الكوكا المحمصة ، وهو غامق اللون مر الطعم، نسبته في ألواح الشوكولاتة المرة الحلوة 60%، وفي الغامقة 39%، وفي الفاتحة أو شوكولاتة الحليب 11%، والشوكولاتة البيضاء تحتوي على زبدة مسحوق الكوكا فقط. وتعتبر أميركا الوسطى الموطن الأصلي للكاكاو، وعرفت فيه منذ سبعة آلاف عام، ثم دخلت العالم بعد اكتشاف الاسبان للقارة الأميركية. وكانت تُستخدم كمشروب ساخن ومفيد جداً للصحة، وفق ما كان اعتقاد أطباء حضارة الأزتيك في تلك المناطق من القارة الأميركية.

ولكن حينما نقلها الأوروبيون إلى العالم القديم، قدموها كقطع شوكولاتة حلوة. وذلك بإضافة الحليب والسكر إليها في منتصف القرن التاسع عشر. والواقع أنه منذ أن صدر في عام 1999 بحث جامعة هارفارد الشهير، الذي أشار إلى أن متناولي الشوكولاتة أطول أعماراً من غيرهم، والدراسات الطبية تتوالى حول عرض واختبار فوائدها على القلب وبقية أعضاء الجسم. وهذه الدراسات الطبية حول الشوكولاتة ونتائجها الصحية الإيجابية، مبنية بمقارنة الفائدة على تناول خلاصات الثمار الأصلية لنبات الكوكا، التي منها تُستخرج الكاكاو أو ما يُعرف بالشوكولاتة.

ولذا يجب على الإنسان استهلاكها بتلك الكيفية المفيدة، لا بكيفية ضارة. والمقصود بالاستهلاك الضار هو التناول المفرط والعشوائي لمنتجات في الأصل يتم إعدادها بطرق غير صحية، لأنه حينما تتشبع الشوكولاتة الداكنة، الأصلية المفيدة، بالحليب والدهون والمركبات الكيميائية كالمصبغات والمواد الحافظة، فإن المحصلة لدينا هي ما يُسمى مجازاً بـ "شوكولاته"، لكنها بلا شك خالية من الفوائد الأصلية ضمن ذلك المزيج الضار بداهة.

ومما هو معلوم للباحثين أن الشوكولاتة تحتوي على مواد متنوعة، تعمل على تقليل وتخفيف المعاناة من الشعور بالألم، كما وتزيد من الإحساس بالوعي، إضافة إلى أنها ترفع من مستوى الشعور بالصحة والنشاط وتبعث على التفاؤل النفسي والنشاط البدني. وقائمة المواد الكيميائية تلك تشمل أنواعاً من الزيوت النباتية الطيارة في مسحوق ثمار الكوكا نفسها. وهي التي تعمل على حث الدماغ على إفراز مواد شبيهة بالأفيون، الأمر الذي يعلل ظهور ذلك الشعور بالرضا عند تناولها، أو حتى عند متناولي الأطعمة الدسمة عموماً.

وثمة أيضاً في ثمار الكاكاو نسبة منخفضة من مادة الكانابينويد، وهي الشبيهة بما في الماريجوانا، والتي تبعث على الشعور بارتفاع المزاج بدرجات معتدلة. وذلك لأن كميتها في الشوكولاتة قليلة جداً. وللمقارنة يقول الباحثون ان ما في سيجارة ماريجوانا واحدة من هذه المادة الكيميائية يُعادل ما في عشرة كيلو غرامات من الشوكولاتة. كما تشير المصادر الطبية إلى ان في الشوكولاتة مواد تعمل على بعث الشعور بالاسترخاء وتقليل التوتر وإبعاد الإحساس بعدم الثقة في النفس.

وكانت الدكتورة ناومي فيشر والدكتور نورمان هولينبيرغ، من كلية هارفارد للطب في بوسطن بالولايات المتحدة، قد قالا في مقدمة بحثهم المنشور بعدد أغسطس لعام 2005 من مجلة ضغط الدم، التابعة لرابطة القلب الأميركية ان حديث الدراسات الطبية قد استفاض في الآونة الأخيرة حول فوائد تناول ثمار نبات الكوكا من جهة تأثيراته الإيجابية على صحة القلب والأوعية الدموية وتقليل الإصابة بأمراضهما. والسبب هو احتواؤها على مادة فلوفونايد ما يفوق غيرها من النبات بكثير جداً، والأدلة العلمية على هذا عالية المستوى اليوم. وعرضا الكثير منها واعتبرا أن الحاجة تستدعي مزيدا من الدراسات الأخرى للتعرف على آلية هذه الفوائد.

ومواد بولي فينول، التي منها مادة فلوفونايد، هي بالأصل مواد مضادة للأكسدة. وهي مواد تعمل على تعطيل ومنع الجذور الحرة من القيام بآثارها الضارة في الجسم. مثل تنشيط ترسيخ ترسبات الكوليسترول داخل جدران الشرايين، وإثارة عمليات الالتهابات في أنحاء شتى من الجسم، وإظهار التغيرات في بنية الحمض النووي داخل نواة الخلايا ما قد يُؤدي إلى ظهور حالات السرطان، وكذلك التغيرات التي تطرأ على الدماغ والقدرات الذهنية فيه حال التقدم في العمر وإبراز التغيرات التي تطرأ على الجلد بفعل الشيخوخة وغير ذلك من العمليات الضارة للجذور الحرة في الجسم.

ولذا فإن المواد المضادة للأكسدة في المنتجات النباتية الطازجة بالذات، ذات قدرات على وقف نشوء حالات تصلب الشرايين في شرايين القلب أو الدماغ أو باقي أنحاء الجسم.

وبعض الدراسات أثبت أنها تُخفض نسبة كوليسترول الدم، غير فائدتها في إنقاص الوزن، عبر خفض الشهية، وإلى خفض مقدار ضغط الدم، وإلى تفعيل نشاط عمل هرمون الانسولين في الجسم، لتخفيف العبء على البنكرياس في إفراز المزيد منه .

كما تؤدي إلى تقليل قابلية الصفائح للترسب على جدران الشرايين أو على بعضها بعضا، أي أشبه بمفعول الأسبرين. وهذا ما أكدته البروفيسورة دايان بيكر، من أن الشوكولاتة من النوعية الجيدة، أي الداكنة اللون والغنية بمواد فلافونويد المضادة لعمليات الأكسدة وغير المصحوبة بكميات عالية من السكريات والدهون، هي في الواقع شيء يحمل عناصر ذات قوة جيدة في إعطاء منافع صحية مشابهة في النوعية للأسبرين، وإن لم تكن في قوة مفعوله. وهي نتيجة تفسر لماذا تفيد الشوكولاتة القلب والشرايين.