الألتهاب الكبدي الوبائي «A» .. مرض فيروسي يمكن الوقاية منه

الطعام الملوث المصدر الرئيسي له
الطعام الملوث المصدر الرئيسي له

 من المعروف أن الكبد أكبر أعضاء جسم الإنسان الداخلية، ويقوم بالكثير من الوظائف الحيوية للجسم، مثل: تصنيع البروتينات، وتصنيع فيتامين «K» الذي يساعد على تجلط الدم، وله دور مهم بالمساعدة في هضم الطعام عن طريق إفراز العصارة الصفراء التي تساعد في هضم الدهون، كما أنه يخلص الجسم كذلك من السموم المتعددة detoxification مثل السموم الناتجة من تناول مواد كيميائية مثل بعض الأدوية والكثير من الوظائف الأخرى.
التهاب الكبد «A» 
وقد يحدث التهاب الكبد Hepatitis نتيجة لعدة أسباب، سواء عن طريق عدوى، سواء فيروسية (وهي أشهر أنواع العدوى) أو بكتيرية، أو حتى طفيلية، ويمكن أيضا حدوث الالتهاب نتيجة تناول أدوية معينة تؤثر سلبا على الكبد أو تناول الكحوليات باستمرار أو بعض الأمراض المناعية، لكن نظرا لانتشار الإصابة الفيروسية أصبحت كلمة التهاب كبدي تعني ضمنا (التهابا كبديا وبائيا). 
وينتشر المرض في أميركا الجنوبية وأفريقيا والشرق الأوسط وآسيا والمرض واسع الانتشار؛ حيث يوجد نحو من 30 إلى 40% من البالغين قد سبقت لهم الإصابة بالمرض.
وفي بداية الحديث عن الالتهاب الكبدي الوبائي من النوع «إيه» (hepatitis A) أو اختصارا (HAV) تجدر الإشارة إلى أن الإصابة بفيروس «إيه» ليست مرضا خطيرا ولا تمثل تهديدا للصحة مثل، الالتهاب الكبدي الوبائي «بي» (B)، أو، خاصة، النوع «سي» (C) الذي يمثل مشكلة صحية شديدة الخطورة في مصر.
وبالنسبة لفيروس «إيه» يحدث المرض في الأغلب من خلال تناول طعام ملوث ويحدث تكاثر للفيروس في الكبد ويتم إفرازه في العصارة الصفراوية، ويكون موجودا بتركيز عالٍ في البراز قبل أسبوعين من ظهور الاصفرار على الجلد، وهي الفترة التي يكون فيها المريض مصدرا للعدوى عن طريق البراز، إذا تم تلامس الطعام أو الشراب للبراز.
ويمكن حدوث هذا إذا كان الشخص الذي يتعامل مع الطعام، سواء في الفنادق أو المدارس أو المطاعم، مصابا ولا يحرص على غسل يديه بعد استخدام الحمام ويلامس الطعام (fecal – oral)، ويستمر الشخص كمصدر للعدوى حتى أسبوع بعد ظهور الاصفرار على الجسم. 
ويمكن أن ينتقل المرض في أحيان نادرة جدا من خلال الأم الحامل إلى طفلها، وبطبيعة الحال فإن وجود الفيروس في الكبد يتسبب في إصابة خلايا الكبد بالتلف (المؤقت)، ويحدث تضخم في الطحال ويحدث خلل في وظائف الكبد، الذي يظهر في ارتفاع إنزيمات الكبد نتيجة لإصابة الخلايا، وكذلك زيادة نسبه الصفراء بالجسم، ويمكن للمرض أن يصيب الأطفال والبالغين.
الأعراض 
تبلغ فترة حضانة المرض منذ الإصابة وحتى ظهور الأعراض نحو 4 أسابيع. وقد لا تبدو على بعض المرضى أي أعراض. وتبدأ الأعراض في البداية بشكل غير محدد، مثل: ارتفاع طفيف في درجة الحرارة وغثيان وميل للقيء وكذلك فقدان للشهية، وبالنسبة للأطفال الأكبر يمكن ملاحظة حدوث ألم في الجانب الأيمن من البطن أسفل القفص الصدري، وعلى عكس البالغين قد يحدث في الأطفال إسهال، بينما يحدث إمساك في البالغين، ويمكن أن يميل لون الجلد إلى الاصفرار، وكذلك ملتحمة العين، وبينما يتحول لون البول إلى اللون الأصفر الغامق، يتحول لون البراز إلى اللون الفاتح، ويبدو على المريض التعب والإجهاد ويمكن ملاحظة اصفرار لون الجلد والملتحمة في 66% من المرضى، الذين لديهم أعراض، ويمكن تضخم الطحال من 10 إلى 20% من المرضى. 
وتختفي جميع هذه الأعراض نهائيا في خلال مدة تتراوح بين 4 و6 أسابيع، وفى أحيان نادرة يمكن حدوث مضاعفات مثل حدوث فشل حاد في خلايا الكبد، ويحدث في الأغلب في البالغين والأطفال الذين يعانون مرضا في الكبد.
التشخيص 
يتم التشخيص من خلال التاريخ المرضي للطفل إذا كان قد تناول طعاما ملوثا، سواء في المنزل أو المدرسة أو الحضانة، ومن خلال ملاحظة الأعراض، ويتم تقييم عمل وظائف للكبد لرصد أي ارتفاع كبير في الإنزيمات (AST) و(ALT) من 4 إلى 100 ضعف النسب الطبيعية. 
وفى الأغلب يسبق ارتفاع الإنزيمات ظهور الأعراض بنحو أسبوع، ويبلغ قمته بعد نحو من 3 إلى 10 أيام، وكذلك يرتفع معدل الصفراء بالجسم، لكن لا يتعدى 10، وفي حالات الإصابة الشديدة يمكن أن يزيد معدل تجلط الدم (PT)، وذلك لتأثر الكبد؛ حيث إنه المسؤول عن المواد المجلطة للدم، ويمكن أيضا إجراء تحليل لتأكيد التشخيص مثل الكشف عن الأجسام المناعية الخاصة بوجود الفيروس مثل (IgM) التي تبقى مرتفعة لنحو 8 أسابيع، لكن يتراجع معدلها مرة أخرى إلى الطبيعي في خلال من 4 إلى 6 شهور. 
وفي الأغلب لا يحتاج الطفل إلى عمل أشعة «سونار» على البطن؛ حيث إن الكشف الإكلينيكي والتحاليل تكون كافية للتشخيص، لكن في حالات الإصابة الشديدة قد تكون الأشعة مفيدة للوقوف على حاله الكبد.
العلاج والوقاية 
يتم علاج الالتهاب الكبدي في المنزل، ولا يحتاج الطفل إلى دخول المستشفى، إلا في حالات الجفاف الناتج من الإسهال والقيء الشديد، ويتم إدخاله حتى يتم تعويض فقد السوائل من الجسم عن طريق الحقن intravenous (IV) rehydration، ويعود الطفل للمنزل بعد ذلك، ويتم منع الأدوية التي تحمل تأثيرا سلبيا على الكبد، وكذلك تتم متابعة إنزيمات الكبد باستمرار كل شهر حتى تعود لمعدلاتها الطبيعية. 
وإذا ظلت معدلات إنزيمات الكبد مرتفعة تجب استشارة الطبيب للتحقق من التشخيص أو عمل المزيد من الفحوصات، ويجب على المريض الالتزام بالراحة التامة، وعدم العودة إلى المدرسة إلا بعد تماثله للشفاء واتباع نظام غذائي معين، مع الإقلال من البروتينات وتناول كمية متوازنة من السوائل، ويمكن علاج الأعراض مثل القيء؛ حيث يتم إعطاء عقار (الميتوكلوبراميد metoclopramide).
أما الوقاية من الالتهاب الكبدي الوبائي فتتم عن طريق الاهتمام بالنظافة الشخصية للطفل وتعليمه غسل الأيدي باستمرار، ويستحسن عدم تناول الأطعمة خارج المنزل، وكذلك الحرص على الشرب من مياه نقية وطهي الأكل جيدا، وبالنسبة للأطفال تحت عمر عام، يمكن إعطاؤهم الأجسام المناعية الخاصة بالفيروس (IG)، خاصة إذا كان هؤلاء الأطفال في مكان متوطن فيه الإصابة بالمرض. 
وبالنسبة للأطفال من سن أكبر من عام وحتى عامين يمكن إعطاؤهم تطعيما ضد الالتهاب الكبدي الوبائي، عبارة عن الفيروس بعد أن يتم قتله أو جعله خاملا inactivated virus، بحيث يعطي المناعة ولا يصيب بالمرض، ويتم إعطاؤه عن طريق الحقن، وهو آمن وفعال في منع الإصابة ويتم إعطاؤه على جرعتين، ويمكن إعطاؤه لأطفال المدارس في حالة انتشار المرض بشكل وبائي، وكذلك يمكن للبالغين أيضا تعاطيه، خاصة المعرضين للسفر لمناطق يوجد بها المرض.