«Ralph and Russo» .. أول دار أزياء بريطانية تشارك في أسبوع الهوت كوتير الباريسي منذ نحو قرن

«رالف أند روسو» عضوا رسميا في برنامج الأزياء الراقية بباريس
«رالف أند روسو» عضوا رسميا في برنامج الأزياء الراقية بباريس

لمدة ست سنوات ظل اسمها محاطا بالسرية، لا تعرفه إلا قلة من أنيقات العالم مثل كايلي مينوج وأنجلينا جولي وبيونسي، لكن «لاشومبر سانديكال»، وهي منظمة الموضة الفرنسية التي تقرر من له الحق أن يشارك في برنامج «الهوت كوتير» الرسمي ومن لا يشارك فيه، كشفت السر أخيرا.
 
فقد طلبت من «رالف أند روسو» أن تصبح عضوا في ناديها النخبوي، وتكون أول دار بريطانية تشارك في هذا الأسبوع منذ نحو قرن من الزمن تقريبا. فسجلات الموضة تشير إلى أن آخر مشاركة بريطانية في هذا الأسبوع كانت في عام 1915 مع دار «لوسيل» التي أسستها لايدي داف غوردن، المصممة البريطانية التي دخلت العالمية حينئذ. 
 
الثنائي، تامار رالف ومايكل روسو، مؤسسا «رالف أند روسو» أستراليان في الأصل، لكنهما أطلقا دارهما في لندن، ما يجعلهما ماركة بريطانية. ديدييه غامبراش، رئيس «لاشومبر سانديكال» صرح بأن سبب طلبه من «رالف أند روسو» المشاركة في الأسبوع، أنه لمس فيها الكثير من الحرفية والتميز والإبهار، وكلها عناصر افتقدها الأسبوع الباريسي في السنوات الأخيرة.
 
غني عن القول إن الخبر كان لافتا ومثيرا للفضول الصحافي، إذ ما هو سر هذه الدار وما الذي جعل ديدييه غامبراش يسعى إليها؟. لحسن الحظ لم يكن الوصول إليهما صعبا، بل رحبا بالفكرة بحرارة خصوصا أن زبوناتهما من الشرق الأوسط كثيرات، كما أن في جعبتهما الكثير ليقولاه.
 
في يوم ممطر قبل حلول عام 2014 بأيام قليلة، كان اللقاء في مقرهما الواقع في وسط لندن بـ«سلوان ستريت». عندما تصل إلى الطابق الثالث وينفتح المصعد، يطالعك اسمهما مكتوبا بالخط العريض، ثم تزكم أنفك رائحة الفخامة التي يضج بها المكان، وتنبعث من الخشب الذي يغطي الجدران ومن بعض الشموع المتناثرة في الردهة.
 
على عكس المتوقع، كان المكان هادئا يشوبه الصمت، رغم وجود مجموعة من الخياطات والأنامل الناعمة، منكبات على إنهاء بعض القطع وتطريزها بالأحجار. لكن فجأة تتغير ديناميكية المكان، عندما يدخل شاب أسمر أنيق ببدلة مطبوعة بالمربعات من المصمم توم فورد، وشابة شقراء لا تقل عنه أناقة ورشاقة ببنطلون ضيق وسترة توكسيدو. عرفا عن نفسيهما بأنهما تمارا رالف ومايكل روسو. 
 
يسارع هذا الأخير بالقول وكأنه قرأ ما يجول في ذهني: «اليوم ليس الأفضل لمعاينة سير العمل، فنحن في عطلة قبل رأس السنة، وعدد العاملات غير مكتمل». ويضيف بابتسامة واسعة: «أنا رئيس عمل إنساني ومتفهم، وأعرف أنه علي أن أعطي العاملات وقتا لكي يستمتعن بحياتهن الخاصة».
 
ثم يعلق والجدية تعلو محياه: «في الأيام العادية، يكون المكان مثل خلية نحل يعمل فيه فوجان من العاملات يتناوبان على العمل حتى نتمكن من تسليم الطلبيات لأصحابها في موعدها، وهو الأمر الذي نتوقعه أيضا في الأيام المقبلة لاستكمال التشكيلة التي سنقدمها في باريس».
 
تابع: «لا بد من الإشارة إلى أن معظم العاملات معنا تخصصن في الـ(هوت كوتير) وتدربن في بيوت أزياء باريسية عريقة مثل لوساج وغيرها، إضافة إلى متدربين تخرجوا حديثا من معاهد الموضة».
 
الحديث مع الثنائي، مايكل، الذي لا يتعدى عمره 33 عاما وتمارا (32 عاما)، كان بمثابة متابعة مباراة كرة تنس حبية بينهما، ما إن يرمي الواحد فكرة حتى يتلقفها الآخر ويعيدها له بمرونة. كان التوافق بينهما مدهشا، يزيد كلما تطرق الحديث إلى الإبهار الرومانسي الذي يعتمدان عليه لكسب قلوب الباريسيين والمتابعين لعرضهما المرتقب يوم الخميس المقبل.
 
تقول تمارا إن الصدفة لعبت دورا كبيرا في لقائهما. فقد تم بعد ساعتين فقط من وصولها من أستراليا إلى لندن، حيث كانت لا تزال تعاني من تعب السفر الطويل، ومن بعض الحنين إلى بلدها الأم.
 
اكتشفت من لكنته أنه أسترالي مثلها، مما قرب بينهما، وبعد أن تجاذبا الحديث اكتشفا أن هناك نقاطا مشتركة كثيرة بينهما تتعدى اللغة المشتركة. كانت هي تعشق الموضة وتجري في دمها، وكان هو يحب الفن ويتقن لغة الأرقام ومجال المال بحكم دراسته، لذا قررا أن يكثفا جهودهما ويؤسسا دار «رالف أند روسو».
 
يقول مايكل، «لم أكن أعرف الكثير عن صناعة الموضة والتصميم لكني آمنت بموهبة تمارا مباشرة، وشعرت بأننا يمكن أن نكون شركة ناجحة، إذا قدمنا منتجا رائعا من كل الجوانب، لأنه سيبيع نفسه بسهولة.
 
ومع الوقت، تعلمت الكثير عن الأقمشة والتصميم وكل ما يتعلق بهذا المجال، إلى حد القول إننا الآن نكمل بعضنا البعض. صحيح أني خبير في الأرقام إلا أن هذا لا يمنعني من أن أدلي بدلوي في مجال التصميم، خصوصا أني درست الفن وكنت أريد أن أكون فنانا قبل أن أتحول لدراسة التجارة وإدارة الأعمال».
 
على العكس من مايكل، كانت الموضة قدر تمارا رالف حتى قبل أن تولد. فجدتها ووالدتها كانتا مصممتي أزياء في سيدني، ما جعلها تعشقها وتتنفسها. بدأت تتدرب على أصول التصميم والقص والخياطة والتطريز وعمرها لا يتعدى الـ 10 سنوات، وعندما بلغت الـ 15 من العمر، بدأت تبيع قطعا خاصة من تصميمها.
 
رغم أن محيطها مدرسة قائمة بحد ذاتها، كانت تعرف أنها لكي تكون لها بصمتها، يجب أن تصقل الخبرة التي اكتسبتها في البيت بالدراسة، لذا التحقت بمعهد وايتهاوس للتصميم بسيدني لمدة ثلاث سنوات. 
 
بعد التخرج فتحت لها أبواب التعاون مع دور أزياء أسترالية متخصصة في تصميم أزياء الحفلات والمناسبات الكبيرة لكن صوتا قويا كان يصرخ بداخلها دائما ويحرضها على الاستقلال بنفسها.
 
بعد أن ادخرت مبلغا من المال، هاجرت إلى لندن بحثا عن آفاق جديدة، ولحسن حظها قابلت مايكل رالف. كان هذا منذ ست سنوات، وتحديدا في عام 2007، حيث اتفقا على تأسيس دار «رالف أند روسو» والتركيز فيها على التفصيل على المقاس، أو ما تسميه باريس بـ«الهوت كوتير». 
 
تقول تمارا: «لم تكن فكرة أزياء جاهزة مطروحة، لأن السوق يزدحم بها إلى حد التخمة فضلا عن المنافسة الشرسة. في المقابل، لاحظنا أن هناك نقصا في أزياء مفصلة بجودة عالية وتصاميم فريدة لا مثيل، تجمع الترف والإبهار، لهذا قررنا أن نملأ هذا الفراغ».
 
كان من الممكن أن تتعرض التجربة للفشل لا سيما أنه بعد عام واحد، وفي عام 2008 عصفت الأزمة الاقتصادية بالعالم متسببة في إفلاس بعض دور الأزياء والمصممين مثل كريستيان لاكروا، لكن الحظ كان حليفهما. فقد كانت هناك أسواق متعطشة للترف، لم تؤثر عليها الأزمة بقدر ما زادت من رغبتها في الحصول على كل ما هو متميز وفريد وكل ما غلا ثمنه وارتفع.
 
هنا أيضا كان للصدفة دور، حيث صادف أن الصديقة الأسترالية الوحيدة لتمارا في لندن، كانت تعرف الأختين كايلي وداني مينوغ. قدمت المصممة لهما، فاشترت الأختان كل ما عرضته لهما.
 
وكان لظهورهما بهذه الأزياء في مناسبات مهمة مفعول السحر، إذ أثارا الانتباه إلى الماركة، واستقطبا لها زبونات أخريات. تتذكر تمارا البداية قائلة: «مجال الموضة ليس سهلا، فالمنافسة شرسة خصوصا في بريطانيا، وقد بدأنا بزبونة واحدة ثم توسعنا بالتدريج. 
 
اتفقنا منذ البداية أن ننمو بطريقة عضوية وصحية حتى لا نتعرض لأي مشكلات. بدأنا بتصميم فساتين لسيدات مجتمع تعرفنا عليهن، وكن يرغبن في تصاميم تحاكي الهوت كوتير، وسرعان ما توسعت دائرة الزبونات بعد أن سمعن عنا من صديقاتهن ومعارفهن». 
 
هذا التوسع أكد لمايكل وتمارا أن هناك ثغرة في السوق يمكنهما استغلالها على أحسن وجه، وهو ما كان، إذ يضم سجلهما حاليا أسماء زبونات من كل أنحاء العالم، من دون دعاية في المجلات أو حتى المشاركة في عروض أزياء. تقول تمارا: «تعتبر لندن مركزا عالميا، والكثير من الزبونات يمتلكن بيوتا ثانوية فيها، ما يعني أنهن يزرنها بانتظام أو يقمن فيها لفترات طويلة، وهذا ما ساعدنا كثيرا». 
 
يلتقط مايكل خيط الحديث منها مضيفا «كان من المهم الحفاظ على خصوصيتنا، أو بالأحرى نخبويتنا، حتى يبقى اسم (رالف أند روس) مرادفا للترف والفخامة والتميز، أي بمثابة ناد خاص، ونجحنا في ذلك إلى حد كبير، بدليل أننا كسبنا نوعية من الزبائن من الوزن الثقيل. نحن لا نريد أن نقدم أزياء يمكن لأي أحد أن يحصل عليها، فنحن نقدم خدمة التفصيل على المقاس والخاص، وبالتالي نريد أن نبقى سرا يتداوله العارفون فقط، فهذا يشعل الفضول ويجعل النخبة تبحث عنا».
 
هذه الاستراتيجية أعطت ثمارها، لست سنوات، بيد أن مايكل يدرك الآن أنه أصبح من الصعب الحفاظ على هذه الخصوصية، بعد أن ظهرت بتصاميم بتوقيع «رالف أند روسو» نجمات مثل أنجلينا جولي وبيونسي وغيرهن ممن يلفتن الأنظار بأناقتهن، ناهيك عن مشاركتهما يوم الخميس المقبل في واحد من أهم أسابيع الموضة العالمية، ألا وهو أسبوع باريس للأزياء الراقية.
 
تمارا رالف: الرومانسية والإبهار عنوان أول عرض لنا يوم الخميس المقبل
 
 منذ أن خرج كريستيان لاكروا وجون جاليانو من دائرة الموضة، الأول مفلسا والثاني مطرودا، وعالم الموضة يفتقد إلى عناصر الإبهار والحلم والدراما التي كانت تثيرها عروضهما. بدخول «رالف أند روسو» البرنامج الرسمي للأسبوع، يأمل الكثير من المتابعين أن تعيد للأسبوع بريقه من خلال أزياء درامية لا تعترف بالحلول الوسط بقدر ما تعترف بالفنية والرومانسية. توقعات كبيرة تضع المصممة تمارا تحت ضغط كبير، لكنها ليست مستحيلة على مصممة ورثت فن التصميم أما عن جدة وتفهم ما تريده المرأة تماما، كما يتبين من حديثها:
 
كانت الفكرة من «رالف أند روسو» أن تبقى سرا تعرفه النخبويات فقط، وهو ما سيتغير تماما الآن بعد أن أصبحت عضوا في موسم «الهوت كوتير»، كيف حصل ذلك؟
- كان الأمر مفاجأة سارة، إذ اتصلت بنا «لاشومبر سانديكال الفرنسية» للانضمام إلى الأسبوع، بعد أن سمعت عنا من بعض الزبونات وصناع الموضة. وأعتقد أن الأشياء التي سمعوها كانت إيجابية وإلا ما اقترحوا علينا المشاركة ضمن البرنامج الرسمي لأسبوع بهذا الحجم والأهمية.
 
متابعو الموضة يأملون بأن تعيد «رالف أند روسو» عنصر الحلم الذي كان يقدمه كل من جون جاليانو وكريستيان لاكروا، وغاب بغيابهما، هل هذه كانت نفس فكرة «لاشومبر سانديكال»؟
- ما يمكن أن أقوله إن ما تبحث عنه «لاشومبر سانديكال الفرنسية» عنصران. الأول أسلوب مختلف وجديد، وهو ما يمكن أن ينطبق على أسلوبنا الدرامي والأنثوي، والثاني الخبرة التي يبدو أنها بدأت تغيب عن الـ«هوت كوتير».
 
والمقصود بهذه الخبرة التقاليد التي يمكن توارثها جيلا عن جيل، إذ إن الملاحظ أن الكثير من المصممين أصبحوا كبارا في السن، وللأسف لا يسلمون المشعل للشباب حتى تبقى هذه الصنعة حية ومستمرة. من جهتنا، نركز كثيرا على هذه الخبرة والتقاليد ونقدم دورات تدريبية للتأكد من استمرارها. وأعتقد أن هذا الجانب مهم بالنسبة للمنظمة الفرنسية المشرفة على حماية الـ«هوت كوتير».
 
مشاركتكما في أسبوع باريس خطوة مهمة من شأنها أن تجذب إليكما أنظار العالم، ما الذي نتوقعه في عرض «رالف أند روسو»؟
- أملنا أن نعيد لموسم «الهوت كوتير» عنصر الإبهار الذي افتقده في السنوات الأخيرة من خلال أزياء رومانسية لا تعترف بزمن معين، لا سيما أن الكثير من العروض أصبحت تجارية أكثر من اللازم.
 
التشكيلة تتضمن الكثير من هذا الإبهار إضافة إلى لمسات عصرية مستلهمة من أربعينات وخمسينات القرن الماضي، على الأقل فيما يتعلق بالأحجام والأشكال. يمكن أيضا توقع الكثير من التطريز والتفاصيل الدقيقة التي استلهمناها من حدائق أو مباني فرنسية مختلفة، وستتجسد في أشكال ورود وبتلات وتصاميم هندسية، لأننا فكرنا أن نقدم تحية لفرنسا في أول تجربة لنا فيها.
 
ولا بد من الإشارة إلى أنني استلهمت أيضا الكثير من التصاميم من كتاب يتناول أعمال الرسامة والمصورة الفوتوغرافية، ليليان باسمان في الأربعينات من القرن الماضي. كانت هذه الصور مبهرة مع بعض الغموض، ما جعلني أقع في سحرها وأرغب في دمجها في هذه التشكيلة.
 
لكن الملاحظ أن أسلوب «رالف أند روسو» لم يتغير منذ البداية إلى الآن، وتبدو فيه دائما لمسات من حقبتي الأربعينات والخمسينات التي ذكرت سابقا؟
- بالفعل، لأنه أسلوب يروق لزبوناتنا، ويطلبنه دائما. فهو يجمع الأناقة والأنوثة والدراما، وكلها عناصر تستحضر الزمن الجميل وعصر السينما الذهبي. فكل امرأة تحلم بأن تكون نجمة متألقة تلفت الأنظار عند دخولها إلى مكان ما.
 
لكن هذا لا يعني أننا نترجم هذه الصورة بشكل حرفي، بل على العكس نحرص أن تكون مواكبة للعصر، يتزاوج فيها الدرامي الأنيق بالإبهار الواقعي، حتى لا نقع في المبالغة. فمهمة الأزياء أن تجد لها طريقا إلى خزانة المرأة ومناسباتها، سواء كانت خاصة بحفلات الزفاف أو بحفلات السجاد الأحمر، لهذا من المهم أن نفهم الزبونة ونتعرف على أسلوب حياتها حتى نستطيع تحقيق هذه المعادلة.
 
هل أفهم من كلامك أن الماركة متخصصة في أزياء السهرة والمساء وحدها؟
- لا أبدا، بل نقدم أيضا قطعا مفصلة للنهار، يمكن للمرأة أن ترتديها في المساء مع إكسسوارات لافتة، أو التخفيف من دراميتها في النهار بتنسيقها مع جاكيت مثلا. من هذا المنطلق، أعتبر التفصيل استثمارا جيدا، لأن المرأة يمكن أن تستفيد منه أكثر وبأشكال مختلفة تعطيها في كل مرة مظهرا متجددا وجديدا.
 
ست سنوات فقط على إطلاق «رالف أند روسو» ومع ذلك فإن النجاح الذي حققته هائل، هل توافقيني الرأي بأن التوقيت كان في صالحكما، إذ منذ عشر سنوات تقريبا، نعى البعض الـ«هوت كوتير» على أنها تحتضر، لكنها الآن مزدهرة أكثر من أي وقت مضى وتحقق الكثير من الأرباح؟
- نعم أعترف بأن التوقيت كان في صالحنا. فهذا وقت الـ«هوت كوتير»، والمرأة المتميزة تريد أزياء فريدة من نوعها، لا تريد أن تنافسها فيها أي امرأة أخرى. وبما أننا معروفون بقطع درامية من حيث تفصيلها وتفاصيلها، فهذا يجعلنا عز الطلب.