زراعة الأعضاء خارج الحدود .. مكامن الخطر وطرق الوقاية

نصائح طبية لاختيار مواقع الجراحة والحد من مضاعفات العمليات
نصائح طبية لاختيار مواقع الجراحة والحد من مضاعفات العمليات

 مع حلول موسم الإجازات الصيفية، يلاحظ هروب الكثيرين من حر الصيف إلى أماكن معتدلة أو باردة بغرض الاستجمام أو إزالة تعب عام كامل من العمل.
 
ولا يحزم البعض الآخر حقائبه إلى الخارج للمتعة أو الاستجمام بل من أجل العلاج.والعلاج يكون على أنواع، منه علاج وقائي هدفه الاطمئنان على الصحة بشكل عام، وآخر قد يكون ذا طبيعة خطيرة في بعض الأحيان ويستوجب من المريض اتباع احتياطات صارمة لأجل الشفاء والعودة إلى أرض الوطن سالما معافى.
 
والحقيقة أن بعض السفرات العلاجية تكون طبيعتها خطيرة مثل زراعة الأعضاء التي يسافر من أجلها المريض الذي ابتلاه الله بتلف أحد أعضائه أو فشله باحثا عن المكان المناسب لزراعة عضو جديد.
 
مكامن وعوامل الخطر 
من حق كل مريض البحث عن العلاج في أي مكان في العالم يكون مناسبا له من الناحية النفسية والمادية، وأوضح وجود عدة عوامل خطر في زراعة الأعضاء تستلزم أخذ الحيطة. ومثلا هناك الفشل العضوي كالكلى، أو تلف عضو حساس آخر كالكبد، أو الحاجة إلى زراعة نخاع، حيث يصبح ذلك العضو غير قادر على القيام بوظائفه الطبيعية.
 
ومن عوامل الخطر ما يلي:
1- البلد والتكلفة:
قد يظن البعض أن زراعة عضو هي مجرد عملية يمكن إجراؤها في أي مكان في العالم، متى ما توفر العضو المراد زراعته وزهد سعره. ولكن المشكلة تكمن في وضع البلد من الناحية الوقائية للأمراض المعدية خاصة فيما يتعلق بالأمراض المعدية المستوطنة في ذلك البلد.
 
ومن أهم أسباب فشل عملية العضو المزروع إن لم يكن الأهم على الإطلاق هو حصول التهاب في جسم المريض بشكل عام قد يصل إلى العضو المزروع وبالتالي يفشل العضو ويعود المريض إلى خط البداية.
 
لذا فإن اختيار البلد من ناحية التطور العلمي من الأسباب الرئيسية كما أن زهد السعر ليس من الأمور المشجعة لاختيار المكان.
 
2- المركز الطبي:
المركز الطبي لا يعني المكان الهندسي والشكل الخارجي الحديث فقط وإنما يشمل أيضا توفر الإمكانات الفنية من حيث الأدوات الجراحية والأجهزة التي تساعد على إجراء مثل هذه العمليات الكبيرة والتقنية المهنية للقائمين على الزراعة.
 
فإن لم يكن المكان مهيأ من حيث التصميم الهندسي للقيام بهذه العمليات منذ الإنشاء ومن حيث التوزيع خاصة فيما يتعلق بالتهوية الصحية حيث إن دخول أي هواء خارجي غير مفلتر (مرشح) قد يؤدي إلى الإصابات ببعض الفيروسات والفطريات المحمولة في الهواء الداخل مما قد يؤدي إلى فشل العملية بعد إجرائها.
 
كما أن الأدوات المستخدمة وجودتها من حيث إجراء التقنية ومن حيث تعقيمها ودقة أدائها وكفاءتها من الأمور التي يجب أن توضع في الحسبان بشكل كبير نظرا لدورها مستقبلا في أي مضاعفات قد تؤدي إلى فشل العضو المزروع.
 
3- جودة العضو المراد زرعه ومصدره:
نقصد هنا الشخص المتبرع خاصة من ناحية حالته المناعية. ففي حالة وجود مرض مزمن مثل الالتهاب الفيروسي بنوعيه (بي، سي) B أو C خاصة إذا ما كان العضو المزروع هو الكبد فإن انتقال هذا الفيروس إلى المريض المستقبل للعضو أمر لا جدال فيه.
 
لذا فإن الفحوص والتحاليل للمتبرع مهمة جدا خاصة فيما يتعلق بوجود بعض الفيروسات الانتهازية مثل الفيروس المضخم للخلايا (CytoMegalo Virus, CMV) وبالتالي دخول المريض في دوامة علاجية أخرى غير أدوية تثبيط المناعة.
 
وحيث إن الكثير من المراكز تبيع العضو بمبلغ باهظ بعد شرائه من أهل مريض متوفٍ حديثا أو دماغيا فقد لا يتم الكشف الكامل على الشخص المتبرع ولا يعرف أحد عن الأمراض التي يحملها والتي قد تشمل فيروس نقص المناعة المكتسبة.
 
4- كفاءة الجراحين ومهارتهم:
هي من الأمور التي قد تؤثر بشكل مباشر ليس فقط بتركيب العضو المزروع في مكانه بل من حيث الأساسيات الوقائية من التهابات جروح العمليات وحماية الفتق الجراحي والذي عادة ما يكون كبير الحجم لتفادي حصول التهاب فيه. ولذا فإن المحافظة على المريض المستقبل للعضو من أي التهاب تظل من أدق وأصعب الأمور التي قد تؤدي إلى فشل العضو المزروع.
 
أخطار المضاعفات
وبنظرة سريعة على أخطر ما يواجه هؤلاء المرضى من التهابات نجد أن الخطر يتركز أولا في التهاب الشق الجراحي والخطوط الوريدية إضافة إلى الرئتين كما أن الفيروسات المحمولة عن طريق الهواء هي الأكثر ظهورا في هؤلاء المرضى. 
 
وحيث إن الجهاز المناعي للشخص المستقبل يكون في أضعف حالاته، فلا تظهر علامات الالتهاب بالشكل المعروف وبالتالي يتأخر ظهور الأعراض فيتمكن الميكروب المسبب بإحداث التلف وبشكل كبير وسريع.
 
وحيث إن الزراعة تتم بطاقم طبي كامل ليس فقط الجراحين فإن أي ممرض مهما صغر حجم عمله والتصاقه بالمريض قد يكون أحد العوامل المسببة للالتهابات.
 
وفي دراسة حديثة بهذا الشأن وُجد أن بعض المرضى الذين تمت لهم الزراعة بنجاح عانوا من التهابات المجاري البولية التي أدت إلى فشل الكلى المزروعة نتيجة عدم إتباع الأساسيات الوقائية الصحيحة وقت إدخال القسطرة البولية.
 
أنواع الالتهابات 
 من الصعب جدا تحديد أنواع الالتهابات التي قد تصيب هذه الفئة من الناس بشكل دقيق، إلا أن ما يجب أن نعرفه أن المستقبلين للأعضاء عرضة للكثير والكثير جدا من الميكروبات خاصة إذا لم تؤخذ الاحتياطات الأساسية وبشكل صارم جدا أثناء وبعد الزراعة.
 
الالتهابات التنفسية، مثلا، تصاب بعدد كبير ومتنوع من الميكروبات، ومنها الفطريات مثل Spp Aspergillns وCapsulatum Histoplasma إضافة إلى ميكروب Coccidioides وكل من بكتيريا الـ Legionella والـPseudomonas فهي من أكثر الميكروبات التي تصيب الجهاز التنفسي بسبب وجودها في البيئة بشكل عام وفي الهواء بشكل خاص.
 
كما أن الاحتياطات الوقائية للمريض بعد العملية، التي يجب تطبيقها ومتابعتها في المركز الطبي، إن لم تكن صارمة جدا تجعله في وضع حرج للغاية خاصة إذا كان البلد الذي تمت فيه الزراعة من البلدان الفقيرة والموبوءة.
 
فبعض الأمراض مثل الدرن الرئوي المفتوح Mycobacterium tuberculosis الذي يكثر في البلدان الآسيوية الفقيرة بين المرضى من السهل جدا انتقاله بسبب ضعف الإمكانات الوقائية.
 
بل إن التهابا فيروسيا بسيطا لا يتعدى إنفلونزا عابرة لدى الأصحاء قد يكون كافيا لشل حركة الرئتين وإدخال المريض إلى مضاعفات قد توقف حياته.
 
ومن جانب آخر فإن «الالتهابات الناتجة لنوع الغذاء» من السهل جدا أن تصيب المريض بالالتهاب نظرا لسهولة وصول الميكروبات الموجودة في البيئة بشكل طبيعي إلى المواد الغذائية خاصة الطبيعية منها كالخضراوات والفواكه والبيض، وذلك نتيجة تناوله غذاء يحتوي على بعض الميكروبات البسيطة والتي عادة ما يوقف الجهاز المناعي للإنسان الطبيعي تأثيراتها الضارة، إلا أن أي تقصير أو سوء تطبيق للأسس الوقائية من ناحية الغذاء المستخدم قد يؤدي إلى نهاية غير سعيدة، بل إن كوبا واحدا من الماء والذي قد يحتوي على بعض الميكروبات القادرة على العيش فيه مثل listeria Monocytogenes , Legionella قد يكون كفيلا بإنهاء كل ما تم من جهود واستعدادات سابقة.
 
الوقاية 
الوقاية من العدوى بشكل عام هي الشغل الشاغل الذي يسعى إليه الأطباء المتخصصون في هذا المجال لتفادي وصول أي ميكروب إلى العضو المزروع. وفي حالة إجراء عملية الزراعة في إحدى البلدان الفقيرة فإن نسبة الخطر سوف ترتفع بسب ضعف الإمكانات وقلة الوعي الوقائي لعدوى المستشفيات.
 
وتتلخص أسس الوقاية في النقاط التالية:
- التأكد من براعة المركز الطبي من حيث جودة المكان وتجهيزه بالأسلوب العلمي الصحيح من حيث التقنية الطبية القادرة على إجراء تلك العمليات وتميزه بالبحث الطبي المبنى على البراهين.
 
- وجود الكفاءات الطبية المتخصصة والتي لا تتركز في وجود طبيب واحد فقط بل فريق طبي كامل ذي معرفة واسعة من حيث الأمانة العلمية في توفير أعضاء أناس لم يتوفوا بأمراض وبائية قد تنتقل بعد ذلك إلى الشخص المستقبل للعضو.
 
- الاستمرار في تناول المضادات الحيوية حسب المدة المحددة وعدم إغفال أي جرعة نظرا لخطورة ذلك.
 
- أخذ التطعيم اللازم قبل إجراء العملية وذلك لتفادي أخذ تطعيم لا يستطيع الجسم تقبله بعد الزراعة خاصة فيما يتعلق بالتطعيم المحتوي على ميكروبات حية مضعفة مثل الثلاثي الفيروسي والحمى الصفراء وشلل الأطفال الفموي. كما يجب أخذ التطعيم اللازم للإنفلونزا الموسمية والحمى الشوكة بشكل مستمر وحسب التوصيات اللازمة بعد الزراعة.
 
- البعد كل البعد عن أماكن البناء والإنشاء خاصة خلال فترة النقاهة المباشرة للعملية.
 
- الابتعاد عن الحيوانات مثل الكلاب والقطط حيث إن وجودها سبب رئيسي لجلب الميكروبات إلى المريض.
 
- عدم تناول أي طعام خاصة الخضراوات والفواكه الطازجة دون طبخ جيد.
 
- شرب المياه المعدنية ويفضل المعقمة لضمان خلوها من الميكروبات حتى لا تؤدي إلى حصول التهابات.
 
وأخير يظل موضوع زراعة الأعضاء من الأمور الخطرة والمعقدة جدا خاصة إذا ما تمت خارج الحدود وفى مراكز غير متخصصة وليست متقدمة في التقنيات الطبية والبحث العلمي.