لماذا يفضل مصممو الديكور التعامل مع الرجل المطلّق؟

تقل درجة التدخل في التفاصيل مما يتيح لهم مساحة أكبر للإبداع
تقل درجة التدخل في التفاصيل مما يتيح لهم مساحة أكبر للإبداع

سيحتاج نصف المطلقين حديثا على الأقل إلى مكان جديد يعيشون فيه؛ أريكة جديدة وسجادة ومناشف وفناجين قهوة جديدة، وصور يعلقونها على الحائط، وجميع المستلزمات الأخرى التي تجعل من الشقة أو البيت وطنا لهم. وإذا كان لديهم أطفال، ربما تكون حاجتهم لهذا المنزل أكبر، لاستقبالهم في الإجازات على أساس أن الأطفال من حق الأمهات، كذلك المنزل العائلي. 
عندما يقع الطلاق، فإن الكثير من الأشياء تتغير، والكثير من الأوراق يعاد ترتيبها من جديد، وعلى رأسها السكن. لهذا فإن الوكلاء العقاريين ووسطاء الرهن العقاري والمخططين الماليين، من بين كتيبة المتخصصين الذين سيلتقون بالمطلقين. ومنهم من أصبح هذا العمل، أو التعامل مع المطلقين، مربحا له، مثل سوزان مانراو، على الرغم من أنها دخلت هذا المجال مؤخرا.
عثرت مانراو، وهي مصممة ديكور تبلغ من العمر 35 عاما في لوس أنجليس، على ثغرة في السوق رأت أن تستغلها، خصوصا بعد أن أدركت بأن الرجل المطلق، هو نوع من العملاء الذين يسهل التعامل معهم في مجال الديكور.
جاءتها لحظة «الإلهام» منذ نحو عامين، على حد قولها، حينما كانت تتجول بمنزل خاص بأحد هؤلاء العملاء، وهو رجل في الأربعينات من عمره، يعيش لوحده ويأتي أطفاله للإقامة معه لبعض الوقت في الإجازات.
تقول: «المنزل كان فارغا أيقنت أن دوري في هذا المشروع لم يكن مجرد تصميم مساحة، بل المساعدة في إعادة بناء منزل ككل». ومن خلال تجربتها، وجدت أن العمل مع الرجال المطلقين أسهل من العمل مع أزواج أو مع نساء، حيث تقل درجة تدخلهم، على نحو يمنحها مزيدا من الحرية التي تمكنها من الإبداع.
الآباء المطلقون، على وجه الخصوص، عادة ما يرغبون في أن يتم الانتهاء من تصميم منازلهم بسرعة لجعل عملية الانتقال سلسة قدر الإمكان بالنسبة لأطفالهم، مما يعني أنهم يميلون للموافقة على قراراتها المتعلقة بالتصميم من دون مناقشة أو جدل.
طبعا هناك حالات مختلفة، لأنها قابلت منهم من «تتحول العلاقة معهم إلى حالة من الفوضى بسبب أشياء سخيفة مثل اختيار ورق الحائط». لكن ما يميز العملاء الرجال المطلقين بحق، هو درجة تقديرهم للأمور. تشرح مانراو: «إنها تجربة أكثر إرضاء، لأنهم يكونون متشوقين لامتلاك منزل جديد يبدو فعليا مثل وطن لهم».
وعلى غرار مصممين آخرين يتعاملون مع الكثير من العملاء المطلقين، تفهم مانراو رؤاهم واحتياجاتهم فيما يتعلق بديكورات بيوتهم الجديدة. وربما تكون تلك المعرفة مطلوبة، حيث إنه من المرجح أن يزيد عددهم في القريب العاجل، هذا ما قاله أندرو تشرلين، أستاذ علم الاجتماع بجامعة جون هوبكنز، الذي كتب مؤلفات كثيرة عن الزواج الأميركي.
يقول إنه منذ عام 2008، انخفضت معدلات الطلاق في الولايات المتحدة، مثلما حدث أثناء الكساد العظيم. ومع ذلك، فإنه مع بدء الاقتصاد في التعافي مجددا، ارتفعت معدلات الطلاق بشكل كبير، شيء من المؤكد أنه سيحدث مجددا، حسب توقعات تشرلين: «عندما يصبح الانتعاش الاقتصادي الحالي أكثر تأثيرا. فمن دون شك هناك أزواج غير سعداء يبحثون عن موارد للانفصال».
وعندما يحدث ذلك، سيحتاج نصف المطلقين حديثا على الأقل إلى مكان جديد يعيشون فيه؛ أريكة جديدة وسجادة ومناشف وفناجين قهوة جديدة، وصور يعلقونها على الحائط، وجميع المستلزمات الأخرى التي تجعل من الشقة أو البيت وطنا لهم.
وإذا كان لديهم أطفال، ربما تكون حاجتهم لهذا المنزل أكبر، لاستقبالهم في الإجازات على أساس أن الأطفال من حق الأمهات، كذلك المنزل العائلي.
فاحتمال ترك الرجال منزل الأسرة هو الأرجح، على حد قول ستيفن مينتز، أستاذ تاريخ بجامعة كولومبيا متخصص في دراسة شؤون الأسر والأطفال، مضيفا أنهم أيضا لا يكونون بشكل عام متأهبين للطلاق.
وواصل قائلا: «إنهم ينظرون للزواج كمؤسسة. فهو يعطي نظاما لحياتهم، وعدم الاستقرار الذي يسببه الطلاق وصعوبة القيام بمثل هذا التحول، يساعدان في تبرير سرعة معاودة كثير من الرجال المطلقين الزواج مجددا».
وحتى ذلك الحين، فإنهم يحتاجون لمن يساعدهم على تأثيث بيوتهم الجديدة وتجديد ديكوراتها.
وهذا ما تقوم به ديردري دايمنت، مصممة ديكور من تورونتو. مثل مانراو، يتركز عملها على الرجال المطلقين، وتقول: «نسبة كبيرة منهم تترك منزل الزوجية وتعيش في حالة من الإحباط».
تقول دايمنت: «لقد أتوا بالأثاث القديم المستعمل الذي كان بشققهم الأصلية وبغرفة الطعام الخاصة بجدتهم وقطع أثاث غير متوائمة مع بعضها. وهم يفتقدون بالفعل الدفء الذي كان يوفره لهم منزلهم، ولا يعرفون كيف يستعيدون هذا الشعور مرة أخرى».
بالطبع، الرجل المطلق اليوم أكثر حظا من نظيره من جيل سابق أو جيلين سابقين. فمن ناحية، يزداد احتمال اهتمامه بالصورة التي يبدو عليها منزله، على حد قول مينتز، مما يزداد معه احتمال أن يسعى للحضانة المشتركة لأطفاله، وهذا يعني أن منزله لا يكون مجرد شقة أعزب، إنما مكان يحقق توازنا بين توفير الراحة المبهجة للأطفال والواقع الجديد للأب.
تقول كيمبرلي بايج هانسون، 41 عاما، من مؤسسة شركة «إنتيريور بليس ديزاين» الكائنة في نيويورك: «التعامل معهم سهل، لأنهم يتركون لمصمم الديكور كل شيء، ولا يأتون بأي شيء سوى أشرطة موسيقى».
إلى الآن، عملت هانسون مع أكثر من اثني عشر مطلقا خلال الخمسة أعوام الماضية، مقدمة خدمات تتجاوز حدود هندسة الديكور، لتشمل تخزين المؤن ودروس الطهي وغير ذلك، لكن حينما نأتي للديكور، نجد أن المقاعد الجلدية أحد أكثر المتطلبات شيوعا، على حد قولها، إلى جانب تلفزيونات لها شاشات مسطحة 60 بوصة.
من جهتها تقول شارون ستالي، مصممة ديكور في هيوستن سبق لها العمل مع كثير من الرجال المطلقين، إن معظمهم يرغب في ثلاجات صغيرة «وإذا لم يرغبوا في مناشف صغيرة، فإنهم يرغبون في مناشف الحمام الكبيرة - البشاكير»، هذا، بالإضافة إلى رؤوس حيوانات مثبتة ومقعد مريح، و«أكبر جهاز تلفزيون يمكننا أن نأتيهم به».
وتمثل السرعة أيضا عاملا مهما، على حد قول جو ناهيم، مصمم الديكور في نيويورك، الذي عمل مع عدد من العملاء المطلقين. يشرح أنه في العام الماضي، كان لديه عميل في الثلاثينات من عمره تعين عليه ترك منزله على الفور بعد أن اتخذ هو وزوجته قرارهما بالانفصال، وكان الأمر صعبا عليها فهو «لم يعش بمفرده منذ أن كان في السكن الداخلي في الجامعة».
بدأ المصمم وفريقه بتسكين الرجل في شقة إيجار في سوهو لا تضم سوى سرير ومقعد وجهاز تلفزيون. وخلال فترة قصيرة، أنهوا تجهيز الشقة بالكامل بكل المستلزمات المطلوبة حتى الكتب والأطباق والملاءات والمناشف ولعب ابنه، وأضاف ناهيم: «لقد أحضرنا له أيضا مديرة منزل».
وتعلق دايمنت، 43 عاما، إن حالة المنزل الجديد لزوجها بعد انفصالهما قبل خمس سنوات هي التي ألهمتها أن تركز عملها على الرجال المطلقين.
«لقد أخبرني أن تلك كانت أسوأ فترة من فترات حياته. وكانت تلك أسوأ فترة من فترات حياتي، لكن كان بإمكاني على الأقل النوم في بيتي الذي تعودت عليه. على مدار الستة أشهر الأولى، لم يرغب كلانا في أن يرى الأطفال المساحة التي كان يعيش فيها، لأنها كانت ممثلة في طابق تحت الأرض مظلم وكئيب».
وتتابع: «عندما انتقل مجددا، تطوعت بتصميم ديكور الشقة. بوصفي أمّا وزوجة سابقة، أرغب في الاطمئنان إلى أن أطفالي سيعيشون في مكان نظيف ومريح ومنظم». غير أن التحدي يكمن في توفير مكان مريح للأطفال ولساكنيه عموما.
عندما قامت مانراو بتصميم ديكورات بيت خاص بتيم غيدس، 46 عاما، المؤلف من خمس غرف نوم راعت فيه أن يكون آمنا ومريحا للأطفال ورومانسيا أيضا بالنسبة لصاحبه. تقول مانراو: «إنه ليس مصمما بالطريقة التي يمكن أن تصمم بها منزلا لأسرة. فهو خاص برجل لكن دافئ، يمكنه فيه أن يستقبل أصدقاء جددا».
ما يحسب لمانراو أنها تتمتع بخبرات كثيرة تتعلق بضبط الحالة المزاجية بحكم عملها كمديرة للتصميمات والعلامات التجارية لمجموعة من فنادق «ستاروود»، من بينها «دبليو» و«سان ريجيس» و«لكجري كوليكشن»، قبل أن تؤسس شركتها الخاصة.
توضح: «أحاول أن أجعلهم دائما يسمحون لي بأن أختار لهم كل التفاصيل حسب حالتهم النفسية وما يطمحون إليه في المستقبل، مثل الدخول في علاقات رومانسية جديدة».
في بعض الأحيان، تجد نفسها تعمل كمعالجة نفسية أو اجتماعية أكثر من عملها كمصممة، مثلما حصل أول مرة تفقدت فيها شقة نيكولاس بيتريني البالغ من العمر 38 عاما، الذي اشترى شقة تضم غرفة نوم واحدة بعد طلاقه. يقول إنها «قدمت له استشارات وانتقادات في الوقت نفسه حول أشياء كثيرة، مثل الصور التي أراد تعليقها على الحائط».
يتابع: «فكرت؛ ألن يكون من الممتع أن أضع صورة لي؟ لكن هانسون لم توافقني على هذا الرأي، لأن هذا حسب رأيها لا يعطي انطباعا جيدا عني في حال دعوت زوجة المستقبل إلى الشقة».
بدلا من ذلك، أعطت شقته طابعا ذكوريا، بجعل حوائط القرميد مكشوفة في غرفة المعيشة وملء المساحة بأخشاب داكنة وبتفاصيل صناعية.