من هي هنا "رباني خير" أول وزيرة خارجية في باكستان؟

هنا رباني خير من عالم إدارة الفنادق إلى السياسة، وهي غير متزوجة وتستمتع بقيادة الدراجات والقراءة والسفر ووصفت بأنها سيدة مرحة تتسم بالحماس والنشاط
هنا رباني خير من عالم إدارة الفنادق إلى السياسة، وهي غير متزوجة وتستمتع بقيادة الدراجات والقراءة والسفر ووصفت بأنها سيدة مرحة تتسم بالحماس والنشاط

 إنها وجه الدبلوماسية الباكستانية. اختار يوسف رضا جيلاني، رئيس الوزراء، السيدة الباكستانية الدمثة، واسعة العلم والمعرفة، هنا رباني كهر، التي كانت في السابق وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية خلفا لوزير الخارجية، شاه محمود قريشي، في فبراير (شباط) العام الحالي بعد إقالته.
 
وتعد هنا، التي تبلغ من العمر 34 عاما، أول وزيرة دولة للشؤون الخارجية في تاريخ باكستان. فمن غير المعتاد في باكستان تعيين شابة لتمثيلها في الخارج، في مجتمع ما زال يعتنق أفكارا محافظة فيما يتعلق بعمل المرأة في السياسة.
 
ويمثل تعيين السياسية الشابة هنا، التي تعد مثالا للعصرية والتحضر، في باكستان التي اغتالت بي نظير بوتو أول رئيسة وزراء باكستانية، تحديثا لهذه الأفكار. 
 
على الرغم من أنها من قرية كهر غاربي في إقليم مولتان بباكستان، فإن هنا لم تقطن بها. وبفضل ما أظهرته هنا من نبوغ وتفوق تم السماح لها بإكمال تعليمها. وكان ذكاؤها وتفوقها الدراسي واضحين، حيث حصلت على شهادة البكالوريوس من كلية علوم الإدارة بجامعة لاهور. 
 
وغادرت باكستان في مرحلة لاحقة للحصول على درجة الماجستير في علوم الإدارة من جامعة ماساتشوستس، بالولايات المتحدة عام 1999، وهناك اعتادت ارتداء الفساتين الأوروبية والبزات الأميركية، وأتاحت لها الثقافة الأميركية القائمة على الاطلاع في المكتبات، الاستزادة من العلوم والمعارف. ولقد كانت تسير خارج الحرم الجامعي وكأنها شابة تنتمي إلى دولة من دول البحر المتوسط، مثل إسبانيا أو البرتغال أو إيطاليا أو جنوب فرنسا.
 
وعند عودتها إلى باكستان قررت الانتقال من الريف إلى مدينة لاهور، حيث تتمتع السيدات المتحررات بمساحة من الحرية، وافتتحت مطعما في حي لاهور بولو غراوندز الراقي، وكان «بولو لونغ» مطعما راقيا في مدينة لاهور ويجذب النخبة من الباكستانيين والأجانب، ودخلت سليلة العائلة الإقطاعية الباكستانية، التي تعود جذورها إلى ولاية البنجاب، عالم السياسة عن طريق والدها السياسي، غلام رباني كهر، حيث تركت العمل في مجال إدارة الفنادق، الذي كانت شغوفة به إلى حد كبير. 
 
إنها غير متزوجة وتستمتع بقيادة الدراجات والقراءة والسفر. على الرغم من عدم السماح للنساء بالمشاركة في السلطة في باكستان، فقد كانت مسيرة هنا ناجحة، فهي لم تتراجع يوما، وتصر على البقاء في المقدمة دوما، وقد وصفها أحد الموظفين في وزارة الخارجية بأنها سيدة مرحة، تتسم بالنشاط والحماس.
 
وأضاف: «إنها فصيحة وذكية ومبادرة، وتتمتع ببعد النظر، على الرغم من صغر سنها، ومع ذلك فهي متواضعة وودودة، وتتسم بالكفاءة في العمل، وإذا كان هناك الكثير مثلها في باكستان، فربما تتغير صورة باكستان أمام العالم، وتصبح أفضل». 
 
ونظرا لكونها سيدة أعمال بالأساس، فإن لديها كل صفات الشخصية القيادية، وقد فازت في انتخابات عام 2002 عن حزب مسلم ليغ باكستان (الرابطة الإسلامية).
 
وتولت منصب رئيسة اللجنة البرلمانية للشؤون الاقتصادية والإحصاءات في البرلمان، وتتولى توزيع كل القروض والمنح الأجنبية بالشكل المناسب. ولدى تخرجها في الجامعة، ومن دون أن يكون لديها أي خبرة، تولت مسؤولية مليارات الدولارات التي تتدفق إلى البلاد. 
 
وفي نهاية عام 2007 عندما بدأت أمور حزب مسلم ليغ باكستان تسوء، قرروا عدم ترشيحها في انتخابات 2008، وقد نقلت عنها الصحف قولها إنها شعرت بجرح كبير بسبب تجاهلها بعد كل ما بذلته من جهد. ورشحها حزب الشعب الباكستاني، وتم انتخابها كعضو في البرلمان، في انتخابات 2008 عن دائرة مظفر غار للمرة الثانية، وتم تعيينها في المنصب نفسه في وزارة الشؤون الاقتصادية.
 
وقد قالت في مقابلات إعلامية، عندما سئلت عن شعورها كشابة تعمل في الحكومة الباكستانية، في مجتمع يهيمن عليه الذكور إنها تشعر بأنها في أفضل حال، ولا يوجد أي تمييز ضدها.
 
لكنها أوضحت أن سنها تثير التعجب أحيانا، لأنها أصغر من أن تتولى هذا المنصب بكل المقاييس، لكن خبرتها الكبيرة والتدريب على العمل ساعداها في القيام بمهام هذا المنصب، لكن الأهم من ذلك هو جديتها في العمل، وهو ما شجع الآخرين على اتخاذها مثلا. 
 
وتقول هنا «لقد شهدت الأعوام القليلة الماضية تغيرات كثيرة، فقد تخرجت عام 1999، وخلال ست سنوات حدث تحول كبير في البلاد نحو التمدن والعصرية، ليس فيما يتعلق بالملابس، بل أعني في السلوك والقيام بالعمل، فمن الصعب التمييز بين المدن الباكستانية والمدن في الغرب، لكنني ما زلت أشعر أن هناك شيئا مفقودا، فإننا نستطيع أن نتصرف على نحو أكثر رقيا وتقدما، ولا يمكنني أن أتحمل هؤلاء الذين لا يفخرون بكونهم مواطنين باكستانيين، سواء هنا أو في الخارج، ولا أحب أن يغير الناس أسماءهم لتصبح ذات وقع أجنبي، ويتحدثون باللكنة الغربية، فعلينا أن نتفهم ونتقبل ثقافتنا ونفخر بها، فمحاكاة بعض جوانب الثقافات الأخرى لا تؤدي إلى تقدم حقيقي في المجتمع. لقد ارتفع جدار الخوف الجماعي ليقترب من جبل نانكا بربت». 
 
وأصبحت هنا، بفضل خبرتها الكبيرة في مجال الاقتصاد الدولي، أول امرأة تلقي خطاب الميزانية عام 2009، وهو شرف نادرا ما تحظى به أي امرأة، كذلك تعد هنا أول وزيرة باكستانية ترأس وفدا رسميا إلى المملكة العربية السعودية، وقد تصدر ذلك الخبر الصحف وكان من العناوين الرئيسية بها. 
 
كذلك رحبت وسائل الإعلام الهندية بخبر تعيينها وزيرة، ويود بعض الهنود أن تكون هنا مثل أنديرا غاندي، رئيسة الوزراء الهندية، وسونيا غاندي، رئيسة البرلمان الهندي الحالي. وينتظر الهنود من هنا العمل على تحسين العلاقات الهندية - الباكستانية. والأمر المؤكد هو أنها سوف تجذب عدسات المصورين خلال زياراتها إلى الهند.