باريس تتألق بالماس والذهب في أسبوع باريس للـ «هوت كوتير» لشتاء 2012

منذ عدة مواسم دخلت دور المجوهرات عالم «الهوت كوتير» بالمعنيين الفني والحرفي للكلمة؛ المعنى الفني يتجسد في قطع فريدة من نوعها وبتصاميم مبتكرة، تتحول بين عشية وضحاها إلى استثمار يمكن أن يجد طريقه بسهولة إلى المزادات العالمية، والمعنى الحرفي أنه أصبح لها يوم خاص هو اليوم الأخير من أسبوع الـ «هوت كوتير» للأزياء، حيث تكون فيه البطل الرئيسي.
في هذا اليوم تفتح «بلاس فاندوم» أبوابها للمشترين ووسائل الإعلام لاستعراض جديدها، رغم أنه في حالات كثيرة يكون هذا الجديد قد بيع وليس ملكها، لكن الزبونة التي حصلت عليه تأخذها سكرة الفرح والسعادة بحصولها عليه، فتقبل أن تتركه للدار لفترة حتى تستعرض هذه الأخيرة من خلالها، حرفيتها وفنيتها. 
وهذا ما حصل بالنسبة لمجموعة «ديور» الجديدة (دير ديور) Dear Dior التي تعود بنا إلى الخمسينات، الحقبة التي ولد فيها مفهوم جديد للفخامة مع السيد كريستيان ديور. مفهوم يتركز على الفساتين الدرامية التي كانت تحتاج إلى مجوهرات تكملها، وقدمها في ذلك الوقت على شكل إكسسوارات تبدو وكأنها مجوهرات حقيقية.
مصممة الدار للمجوهرات الراقية فكتوار دي كاستيلان، عكست الأمر ولم تستعمل سوى الأحجار الكريمة، وإن استلهمت تصاميمها من أسلوب المؤسس، سواء من ناحية الأشكال الضخمة التي طبعت فساتينه أو من ناحية تطريزاتها المبتكرة وأقمشتها المترفة. هي أيضا صاغت كل قطعة وكأنها دانتيل رصعته بالأحجار الكريمة، وكانت النتيجة أن أي قطعة فيها لا تكمل الأزياء فحسب، بل تضاهيها بريقا وجمالا.
دار «شانيل» لا يمكن أن تقبل بعرض بسيط، خصوصا فيما يتعلق بمجموعتها الحالية التي عادت من خلالها إلى عام 1932، وأول تشكيلة طرحتها الآنسة كوكو شانيل. تشكيلة أثارت حينها كثير من الجدل والغضب؛ إذ تكاتف ضدها كل الصاغة الكبار على أساس أنها مصممة أزياء وليست مصممة مجوهرات، وإن لم يعترف أي منهم، في ذلك الوقت، بأن الدافع للهجوم عليها كان أيضا الخوف من إبداعها الذي لا يعرف حدودا ومنافستها لهم في عقر دارهم. 
احتفاء بتلك المجموعة وبميلادها الـ 80 طرحت الدار 80 قطعة في متحف «برانلي» Musee Branly، الذي تحول سقفه إلى سماء بظلمة الليل تخترقها النيازك والنجوم، التي استلهمت منها الآنسة شانيل كثير من تصاميمها. إلى جانب الماس، الذي كان الحجر الوحيد في مجموعة 1932، استعملت الدار هذه المرة الأحجار الكريمة بشتى الألوان، إلى جانب اللؤلؤ في تصاميم تؤكد عبقرية الدار عندما يتعلق الأمر بالتصميم.
مثل «شانيل»، كانت «فان كليف أند أربلز» تحتاج إلى مساحة أكبر لعرض مجموعتها «باليه دو لاشونس» Palais de la Chance، لهذا تم عرضها في «باليه دو طوكيو» الذي تم تقسيمه إلى غرف متعددة كل واحدة منها تحكي حكاية صاغتها بأجود أنواع الأحجار وبتيمات مختلفة.
فقد كان هناك قسم مخصص للكائنات الحية من الضفادع، وأحصنة البحر، ووحيد القرن إلى الفراشات، واليعاسيب .. وغيرها من الكائنات التي تتفاءل بها ثقافات كثيرة من قديم الزمان وإلى الآن.
 
هناك أيضا قسم خاص بالنجوم، وآخر بالفواكه مثل الفراولة، المهم أن تثير الصورة إحساسا إيجابيا، لأن تيمة العرض كانت مقولة لجاك أربلز تقول: «إذا كنت تريد أن تكون محظوظا فيجب أن تؤمن بالحظ» .. المشكلة هنا أن الحصول على هذه التعويذات المبهرة يحتاج أيضا إلى حظ.
«بوشرون» قدمت مجموعة «لاغتيزون دي ريف» L›Artisan du Reve عادت فيها إلى جذورها مثل عقد يبدو وكأنه إيشارب ملفوف أو ربطة عنق مرصعة بالماس والسفير. استعملت أيضا اللؤلؤ وبأحجام وتصاميم مبتكرة، مثل قطعة تبدو وكأنها كرة تنس إلا أنها تفتح من الجانبين لتتحول إلى سوار ضخم وبروشين، وبداخلها يوجد عقد من اللؤلؤ والأوبال والماس يمكن شبكه مع البروش واستعماله طويلا وقصيرا حسب الرغبة.
«شوميه» بدورها عادت إلى إرثها واستعرضت، إلى جانب العقود والأطقم وأقراط الأذن، أشكالا وأنواعا من التيجان، حتى لا ننسى أنها الدار المتخصصة في هذه القطعة التي بدأت تزين رؤوس الأنيقات، حتى وإن لم يكن من أفراد عائلة مالكة أو عرائس.
وتبين أن هذه القطعة أيضا يمكن تفكيكها وارتداؤها إما بشكل بسيط على شكل طوق أو على شكل تاج تتوسطه ماسة ضخمة أو ريشة عالية. أحيانا تتحول الماسة إلى بروش، مما يجعل للقطعة الواحدة استعمالات كثيرة تبرر سعرها، وتتيح للمرأة فرصة اللعب بها بحسب أسلوبها. 
تجدر الإشارة إلى أن هذا التوجه التفكيكي لخلق وظائف ووجوه متعددة للقطعة الواحدة تكرر أيضا لدى «بوشرون» و«شانيل» التي كانت أول من طرحت تاجا على أوراق ريش يمكن استعماله أيضا كبروش.