"جواهرجية" بحرينيون يلجأون لبنوك سرية لإقراضهم

تحولت العديد من محلات الذهب في البحرين إلى بنوك غير رسمية لإقراض المحتاجين بشكل طارئ للسيولة المالية في شكل قروض قصيرة الأجل لفترات لا تزيد عن 3 شهور، وتتم هذه التمويلات العاجلة بدون أية تعقيدات، ولكن بفوائد أعلى بكثير من البنوك الرسمية (تتراوح الفائدة في البنوك البحرينية بين 4-9% سنويا).


ونتيجة استفحال الظاهرة على نطاق كبير أصدرت وزارة الصناعة والتجارة البحرينية قرارا منعت بموجبه جميع تجار الذهب من ممارسة عملية الرهن، باعتبار أن ذلك يصنف ضمن التسهيلات الائتمانية التي تقدمها البنوك الرسمية للعملاء، وهي خاضعة لرقابة مصرف البحرين المركزي، وهددت الوزارة المخالفين بعقوبات رادعة، ودعت التجار للتوقف الفوري عن استلام المصوغات الذهبية من قبل الزبائن بغرض الرهن وإرجاع المصوغات المستلمة سابقا، إضافة للتوقف عن الإعلان عن تقديم تسهيلات رهن الذهب في المجلات الإعلانية والجرائد، ولكن على الرغم من قرار المنع إلا أن عددا من تجار الذهب لا يزالون يمارسون العملية في الخفاء.
 
الحاجة للتمويلات العاجلة
وأرجع التجار العاملون في مجال رهن الذهب سبب لجوء العملاء إلى هذه الطريقة إلى ضعف الرواتب وغلاء المستوى المعيشي، وحاجة بعض الأفراد والأسر إلى تمويلات عاجلة، وخصوصا في المناسبات والمواسم.

وقال أحد التجار العاملين بالرهن: إن ضعف الرواتب وغلاء المستوى المعيشي دفع الكثيرين إلى عمليات الرهن رغبة في توفير الكماليات الضرورية في الحياة، موضحا أن نسبة الفائدة التي يتم احتسابها تختلف من صائغ لآخر، غير أنها في الغالب تتراوح ما بين 10% إلى 15%، وذلك بناء على تقييم ورؤية الصائغ نفسه دون وجود معايير عامة تحكم العملية، فعلى سبيل المثال عندما يقوم الزبون برهن قلادة من الذهب تزن 30 جراما نقوم حينها باحتساب سعر الجرام وفق سعر السوق، ثم نضيف إلى السعر الإجمالي للقلادة 10% كفائدة شهرية لعملية الرهن، موضحا أن عملية الرهن تبرم في شكل عقد بين الطرفين "البائع والمشتري" ويتم الإيضاح في العقد أنه يحق للصائغ التصرف في المصوغات بعد فترة محددة قد تصل إلى شهرين أو ثلاثة على أكثر تقدير في حال عدم سداد الزبون لمبلغ الرهن.

وأضاف: "تعيش السوق حاليا حالة من الركود، وكانت عمليات الرهن تُحدث بعض الحلحلة؛ إلا إن قرار المنع الذي لم نجد له مبررا أرجعنا كتجار إلى حالة الركود، ولذا نتمنى أن تتم إعادة النظر في هذا القرار لما له من تبعات سلبية على واقع سوق الذهب، مشيرا إلى أن بعض التجار يمارسون هذه العمليات في الوقت الحالي بشكل سري خوفا من المساءلات والجزاءات القانونية".
 
الغلاء وراء الظاهرة

لكن صاحب "مجوهرات ماريا" وليد صديق يرى أن قرار منع التجار من ممارسة عمليات الرهن هو أمر صحي يضبط التعاملات في سوق الذهب؛ حيث إن وجود هذه الظواهر الغريبة ولد لدى التجار الطمع، وجعلهم يتاجرون بمعاناة الناس الحياتية وحاجتهم إلى المال في ظل الغلاء الفاحش في مختلف القطاعات.

وقالت أمينة (موظفة): "إن تفضيلي لعملية رهن الذهب على القروض المصرفية جاء بسبب قصر فترة الرهن مقارنة بقرض البنك والذي يأخذ فترات طويلة وفوائد عالية، وبمقارنة الخيارين المتاحين نجد أن عملية الرهن عملية أكثر مرونة في الوقت الحالي نظرا لرتم الحياة السريع، غير أن قرار وزارة الصناعة والتجارة بمنع رهن الذهب منع أحد المنافذ التي كانت تخفف علينا عبء الحياة اليومية".
 
ممارسة غير شرعية
من جهته قال الخبير الاقتصادي الدكتور أكبر جعفري لـ"الأسواق.نت": إن عملية رهن الذهب هي ممارسه تجارية غير منظمه وغير قانونية أو شرعية، وتؤدي في النهاية إلى إفراز حالات اقتصادية خطرة تهدد وتيرة النمو في الاقتصاد البحريني، وبالتالي فلا بد من العمل على تحجيم العملية من أجل التوصل في المرحلة المقبلة إلى إنهاء السوق السوداء التي أخذت في البروز نتيجة مثل هذه المعاملات.

وأضاف أن إدراك وزارة الصناعة والتجارة لتداعيات وآثار هذه الظاهرة التي استفحلت في المجتمع البحريني هي التي دعتها إلى إصدار التشريعات القاضية بمنع مزاولة هذه النشاطات من أجل تقويم الوضع، وإصلاح النشاطات التجارية التي شابها الخلل في الفترة الأخيرة.

وبين أن سبب بروز ظاهرة رهن الذهب هو المشاكل المالية التي أصبحت تطفو بين الناس نتيجة ضغوطات الحياة العامة، كما أن المجتمع البحريني تغلب عليه الطبقة الوسطى التي غالبا ما تبحث عن الوسائل السهلة التي من شأنها أن تساعدهم في حياتهم.