«ناسا» : تكلف شركة أبحاث بأنتاج طعام فضائي ثلاثي الأبعاد .. لرحلات الرواد إلى المريخ

أطباق بأنواع النكهات خاصة بكل رائد تعد بالطباعة المجسمة، ومن أهم الأصناف التي تستهدفها طابعة «سيستيمز آند ماتيريالز ريسيرش» البيتزا
أطباق بأنواع النكهات خاصة بكل رائد تعد بالطباعة المجسمة، ومن أهم الأصناف التي تستهدفها طابعة «سيستيمز آند ماتيريالز ريسيرش» البيتزا

لا توجد أي مشكلة أمام وكالة «ناسا» لإرسال روبوتات إلى المريخ، ولكن إذا رغبت وكالة الطيران والفضاء الأميركية في إرسال بشر إلى الكوكب الأحمر فعليها اكتشاف طريقة لتوفير الغذاء لهم خلال الرحلة التي تستغرق سنوات.
 
لذا موّلت الوكالة أبحاثا تأمل أن تتوصل إلى حل ذكي .. وهو طابعة ثلاثية الأبعاد تنتج الأطباق الرئيسة والحلوى بمجرد الضغط على الزر! وتشبه هذه الحالة أفلام «ستار تريك». مع ذلك يأمل العاملون على المشروع أن يتجاوز التطبيق حفلات البيتزا الفضائية، لأنه بالإمكان استخدام هذه التكنولوجيا أيضا لتغذية الجوعى على الأرض.
 
وتم اختيار شركة «سيستيمز آند ماتيريالز ريسيرش» للأبحاث في تكساس لتحصل على منحة قيمتها 125 ألف دولار من وكالة «ناسا» للفضاء لاختراع الطابعة ثلاثية الأبعاد التي تنتج طعاما مغذيا وله نكهة يناسب رواد الفضاء بحسب المقترح الذي تقدمت به الشركة.
 
وباستخدام «وصفة رقمية» تخلط الطابعات المساحيق لإنتاج الطعام الذي له تكوين وملمس ورائحة الطعام الحقيقي. وتم تقديم المشروع، الذي تخطط الوكالة للانتهاء من تفاصيله خلال الأسبوع الحالي، في قمة «إرسال البشر إلى الفضاء» التي عقدت في واشنطن بداية الشهر الحالي. 
 
وخلال عرض أوضح أنجان كونتراكتور، المهندس في «سيستيمز آند ماتيريالز ريسيرش» ومدير المشروع، كيف تكونت تلك الفكرة. لقد استخدم طابعة ثلاثية الأبعاد لطباعة شوكولاته من أجل زوجته.
 
ودفعت تجربة الشوكولاته الشركة إلى التفكير في إنتاج أنواع أخرى من الطعام يمكن طباعتها. ولم تخرج طابعة طعام الفضاء إلى حيز الوجود بعد وما زالت مجرد فكرة تأمل الشركة في العمل عليها والانتهاء منها بنهاية العام الحالي مستعينة بأموال المنحة التي قدمتها الوكالة لها.
 
النظام المعمول به حاليا في الغذاء الذي يتناوله رواد الفضاء غير كاف وغير مقبول لرحلة فضائية تستغرق خمس سنوات إلى المريخ أو أي رحلات فضاء أخرى طويلة كما أوضح ديفيد ستيتز، المتحدث باسم «ناسا»، في بيان عبر البريد الإلكتروني.
 
ويحمل رواد الفضاء طعاما معدا مسبقا وليس مثل الآيس كريم المجفف الذي يباع في محلات الهدايا، لكنه يشبه الوجبات الجاهزة التي يتناولها أفراد الجيش. ويفتقر هذا النوع من الطعام إلى النكهة، وهو معالج صناعيا بشكل كبير مما يتسبب في تحلل العناصر الغذائية الموجودة في الطعام على حد قول ستيتز. وبالطبع لا يوجد الكثير من الخيارات لأن الطعام معد مسبقا.
 
يمكن لهذا النوع من الطعام أن يسبب مشكلة إذا امتدت الرحلة إلى سنة أو ثلاث سنوات داخل كبسولة معدنية صغيرة. وأوضحت الشركة في مقترحها إمكانية إعداد الطعام ثلاثي الأبعاد بحيث يلبي الاحتياجات الغذائية لكل فرد من رواد الفضاء ويحسن صحته والأهم من ذلك يخفف من الملل والضجر.
 
من أهم الأصناف التي تستهدفها طابعة «سيستيمز آند ماتيريالز ريسيرش» البيتزا البسيطة. وتم اختيارها لاحتوائها على مجموعة متنوعة من العناصر الغذائية والنكهات على حد قول ديفيد إيرفين، مدير الأبحاث في «سيستيمز آند ماتيريالز ريسيرش».
 
الأهم من ذلك هو أن البيتزا مكونة من طبقات وهي سمة رئيسة من سمات تكنولوجيا الطباعة ثلاثية الأبعاد. وتنتج مثل هذه الطابعات، التي شهدت زيادة في الشعبية أخيرا، إنتاج أشياء ثلاثية الأبعاد من خلال إضافة طبقات متتالية من المواد ملايين المرات وفقا لدليل رقمي. ويستخدم الهواة مثل هذه الطابعات في عمل كل شيء بدءا من الألعاب البلاستيكية إلى المسدسات.
 
وطبقا لمقترح الشركة فإنه سيتم تخزين كل العناصر الغذائية التي ستدخل في الوجبة، مثل البروتين والكربوهيدرات، على هيئة مساحيق في خراطيش. وعندما يختار رائد الفضاء الوصفة التي يريدها يتم خلط كل المكونات اللازمة في وحدة خاصة وتمتزج بالماء والزيت، ثم يتم تسخين الخليط ورشه على قاعدة ساخنة. ويأخذ الطعام في التشكل طبقة بعد الأخرى على القاعدة إلى أن يصبح جاهزا وساخنا وطازجا من الفرن رأسا.
 
ويقول إيرفين «ما البيتزا إلا مثال لما يمكن أن تقدمه التكنولوجيا، فهي عجين في الوسط وشيء يشبه اللحم على السطح». نظريا يمكن لرائد الفضاء، الذي يشعر بحنين إلى الوطن التمتع بطعام والدته، فالطابعة تمتلك القدرة على الاتصال بالأرض وتلقي تعليمات شخصية أو وصفات على حد تصريح الشركة.
 
وقال كونتراكتور خلال عرضه «يمكن للأم تصميم كعكة على الكومبيوتر وإرساله إلى مركبة الفضاء بحيث يطبعه الابن أو الابنة في أعياد الكريسماس». وصرحت وكالة «ناسا» بأن المقترح مثير للاهتمام ومن أسباب ذلك قدرته على إنقاص الحمل على سفينة الفضاء، وكذلك لإمكانية استخدام هذه التكنولوجيا في صناعة أشياء أخرى مثل الأدوات.
 
ولا تعد فكرة استخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد في إعداد الطعام فكرة جديدة؛ ففي عام 2011 صممت جامعة كورنيل طابعة تستطيع طباعة الطعام باستخدام معاجين عبر إبر حقن. وعرضت شركة «تي إن أو» الهولندية للأبحاث فكرة استخدام الطابعات ثلاثية الأبعاد لأشكال مختلفة من الحياة العضوية مثل البروتينات أو الطحالب أو الحشائش أو حتى الحشرات.
 
وصرحت شركة «سيستيمز آند ماتيريالز ريسيرش» بأن أحد دوافعها للحصول على منحة وكالة «ناسا» هو تحقيق هدف أسمى يتمثل في مكافحة الجوع في العالم. وقال كونتراكتور خلال عرضه إن الطعام المطبوع يمكنه زيادة فعالية الأنظمة الغذائية على الأرض من خلال إنهاء وجود الفضلات وتسهيل تخزين ونقل المكونات الغذائية. كذلك تتصور الشركة طباعة الطعام لأفراد الجيش وهو ما من شأنه خفض الإمدادات والمؤن.
 
مع ذلك يحذر الخبراء من النظر إلى التكنولوجيا كحل لكل مشاكل العالم الغذائية. وقال غوين كريبك، مدير سياسات الأمن الغذائي والجوع في «أوكسفام أميركا»: «لا توجد تكنولوجيا ذهبية قادرة على حل كل مشكلات الجوع». وأكد ترحيبه بالفكرة التي تقبع وراء التكنولوجيا، لكنه لا يتوقع أن يكون لها تأثير على المدى القريب. وقال «التأثير المرجح هو تكنولوجيا أبسط مثل الاتصال بالجرارات والبذور».