ما هو تأثير المشاكل المهنية والنفسية في العمل علي الإنتاج؟

الإيقاع السريع، الإرهاق، التوتر والتحرش.. كل هذه الأمور تجعل بيئة العمل غير مريحة دائما، وقد سلطت دراسة أسترالية الضوء على العلاقة بين "انعدام الأمن الوظيفي والاكتئاب"، لكن هل من الممكن أن نجعل من مكان العمل عالم ممتعا؟!


وماذا عن ظروف العمل؟ علينا أن نتحدث بشأنها ونتحدث عن حملة قديمة أجريت لتوعية وزارات العمل، كذلك يمكن أن يستأنف هذا الشعار تماما من قبل باحثين استراليين في منشأ دراسة قديمة.

وظيفة من الجحيم أم جحيم الوظيفة؟
شملت هذه الدراسة ما لا يقل عن 1188 موظفا من الذين تتراوح أعمارهم بين 40 إلى 44 سنة (55% من الرجال، والنساء 45%)، وكان معظمهم من المديرين والفنيين والمدرسين والأطباء والممرضات.
ومع ذلك، قام المنتخب الأسترالي للبروفيسور "سوزا" باستجواب هذه الفئة التي يمكن وصفها بأنها "متميزة اقتصاديا" حول ظروف عملهم، وتصورهم لانعدام الأمن الوظيفي، وقاموا بتقييم صحتهم النفسية (الاكتئاب، القلق، الشعور، صحتهم العقلية والجسدية...).
على الرغم من أن سوء ظروف العمل تعد أمراً شائعاً جدا.. 23 % من العينة ذكرت الضغوط ذات الصلة بالعمل، و7.3 % فقط يعتبرون ضحايا لانعدام الأمن الوظيفي بشكل كبير، و23 % يشتكون من انعدام الأمن بشكل معتدل. وقد أفادت نتيجة التحليل للمستجوَبين أن التوتر وانعدام الأمن في العمل من المسببات السيئة للصحية النفسية بل والمادية.
واستمرت هذه الجمعيات بعد الأخذ في الاعتبار عناصر الجنس، مستوى التعليم الوضع العائلي، الوضع المهني، والأحداث الشخصية وسمات شخصية معينة (وخاصة التأثير السلبي)، وأخذت عنصر الإجهاد علي حدا، حيث إنه يضاعف من مخاطر الاكتئاب إلي أكثر من ضعفين وخطر القلق لأكثر من ثلاثة أضعاف.
ولكن ما هو أكثر إثارة للدهشة بغض النظر عن الإجهاد؟.. زيادة انعدام الأمن الوظيفي يضاعف القلق والاكتئاب إلي أكثر من ثلاثة أضعاف، وكذلك الإدراك الذاتي سيء للصحة العامة، ويضاعف أكثر مرتين من وهن الصحة الجسدية!.
مكافحة انعدام الأمن الوظيفي، أولوية جديدة:
قام مكتب العمل الدولي (ILO) ببحت العلاقة بين العمل وعواقب الصحة العقلية بعد إجراء الدراسة علي خمس دول (ألمانيا، الولايات المتحدة، فنلندا، المملكة المتحدة وبولندا)، ولاحظ التقرير من بين أمور أخرى أن الاضطرابات الذهنية التي يسببها تحسب الإحالة إلي التقاعد قد أصبح أكثر شيوعا.
وقد كشفت بعض الخصوصيات الوطنية: أنه قد تضرر 10 % من الأمريكيين من الاكتئاب، ونصف الفنلنديين ظهرت عليهم أعراض الإجهاد، و 7 % من الألمان المحالين إلي التقاعد كانوا يعانون من الاكتئاب، و 30 % من الموظفين الإنجليز يعانون من مشاكل الصحة العقلية كل سنة.
ينبغي أن يشعر أرباب العمل بهذه العواقب من الناحيتين البشرية والاقتصادية، فتكلفة هذه الاضطرابات ليست ضئيلة، وهي تؤدى إلى انخفاض في الإنتاجية والأرباح، ويبلغ الانخفاض في حجم المبيعات معدلا كبيرا، مع تكاليف التوظيف والتدريب التي تترتب عليها.
ويتيح الاهتمام بالموظفين توفير المال، وهو دليل لا ينبغي أن يمر مرور الكرام دائما.. ومع ذلك، تبلغ تكلفة التوقف عن العمل الناتج عن الاضطرابات النفسية كل سنة 200 مليون يوم عمل في الولايات المتحدة، وهو ما يعادل من 30 - 44 مليار دولار.
وفقا لتقرير منظمة العمل الدولة، بدأ الاهتمام  بمعالجة هذه المشكلة بجدية أكبر عبر المحيط الأطلسي، وهذا ما يعطى القوة لهم لنرى أن أمراض الاكتئاب تمثل أغلبية نفقات المشاكل الطبية (الصحة النفسية والإعاقة).

العديد من أرباب العمل على بينة بالعلاقة بين الصحة والإنتاجية، وإثراء استراتيجياتها لإدارة البرامج التي تساعد على حل المشاكل المهنية، والأسرية والوجودية.

عالم آخر في بيئة العمل:
بعيد عن كونها مجموعة صغيرة مناهضة للعولمة، تقترح منظمة العمل الدولية تفسيرا لهذا الاتجاه العالمي، تبدو بعض السمات المشتركة أنها تربط بين ارتفاع معدل انتشار الإرهاق والتوتر والاكتئاب مع التغيرات التي تحدث في سوق العمل والتي تؤثر جزئيا في نتيجة عولمة الاقتصاد.
بالطبع هذا التطور له آثار إيجابية من حيث إنه قد قلل من الرتابة وعزز الاستقلالية ومشاركة العمال في صنع القرار، ولكنه أنشأ أيضا الإجهاد الناجم عن تسارع وتيرة العمل لبعض الوقت الضيق قياسا بالمطالب الجديدة حيال نوعية وكمية الإنتاج.
على الرغم من أن البيان أصبح متاحا، سيكون من الصعب علي البعض الاتفاق على الحلول (الحد من التوتر، أو معرفة كيفية التعامل معه)، وما إلى ذلك.