توصيات طبية للحد من تكرار نوبات النقرس

إن الحد من ظهور نوبات التهاب المفاصل النقرسي المتكررة، يتطلب معرفة مستوى حمض اليوريك لديك وتناول جرعات مناسبة من الدواء اللازم.
النقرس هو مرض مؤلم في المفاصل، يصيب 3.4 مليون رجل أميركي. وكان يعرف، تاريخيا، باسم «داء الملوك» بسبب ارتباطه بزيادة استهلاك لحم الخراف وتناول النبيذ بين أفراد الطبقة الأرستقراطية، ولكن السبب الأساسي في الإصابة بهذا المرض أكثر بساطة وواقعية.

ظهور النقرس 

تحدث هجمات النقرس عندما تزيد نسبة حمض اليوريك، وهو مادة كيميائية تفرز في الجسم، لتصل إلى مستوى مفرط وتبدأ في تكوين بلورات في المفصل المصاب.. وهذا بدوره يسبب التهابا وألما حادا، أحيانا ما تصاحبه حمى وآلام في المفاصل، وغير ذلك من الأعراض الشبيهة بأعراض الإنفلونزا.
في عام 2012، أصدرت الكلية الأميركية لأمراض المفاصل والروماتيزم American College of Rheumatology (ACR) أول دليل للوقاية من النقرس وعلاجه. إذا كنت معرضا لخطر الإصابة بالنقرس، فإن المفتاح للهروب من الهجمة الضارية للنقرس أن تبقي مستوى حمض اليوريك في الدم أقل من 6 ملليغرامات لكل ديسيلتر، حسب اختصاصي أمراض الروماتيزم، روبرت شميرلينغ، أستاذ الطب المشارك بمركز «بيث إسرائيل ديكونيس» التابع لجامعة هارفارد. ويقول شميرلينغ: «إذا كنت تصاب بهجمات نقرس متكررة، فمن الجيد أن تعرف مستوى حمض اليوريك لديك».

حقيقة النقرس 

تحدث هجمات النقرس بشكل مفاجئ، مصحوبة بألم حاد، عادة ما يكون في مفصل واحد. ويعتبر الأصبع الكبير في القدم هدفا شائعا للنقرس. ومن الممكن أن يتسبب تراكم حمض اليوريك في هجمات النقرس. يفرز البعض كميات كبيرة من حمض اليوريك.
أما بالنسبة لآخرين، فتتمثل المشكلة في تدهور وظيفة الكلى، التي لا يمكنها أن تتعامل مع كمية حمض اليوريك الذي يتم إفرازه. وربما يسهم تناول الأدوية المدرة للبول الخاصة بعلاج ارتفاع ضغط الدم في حدوث النقرس أيضا.
ثمة أطعمة معينة يمكن أن تزيد من خطر الإصابة بهجمات النقرس. وتشمل هذه الأطعمة مواد كيميائية تعرف باسم «البيورين» purines، التي تتفكك في الجسم لتنتج حمض اليوريك. ومن أبرز أمثلة الأطعمة الضارة اللحوم الحمراء ومرق اللحوم والمأكولات البحرية والمشروبات الكحولية (خاصة البيرة).
علاوة على ذلك، فإن بعض الخضراوات ترفع نسبة حمض اليوريك، مثل الفاصوليا والبازلاء والعدس والسبانخ والهليون والقرنبيط وعيش الغراب. وقد ارتبط عصير الذرة المركز عالي الفركتوز بالإصابة بالنقرس.
ولكن الدور الذي يلعبه الغذاء ليس الأكبر؛ إذ أن نسبة تقدر بنحو 10 في المائة فقط من حمض اليوريك الذي يتم إفرازه في الجسم تأتي من الأطعمة. وفي حالة ارتفاع نسبة حمض اليوريك، لا يكون من المحتمل أن تساعد التغييرات في النظام الغذائي وحدها في خفضه إلى مستوى صحي. ويقول الدكتور شميرلينغ: «إنه ليس أسلوبا فعالا بدرجة كبيرة».
ولكن لا تتجاهل النظام الغذائي؛ إذ أن تقليل نسبة استهلاك البيرة إلى أدنى حد ممكن ربما يحد من هجمات النقرس. وفي حالة الرجال البدينين، يساعد فقدان بضعة أرطال من الوزن على الوقاية من هجمات النقرس. وثمة أدلة تشير إلى أن تناول الكرز بانتظام ربما يقلل إلى حد ما من خطر إصابتك بالنقرس، مع أنه ليس من الواضح على وجه التحديد مدى فائدته.

دور العلاج

ثمة إشارات بعينها تدل على الحاجة إلى علاج يومي مثل:

ظهور هجمات نقرس متكررة (مرتان أو ثلاث مرات سنويا)، وهجمات حادة يصعب السيطرة عليها، ونقرس مع تاريخ من الإصابة بحصوات الكلى، أو نقرس يؤثر على مفاصل عدة. يضيف التوجيه الجديد للكلية الأميركية لأمراض المفاصل والروماتيزم أن الإصابة بمرض في الكلى تشير إلى حاجة لأدوية لخفض نسبة حمض اليوريك.
كذلك، توجه الكلية بإعطاء جرعات أعلى من الأدوية المقللة لحمض اليوريك للنزول بمستوياته إلى أقل من 6.0 ملليغرام/ ديسيلتر. وفي الماضي، كان الأطباء يصفون جرعات ربما تكون منخفضة بشكل مبالغ فيه خوفا من تأثير الأدوية على وظائف الكلى.
وليس كل مصاب بالنقرس بحاجة إلى أخذ دواء يعمل على خفض مستوى حمض اليوريك، فلا يعتبر مجرد ارتفاع مستويات حمض اليوريك في الدم بمثابة محفز للإصابة بالنقرس، وبعض الناس تصيبهم هجمات نقرس بشكل غير منتظم وبإمكانهم السيطرة عليها بالمثل بأخذ دواء غير «ستيرويدي» مضاد للالتهابات خلال فترة النوبات.
«إذا كان النقرس يهاجمك كل عامين، وكانت الأدوية غير الستيرويدية المضادة للالتهابات تجدي نفعا دائما، فلا أعتقد أنك بحاجة لأخذ دواء يومي مدى الحياة»، هذا ما يقوله شميرلينغ.
لطالما كان «الكوليشيسين» Colchicine عنصرا أساسيا في علاج النقرس على مدى عدة أعوام. وتوصي الكلية الأميركية لأمراض المفاصل والروماتيزم بتناول جرعات صغيرة منه للمساعدة في التخفيف من حدة هجمات النقرس، مع أن الدواء يكون فعالا في علاج حالات ثلث الأفراد فقط خلال 24 ساعة.
وبمجرد أن يبدأ الشخص في تناول أدوية تعمل على تقليل حمض اليوريك على المدى الطويل، يمكن أن يساعد تناول «الكوليشيسين» في التقليل من احتمال حدوث هجمة نقرس على مدى الأشهر التي قد يحتاجها دواء خافض لحمض اليوريك لكي يأتي بمفعوله الكامل.
على الرغم من أن نظاما غذائيا منخفض البيورين لا يمنع بالضرورة رجلا معرضا للإصابة بالنقرس، من الهجمات المؤلمة لـ«داء الملوك»، فإن ثمة عدة أسباب جيدة أخرى تدعوك لتناول اللحوم باعتدال والتقليل من كميات المأكولات البحرية والبيرة.
ترتبط الأنظمة الغذائية التي ترتفع فيها نسبة اللحوم الحمراء بالإصابة بالسرطان وأمراض القلب. ربما لا يؤدي تناول أكثر من كأسين من البيرة أو أي من المشروبات الكحولية الأخرى إلى هجمة نقرس حادة في كل مرة، لكنها ليست عادة صحية بالنسبة للقلب، كما أنها تؤدي إلى زيادة الوزن. فضلا عن ذلك، فإنه ليس ثمة أي فوائد صحية لتناول مشروبات إضافية من المشروبات المحلاة بعصير الذرة المركز عالي الفركتوز التي نحتسيها من حين لآخر.