المصممون يستنسخون للأطفال تصاميم تحاكي أزياء الكبار

الهدف هو استقطاب الأأطفال في الصغر وفاء لهم في الكبر
الهدف هو استقطاب الأأطفال في الصغر وفاء لهم في الكبر

منذ شهر أغسطس الماضي، وأخبار افتتاح محلات أو شركات أزياء وإكسسوارات تخاطب الصغار تتوالى على المكتب، من ماركة «يونيكلو» التي أطلقت خطا قالت إنه نسخة من أزيائها للكبار، إلى مصممة الأحذية شارلوت أوليمبيا، التي طرحت مجموعة أحذية بتصميم الباليرينا زخرفتها بأشكال وألوان الفرح حتى تتماشى مع روح الطفولة مرورا بأسماء متمرسة كثفت عملياتها التسويقية في هذا المجال.
فـ «يونيكلو» وشارلوت أوليمبيا ما هما إلا اسمان جديدان ينضمان إلى لائحة طويلة من الماركات وبيوت الأزياء التي انتبهت منذ فترة بأن صناعة أزياء وإكسسوارات الصغار منجم خصب يمكن التعامل معها كقطاع مستقل بذاته، بما في ذلك مواقع الإنترنت والمحلات الكبيرة التي وسعت نشاطاتها فيه. 
فموقع «نيت أبورتيه دوت كوم»، مثلا، أعلن نيته تخصيص قسم خاص لهم بعنوان «بوتيت أبورتيه» Petite - a - Porter، في حين أعلنت محلات «هارودز» توسيعها قسم الأطفال إلى أكثر من 66.000 قدم مربع وهلم جرا. 
هذا التسابق على نيل ود الصغار يثير الانتباه ويشير إلى أنه لم يأت من فراغ، وهو ما تؤكده الأرقام والأبحاث. فالتقديرات في السنوات الأخيرة تشير إلى أن أزياء الصغار في بريطانيا وحدها ستفوق الـ 6.99 مليار جنيه إسترليني بحلول 2015.
كما قدرت دراسة نشرتها شركة «مينتيل» نموه بأكثر من 6% خلال السنوات الأربع القادمة، خصوصا بعد قدوم المولود الجديد للأسرة البريطانية المالكة. والسبب أنه سيؤثر على كل قطاعات الموضة، سواء الراقية أو الشعبية، وأي ماركة سيظهر بها، ستنفد من السوق كما حصل تماما في اليوم الذي خرج فيه من المستشفى لأول مرة. 
المهم أن كل الدلائل تشير إلى أن العقد الحالي عقد الطفولة الذهبي، بعد أن كان التركيز في التسعينات على إكسسوارات المرأة، وتحديدا حقائب اليد، وفي بداية الألفية على الرجل بعد أن لمس الخبراء استعداده لدخول عالم الموضة.
لكن بتوجه الموضة إلى الصغار، فهي في الحقيقة تستهدف زبائنها ممن كبروا وتزوجوا وأصبحوا آباء وأمهات، فليس هناك ما يدخل السعادة على قلوب هؤلاء أكثر من رؤية فلذات أكبادهم يعكسون ذوقهم وطموحاتهم، بغض النظر عن السعر. 
أكبر دليل على هذا أن دار «شانيل» التي تعتبر من الاستثناءات التي لم تركب هذه الموجة بعد، تداعبنا في بعض عروضها بظهور الطفل هادسون كرونيغ، البالغ من العمر أربع سنوات.
وفي كل مرة يظهر فيها تتغير أجواء «لوغران باليه»، مسرح العرض ويعمها إحساس بالسعادة تظهر في الابتسامات العريضة التي ترتسم على الوجوه والشهقات التي تتعالى من الحاضرات خصوصا.
لهذا كله، من الطبيعي أن نرى تزايد الاهتمام بافتتاح محلات خاصة، إضافة إلى إبداعات لا تحصى، أحيانا لا تعترف بالسن بقدر ما تهتم بالحجم في ظل سيطرة العنصر التجاري، والسبب حسب محلات «هارودز» اللندنية، هو الرغبة في أرضاء الزبائن وتلبية أهوائهم، بعد أن لاحظت أن هناك نمطا جديدا في طريقة تسوقهم لصغارهم، يعتمد على اختيار قطع أساسية وكلاسيكية من مصممين كبار وقطع موضة من الأسماء المتوسطة، لكن دائما تكون التصاميم مستوحاة من تصاميم الكبار.
خبراء التسويق يشجعون هذه الظاهرة، ويؤكدون أنه بات لزاما على المصمم، ولكي يحافظ على ولاء زبائنه، أن يقدم لمواليدهم وأطفالهم تصاميم تعكس ذوقهم وتطلعاتهم. ثيوفانوس من محلات «أليكس أند أليكسا» التي أسست في 2007 واحد من أصحاب هذا الرأي، إذ يعلق بأن محلاته توفر ما لا يقل عن 9000 قطعة مختلفة للصغار من الجنسين: «فزبائننا تعودوا على شراء تصاميم عالمية لأنفسهم، لهذا من الطبيعي أن لا يرغبوا في تغيير أسلوبهم وطرقهم في التسويق، بالتوجه إلى شوارع الموضة الشعبية لشراء ملابس أطفالهم».
ويضيف أن «المسألة ليست مجرد رغبة في شراء كل ما هو غال ونفيس، بل لأنهم يريدون أن يحصلوا على الأفضل. بالإضافة إلى هذا فإن المرأة عندما تصبح أما، تتغير نظرتها للحياة، ويقل اهتمامها بنفسها ليصب في صالح مولودها، لهذا تحول متعتها في التسوق لنفسها إلى التسوق له، فهذا ما يسعدها في هذه المرحلة من العمر». 
والملاحظ أيضا أنها إذا كانت في السابق تفضل الزخارف والأشرطة والألوان المتفتحة فإنها اليوم تريد منتجات تحمل اسم دار معروفة، ولا مانع لديها إذا كانت خالية من الزخارف والتطريزات بحيث تحاكي أسلوبها الخاص
. لهذا بتنا نرى أزياء مستنسخة بالكامل عن أزياء الكبار. الفرق الوحيد أنها بمقاسات صغيرة، مثل ما قدمته دار «بربيري» أخيرا. فهذه الدار التي دخلت مجال الصغار منذ سنوات، تعرف إقبالا منقطع النظير على نقوشاتها المربعة وتصاميمها التي تعبق بروح بريطانية صميمة. 
تشكيلتاها الأخيرتان لموسمي الربيع والصيف والخريف والشتاء حققتا نجاحا واسعا أرجعته الدار إلى توسعها في أسواق جديدة في آسيا والشرق الأوسط. اللافت في هذه التشكيلات، إضافة إلى الكثير مما تطرحه الأسواق، أن الصغار لن ينتظروا حتى يكبروا للحصول على أزياء ناضجة، إن صح القول.
فقد غابت ألوان الورد والأبيض والأزرق السماوي والكشاكش والرسومات الكرتونية، وحلت محلها ألوان الموضة الدارجة بالإضافة إلى التصاميم ذات الخطوط البسيطة. تصاميم، يمكن القول إنها، أكثر نضجا وأقل طفولية. ولا يمكن أن ننسى هنا دور بعض المصممات الشابات في تغيير توجهات الموضة، خصوصا من ألهمتهن الأمومة بدخول هذا القطاع والإبداع فيه.

المصممة ستيلا ماكرتني اعترفت في لقاء سابق أنها بدأت تخطط لتصميم أزياء للأطفال بعد أن أصبحت أما:

«شعرت حينها بأن هناك ثغرة في السوق، بعد أن لم أتوفق في أزياء عملية ومعقولة من ناحية السعر وفي الوقت ذاته بجودة عالية وأنيقة».
وبالفعل نجحت تجربتها، إذ تعرف تصاميمها التي يصل فيها سعر الـ«تي - شيرت» إلى 23 جنيها إسترلينيا والمعطف إلى 205 جنيهات إسترلينية، رواجا من قبل الأمهات الشابات على وجه الخصوص. 
شارلوت أوليمبيا بدورها اعترفت أنها حلمت دائما بتصميم أحذية للفتيات الصغيرات، مشيرة إلى أنها أم لولدين لكنها لا تزال تحلم بمولودة تلبسها بأسلوبها وتعكس من خلالها رؤيتها.
ولا شك أن أسماء المصممين الذين سيدخلون عالم الصغار ستزيد، وحتى من لم يفكر في دخوله في السابق، لا بد أنه يفكر فيه الآن، بعد الحمى التي رافقت حمل دوقة كمبردج وإنجابها، وصلت شظاياها إلى الجانب السياسي.
فمما يذكر أن الحكومة البريطانية ذهبت إلى حد الموافقة على تشريع جديد يهدف إلى منح حقوق متساوية للأولاد من الذكور والإناث في خلافة عرش بريطانيا، ضمن تغييرات لمجموعة كاملة من القوانين التي يرجع تاريخها إلى أوائل القرن الثامن عشر. 
هذا التشريع جعل البعض يعتقد أن الأسرة المالكة تتوقع أن يكون مولود الأمير ويليام وكيت دوقة كمبردج أنثى. وصل المولود، وفند كل التوقعات، فهو ذكر، الأمر الذي أصاب البعض بخيبة أمل.
فالمتعارف عليه أن التصميم للإناث ليس كالتصميم للذكور، لأنه يمنح مساحة أكبر للإبداع. فالرجل له قطع محددة وألوان مقيدة مقارنة بالمرأة، ولن يغير الأمير الصغير، جورج حفيد ملكة بريطانيا، ولا أي أمير في عين أمه، هذه الحقيقة. 
فأزياء الصغيرات أكثر جمالا وأناقة. هذا لا يعني أن المصممين لا يحاولون تغيير الوضع، بل العكس، يحسب لهم أنهم لا يتوقفون على إدخال بعض التطويرات والتغييرات في ما يتعلق بالألوان والنقوشات الجريئة، أو ابتكار بعض القطع الجديدة التي لم تكن ضمن خزاناته مثل الشورت القصير جدا.
العنصر الثاني الذي يشجع بيوت الأزياء على كسب ود الإناث أكثر، أن الطفلة الصغيرة ستكبر ويكبر معها ولاءها للماركة. أي قد يتطور ارتداؤها لصدرية من «غوتشي» وهي تتناول طعامها، إلى رغبة في اقتناء حقيبة يد من الدار وهكذا. فالعملية أشبه بتعليمها لغة جديدة يجب عليها أن تمارسها من دون توقف حتى تبقى ملمة بها ووفية لها.