علاقة ظاهرة بين التهاب اللثة وسرطان البنكرياس

تعتبر بكتيريا الفم من أكثر أنواع البكتيريا المرضية عنادا، وخفية على العلوم الطبية. وقدر الخبراء عدد أنواع هذه البكتيريا بأكثر من 700 نوع. المقلق في هذه البكتيريا، وفي نشاطها ودورها المرضي، هو أن العلم فشل حتى الآن في سبر غور 35% من أنواعها، وزرعها.
البكتريا والبنكرياس
وتتحدث دراسة علمية جديدة، أجراها علماء ألمان وأميركيون، عن دور ظاهر لبعض أنواع البكتيريا المسببة لالتهاب اللثة، في نشوء سرطان البنكرياس
وهو نوع قاتل من الأمراض، بل إن الالتهاب الحاد في البنكرياس، يكفي لقتل إنسان بالغ خلال ساعتين. وتوصل العلماء إلى أن الأجسام المضادة، التي يكونها الجسم دفاعا عن نفسه ضد بعض أنواع هذه البكتيريا، يساهم مباشرة في رفع مخاطر الإصابة بسرطان البنكرياس.
وقد نشرت مجلة الطبيب الألمانية في عددها لشهر أكتوبر (تشرين الأول) نتائج الدراسة، وتحدثت عن مشاركة العلماء الألمان والأميركيين في دراسة تندرج تحت نشاطات «ايبك»European Prospective Investigation into Cancer and Nutrition(EPIC)»، وتوفرت لديهم عينات من دماء 390 ألف إنسان من أصل 519978 مريضا ممن شملتهم الدراسة.
وكانت عينات الدم، التي كشفت عن وجود إصابات بسرطان الدم بين هؤلاء المشاركين تبلغ 578 عينة. وأخضع الأطباء 468 عينة من دماء هؤلاء إلى الفحص المختبري بحثا عن أجسام مضادة غريبة.
واعتمدت النتيجة، في نهاية المطاف، على تحليل معطيات 405 مرضى من مجموعة سرطان البنكرياس، ومعطيات 416 مريضا من مجموعة مقارنة.
ارتفاع خطر السرطان
انحصرت شكوك الأطباء في الأجسام المضادة ضد 25 نوعا من أنواع بكتيريا الفم «المجهولة» رفعت نسبة الإصابة بسرطان البنكرياس مرتين (200%).
واتضح في نهاية الفحوصات أن الأجسام المضادة ضد عائلة: «بورفيروما جنجيفالس ATTC53978»، تعمل بالضبط ضد هذا النوع من البكتيريا، لكنها ترفع في ذات الوقت مخاطر الإصابة بسرطان البنكرياس.
وكشفت الفحوصات المختبرية المتواصلة على هذه العينات أيضا أن عينات الدم، التي احتوت على معدلات عالية من الأجسام المضادة لبكتيريا الفم غير المرضية، أشارت إلى انخفاض نسبة سرطان البنكرياس بين أصحابها بنسبة - 45%
وهذا يعني أن البكتيريا غير المرضية لعبت دورا مناهضا لدور البكتيريا المرضية، وخصوصا بكتيريا «بورفيروما جنجيفالس ATTC53978». 
وأكد الأطباء في المقال أن هذه النسب تم قياسها في عينات الدم قبل 10 سنوات من تشخيص إصابة المرضى بسرطان البنكرياس، وهذا يجعل من المستحيل تأويل ارتفاع نسبة هذه الأجسام المضادة كنتيجة للسرطان نفسه. جدير بالذكر أيضا أن بعض أنواع بكتيريا الفم، المرضية وغير المرضية، تم العثور عليها، في دراسات أخرى، في المعدة والأمعاء. 
ودفع هذا الاكتشاف الأطباء للربط بين التهاب البنكرياس المزمن وهذه البكتيريا.
وعثرت دراسات أخرى على عينات من بعض أنواع بكتيريا الفم في بطانة الأمعاء الدقيقة وفي أنسجة البنكرياس الملتهبة. وثارت الشكوك حينها حول دور مساعد لهذه الالتهابات البكتيرية في النشوء المستقبلي للخلايا السرطانية في البنكرياس.
مجلة «الطبيب الألماني» نقلت أيضا رغبة الأطباء، الذين أجروا دراسة «ايبك»، في إجراء المزيد من الدراسات بغية التوثق من النتائج، وبرروا ذلك بكون دراستهم هي الأولى في هذا المضمار. وربما قد تفتح دراسة إضافية، حول علاقة بكتيريا الفم «بورفيروما جنجيفالس ATTC53978» بسرطان البنكرياس، الطريق أمام إنتاج أجسام مضادة للأجسام المضادة التي تسببها، ومن ثم التمهيد لإنتاج أول لقاح ضد هذا النوع من الأورام السرطانية.
ويضاف 12800 مريض جديد بسرطان البنكرياس سنويا إلى قائمة المعانين من المرض في ألمانيا. ويبلغ معدل عمر المصابين بين 68 سنة (رجال) و75 سنة (نساء). ويقضي المرض على المريض عادة خلال نصف سنة، مع بعض الحالات القليلة التي عاش فيها بعض المرضى لمدة سنتين تلت الكشف عن الإصابة.