الآن .. أدركنا حقاً أن النسيان نعمة تستوجب الشكر!!

 النسيان في بعض الحالات_وما اكثرها_ يكون أمراً لازماً وضرورياَ يحتاج إليه العديد منا
النسيان في بعض الحالات_وما اكثرها_ يكون أمراً لازماً وضرورياَ يحتاج إليه العديد منا

جميعنا يدرك أن النسيان في بعض الأحيان يكون له دلائله السلبية، ولكن هل فكرت حقاً في نعمة القدرة على النسيان؟


فأنا على يقين أنك كثيراً ما تعرضت للمواقف الصعبة والحرجة التي تمنيت فيها لو أن الأرض ابتلعتك لتختفى من ذلك العالم، فكر في كم مرة واجهت ذلك ثم فكر في كل موقف على حدة.

لاشك أنك ستتذكر بعضاً من تلك المواقف وليس جميعها، ثم تريث مع نفسك لبعض اللحظات وستشعر كم أنت سعيد بعدم تذكرك إياها ورغبتك في نسيانها تماما.

الجانب الآخر للنسيان هو عدم تذكر ما حدث في اليوم السابق، ولكنه أمر خطير للغاية لأننا نقوم ببناء ذاكرتنا والتعلم منها بأسلوب عملي.

فماذا عن قدرتك على التذكر أو النسيان على الإطلاق؟ ماذا عن رغبتك في وضع تلك الذكريات السيئة خارج عقلك وتذكر الأخرى التي تشعرك بالسعادة والرضا؟

فما نحتاج إليه حقا هو أن نكون قادرين على السيطرة على ذاكرة الآخرين، حيث إننا بحاجة إلى محو ذاكرة هؤلاء الذين كانوا معنا في الأوقات الحرجة.

تخيل أن أحدا منهم مازال متذكرا لتلك الأوقات العصيبة التي مرت بكما، لا شك أنك حتى وإن نسيتها فسوف تتذكرها مرة أخرى من خلال حديثك معه، لذا فمن الضروري العمل على محو ذاكرة أنفسنا والآخرين أيضا.

 

ومن هنا نكتشف أن النسيان في بعض الحالات - وما أكثرها - يكون أمراً لازماً وضرورياَ يحتاج إليه العديد منا، ولكن هل فكرنا يوما كيف ننسى؟!!
 
حددت Elizabeth Loftus من أفضل الباحثين في مجال الذاكرة أربعة أسباب رئيسية للنسيان؛ وهى الفشل في الاسترجاع، التداخل، الفشل في التخزين، ودوافع النسيان.

وفيما يلي شرح كل واحدة منهم على حدة:-
1. الفشل في الاسترجاع:-
هل شعرت يوما وكأن قطعة من المعلومات قد اختفت من ذاكرتك تماما؟ أو ربما تكون عالما بوجودها ولكنك لا تقوى على العثور عليها.

فواحدة من الأسباب الشائعة للنسيان هي ببساطة عدم القدرة على استرجاع الذاكرة، وتأتي نظرية الاضمحلال لكى تفسر تلك الخطوة جيداً.

ووفقا لتلك النظرية يتم إنشاء تتبع للذاكرة في كل مرة تشكل فيها نظرية جديدة، وترجح الاضمحلال أنه بمرور الوقت يبدأ ذلك التتبع في التلاشي والاختفاء.

وإذا لم يتم استرجاع المعلومات وممارستها، سوف تكون نهايتها الفقدان والخسران.

ولكن هناك مشكلة واحدة ترتبط بتلك النظرية وهي اكتشاف الأبحاث أن حتى الذكريات التي لم يتم استرجاعها وممارستها، ستبقى بشكل ملحوظ مستقرة في الذاكرة طويلة المدى.

2. التداخل:-
ترجح نظرية أخرى تعرف بالتداخل أن بعض الذكريات تتنافس وتتداخل مع الذكريات الأخرى، وعندما تكون المعلومات مشابهة لأخرى تم تخزينها من قبل في الذاكرة، فإن التداخل من المرجح حدوثه بشكل كبير.
 
فهناك نوعان أساسيان من التداخل:-
• التداخل الاستباقي: وهو عندما تجعل الذاكرة القديمة من الصعب أو المستحيل تذكر الأخرى الجديدة.

• التداخل الرجعي: وهو عندما تتداخل المعلومات الجديدة مع قدرتك على تذكر المعلومات المستخلصة سابقا.

3. الفشل في التخزين:-
نحن نقوم أيضا بنسيان المعلومات نتيجة عدم تخزينها في الذاكرة طويلة المدى، ويرجع السبب في ذلك إلى الفشل في التخزين الذي يحول دون استقرار المعلومات.

وفي إحدى النظريات المعروفة (Nickerson & Adams) طلب الباحثون من المشاركين تحديد عملة الولايات المتحدة الصحيحة ضمن مجموعة من العملات المزيفة.
 
قم بمحاولة التجربة مع نفسك من خلال رسم عملة من مخيلتك، ومن ثم مقارنة نتائجك بالعملة الحقيقة.

والآن هل فعلت ذلك جيدا؟ فإن الاحتمالات المتوقعة هي قدرتك على تذكر الشكل واللون، مع احتمال نسيان التفاصيل الصغيرة الأخرى والسبب في ذلك هو قيامك بتخزين التفاصيل الأساسية فقط للتعرف على العملة الصحيحة ضمن ذاكرتك طويلة المدى.

4. دوافع النسيان:-
في بعض الأحيان قد نحتاج إلى نسيان بعض الذكريات، وخاصة تلك التي تتعلق بالأحداث المؤسفة والصدمات والخبرات المزعجة.

فإن الشكلين الأساسين لدوافع النسيان هما: القمع (حالة النسيان المتعمدة) والكبت (شكل لاواعٍ من النسيان).
 
وبالرغم من ذلك فإن مفهوم الذكريات المكبوتة ليس مقبولا عالميا من قبل علماء النفس جميعهم، حيث إن واحدة من المشاكل المتعلقة بها هي صعوبة - إن لم يكن استحالة - الدراسة العلمية سواء تم قمع الذاكرة من عدمه.
 
كذلك فينبغي ملاحظة أن الأنشطة العقلية كالاسترجاع والتذكر هي وسائل مهمة لتقوية الذاكرة، وذكريات الحياة الأليمة والمؤسفة فيكون من الصعب تذكرها واسترجاعها أو ممارستها.