بسبب الرغبة في إنجاب ذكور .. انتشار عمليات تغيير جنس الفتيات الصغيرات في الهند

ممارسات غير إنسانية بسبب رغبة الآباء في إنجاب ذكور، وتتراوح تكلفة العملية الجراحية لتغيير الجنس بين 2500 و3500 دولار .. وتتراوح أعمار الفتيات الضحايا بين عام وخمسة أعوام
ممارسات غير إنسانية بسبب رغبة الآباء في إنجاب ذكور، وتتراوح تكلفة العملية الجراحية لتغيير الجنس بين 2500 و3500 دولار .. وتتراوح أعمار الفتيات الضحايا بين عام وخمسة أعوام

 أدت رغبة الآباء الهنود في إنجاب ذكور إلى ممارسات غير إنسانية تمثلت في إجراء مئات العمليات سنويا لتغيير جنس فتياتهم الصغيرات اللاتي لا يسمح لهن سنهن باتخاذ قرار في هذا الأمر الذي يحدد مصيرهن.
 
يعد هذا التوجه الصادم نحو تفضيل الصبية سائدا في قرية إندور الصغيرة المحافظة التي تجري فيها مثل تلك العمليات في العيادات والمستشفيات مقابل مبلغ يتراوح بين 2500 و3500 دولار.
 
وتتراوح أعمار الفتيات الضحايا بين عام وخمسة أعوام. وتعرف هذه العملية باسم رأب الأعضاء التناسلية. ثم يتم إعطاء هؤلاء الفتيات الصغيرات هرمونات ضمن عملية تغيير الجنس التي لا يمكن عكس تأثيرها.
 
وقد جذبت هذه العملية نظرا لسهولتها وانخفاض تكاليفها في إندور آباء من دلهي ومومباي. تأتي من 7 إلى 8 في المائة من الحالات من المدن الكبرى على حد قول الأطباء.
 
ورغم شيوع هذه العملية نسبيا، حيث تستخدم لتصحيح الوضع غير الطبيعي للأعضاء التناسلية في المرضى البالغين، يتم إساءة استخدامها لتغيير جنس الفتيات.
 
يقبل الآباء على هذه العمليات رغم تحذير الأطباء بأن الفتيات بعد تحولهن سيصبحن رجالا غير قادرين على الإنجاب. إن الإعلاء من قيمة إنجاب صبي سمة من سمات المجتمع الهندي الذي ينظر إلى الفتيات كعبء نظرا لتكبد أسرة الفتاة تكاليف الزواج. 
 
وتحدث حالات طلاق بسبب إنجاب المرأة فتاة، ويتم إلقاء الفتيات الرضيعات في مقالب القمامة أحيانا ويتم قتلهن أحيانا أخرى دون موافقة الأم. ورغم حظر إجراء فحوص تحديد نوع الجنين في الهند حتى لا يتجه الآباء إلى الإجهاض في حال معرفتهم أن الجنين أنثى، يظل هذا التفكير مخيفا ومثيرا للقلق لاستمرار وجود خطر على المولودة.
 
وتعاني الهند من عدم توازن في نسبة الإناث إلى الذكور، حيث هناك زيادة 7 ملايين ذكر عن الإناث في أقل من السادسة من العمر. كذلك يزيد عدد الفتيات المفقودات في المناطق الغنية ذات المستوى الثقافي والتعليمي الأعلى عنه في المناطق الفقيرة. 
 
ويتضح التوجه العنيف في الهند ضد الإناث بشكل سافر في الإحصاءات الخاصة بقتل المواليد الإناث والاغتصاب، فضلا عن الأشكال الأخرى من التمييز بداية من التغذية والتعليم والصحة ووصولا إلى العمل والكرامة.
 
وبحسب المسح الذي أجرته مؤسسة «طومسون رويتزر»، تحتل الهند المركز الرابع على قائمة الدول الأخطر على النساء مقتربة بذلك من أفغانستان والكونغو وباكستان والصومال. المفارقة أن هناك عددا كبيرا من القوانين الهندية التي سنت لتحافظ على حقوق المرأة، لكن المشكلة تكمن في التطبيق نتيجة سيطرة العادات الرجعية. 
 
الأسوأ من ذلك أن القانون الهندي يسمح بإجراء مثل هذه العمليات، حيث يجري سبعة من جراحي الأطفال من إندور على صلة قوية بمستشفيات خاصة شهيرة وكذلك مستشفيات حكومية هذه العمليات.
 
وزعم الأطباء الذين قاموا بذلك أثناء التحقيق معهم أن الفتيات يعانين من مشكلات خلقية في أعضائهن التناسلية وتم إجراء هذه العمليات لتصحيح جنسهن مشيرين إلى قانونية إجراء مثل تلك العمليات للمواليد الذين يحملون الأعضاء التناسلية الذكرية والأنثوية. 
 
وقال دكتور ميليند جوشي الذي يجري هذه العمليات في مستشفى إندور : «عندما ينمو الطفل يشعر بنوع من الاضطراب بشأن جنسه سواء كان ذكرا أو أنثى. ويمكن أن تؤدي هذه العمليات إلى اضطرابات جنسية ونفسية».
 
لا يوجد أي نظام للتأكد من صحة هذه الأسباب المزعومة وهو ما يجعل من السهل إساءة استخدام هذه العملية. لا توجد في الهند مشكلة في إجراء مثل هذه العمليات، حيث لا يُطلب سوى موافقة الآباء وإقرار كتابي. ولا تقوم عملية تصحيح جنس المولود فقط على أساس الأعضاء الداخلية، بل الخارجية أيضا، حيث إن احتمالات أن يكون المولود خليطا من ذكر وأنثى قليلة. 
 
لذلك ينصح المجلس الطبي الهندي ووزارة صحة مادهيا براديش باتخاذ إجراءات لضمان عدم تحقيق الآباء الذين يتوقون إلى إنجاب طفل صبي لرغبتهم من خلال الاستعانة بأطباء فاسدين يقومون بتغيير جنس الفتيات وهنّ في السنة الأولى من عمرهن.
 
ودعا المجلس الطبي الهندي إلى تشكيل لجنة طبية من الخبراء لتحديد مدى الحاجة في كل حالة إلى إجراء مثل هذه العمليات والقيام بحملات تفتيش في كل المدن بحسب الأستاذ غاوتام سين، أحد أعضاء لجنة الحكماء بالمجلس الطبي الهندي ومدير الجراحة في جمعية الجراحين الهندية. وقال سين: «ينبغي أن يكون هناك مجلس طبي لتحديد ما إذا كان هناك حاجة إلى هذه العملية الجراحية أم لا. يجب أن تتخذ اللجنة قرارا مسؤولا وألا يقتصر اتخاذ القرار على الآباء والأطباء فقط». 
 
على الجانب الآخر، شعر منتقدو زيادة عدد عمليات تغيير الجنس للمواليد في إندور بالقلق على مستقبل الإناث اللاتي لا يعانين من مشكلة تتعلق بالجنس وخضعن لمثل هذه الجراحة متسائلين عن كيفية تعاملهن مع الأمر. 
 
وعلى خلفية هذا أصدر مكتب رئيس الوزراء الهندي أمرا بفتح تحقيق في الأمر. إن إجراء مثل هذه العمليات عار على الدولة التي تولت المرأة فيها منصب رئيس الجمهورية وهي براتيبها باتيل وتترأس فيه امرأة مثل سونيا غاندي حزب المؤتمر الحاكم وتترأس فيه سوشما سواراج المعارضة في البرلمان، ممثلة لثاني أكبر حزب معارض في الهند.