لماذا تكون مشكلات النوم بوابة لأمراض أخرى خطيرة؟

انقطاع التنفس الانسدادي قد يقود إلى الإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم
انقطاع التنفس الانسدادي قد يقود إلى الإصابة بالسكري وارتفاع ضغط الدم

لم يعد طب النوم طبا ترفيهيا كما يعتقد البعض، حيث ثبت علميا أن بعض اضطرابات النوم قد تؤدي للإصابة بمرض السكري وارتفاع ضغط الدم، وهنا يكون الإنسان عرضة لجلطات الدماغ والقلب.


انقطاع التنفس
وأثبتت الدراسات الطبية الحديثة أن النوم غير السوي، الناتج عن انقطاع التنفس الانسدادي أثناء النوم، والحركة المتتالية غير الإرادية للساقين، التي يصاحبها الاستيقاظ لمدة ثوان، قد يؤدي لإصابة الإنسان بأمراض السكري وارتفاع ضغط الدم.

وبعض الأشخاص، خاصة أصحاب الأوزان الزائدة، يحدث لهم سدد في الجزء العلوي من الجهاز التنفسي أثناء النوم.. وإذا ما استمر هذا السدد لأكثر من 10 ثوان فقد يحدث لديهم انخفاض في نسبة الأكسجين بالدم، وبطء في معدل ضربات القلب، لذا يستيقظ الشخص لمدة ثوان ليتنفس وينام مرة أخرى، وهو ما يؤدي إلى صدور صوت الشخير. وعادة لا يشعر الشخص بكل هذا، وعندما يلجأ للعيادة لا يشكو من مشكلات بالتنفس، وإنما من الشعور الدائم بالتعب والرغبة في النوم طوال الوقت، حيث ينامون في أماكن أو أوقات لا يرغبون في النوم فيها.

طرق التشخيص المتبعة
تقوم طرق التشخيص المتبعة بتسجيل النوم لهؤلاء الأشخاص في مختبر متخصص يسمى مختبر النوم، فنجد أن نومهم غير سوي، ولم يمر بمراحل النوم الطبيعية. كما أن نسبة الأكسجين بالدم تكون قليلة، ومعدل ضربات القلب به اختلال، وهو ما يؤدي على المدى الطويل لارتفاع في ضغط الدم، وقد يتطور الأمر ويؤدي في المراحل المتقدمة إلى الإصابة بجلطات في الدماغ أو القلب.

اضطراب حركة الساقين
أما اضطراب الحركة اللاإرادية المتتالية للساقين، والتي يصحبها استيقاظ في الدماغ، فهي حركة غير إرادية لا نراها، لكن نستطيع تسجيلها في مختبر النوم. ويشكو مريض هذا الاضطراب أيضا من الإرهاق والتعب، والنوم في أوقات وأماكن غير مرغوب فيها، ويظهر هذا الاضطراب عند مرضى السكري والأنيميا (فقر الدم).

ونشير هنا إلى أن اضطرابات النوم تنقسم لأكثر من 84 نوعا، لكن أعراضها ليست كثيرة، فإما أن تكون نقصانا أو زيادة في مقدار النوم، أو أحداثا غريبة تحدث أثناء النوم، مثل الكلام أو المشي أثناء أو الكوابيس والفزع الليلي.

وتؤكد أن «النوم المفاجئ يعتبر من أخطر أعراض اضطرابات النوم، حيث يفاجأ الشخص بأنه ينام في أوقات غير مرغوب فيها، مثل النوم أثناء اجتماع أو أثناء القيادة».

معدل النوم الطبيعي
وعن معدل النوم الطبيعي للإنسان، توضح لوزا أن «المعدل الطبيعي هو عدد ساعات النوم التي يستيقظ بعدها الإنسان ولا يضطر لأن ينام في مكان أو وقت لا يريد أن ينام فيه .. ويختلف معدل النوم من شخص لآخر، فبعض الأشخاص ينامون لفترات قصيرة ما بين 4 و6 ساعات، ويكون هذا الوقت كافيا جدا بالنسبة لهم لإعادة تنظيم عمل الجهاز العصبي، وهناك من ينامون لفترات طويلة تتراوح بين 9 و12 ساعة يوميا، ويلعب العامل الوراثي دورا في تحديد عدد ساعات النوم لكل شخص.

وجرت العادة على القول بأن الشخص يحتاج للنوم لمدة 8 ساعات يوميا، وبالتالي أصبح من ينام أقل أو أكثر من 8 ساعات يوميا يعتقد أن لديه اضطرابات في النوم، وهو اعتقاد خاطئ، لكن أغلبية الأشخاص تتراوح معدلات نومهم بين 7 و9 ساعات يوميا.

والأهم من عدد ساعات النوم أن يكون النوم سويا، وأن يمر بمراحله الطبيعية، وهي 4 مراحل تشكل دورة مدتها 90 دقيقة، وتتكرر الدورة أربع أو خمس مرات في الليلة.

وتبدأ الدورة بالمرحلة الأولى (الغفوة) التي تستمر لدقائق قليلة يتم فيها إغلاق منافذ الوعي السمعية والبصرية، أما المرحلة الثانية (حشو النوم) فهي تمثل نحو 50% من فترة نومنا، ثم ندخل في النوم العميق من خلال المرحلة الثالثة.

أما المرحلة الرابعة (الحركة السريعة في العين)، فتصبح فيها عضلات الجسم مرتخية تماما والعين تتحرك، وهى المرحلة التي تحدث فيها الأحلام. فإذا مر النوم بهذه المراحل، سيستيقظ الإنسان نشيطا ولا يشعر بأي تعب، أما إذا حدث خلل في هذه المراحل سيشعر الشخص عند الاستيقاظ بالتعب والإجهاد.

النوم والمرأة
وتعليقا على حقائق «النوم عند المرأة»، وهو من الموضوعات التي حصلت في السنوات الأخيرة على اهتمام العلماء، فأن دراسة النوم عند المرأة ليست بالأمر السهل، فالمرأة تتعرض للكثير من التغيرات الفسيولوجية خلال عمرها، وهو ما تجب مراعاته أثناء الدراسة.

لذا تأخرت هذه الدراسات لأنها تتطلب وقتا ودقة، كما أنها اهتمت بدراسة الجانب الفسيولوجي العضوي والجانب السلوكي. ومن الناحية السلوكية توصلت الدراسات إلى أن السيدات في فترة الأمومة ورعاية الأطفال، أي من عمر 25 إلى 45 سنة، لا يحصلن على عدد ساعات النوم التي يحتاجها الجسم، وبالتالي يقل تركيزهن وجودة أدائهن في اليوم التالي. أما من الناحية العضوية، فقد أصبح الأرق، الذي يصيب بعض السيدات أثناء الدورة الشهرية ومع توقفها، من ضمن تصنيفات اضطرابات النوم.

مشكلات الأرق
الأرق عرض وليس مرضا، فهو عرض لأشياء كثيرة أشهرها الحالة النفسية، أو معاناة الشخص من مشكلة أو قلق معين، وقد يكون بسبب اختلال مواعيد النوم.. فعلاج الأرق يكون بعلاج الأسباب المؤدية لحدوثه، ويقسم الأرق إلى وقتي ومزمن، ويعتبر الأرق الذي يصيب السيدات في وقت الدورة الشهرية أرقا وقتيا.

وننصح بعدم اللجوء للمنومات إلا تحت إشراف الطبيب، وفي المقابل فهناك الكثير من النصائح التي يجب على كل إنسان اتباعها حتى يحصل على نوم هادئ وصحي، ومن أهمها النوم والاستيقاظ في نفس المواعيد يوميا، والابتعاد عن الوجبات الدسمة أو التي تحتوي على توابل كثيرة قبل النوم، وتناول بعض الأطعمة التي تحتوي على مادة (التربتوفان) التي تساعد على النوم مثل الفواكه ومنتجات الألبان.

ويجب الابتعاد تماما عن المنبهات للحصول على نوم هادئ، ومن أشهرها القهوة والشاي والقرفة والمشروبات الغازية والشوكولاته وبدائل السكر والنيكوتين والكحوليات.

ويجب استخدام حجرة النوم والسرير للنوم فقط، فمن الملاحظ أن الأشخاص الذين يعانون من الأرق يحولون حجرة النوم لحجرة معيشة، فنجد الشخص يستخدم الحجرة لمشاهدة التلفزيون، والجلوس على الكومبيوتر، أو المذاكرة.. لذا عندما يقرر النوم يشعر بالاستيقاظ وليس الرغبة في النوم.

ويفضل أخذ حمام ساخن قبل النوم للمساعدة على النوم الجيد، كما أن ممارسة الرياضة قد تكون مفيدة أيضا، لكنها يجب أن تكون قبل الشروع في النوم بنحو 6 ساعات، فالاعتقاد بأن ممارسة الرياضة قبل النوم مباشرة تساعد على النوم غير صحيح.

نوم الطفل
واليك بعض النصائح للأمهات لتجنب اضطرابات النوم عند الأطفال، حيث ثبت علميا أن 25% من الأطفال يعانون من مشكلات في النوم تؤثر على الطفل ونموه وعلى الأسرة بأكملها. وهذه الاضطرابات قد ترجع لأسباب عضوية مثل آلام البطن والأذن ومشكلات التنفس والحساسية، إلى جانب الأسباب السلوكية.

والطفل يستيقظ ويعاود النوم عدة مرات أثناء الليل.. ولأن الأم تقوم بـ«تنويم» الطفل أثناء الجلوس أمام التلفزيون بينما تحيطه الأصوات والإضاءة، لذلك فإنه عندما يستيقظ مرة أخرى يبحث عن هذه الأجواء حتى يستطيع معاودة النوم مرة أخرى.

ولذا يجب على الأم تهيئة الطفل وهو رضيع على النوم بشكل صحيح، فعندما تنوي الأم تنويم الطفل أو عندما يرغب هو في النوم يحب وضعه في غرفة ذات إضاءة منخفضة، وبمجرد دخوله في النوم يوضع في سريره.

وعندما يكبر نعوده بشيء من الروتين أن موعد النوم قد حل، مثل القيام بغسل أسنانه وارتداء ملابس النوم. ويجب أن يثبت مواعيد النوم والاستيقاظ، ولا ينام في أماكن متباينة، فالنوم يعتمد في جزء كبير منه على تعديل السلوك، ما دامت لا توجد له موانع عضوية.