تليفزيون المستقبل .. شاشة تغطي جدران الغرفة حولك

الأسلوب الذي سنشاهد به التلفزيون مستقبلا سيتغير بصورة جذرية .. ابتداء من اليوم، الشاشة التلفزيونية المتفاعلة الشبيهة بقطع الآجر المتراصة المسماة «وولبايبر»، أي «ورق الجدران»، ستهيمن على الغرفة، حيث تلتف الشاشات حولك على الجدران، لتسيطر على الرؤية المحيطية للعينين لإنتاج تجربة غامرة فعلا. والأكثر من ذلك، سيكون بمقدورك استخدام جزء من الشاشة، أو كلها، لأغراض العروض المختلفة، والأفلام السينمائية، وصفحات الإنترنت، و«تويتر».
ولكن كيف سيجري تنظيم كل هذا على الشاشة الكبيرة والتحكم به؟ 
هذا هو السؤال الذي تقول عنه «نيوز ديجتال سيستمس» (NDS) إنه يتوجب على المذيعين توجيهه خلال العقد المقبل، عندما يصبح التلفزيون الذي يغطي الجدران واقعا حقيقيا يتجاوز آلات العرض الخافتة الضوء، ذات التحديد المنخفض، أو الشاشات الافرادية المسطحة العملاقة التي تستهلك الكثير من الطاقة، «إذ إن من المدهش كيف أن الخيال العلمي قد طرح توقعات دقيقة حول اتجاه التقنية التلفزيونية المستقبلية»، استنادا إلى سيمون بارنول نائب رئيس قسم التقنيات في «NDS» في ستاينس في المملكة المتحدة.
شاشات ممتدة 
من الأفكار الأخيرة ما يسمى «السطوح»، التي تقوم على الحقيقة القائلة بأن الجيل المقبل من الشاشات التلفزيونية المسطحة التي ستعتمد على شاشات الصمام الثنائي المشع للضوء العضوي (OLED) سينخفض سعرها خلال السنوات الخمس إلى العشر المقبلة بمعدل كبير.
ولصفائح شاشات «OLED» مزية كبيرة، فهي خلافا لشاشات البلور السائل (إل سي دي) ليست بحاجة إلى إضاءة جانبية، بحيث يمكن لمساحة عرض الصورة على الشاشة أن تمتد حتى حافتها. أي أنه يمكن وضعها جنبا إلى جنب، لإنتاج شاشة مستمرة.
«وبذلك سيكون بإمكاننا أن نجعل من تقنية شاشة (OLED) المسطحة هذه شبيهة بقطع الآجر. وهذه يمكن تحويلها إلى أي شكل، وليست مربعة فحسب»، كما يقول بارنول.
ومن المقرر أن يصل التلفزيون الأول من طراز «OLED» بقياس 1.4 متر من إنتاج «إل جي إلكترونيكس» و«سامسونغ» إلى الأسواق في وقت لاحق من العام الحالي. ويقدر أن يبلغ سعره نحو 8000 جنيه إسترليني في البداية، وفقا لجون كيمبنر من قسم المبيعات التلفزيونية والفيديو في محلات جون لويس بالمملكة المتحدة. 
لكنه يعتقد أن السعر سينخفض إلى 3000 جنيه إسترليني خلال عامين، وإلى 1000 جنيه أو أقل خلال خمس إلى 10 سنوات من الآن، بالنسبة إلى بعض الأنواع.
وعن طريق استخدام ست لوحات «OLED» قامت «NDS» بتركيب شاشات نموذجية أولية قياس 3.6 × 1.4 متر، التي عند عدم استخدامها تعرض نموذج الجدار الواقع خلفها. 
«وهي بيئة تحيط بك»، استنادا لبارنول، إذ يقوم خادم فيديو بدفع محتويات عالية الوضوح والتحديد إلى الشاشة، تحت سيطرة متصفح عادي موجود على الهاتف الذكي، أو كومبيوتر المستخدم الذي يتيح للأشخاص أن يختاروا موقعا على الشاشة يعرضون عليه الفيديو، أو صفحة الإنترنت، أو مواقع التواصل الاجتماعي، أو «سكايب». 
وبعض تلفزيونات اليوم يمكن التحكم بها عن طريق تطبيق، بالإضافة إلى أداة التحكم عن بعد، كما يقول كيمبنر.
وعرضت الشاشات النموذجية هذه برنامجا تلفزيونيا هو «إكس فاكتور» في وسطها، مع محتويات إنترنت تخص الأفراد المتنافسين المشاركين بالبرنامج إلى اليمين، مع عدد الأصوات التي فاز بها كل متنافس في الأسفل، وتعليقات الناس وردود فعلهم على «تويتر» على اليسار. 
وبمقدور المشاهدين أن يختاروا مدى الانغماس الراغبين فيه، بحيث يمكن للعائلة مثلا أن تجعل الفيلم السينمائي الذي تشاهده يغطي غالبية الشاشة، مع إبقاء القليل منها في الأسفل لتعليق وسائط الاعلام، أو اختيار صيغة أخرى، مع إبقاء القنوات الصوتية تبث لا سلكيا لكل هاتف، أو سماعة رأس عائد للمشاهدين.
نظم إبداعية 
وليست «NDS» وحدها التي تعمل على تغيير نمط مشاهدة التلفزيون، بل هنالك دانيال نوفي ومايكل بوف من معهد ماساتشوستس للتقنية (إم آي تي)، اللذان يقومان بتطوير نظام يدعى «إنفينتي باي ناين».
ويقول بوف:
«نحن نستغل بعض جوانب الإدراك الحسي، لأن الرؤية المحيطية ليست حساسة للتفاصيل، بل للحركة فقط، كما أن الدماغ يرغب باستمرار في تفسير ما يراه النظر المحيطي، أو المركزي».
وهما يستخدمان برنامجا للرؤية الآلية لتحليل الفيلم السينمائي، وبالتالي توليد نمط متحرك منخفض التحديد، يشبه الصورة على الشاشة، بالزمن الحقيقي. وهذا يجري بثه إلى الجدران المحيطة والسقف.
«وليس من المفترض أن يتطلع المشاهد مباشرة إلى الصور التي جرت إضافتها، لكن وجودها يعزز من الإحساس الإدراكي للانغماس الكلي، إضافة إلى ما تعرضه الشاشة»، وفقا إلى بوف.
وهذا يؤدي المهمة لأن حساسية الحركة في تلك الهوامش البصرية تبقى قوية، لدى تلاشى إدراك اللون والتفاصيل في الرؤية المحيطة، وبذلك يتوجب على «إنفينتي باي ناين» ببساطة تحريك نمط التحديد المنخفض، بالسرعة ذاتها لسرعة الصورة الرئيسية، لتعزيز شعور المشاهدين في إطار الانغماس بالمحيط الكلي.
«وبينما التأثير قد يكون الأقوى من موقع النظر المركزي، إلا أنه يظل قويا أيضا من مواقع الجلوس الأخرى. فلدينا الكثير من أرائك الجلوس في الغرفة، حيث يعمل هذا النظام. ولدى تركنا للفيلم دائرا يعمل، غالبا ما نعود لنرى الأشخاص لا يزالون جالسين عليها جميعها، وعلى الأرض أيضا»، كما يقول بوف لمجلة «نيو ساينتست» البريطانية.
ومع ذلك فإن الكثير من المعلومات قد تكون مشتتة للتركيز، وهذا ما جعل فلانتين هيوين، الباحث الآخر العامل على النظام ذاته، يصف الأمر بـ«الفضاء البؤري» الذي يستخدم كاميرات العمق «مايكروسوفت كينيكت» لتحسس الوجهة التي ينظر المشاهد إليها، وبالتالي تعزيز لون الصورة وتباينها ديناميكيا عن طريق جعل أجزاء الصورة تلك أكثر وضوحا وسهولة للتركيز عليها.
وبمقدور كاميرات «كينيكت»، والنظم المشابهة لها، التحكم أيضا بسطوح «NDS» بحيث تضفي عليها ربما المزيد من التحكم، أكثر من التطبيق. فـ«سامسونغ» باتت تسمح سلفا بقيام الصوت والإيماءات بعمليات التحكم في أجهزتها الأخيرة من التلفزيونات الذكية «إي إس8000».
 و«الإيماءات هي أسلوب أكثر طبيعية للقيام بذلك»، كما يقول كريس وايلد كبير الموظفين التقنيين في مؤسسة البرمجيات التفاعلية «ألتران براكسيس» الموجودة في مدينة باث بالمملكة المتحدة، «فحركات اليد والتحديق تقدم نطاقا ولغة أوسع للتحكم الدقيق بالشاشات الكبيرة من الهواتف الذكية».