أمير «البوهو» ماثيو ويليامسون .. يعود إلى لندن

هل تنجح الموضة في استقطاب عميلات جديدات ؟
سؤال رد عليه بنك "كوتس أند كو" الذي تتعامل معه ملكة بريطانيا، بالإيجاب، من باب ان ثلث عملائهم من الإناث وثلثهن من سيدات الأعمال، مؤكدين ان الموضة اصبحت ضرورة من ضرورات الحياة اليومية، واستخدامها لا يمكن الا ان يكون له تأثير إيجابي، ومن هنا كان تعاونهم المستمر مع مصممي ازياء لجذب المزيد من الزبونات.


سعيد الحظ هذه المرة هو البريطاني ماثيو ويليامسون، الذي سيقدم له البنك دعما ماديا لإقامة معرض للاحتفال بعيد ميلاده العاشر كمصمم في الخريف المقبل، مقابل تسهيل المصمم لزبونات البنك جولات خاصة لزيارة معمله وإلقاء نظرة على تشكيلته القادمة قبل عرضها.

ولن يتوقف الأمر عند هذا الحد، فسيقوم المصمم بتزيين واجهات البنك، الذي يعود تاريخه إلى 315 سنة، ببعض تصميماته. اللافت في الأمر أنه، رغم ان البنك سبق له التعامل مع مصممين آخرين نذكر منهم ستيلا ماكارتني وأوزوالد بوتانغ، من خلال تصميمهما بطاقات ائتمان، والمصممة أليس تامبرلي التي اقامت عرضا خاصا لزبونات البنك، إلا ان التعامل مع ماثيو ويليامسون سيكون له طعم آخر. فهو معروف بشغفه بالألوان البراقة والنقوشات المتضاربة، وهو الأسلوب الذي أثار انتباه دار "بوتشي" وإعجاب النجمات الشابات، لكنه أسلوب يتناقض مع فلسفة أي بنك أو أي مجال يتعامل بلغة الأرقام.

المؤيدون لهذا التعاون يستشهدون، لتبريره، بدراسة حديثة اجرتها "باركليز ويلث" تفيد بأن نسبة المليونيرات في بريطانيا سترتفع إلى 53% في عام 2020، مما سيجعلهن الاقوى والأهم بالنسبة للبنوك، وطبعا بالنسبة للمصممين ايضا. ماثيو ويليامسون لن يحتفل بعيد ميلاده كمصمم محترف من خلال المعرض فحسب، بل قرر العودة إلى لندن ليعرض فيها تشكيلته لربيع وصيف 2008 في شهر سبتمبر القادم، مما سيعطي لندن هذا العام أهمية عالمية أكثر بعد سنوات من الهجران والعقوق من قبل أبنائها، وعلى رأسهم جون غاليانو، والكسندر ماكوين.

لحسن حظها، أي العاصمة البريطانية، ان كلا من لويلا بارتلي وستيلا ماكاتني، سيعودان ايضا إليها، وإن كانت هذه الأخيرة ستشارك في اليوم الأخير من أسبوع لندن من خلال تشكيلتها الرياضية "أديداس" فقط. وهي التشكيلة التي تشمل، كما يدل اسمها كل ما يتعلق بالنشاطات الرياضية مثل الأحذية، ملابس خاصة باليوغا، التنس، والركض والايروبكس. بعض الخبثاء يرددون أن هذه الهجمة على أسبوع لندن، ليست لسواد عيونها، فقد هجروها بدون تردد في السابق من أجل مصالحهم، بدءا من غاليانو وماكوين وستيلا الذين اصبحوا وجها معروفا في عروض باريس، او لويلا بارتلي واليس تامبرلي وماثيو ويليامسون الذين يعرضون في نيويورك، لكنهم عائدون لسبب يعرفه العديد من المتتبعين للموضة، ويتلخص في انها ستكون نقطة تجمع الكثير من شخصيات الموضة العالمية ووسائل الإعلام هذه السنة نظرا للتجمع الكبير الذي ستشهده للاحتفال بذكرى محررة الأزياء المعروفة، إيزابيلا بلو، التي انتحرت منذ بضعة اشهر بسبب حالة اكتئاب حادة.

ويتوقع ان يحضر حوالي 750 ضيفا من محرري أزياء ومصممين، فقد صرحت مساعدة ايزبيلا بلو، آلي تشيو، التي تنظم الاحتفالية بأن " 250 فقط من أصدقائها تمكنوا من حضور مراسيم دفنها، بينما لم يسعف الوقت بعضهم الآخر لذلك، ولهذا سيكون هذا الأسبوع المناسبة المثالية للاحتفال بإيسي (كما تسميها)"، مضيفة: "وإذا كانت ذكراها ستنعش اسبوع الموضة بلندن وتضفي عليه المزيد من الأهمية، وما يترتب عنه من دعم ومساعدة للمصممين الصاعدين، فإن هذا سيسعدها كثيرا".

تجدر الإشارة إلى أنه كانت لإيزابيلا بلو أياد بيضاء على العديد من المصممين، من بينهم ألكسندر ماكوين، وفيليب ترايسي مصمم القبعات، إلى جانب آخرين. لكن سواء كانت عودة هؤلاء بدافع ماكيافيلي أو بدافع الحنين إلى قواعدهم، فإن المؤكد ان تواجد ماثيو ويليامسون بالذات يعني تواجد العديد من النجمات الشابات، اللواتي لا يمكن ان يفوتن عرضه، من باب الإعجاب أو من باب الولاء. ولن نستغرب رؤية سيينا ميلر أو العارضتين كايت موس وهيلينا كريستنسن أو جايد جاغر، ابنة مغني الروك اند رول الشهير ومصممة مجوهرات دار "غرار" ومثيلاتهن من صديقاته المقربات، في الصفوف الأمامية. فهذا المصمم الشاب، 36 سنة، الذي اشتهر بـ"أمير البوهو" له ألقاب أخرى أهمها لقب «مصمم النجمات» دلالة على علاقة الحب بين الطرفين.

فهن يعشقن اسلوبه الذي يجمع بين البوهيمي والعصري، وهو يحب الأضواء، وهنا يكمن سر الكيمياء التي تجمعهم وتشدهم إلى بعض. ما يحسب لويليامسون أنه لم ينكر يوما ان الإعلام أو أن الجانب التجاري بأهمية الإبداع الفني، وإن كانت الجوانب الاولى، في حالته، تغلب على الفنية، وإلا ما كان وصل إلى ما وصل إليه اليوم من دون ان يضطر إلى الانضواء تحت راية مجموعة تجارية كبيرة تموله وتتحكم في داره.

اول ما يلفت الانتباه عند مقابلته مظهره الذي لا يخضع للصورة النمطية لباقي المصممين، الذين يحرصون على ان يخلقوا صورة بوهيمية تمثل فنانا غريب الأطوار، كما لا يحيط نفسه بهالة من الأهمية المصطنعة، فهو يبدو كأي شاب عادي شكلا ومضمونا. طموحاته ان يحقق النجاح والشهرة، لأنه كما يعترف يحب الحياة الجميلة والمترفة. الشهرة والثراء يشكلان بالنسبة له وجهين لعملة واحدة، لكن عندما سئل عما إذا كان يفضل ان يكون مشهورا أو غنيا، رد من دون تردد: «أفضل ان أكون غنيا».

والمتابع لمسيرته القصيرة، عشر سنوات فقط، يتأكد انه سيحقق الهدفين معا، بدليل ان ماركته تحقق المزيد من النجاح والإقبال من لدن الأنيقات، كما أنه حظي بوظيفة المصمم الفني لدار "بوتشي" الإيطالية التي ارتبطت بنجمات هوليوود في عصرها الذهبي كما ارتبطت بسيدات المجتمع المخملي، نذكر منهن على سبيل المثال لا الحصر، إليزابيث تايلور في شبابها، جاكلين أوناسيس، مارلين مونرو.

وليس ببعيد ان يحقق لها نجاحا أكبر مما حققه لها العبقري الفرنسي، كريستيان لاكروا، الذي غادرها العام الماضي مفضلا التفرغ لداره التي كانت قد بدأت تعاني من بعض المشاكل المادية. ماثيو ويليامسون، الذي التحق بمعهد "سانت مارتن الشهير لدراسة الأزياء وهو في سن السابعة عشرة من العمر لم ينتم لفلسفتها بالمعنى المطلق، والمقصود هنا فلسفتها القديمة التي كانت تعتمد على الحداثة المجنونة والأفكار المبتكرة حتى وإن كانت لا تنتمي إلى ارض الواقع، فهو كان منذ البداية يدرك ان الجانب التجاري مهم، وان الفانتازي لا يبيع مقارنة بالتصميمات الجميلة والرومانسية التي تدغدغ خيال الأنيقات وتجعلهن يشعرن وكأنهن سندريلات من العصر الحديث.

أحلامه، أو على الاقل طريقته في الوصول إليها، أيضا كانت مختلفة عن زملائه. ففي الوقت الذي كانوا يبذلون فيه قصارى جهدهم لإثارة انتباه دار ازياء عالمية في باريس أو ميلانو توظفهم ولو برواتب رمزية ليكتسبوا المزيد من الخبرة ويشقوا طريقهم إلى العالمية، كان هو يفكر بمنطق اقرب إلى التجاري، فقد التحق بعد التخرج مباشرة بمحلات «مونسون» لسبب وجيه: فقد دفعت له راتبا كبيرا ومنتظما، خول له ان يكتسب كل الخبرة التي يريدها، وفي الوقت ذاته ان يركز على ماركته الخاصة، وعلى اسفاره التي يستلهم منها افكاره وألوانه وتطريزاته ليولد اسم ماثيو ويليامسون كمصمم مختص في الازياء الرومانسية.

هذا الأسلوب سرعان ما تطور إلى اسلوب هيبي عصري أصبح يعرف في اوساط الموضة بـ"البوهو"، يتمثل في تصميمات منسابة على اقمشة من الشيفون طويلة، بتطريزات شرقية ونقوشات تتناغم في تضاربها الفني. لا شك ان الفضل الكبير في نشرها كان لصديقاته من النجمات، خصوصا سيينا ميللر، لكنها أكدت مع الأيام انها أسلوب مفعم بالأنوثة لا يعترف بعمر أو زمن، او مناسبة، فقد تلبسه فتاة شابة في شوارع لندن أو دبي، أو امرأة ناضجة في شواطئ سانت تروبيه، والنتيجة دائما رائعة، وهذا هو سبب نجاحه، وما جعله الخيار الطبيعي لدار "بوتشي" التي اشتهرت بألوانها ونقوشاتها و قفاطينها الطويلة التي تخاطب المرأة المخملية أساسا. وربما فلسفته الواضحة منذ البداية هي السبب في عودته إلى لندن، التي اصبحت في السنوات الأخيرة اكثر نضجا من الناحية التسويقية وإدراكا لأهمية هذا الجانب، بمعنى انها تخلت عن شطحاتها وجنونها، وهذا بلا شك سيجعل اسلوبه متماشيا مع ثقافتها الجديدة، وسيجعل وجوده فيها رشة ملح هي بأمس الحاجة اليها.