منزل بلون الضباب والدخان .. يجسد معرض فني

صغر مساحته لم يمنع صاحبيه من تصميمه على شكل معرض فني يجسد رؤيتهما
صغر مساحته لم يمنع صاحبيه من تصميمه على شكل معرض فني يجسد رؤيتهما

أثناء التجول في أرجاء المنزل العصري ذي التصميم الأنيق، الذي يملكه الصديقان هنري أوروباك وستيفين هارتمان، يكتشف الزائر أن أي قرار في ما يتعلق بالتصميم، بدءا من شراء الأثاث إلى تركيب إكسسوار داخلي صغير، لم يتخذ دون تفكير وفحص شديدين. وعندما تبدي إعجابك بالحوائط ذات اللون الرمادي الخفيف، سيكون ردهما أنهما اختارا اللون الرمادي بدرجاته المتنوعة لأنه يتناسب مع ظلال الضباب التي شاهدها الاثنان ذات يوم أثناء تجولهما بالقرب من بلدة بوينت رييس ستيشن في ولاية كاليفورنيا.
 
وعلى سبيل فتح الحوار، سوف تقول: إن ذلك التصميم المطبوع على المدفأة لطيف، لتتفاجأ بالرد على أنه مستوحى من الأشجار الموجودة في حديقة «بينوا فسيتا بارك» على الجانب الآخر من الشارع، وتم على يد رسام الوشم الذي حفره مباشرة في الفولاذ المطلي باللون الأسود. 
 
يوضح أوروباك: «إن نقوش الأرابيسك المطبوعة على المدفأة تمتد من الفكرة الجمالية الرئيسية في المقعد الطويل المجاور ثم تنتشر في أنحاء المدفأة مثل خيوط الدخان. هذا النمط مستمد من الأشجار الكثيفة البرية تقريبا على الجانب الآخر من الشارع».
 
وقد تعامل أوروباك، (49 عاما)، الذي كان حتى وقت قريب مسؤول التصميم والعمارة في «متحف سان فرانسيسكو للفن الحديث»، وشريكه الدكتور هارتمان، (52 عاما)، وهو محلل نفسي، مع تصميم المنزل كما لو كان معرضا فنيا تصوريا يجسد رؤية اثنين من الفنانين.
 
فالمرايا الكثيرة التي تملأ الشقة لم توضع كي يتأمل المرء أناقته أو لتوحي باتساع المكان، بل لأنها «تزيد العلاقات المكانية تعقيدا»، حسب ما يوضح أوروباك.
 
خزانات الملابس أيضا ليست مكانا لحفظ السترات القديمة من أيام الجامعة، بل يكمن دورها في «تضخيم وتخفيف العلاقة بين عرض الأشياء وتخزينها» حسب ما يؤكد.
 
ولكن، ماذا عن أغرب عنصر في الشقة، وهو مرحاض من البورسلين معلق في أحد الحوائط؟ هل نسيا أنهما داخل منزل سكني وليسا في ملعب رياضي؟ يأتيك الرد من أوروباك بأنها قطعة منحوتة للفنان أليكس شويدر، وأنهما قاما بتثبيتها بالقرب من المطبخ من أجل «الخروج على تقاليد الحياة المنزلية».
 
ويضيف: «ربما يبدو هذا نوعا من التهور، وقد كان كذلك فعلا، لكنه في الوقت ذاته كان شيئا مختلفا ، لقد تلاعبنا بهذه الأفكار، وبالتالي جاء ليعكس كيفية استمتاعنا بالمنزل». 
 
اشترى الصديقان الشقة الواقعة في الطابق الثاني وسط منطقة جنوب حي هايت أشبوري التي تحيط بها تلال، لأنها أعجبا بها منذ زمن طويل، خصوصا أنها تتمتع باستوديو منفصل أيضا.
 
دفعا مقابل الحصول عليها 950 ألف دولار عام 2006. 
 
وعلى مدار الأعوام الخمسة التالية، استعانا بدوغلاس بيرنهام، وهو مهندس معماري محلي، وأنفقا 140 ألف دولار أخرى من أجل تغيير ديكورات المنزل الذي يعود تاريخه إلى ثمانينات القرن التاسع عشر.
 
على يد دوغلاس بيرنهام، تحولت الحوائط الصفراء المبهجة إلى اللونين الرمادي والأبيض، واستعيض عن مدفأة تحتل مساحة كبيرة بنموذج أصغر حجما وأكثر أناقة، كما تمت إضافة حجيرة تخزين تمتد من الأرضية حتى السقف في غرفة المعيشة، وهي مزودة ببراعة بباب يدور على محور.
 
ولأن الشريكين من هواة الفنون والتصميم، فقد ملآ الشقة بأعمال لماورو ريستيفي وتوبياس وونغ وريوتا أوكي، إلى جانب قطع أثاث كلاسيكية مثل ثريا أنيقة صممها كارلو سكاربا في ستينات القرن العشرين، تتدلى فوق مائدة الطعام. 
 
وبهذا الفن الرائع والتصميم الحديث - الذي يشمل غرفتي نوم وخزانة ملابس تم تحويلها إلى غرفة مكتب صغيرة بإجمالي مساحة يقترب من 1400 قدم مكعبة - يرى الدكتور هارتمان أن مساحة الطابق الثاني تصلح لأن تكون «شقة نيويوركية رائعة في مدينة خضراء».
 
وهو متحمس جدا لها إلى درجة أنه في بعض الأحيان لا يستطيع منع نفسه عن مقاطعة أوروباك.
 
بعد عقدين قضياهما في نيويورك، انتقل أوروباك إلى سان فرانسيسكو بعد حصوله على منصبه في المتحف، وخلال العام الأول ظل الدكتور هارتمان في نيويورك.
 
وبحكم أن هذا الأخير كان يزور شريكه بين الفينة والأخرى، أعجب بأسلوب الحياة في كاليفورنيا، مما جعله ينتقل إليها بصفة دائمة. 
 
والآن، وبعد أن أعلن المتحف نيته إغلاق أبوابه بداية لمدة عامين ونصف من أجل إجراء توسعات، يقول أوروباك إنه قرر أن يترك وظيفته قبل ذلك ليتولى منصب مدير في الموقع الطبيعي «فيليب جونسون غلاس هاوس»، وهو يعيش في هذا العقار الواقع في بلدة نيو كينون بولاية كنيكتيكت، وكل بضعة أسابيع يزور البيت القديم، حيث لا يزال الدكتور هارتمان يعيش في الساحل المقابل من الولايات المتحدة.
 
ويقول الدكتور هارتمان: «أحيانا أقول إننا نمتلك منزلا في المدينة ومنزلا في الريف، وكل ما في الأمر أنه تفصل بينهما 6 آلاف ميل».