أشعة الرنين المغناطيسي قد تساعد على تشخيص مرض التوحد

خريطة مفصلة لـ6 مناطق مسؤولة عن اللغة والوظائف الاجتماعية والعاطفية
خريطة مفصلة لـ6 مناطق مسؤولة عن اللغة والوظائف الاجتماعية والعاطفية

يقترب الباحثون من التوصل إلى اختبار جديد لتشخيص اضطرابات طيف التوحد باستخدام أشعة الرنين المغناطيسي. وعادة ما يتم تشخيص مرض التوحد من خلال المراقبة السلوكية وبعض الاختبارات التربوية والنفسية، أما الاختبار الجديد، الذي يطلق عليه اسم اختبار لانج - لنهارت (Lange - Lainhart test) وهما الباحثان اللذان توصلا إليه، فيعتمد على استخدم أشعة الرنين المغناطيسي في رسم خريطة مفصلة للتوصيل الكهربائي في ست مناطق بالدماغ مسؤولة عن اللغة والوظائف الاجتماعية والعاطفية.


وإذا نجح هذا الاختبار مع عدد أكبر من الأشخاص، فإنه سيكون وسيلة جديدة لإجراء تشخيص مبكر وأكثر تحديدا للمرض. كما سيقدم للباحثين صورة أفضل للجذور الجينية لمرض التوحد. وقد نشرت النتائج الجديدة عن هذا الاختبار على موقع مجلة أبحاث التوحد «أوتزم ريسيرتش».

ويشير مركز السيطرة على الأمراض إلى أنه يوجد طفل مصاب بالتوحد من بين 110 أطفال يولدون في الولايات المتحدة. ويشير مصطلح اضطرابات طيف التوحد إلى مجموعة من اضطرابات النمو التي تكون معتدلة وحادة وتؤثر في كثير من الأحيان على قدرة المصاب على التخاطب والتواصل مع الآخرين.

اختبار دقيق 
وأظهرت النتائج دقة اختبار أشعة الرنين المغناطيسي بنسبة 94 في المائة في تشخيص مرض التوحد بين 30 رجلا تتراوح أعمارهم ما بين 18 و26 كان قد تم تشخيصهم على أنهم مصابون بنوع وظيفي حاد من التوحد مقارنة بـ30 رجلا من نفس الفئة العمرية لم تشر أي دلائل إلى إصابتهم بالمرض. وكرر الباحثون اختبارا آخر على مجموعة أصغر من المشاركين، وكانت النتائج مماثلة.

ويقول نيكولاس لانغ، الأستاذ المساعد في الطب النفسي في كلية الطب بجامعة هارفارد ومدير مختبر الإحصاءات العصبية في مستشفى ماكلين ببوسطن، إن اختبار تشخيص التوحد باستخدام الرنين المغناطيسي لم يعتمد بصورة نهائية بعد. ونقل عنه موقع «ويب إم دي هيلث نيوز» الطبي الإلكتروني أن «دراسات تجرى حاليا على مزيد من الأشخاص في مختبرات أخرى للمساعدة على تحديد كيفية الاستفادة من هذا الاختبار بصورة أكبر».

ويقول لانغ إن اختبار لانغ – لنهارت يدرس التوصيل الكهربائي في الدماغ بطريقة مفصلة جدا ويمكنه تحديد الانحرافات في دوائر المخ الكهربية في الأشخاص المصابين بالتوحد.

كما ستتم دراسة قدرة هذا الاختبار الجديد على تحديد أنواع أخرى من التوحد وعلى اكتشاف المرض في أطفال أصغر وأفراد مصابين باضطرابات أخرى في الدماغ.

ويسبب كل اضطراب عصبي أو نفسي تقريبا خللا في دوائر الدماغ، لذلك فإن الاختبار يجب أن يكون قادرا على التمييز بين الخلل الذي يحدث بسبب التوحد والاضطرابات الأخرى.

واختبار أشعة الرنين المغناطيسي ليس مجرد اختبار تشخيص طبي أو بيولوجي لحالة توحد، تكون في تطور، بل إنه يأخذ بعين الاعتبار أيضا اختبارات الدم والبول التي تجرى في الولايات المتحدة ودول أخرى وكذلك اختبارات التصوير الأخرى عند تشخيص التوحد.

وليس من الواضح بعد ما إذا كان هناك اختبار - إن وجد – يمكن أن يقدم التشخيص النهائي للتوحد، ويتفق خبراء التوحد على الحاجة لإجراء اختبار طبي للمساعدة على التشخيص.

ويقول لانغ: «إننا لا نعرف حقا ما هو التوحد، وكل ما لدينا في الوقت الحاضر هو اختبار ذاتي يستخدم لتشخيص هذا الاضطراب يتضمن مقابلات لمدة أربع ساعات مع الوالدين ومراقبة الطفل لمدة ساعة واحدة».

ويضيف أن هذا الاختبار يقيس فقط سلوك الطفل وقدراته المعرفية، ويخضع لطلب الطبيب.

وتقول أدريانا دي مارتينو، أستاذة مساعدة في الطب النفسي لدى الأطفال والمراهقين في جامعة نيويورك الطبية، مركز لانغون في مدينة نيويورك، إنها تشعر بتفاؤل حذر تجاه نتائج الاختبار الجديد.

ولكن دي مارتينو تقول: «إننا نتحدث عن اختبار يمكن استخدامه في العيادات، ونحن بحاجة لدراسة مجموعة كبيرة من الأفراد المصابين بمرض التوحد وأمراض أخرى. أنا أقول الآن إن لدينا اختبارا لتشخيص التوحد من خلال أشعة الرنين المغناطيسي، لكننا قد نصل لهذا الأمر في المستقبل.

إن وجود اختبار دقيق وصحيح أو علامات بيولوجية سوف يساعد، لكنه من غير المرجح يلغي دور الطبيب النفسي. إذ إن عمل الطبيب النفسي، مراقبة سلوك الأطفال، لا يزال حاسما في تشخيص الإصابة بمرض التوحد».

تشخيص مبكر
وأضافت أن «مثل هذا الاختبار يمكن أن يؤدي أيضا إلى التشخيص المبكر للمرض، حيث قد تمكن من اكتشاف علامات التوحد عند أطفال عمرهم 18 شهرا أو أقل، ولكن التشخيص المعتمد لا يتم قبل أن يصل عمر الطفل إلى سنتين». وحذرت من أن التشخيص والتدخل المبكر قد يكون له أثر خطير على نتائج العلاج لدى بعض الأطفال المصابين بالتوحد.

ويقول كيفين بيلفري، الأستاذ المشارك في الطب النفسي للأطفال وعلم النفس في كلية الطب بجامعة ييل في نيو هيفن، كونيتيكت إن «تشخيص التوحد قبل سن الثانية غير معتمد في مراكز الأكثر تطورا، لكن إذا توافر لدينا معيار موضوعي للتشخيص يمكننا القيام بذلك قي وقت مبكر».

وأضاف أن «مراقبة سلوك الأشخاص الذين يعانون من مرض التوحد هو إجراء رائع، لكنه بدائي بالمقارنة مع ما يمكن القيام به من خلال إجراء كمي يعتمد على دارسة الدماغ».

وأضاف بيلفري أن هناك فوائد أخرى كذلك، حيث إن تصوير الدماغ يمكن أن يساعد على اكتشاف الأسس الجينية لمرض التوحد من خلال ملاحظة وجود أنماط معينة بين الذين يعانون من مرض التوحد وأفراد أسرهم غير المصابين.

كما أن تصوير الدماغ يمكن أن أيضا أن يساعد على تحديد الأنواع المختلفة لمرض التوحد. وسوف يساعد توافر صور وفهم أفضل للفروق الدقيقة في الوصلات الكهربائية للدماغ أيضا الأطباء على وضع علاجات أكثر دقة.

واستطرد بيلفري قائلا: «يمكننا أيضا دراسة الحالات الخفية عندما يكون التوحد واحدا من بين عدد من الاحتمالات، لكننا لن نتمكن أبدا من فحص كل طفل يولد بأشعة الرنين المغناطيسي لمعرفة ما إذا كان معرضا لخطر الإصابة بمرض التوحد أم لا. وفي غضون أعوام قلائل من القيام بمثل هذه الدراسات سيكون لدينا قدرة على التشخيص من خلال صور الدماغ، لكنها لن تحل أبدا محل المراقبة السلوكية للطفل».