«بياجيه» .. مجوهرات تتكلم لغة كل زمن

يقال إن كل شيء قديم في عصره جديد، لكن عندما يكون هذا القديم تحفا فنية، فإنها تتحدى الماضي والحاضر والمستقبل وتجعل مسألة الوقت بلا معنى. فهي في هذه الحالة، تكتسب دور الملهم كما تصبح الشهادة لأي دار بأنها قوية ومبدعة. هذا ما تحاول الكثير من بيوت الأزياء والمجوهرات التأكيد عليه، من خلال تركيزها على إرثها واحتفالها بماضيها الذي لا يزال براقا ومضيئا. 
هذه الالتفاتة إلى الماضي عرفت أوجها بعد الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالعالم في عام 2008، حيث أظهر كل من يعمل في مجال المنتجات المترفة رغبته في العودة إلى جذوره ليقوي حاضره ويرسم خطوط مستقبله. 
دار «بياجيه» واحدة من هذه البيوت العالمية، التي رأت أن أفضل وسيلة لتسليط الضوء على تاريخها المجيد أن تترك الكلام لإبداعاتها، من خلال معرض أطلقت عليه عنوان Piaget Time Gallery. المعرض أقيم أولا في محلها الواقع بجنيف قبل أن ينتقل إلى هونغ كونغ وشانغهاي.
كل قطعة في المعرض تختزن أسرارا مثيرة في فن الصياغة والخبرات المختلفة. كما أنها تكشف عن أهمية الدار ومكانتها كواحدة من أهم الدور في صناعة الساعات وصياغة المجوهرات. فرغم أنها بدأت كدار ساعات قبل أن تتوسع إلى جانب المجوهرات، فإنها برهنت على قدرتها على الجمع بين الاثنين والتفوق على نفسها أحيانا. 
نظرة إلى ما يضمه المعرض تجعل العين حائرة أي زمن ولدت فيه هذه التحف؟ فهي ليست كلاسيكية بل جريئة، ومع ذلك لا تنتمي إلى تاريخ معين، وأي واحدة منها يمكن أن تزين معصم أي رجل، أيا كان أسلوبه الخاص، أو تثري صندوق مجوهرات أي امرأة محظوظة بالنظر إلى جمال تصاميمها وصفاء أحجارها وترف معادنها.
نظرة ثانية تؤكد أيضا أنه من حق «بياجيه» أن تعود إلى تاريخها لتحتفل به من جهة، ولتبرهن أنها دار مجوهرات متمكنة من أدواتها من جهة ثانية. فحتى ساعاتها تتحول إلى قطع مجوهرات مثل ساعتين من طراز «لايملايت توايس» و«لايملايت دانسينغ لايت».
وعلى ذكر الساعات، فإن دار «بياجيه» من أوائل الشركات التي برعت في طرح الساعات النحيفة التي لا يتعدى سمكها الميليمترين أحيانا بفضل تصميمها حركة من طراز (9P) منذ عدة عقود.
وعندما توسعت إلى تصميم المجوهرات سجلت أيضا سبقا في جرأة التصميم واستخدام الألوان المتنوعة لتضفي على مجوهراتها حيوية وحركة. فقد كان إيف بياجيه، كخبير في الأحجار الكريمة، مصمما على إبراز مجموعة المهارات التي تتقنها الدار في حقل الساعات والمجوهرات على السواء، ونجح في تحديه.
فمن تصاميم الستينيات الرقيقة إلى الصياغة الراقية في التسعينيات، تقدم التصاميم الموجهة للمرأة أسلوبا جريئا وراقيا من الأناقة، من دون أن تنسى الدار أنه من حق الرجل أيضا أن يحظى بساعات مميزة قلبا وقالبا، وبالتالي انتبهت إلى أهمية الحركة والوظائف المعقدة التي يطلبها تغذي شغفه بآخر التقنيات، وفي الوقت ذاته زينت الموانئ بالأحجار شبه الكريمة مثل العقيق اليماني أو الفيروز أو الأوبال وغيرها، لتأتي النتيجة مزيجا بين الجرأة والكلاسيكية.
بالطبع يعود الفضل في صياغة هذه التحف إلى حرفيي الدار المهرة، فهم الذين احتسبوا بشكل دقيق أين سيثبتون الجواهر، وعدد الجواهر في النموذج الذي أوكل إليهم العمل عليه. هم أيضا من أحدثوا التقطيعات وحرروا التعريقات وثبتوا الجواهر داخل المعدن للكشف عن تلألؤ الأحجار الطبيعي وإبراز كمالها. لهذا كان طبيعيا أن يوصل معرض «سحر المجوهرات» هذه الرسالة ببلاغة.