لماذا يلجأ الرجل للزوجـة الرابعـة؟

بغض النظر عما أثاره مسلسل الزوجة الرابعة الذي لعب بطولته النجم المصري مصطفي شعبان إلا أن موضوع "الزوجة الرابعة" أمر واقع موجود في مجتمعنا العربي والإسلامي، حيث يستغل البعض الدين الإسلامي كمدخل لإرضاء متعهم الجنسية من "باب كله بما يرضي الله" مع أن الدين الحنيف غير ذلك، حيث اشترط رب العالمين "العدل" بين الزوجات منبها إلا أنه من الصعب علينا أن نعدل بينهن.
 
عذاب للمرأة
والزوجة الرابعة كموضوع هو عذاب للمرأة ما لم يكون برضاء جميع الزوجات ولأسباب معقولة من حيث المنطق حتي لا تعيش كل زوجة من الزوجات في حالة من العذاب وعدم الرضا الأمر الذي يؤثر علي حياة الأسرة ويجعل كل واحدة من الزوجات تعيش في "كابوس" أن يتم طلاقها أو "أن تنتظر ليلتها".
 
غيرة الزوجة علي زوجها
ويجب أن نعلم تماما إلى أي مدى تشعر كل زوجة بالغيرة على زوجها، ولا تقبل أبدا أن ينظر زوجها مجرد نظرة واحدة عابرة لامرأة غيرها ولو صدفة، ولا تقبل أيضا أن يتحدث بكلمة ثناء واحدة على أنثى سواها، هذه هي الصفات الحقيقية التي يمكن تصديقها في معظم نساء مصر علي وجه الخصوص، لكن محاولة إقناع النساء والرجال في مصر والعالم العربي بأن الزواج ثلاث مرات ليس فيه أدنى مشكلة إلا قليل من الغيرة المقبولة الصحـّية، وأن تلك الزوجات الثلاث لا ينتفضن ولا يغضبن إلا حين يسمعن خبرا عن قدوم الزوجة الرابعة، فهذا خيال لا يمكن تصديقه.
 
مقاصد التشريع
من مقاصد التشريع الأساسية في الإسلام الحرية والعدل، والله جل وعلا حـرّم الظلم والإكراه في أي شيء، وأي تصرف فيه ظلم أو إجبار للإنسان يكون باطلا، وبطبيعة الحال ينطبق هذا على الزواج لأنه يقوم على حرية الاختيار أو التراضي، ولو لم يتحقـق التراضي فهو زواج باطل، والعـدل قرين التراضي، ومن العدل حق المرأة في الخُلع أو الافتداء، إضافة لحقوقها في العدة ونفقة أولادها لو اختارت الانفصال، حتى في إجراءات الطلاق والانفصال التام بين الزوجين هناك استحالة في تحقيق العدل (وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ)النساء:136
 
والزواج مباح، والتعدد فيه مباح لكن جاء التعدد لحماية الأسرة والمجتمع وذكر التعدد في الزواج في حالات خاصة واضحة حيث تم توجيه التعدد ليكون في زواج الأرملة لتوفير بيت وأسرة وعائل لليتيم وأمه، وهنا تتجلى مقاصد التشريع في القرآن الكريم التي تجعل المحافظة على الإنسان من المقدسات، ولن يحدث هذا إلا بالمحافظة على الأسرة كنظام اجتماعي متكامل مترابط.
 
وحين تحدث القرآن الكريم في موضوع تعدد الزوجات جاء الحديث في سياق يشرح ويوضح ويبين كيفية التعامل مع الأيتام في المجتمع، ولم يأت الحديث عن تعدد الزوجات في سياق تشريعات الزواج بصورة محددة أو متخصصة، وهنا لابد من التوضيح بالآيات القرآنية يقول تعالى في أول سورة النساء يأمرنا بتقوى الله الذي خلقنا من نفس واحدة وخلق منها زوجها ويشير لنسل آدم وحواء ويوضح أهمية تقوى الله وصلة الأرحام وأن الله رقيب علينا (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَتَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) وفي الآية التالية يحذرنا من أكل أموال اليتيم التي نشرف أو نحافظ عليها كأوصياء وألا نبدل الخبيث من مالنا بالطيب من مال اليتيم (أو الحلال بالحرام) وألا نخلط هذا بذاك وأن يرد الأوصياء ــ على مال اليتيم ــ أمواله عليه إذا بلغ الحلم أو آنسوا منه رشدا (وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً) ثم الآية التالية تبين لكل الأوصياء على أموال الأيتام لو خاف أحدهم من الظلم فعليه بنكاح أمهم (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا)النساء:1 : 3.
 
غاية ما هنالك هو توجيه التعدد ليكون في زواج الأرملة لتوفير بيت وأسرة وعائل لليتيم وأمه، ورغم ذلك وضع تحذيرا يذكر الإنسان بأهمية العدل كأساس في مقاصد التشريع، وكذلك احترام حقوق المرأة التي سينكحها، وكذلك احترام حقوق زوجته الأولى وتوفير احتياجاتها هي وأولادها، لتحقيق العدل.
 
تساؤلات جديرة بالاهتمام 
لماذا الزوجة الرابعة فى حياه الرجل؟ ومتى يبحث الرجل عن الزوجة الرابعة؟ وهل المجتمع يوافق على حق الرجل فى زوجة رابعة أم لا؟ ولماذا ترتبط عند باقي الزيجات هذه الزيجة بإهدار كرامتها؟، كلها علامات استفهام محيرة للبعض، مقبولة من القلة القليلة ومرفوضة من العامة.
 
في البداية أعتقد أن الرجل يملك قلبا يستطيع أن يحوى بداخله أكثر من امرأة، وهي فطرة فطره الله عليها ووضعت فى جبلته لا باختياره وحيلته، ولذلك حلل الله له أربعا من النساء ولم يقتصر التحليل على امرأتين أو ثلاث فقط، بشرط الاستطاعة والقوامة والعدالة، فالمعيار الأول الذى يستند عليه ضمير الرجل هو حكم الله فى التعددية عند الرجل والتى أحلها الله لحكمة لا يعلمها إلا سواه فهو خالق النفس وهو خير عليم بما فى النفوس والصدور، وهو العليم البصير ولو كان هناك أى نوع من أنواع إهدار الكرامة للزوجة الأولى التى خلقها الله لما حلل الله التعددية فالله عدل وهو خير العادلين وليس النبي محمد عليه صلوات الله مثالا على ذلك فقط، ولكن أيضا صحابه الكرام، فمعظمهم جمع بين أكثر من زوجة وهم خيرة رجال الأم.
 
لماذا يلجأ الرجل للزوجة الرابعة؟
والأسباب عديدة عند الرجل لأخذ هذا القرار، فمنهم من يملك زوجة أصيلة جميلة وأم من الدرجة الأولى ومخلصة ووفية ومحبة لدرجة الجنون (وليس هذا فقط ما يحتاجه الرجل فى زوجته)، ولكنها رغم كل هذه الامتيازات فإنها أبت أن تكون له الصديقة والرفيقة والعشيقة أيضا، والرجل قد يحتاج للزوجة الصديقة أكثر من الزوجة التى تتعامل معه فقط من منطلق الزوجة العاملة والمكلفة، فالرجل يحتاج لمن تشاركه أفكاره واهتماماته، وقد يختلفا فى النقاش وتتعارض الأراء ويحتد الحوار، ولكن فى النهاية الاهتمامات والمواضيع واحدة حتى لو اختلفا فى الرأي ووجهة النظر، يحتاج الرجل لزوجة صديقة تتفهم هراءه أحيانا وجده أحيانا أخرى، تحمل من على عاتقيه هموم وأعباء الحياة ومشاكل العمل والزملاء ولو بشكل ظاهري، تمحو كل هموم حياته لو مس أصبعها جبينه.
 
ومن الرجال من يبحث عن زوجة ثانية لأن أولويات الحياة لدى الزوجة الأولى هي الأولاد والاستذكار لهم، وشئون المنزل والطعام والتنظيف، ولا يجد الرجل فى آخر اليوم من زوجته إلا الإرهاق والإعياء والحاجه للنوم والاسترخاء بعد عناء يوم طويل، وكأن الرجل فى المنزل مواطن من الدرجه الثانية عليه أن يرضى بالمقسوم ويحمد ربه. 
 
ومن الرجال من يبحث عن زوجة ليست متحفظة معه فى العلاقات الحميمة، ولا تغلق النور دوما فى غرفة النوم، ولا يتعامل معها كالمعاملة مع إشارات المرور فى الدول المحافظة على قواعد المرور، أو الزوجة الحشمة فى غرفة نومها وذات الثقافة العربية الأصيلة التى تقول: "كل شئ بين الزوجين عيب ماعدا أن ينجبوا أولادا" والزوجة التى لا التقاء بها إلا قبل موعد مسبق وكأنه ذاهب إلى عيادة طبيب الأسنان فإن تأخر فعليه أن يحدد موعدا آخر.
 
ومن الرجال من يفتقد الحب الرومانسى الحالم، الحب المجرد من المتطلبات والأعباء والالتزامات فهو يفتقد الكلمة الطيبة التى أحيلت إلى قاموس الذكريات، ويشتاق  لروعة الإحساس بمفعول كلمة الحب والغزل والشعر، من يفتقد رسالة على الموبايل من زوجة حبيبة، يفتقد الإحساس بالغيرة عليه والقلق على حياته وكلمات تشجيع الذات، ورسائل الحب والغرام، من يشتاق إلى هدية وكيفية صنع المفاجات من أجل تجديد الشباب والحياة، وبث روح جديدة فى نفسه، من يشتاق إلى ملهمة تلهمه أصدق كلمات ومعانى الحب.