هل يعود عصر أزياء مضيفات الطيران الذهبي في الستينات والسبعينات؟

أزياء مضيفات الطيران الذهبي في الستينات والسبعينات .. عندما تحلق الأناقة عاليا
أزياء مضيفات الطيران الذهبي في الستينات والسبعينات .. عندما تحلق الأناقة عاليا

في وقت مضى، لم تكن الأناقة حكرا على الأرض، وإنما نافستها فيها السماء، وبقوة، بل وكانت الأخيرة أحيانا مصدرا لانطلاق أحدث الصرعات من خلال سفيرات الموضة المحلقات جوا؛ المضيفات.


وربما ليس أدل على المكانة الكبيرة التي احتلتها المضيفات على صعيد الأناقة من ظهور معجبين بأزيائهن الرسمية لدرجة الولع والاحتفاظ بمجموعات خاصة تضم مئات القطع من أزياء رسمية لمختلف شركات الطيران.

الآن، لا يزال الحنين يستبد بالبعض ويحدوهم الأمل في أن تستعيد المضيفات عرشهن في عالم الموضة، والعودة إلى عصر الأناقة عندما كانت شركات الطيران هي التي تحدد التوجه السائد في عالم الموضة والأزياء من خلال الزي الرسمي لمضيفاتها.

وترى مصممة الأزياء تشموان ويراوريت، المعنية بمجال تصميم الزي الرسمي الموحد، أن مستقبل هذا الزي «يكمن في الجهود الجماعية بين المصممين والشركات»، وأعربت عن اعتقادها بضرورة أن تركز هذه الجهود على تحديث الأشكال الكلاسيكية للزي الرسمي للعاملين في شركات الطيران بحيث يستعيد مكانته كرمز للجمال والذوق، بدلا من التركيز على الطابع العملي.

الملاحظ أنه مع نهاية الحرب العالمية الثانية، نجحت سياسة «الفضاء المفتوح» التي انتهجتها شركات الطيران التجارية في إتاحة أكثر من مجرد الحرية في السماء، وإنما فتحت الطريق أمام تصاميم أزياء رائدة هيمنت على ملابس المضيفات.

وتحول المطار إلى ساحة لعرض الأزياء، والمضيفات إلى عارضات أزياء يتهادين ذهابا وإيابا في ملابس أنيقة اجتذبت أنظار الرجال والنساء والأطفال على حد سواء.

وبمرور الوقت تحول اهتمام مصممي الأزياء نحو الإمكانات الجديدة الكامنة في ملابس المضيفات. وكان لمصمم الأزياء إميليو بوتشي السبق على هذا الصعيد بتصميمه الزي الرسمي لمضيفات شركة «برانيف إنترناشيونال إيروايز».

تميزت تصاميمه لهن بالأناقة والابتكار، وأحيانا بالمغامرة. وتهادت مضيفات «برانيف إنترناشيونال» في 7 تصاميم مختلفة من إبداعه.

وحرصت المضيفات على التغيير بين التصاميم الـ7 خلال الرحلة الجوية الواحدة، حسب المناسبات المختلفة، كان بينها معطف طويل من الفرو في الرحلات الجوية المتجهة إلى آيسلندا أو غرينلاند. وقد طرحت «برانيف إنترناشيونال» منذ سنوات قليلة 90 قطعة من هذه الأزياء في مزاد علني بدأ بسعر كبير بلغ 100.000 دولار.

وفي الوقت الذي شارك الكثير من المصممين العالميين أمثال كريستوبال بالنسياغا وجورجيو أرماني وكريستيان لاكروا في تصميم الزي الرسمي لمضيفات شركات الطيران على مر السنوات، على نحو أحدث امتزاجا بين صناعتي الموضة والطيران، يشدد كليف موسكيت، أحد المولعين بجمع الملابس الكلاسيكية لمضيفات الطيران الذي اجتذبته هذه الهواية منذ الصغر وشارك مع مايك ستينتشكا، الذي يشاركه الولع ذاته، في كتاب «ممر الموضة الجديد»، على أن «كون مصمم ما قادرا على تصميم ملابس رائعة لا يعني بالضرورة أنه قادر على تصميم زي رسمي رائع أيضا».

واستدل بالراحل إيف سان لوران الذي سبق له تصميم زي رسمي لمضيفات شركة «كوانتاس» وجاء «بشعا»، حسب قوله.

طبقا لتصنيف مؤسسة «سكاي سكانر» الذي يعد التصنيف العالمي، فإن أكثر أزياء المضيفات الجويات أناقة عالميا على الترتيب التالي: «الخطوط الجوية القطرية - الخطوط الجوية الفرنسية - الخطوط الجوية البريطانية - الخطوط الجوية الأيبيرية - أليطاليا - ساس - دلتا - إيروفلوت - جيت إيروايز – لوفتهانزا».

إلا أن موسكيت يرى أن معظم ما سبق لا يستحق وضعه في قائمة أفضل 10 أزياء رسمية، معربا عن اعتقاده بأن معظمها مملة، عدا 4 هي: زي الخطوط الجوية البريطانية، وإيروفلوت، ولوفتهانزا، ودلتا. وأشار إلى أنه من وجهة نظره فإن قائمة أفضل 10 أزياء رسمية للمضيفات تشمل ما يلي: تاب إير برتغال - الخطوط الجوية التايلاندية - الخطوط الجوية الكورية - الخطوط الجوية الكويتية - الخطوط الجوية الأرجنتينية - إيرو مكسيكو - مارتينير - كيه إل إم - الخطوط الجوية الملكية الأردنية - الخطوط الجوية الجزائرية.

ولم يحدد موسكيت المعايير التي حدد على أساسها اختياراته، مكتفيا بالقول إن هذه الأزياء عكست طابعا شخصيا مميزا يصعب وصفه.

ويرى أن أهم شيء في الزي الرسمي للمضيفات تصميمه العام ولونه، بجانب القبعة التي يوليها موسكيت اهتماما خاصا ويعتبرها بمثابة «الزينة الموجودة على رأس الكعكة».

أما أهم العناصر التي يتعين على المضيفة الاهتمام بها حسب رأيه فهي: مكياج جيد وشعر مصفف بعناية وحذاء بكعب عال وزي رسمي نظيف.

وبالنسبة لأكثر زي رسمي للمضيفات مفضل لديه، قال موسكيت: «هناك زيان لشركة (كيه إل إم) يحملان قيمة عاطفية كبيرة بالنسبة لي، وهما أول زي رسمي أحصل عليه (كيه إل إم 1971) وزي (كيه إل إم) خلال الفترة بين عامي 1975 حتى عام 1982. في تلك الفترة سافرت كثيرا برفقة والدتي إلى الولايات المتحدة، ودائما كنا نستقل طائرات (كيه إل إم).

وشعرت بالانبهار تجاه القبعة التي كانت المضيفات تحرص على ارتدائها»، وأضاف: «من بين الأزياء الرسمية الأخرى المفضلة لدي: الزي الرسمي لمضيفات الخطوط الجوية الملكية الأردنية، من أواخر السبعينات حتى الثمانينات، والخطوط الجوية الأيبيرية بين عامي 1972 و1977، وزي الخطوط الجوية اليابانية في السبعينات والثمانينات، وزي شركة (يونايتد إيرلاينز) بين عامي 1968 و1970، والخطوط الجوية الفرنسية».

الطريف أن موسكيت، الذي عمل مضيفا جويا لفترة طويلة، بدأ في بناء مجموعة مقتنياته من الأزياء الرسمية للمضيفات عام 1980 وكانت البداية مع زي رسمي يخص «كيه إل إم» يعود إلى عام 1971. وبرر هوايته الغريبة بعشقه للطيران وكل ما له علاقة به، مؤكدا أنه عندما يفكر في الطائرة فإن «صورة المضيفة هي أول ما يرد إلى ذهني».

ويرى أن «تغير صيحات الموضة على مر السنوات ينعكس بوضوح على ملابس المضيفات بتنوع ألوانها وتصاميمها والإكسسوارات المختلفة المتعلقة بها، بينما تبقى ملابس المضيفين الرجال دونما تغيير يذكر وتبدو في معظمها مملة».

ويشارك موسكيت ببعض مقتنياته في معارض، فمثلا يشارك بـ24 زيا في معرض تي إيه إم للطيران في ساو كارلوس في البرازيل. ويرى أن أفضل مصمم للزي الرسمي للمضيفات هو إميليو بوتشي.

وبلغ ولع موسكيت بمجموعته من الأزياء الرسمية للمضيفات حد حرصه صنع نسخة طبق الأصل من كل منها، مبررا ذلك بأنه: «إذا تعرضت قطعة أصلية من مجموعتي لضرر أو الضياع، يصيبني الجنون!».

ويشاركه زميله المؤلف ستينتشكا الولع نفسه، لكنه بدأ متأخرا، عند بداية الألفية الجديدة تقريبا. وتضم مجموعته الخاصة الآن قرابة 200 زي رسمي يخص مضيفين ومضيفات، وطاقم قيادة الطيارة أيضا.

وعن القطع الأساسية في الزي الرسمي للمضيفة، يرى موسكيت أنها: «السترة والقبعة، رغم أنه لا يوجد في الزي الرسمي للكثير من شركات الطيران قبعة.

صحيح أنها جزء كلاسيكي من زي المضيفة، إلا أنها غير عملية لما تسببه من تلف في تسريحة الشعر. وأعتقد أيضا أن الوشاح قطعة أساسية من الزي الرسمي، ويضفي على الملابس لمسة أنيقة، خصوصا عندما يكون ملونا وملفوفا بصورة لطيفة حول العنق».

أما ستينتشكا، فأوضح أن أكثر ما يجذبه لهذا النمط من الملابس الابتكار والتصاميم الإبداعية له والمزج بين الموضة والزي الرسمي الموحد، مشيرا إلى أن «تصاميم بوتشي تختلف كثيرا عن الآخرين، خصوصا الزي الرسمي للمضيفات المميز بقبعة تشبه قبعة رواد الفضاء».

ويرى أن قبعة الرأس، خصوصا الشبيهة بخوذة رجال الفضاء، خلال الستينات انتشرت في الأرض أيضا حيث اكتسحت المجتمعات الراقية، وانتشرت على صفحات المجلات.

حدث التطور الحقيقي في الزي الرسمي للمضيفات، حسب ما يؤكد ستينتشكا، في ستينات وسبعينات القرن الماضي على نحو جعل هذا الزي ليس مجرد زي رسمي في العمل، وإنما قطع تعكس أحدث صيحات الموضة.

ويعتقد أن تصاميم ملابس المضيفات الجويات شكلت عنصرا أساسيا في الموضة على امتداد التاريخ الثقافي، وأن ذلك انعكس على تحول اهتمام تصميم الأزياء من المظهر الرائع والأناقة الشديدة إلى الطابع العملي.

ويتفق معه موسكيت، حيث قال: «أعشق السبعينات وموضتها، وأيضا أواخر الستينات. أحب شكل السراويل الضيقة والجونلات القصيرة والياقات الطويلة المدببة والسراويل الواسعة. أحب الألوان البراقة التي انتشرت آنذاك والأشكال المتداخلة. بدا في ذلك الوقت كل شيء ممكنا.

وكانت فكرة المزج بين قطع مختلفة منتشرة في السبعينات في الولايات المتحدة وكندا. كان هناك الكثير من القطع المختلفة يمكن للمضيفة الاختيار منها وبالتالي ظهرن في صور كثيرة مختلفة، لكن حافظن دائما على الشكل الرسمي المتناغم مع باقي أعضاء الفريق».

الملاحظ أن ملابس المضيفات في سبعينات القرن الماضي تميزت بتصاميم باهرة عكست شعور المرء بأنه يعيش حالة من الحلم مع تداخل شديد بين ألوان متنوعة زاهية، من الأصفر والأحمر والبرتقالي والأرجواني والأخضر.

وتنوعت نقوش الملابس بين الورود والأشكال المنقطة وذات المربعات، علاوة على الياقات الطويلة ذات الأطراف المستدقة، وصولا إلى الزي الرسمي لمضيفات شركة «كيه إل إم» الذي صممه مارت فيزر ويعكس روحا أكثر عصرية، حيث سمح للمضيفات بخيار ارتداء بنطال.

ومن التغييرات التي طرأت على ملابس المضيفات بجانب اختفاء الألوان المتمازجة الكثيرة والتصاميم المتداخلة، أنه في أواخر الستينات ومطلع السبعينات، تألف الزي الرسمي من بنطلونات ضيقة وتنورات قصيرة يصعب على المرء الآن تصديق أن المضيفات كن يرتدين مثلها. الآن، ربما لا تشعر غالبية المضيفات بالارتياح تجاه ارتداء مثل هذه الأزياء.

ويبدي موسكيت إعجابه بالمضيفات في ذلك الوقت من حيث إنه كان «يتعين عليهن التحرك والانحناء باستمرار». اليوم يجري استخدام أنواع أفضل من الأقمشة في صنع الأزياء الرسمية تجعل الملابس مريحة بدرجة أكبر، بينما في السبعينات كان يجري استخدام البوليستر أكثر، الذي أصبح من المحظورات اليوم لخطورته.

وعن المستقبل، اعترف موسكيت بأنه ليس لديه تصور معين لشكل أزياء المضيفات في المستقبل، لكنه استطرد قائلا: «أعتقد أن الاعتماد على أقمشة أفضل، خصوصا القطن والصوف سيزيد، مما يزيد شعور المضيفات بالارتياح في الزي».

أما ستينتشكا فيرى أن إمكانات كبيرة للمستقبل توجد في دار بوتشي التي تضطلع بدور رائد الآن في المزج بين أحدث خطوط الموضة والزي الرسمي للمضيفات.

- كل الصور من أرشيف كليف ماسكيت ومايك ستينتشكا - لمزيد من المعلومات عن أزياء الطيران الـ«فينتاج» يمكنك زيارة موقع «ATELIER-MAYER.COM» المتخصص في أزياء الـ«فينتاج» الذي طرح مجلة بعدد محدود هذا الشهر يتناول فيه هذا الموضوع بإسهاب. تتوفر المجلة أيضا في محلات «كوليت» وعلى موقعها «www.colette.fr»، وفي لبنان على موقع www.ginette-beirut.com