«لوي فويتون» .. تستخدم "الخط العربي" لتوطد علاقتها بمنطقة الشرق الأوسط

ضمن مشروع «دار لوي فويتون» المعروف بعنوان «أوشحة الفنانين» foulards d’Artistes الذي تعاون فيه مع 3 فنانين في السابق هم اليابانية أيكو، والأميركي ريتنا، والبرازيلي أوس جيميوس، ها هي تتعاون مؤخرا مع فنان الغرافيتي والخطاط التونسي إل سيد، للغاية نفسها: مزج الفن المعاصر بالأناقة.
فبحكم جماليات الخط العربي، وما اكتسبه من قوة تأثير في عالم الموضة، قررت الدار الفرنسية أن توجه الدعوة إلى إل سيد لإعادة صياغة وشاح «لوي فويتون» الكلاسيكي، بالتركيز على الخط العربي والفن الغرافيتي على حد سواء.
وبالفعل استعمل إل سيد هذا التركيب الفني لتصميم واجهة المحل باستخدام 3 حقائب Alzer صلبة الجانب، أضفى عليها شاعرية وانسيابية رسائل الخط الغرافيتي بألوان مختلفة تزيد من الرغبة في اقتنائها، كشف عنها النقاب ضمن فعاليات «آرت دبي» الأخير.
ولم يخف سيد سعادته بهذا التعاون قائلا: «سعيد أن أزين هذا الوشاح الكلاسيكي بالخط العربي، ويسرني أن (لوي فويتون) رحبت بهذا المفهوم وأعطتني الضوء الأخضر لتنفيذه. عندما تلقيت الدعوة لهذا التعاون، لفتني الاقتراح ووجدته مثيرا للاهتمام.. يمكن القول إن الأمر بالنسبة لي كان يتلخص في نقل روح الشارع إلى علامة عالمية، وإلى طبقات مرفهة».
من جهتها، تقول دار «لوي فويتون» إن هذا التعاون تحصيل حاصل، فهو مهم ونابع من احترامها لمنطقة الشرق الأوسط حيث توجد منذ سنوات. وتعمل دائما على ترسيخ هذه العلاقة وتمتينها، وهذه المرة كانت الطريقة المثالية بالتعاون مع فنان من المنطقة لأول مرة، واستعمال الخط العربي وجمالياته، وفي الوقت ذاته صهره مع الفن المديني الذي يتخصص فيه الفنان ويتقنه جيدا.
تجدر الإشارة إلى أن الدار الفرنسية العريقة التي يعود تاريخها إلى عام 1854 لم تتوقف في أي من مراحل تطورها على تغذية العلاقة بين الحرفية العالية والتصميم والفنون؛ فقد تعاونت سابقا مع فنانين من أمثال ستيفن سبراوز ويايوا كوساما، وتاكاشي موراكامي، وأخيرا وليس آخرا ريتشارد برينس، وإن كانت الحقيقة التي لا يمكن إغفالها أن قوة هذا التعاون زادت في عهد مصممها الفني مارك جايكوبس، فهو منذ تسلم مقاليدها في عام 1997 وهو يؤجج هذا الجانب، ويعود له الفضل في استقطاب فنانين عالميين لوضع لمساتهم على الأزياء أو الإكسسوارات ونكهة ثقافتهم وأسلوبهم الفني الخاص.
في حالة الفنان إل سيد، نلاحظ كيف رفع شعار التسامح، والقبول، والوحدة، عائدا إلى علاقة الغرب والشرق الأوسط في القرن الثاني عشر في إيطاليا، أي إلى نوع من حوار الحضارات والأديان؛ فهذه الحقبة التاريخية، ورغم انعدام الثقة والشكوك حيال التأثيرات الإسلامية التي شهدتها، فإنها هي التي مهدت الطريق أمام التبادل التجاري والحضاري بين الغرب والشرق، حيث قاومت مدينة البندقية، التي كانت مركزا تجاريا عالميا آنذاك .. القيود المفروضة على التجارة مع الشرق الأوسط لتشكل نقطة مهمة للتبادل التجاري والثقافي والفكري بين الإمبراطوريتين المسيحية والإسلامية، فقد ركز سكان البندقية على أهمية كل هذه الجوانب من التبادل، متجاوزين الحدود، بصرف النظر عن العقيدة أو الثقافة. 
وهذه العناصر تحديدا هي التي عاد إليها الفنان إل سيد ليحييها ويقدمها لنا في أوشحة أو حقائب سفر بأسلوب فني عصري يصرخ بنبض الشارع من دون أن ينسى أن المرأة التي تتوجه لها الدار الفرنسية، وبالتالي هذه المنتجات، امرأة مرفهة تريد قطعا حصرية واستثنائية، لا بأس أن تتكلم لغة الشارع ما دامت تترجمه بشكل فني.

لمحة عن إل سيد 

ولد إل سيد في كنف عائلة تونسية في ضواحي باريس، وأمضى سنواته الأولى جامعا بين ثقافات ولغات وهويات مختلفة. وقد ساعدت ثقافته في مجال الغرافيتي الفرنسي على تغذية أسلوبه الفني، وما لبث أن جمع عشقه للخط العربي بميله لفن الشارع ليزيده تميزا. 
وبما أنه لم يتلق أي تدريب رسمي في مجال الفنون الجميلة، فإنه نمى موهبته في الشوارع، وصقل مهاراته بفضل رغبته الشخصية في المضي قدما، بعد أن تخصص في دراسة إدارة الأعمال وفترة عشر سنوات قضاها في عالم الأعمال.
والآن، يمكن مشاهدة أعماله على الشوارع وفي المعارض في مختلف أرجاء العالم من ملبورن إلى لندن، ومن باريس إلى فرانكفورت، مرورا بسان فرانسيسكو، وشيكاغو، وتورونتو، ودبي، والدوحة وتونس طبعا.
مشاريعه الأخيرة دفعت به إلى جنوب تونس، حيث أشرف على رسم أطول منارة في البلاد، وإلى جنوب أفريقيا حيث رسم في أحد أبرز أحياء الفقراء، وفي أستراليا جال البلاد عاملا مع الطلاب والمنظمات المحلية. أما حاليا، فهو يعمل في الدوحة في قطر، على أحد أهم مشاريعه في الجداريات لصالح هيئة متاحف قطر.