غيرة الأم من ابنتها مشكلة شائكة لابد من مواجهتها

بالطبع هذه مشكلة فردية وليست ظاهرة عامة لأنها تحدث بصورة نادرة جدا حينما يكون هناك خلل ما بشخصية الأم
بالطبع هذه مشكلة فردية وليست ظاهرة عامة لأنها تحدث بصورة نادرة جدا حينما يكون هناك خلل ما بشخصية الأم

تعتبر الغيرة بين الأم وابنتها مشكلة خطيرة لكن لا يتم التعبير أو الإفصاح عنها بسبب التحفظات الاجتماعية بشكل عام، فلا يمكن أن تعترف أي أم بأنها تشعر بالغيرة تجاه ابنتها حتى لا ينظر إليها المجتمع نظرة سلبية أو يعتبرونها غير طبيعية.


وبالطبع هذه مشكلة فردية وليست ظاهرة عامة لأنها تحدث بصورة نادرة جدا حينما يكون هناك خلل ما بشخصية الأم وهي غير مسؤوله عنه إنما يسيطر عليها بسبب تعرضها لظروف خارجة عن إرادتها خلال مشوار حياتها وفقدانها لكثير من المتع التي تتوفر لدى ابنتها.

لكن لماذا تغار الأم من ابنتها
1- فرق السن:

يمثل التقدم في السن شبحا يخيف جميع النساء، وتحاول المرأة الهروب والتخفي منه حيث تتلف مخالبه كل سماتها الأنثوية فهو يفقدها أغلى ما تملك المرأة ومنها:

- جمال الوجه والجسم لأنه يحول الصورة الجذابة التي اعتادت أن تسعدها إلى تجاعيد مخيفة تفزع منها عند النظر في المرآة.

 
- خصوبتها حيث يرافقه سن اليأس فتفقد المرأة قدرتها على الإنجاب التي تعتبر من أهم عناصر الأنوثة.
 
- حالتها النفسية المستقرة لما يتبع سن اليأس من تغيرات هرمونية تحدث اضطرابا في الحالة النفسية والمزاجية لديها.

حينها يسيطر عليها حالة من الغيرة تجاه ابنتها التي مازالت تمتلك كل ما فقدت الأم فهي في ريعان الشباب، قمة الخصوبة، لديها كثير من الآمال الحياتية التي تسعى لتحقيقها وغيرها من السمات. 

2- كم الحرية:
كلما تقدم العصر كلما حصلت المرأة على مزيد من الحرية والانطلاقة، فعلى سبيل المثال نجد دائما أن الابنة تتمتع بكم من هذه الحرية يفوق ما كانت تحصل عليه أمها وهي في نفس عمرها، ومن هنا تنظر الأم إلى هذا الجانب وتعتبره مصدر غيرة بينهما، لأن الأم تتمنى لو كانت مثل ابنتها لتحظى بحيز من الاختيار والتصرف وربما كانت في حال أفضل مما أصبحت عليه.
 
3- الأمان المادي:
بعد الحياة الزوجية تصبح الزوجة وخاصة الغير عاملة تابعة بعض الشيء لزوجها بسبب الاحتياج المادي مما يجعلها تخضع لكثير من الشروط التي لا ترغب بها خوفا من انهيار العلاقة وتعرضها للأزمات المالية، في وقت كبر سنها وفقدت كثيرا من أسلحتها التي كانت تحميها فيما مضى، على العكس نجد الابنة تحتمي في حضن الأم والأب معا وتحظى بما ترغب وتتدلل عليهما وطلباتها أوامر، بالإضافة إلى تأمين كثير من الآباء لمستقبل ابنتهما حتى لا تعاني مما عانوا منه وهم في مثل عمرها.
 
4- العلاقة القوية بين الابنة وأبيها:
نجد دائما علاقة مميزة بين الأب وابنته حيث يعتبرها قرة عينه يلبي لها ما تطلب، يشجعها، يمدح في شخصيتها ويدللها، ويحنو عليها بلا حدود وغيرها من روابط تلك العلاقة المميزة، وتظهر المشكلة عندما يبدأ الأب بالمقارنة بين الأم وابنتها في كثير من النواحي فنراه يقول لها ابنتك أجمل منك، وأكثر ذكاء، وغيرها من كلمات المدح التي يتفوه بها الزوج ولو حتى على سبيل المزاح، لكن تأخذها الأم على محمل الجد وهذا يثير بداخلها مشاعر الغيرة والحقد على ابنتها.
 
الآثار السلبية لغيرة الأم من ابنتها:
كيف يتم التعامل مع هذه الحالة المرضية؟
 
جئنا جميعا إلى هذا العالم بسبب الأم التي كانت العامل الأساسي لذلك، والتي يتحول دورها من مرحلة الحمل والولادة إلى مرحلة أخرى لا تقل أهمية وهي التربية والدعم فمن الطبيعي أن تحرص الأم على تربية أبناء ناجحين وسعداء وهذا على الأقل ما تقوم به الأم الطبيعية، لكن للأسف هناك أمهات مختلفات يعانين من عدم الأمان والغيرة ويشعرن بحالة من التهديد عندما ينجح أولادهن، وهذا ما يجب أن نتعامل معه.

تخفي غالبية الأمهات هذا الشعور بالغيرة من بناتهم بسبب ما يعانين من نرجسية وكبرياء لا يسمح لهن بالاعتراف؛ حتى لا يقللن من قيمة أنفسهن أمام أفراد الأسرة أو غيرهم من الأشخاص، لكن تتحول تلك المشاعر السلبية إلى تصرفات غريبة ومرضية ينتج عنها مشكلات خطيرة قد تصل إلى حد رغبة الأم في ضياع مستقبل ابنتها حتى لا تكون أفضل منها ويحدث هذا في خطوات غير مباشرة.

ومن تلك التصرفات ما يلي:

- تحاول الأم دائما اعتراض طريق تقدم ابنتها فهي تفقدها الحماس تجاه كل ما فيه خير لها مع إشعارها بعدم أهمية التقدم من الناحية العلمية، وغيرها من الجوانب التي تجعل منها شخصية أكثر تطورا عن أمها.

- تعمل على تخريب عقلها.

- حديثها مع ابنتها يكون دائما في صورة من النقد اللاذع لإثارة الشعور بالذنب مما يجعلها تمقت ما توفر لها من فرص فتتكاسل عن الانتفاع بها.
 
- تحاول التقليل من قيمة ابنتها أمام الآخرين من الناس كما توجه لها الكثير من الإهانات حتى تفقدها الثقة بالنفس.
 
- لا تهتم بمظهر الابنة حتى لا يلتفت الناس إليها بشكل يثير الضيق في قلب تلك الأم.
 
يعرف علماء النفس الغيرة بأنها الخوف من فقدان شيء ما يمتلكه شخص آخر ويتضمن ثلاثة أشخاص وهو ما يعرف بمثلث الحب المشترك، حيث تشمل أضلاعه ثلاث أساسيات هي الأسباب الرئيسية لهذا الشعور وهي:

- انعدام الأمن.

 
- الخوف.
 
- القلق.
 
حيث يكون الخوف والقلق من فقدان شيء ذو قيمة عالية بالنسبة للشخص.
 
بينما يعرف الحسد من الناحية الأخرى على أنه شعور مؤلم أو محبط ينشأ من امتلاك شخص آخر لشيء لا تملكه أنت ويشتمل الحسد على شخصين في أغلب الأحيان، فيتمنى الحاسد أن يفقد الشخص المحسود ما لديه من سمات أو ممتلكات حتى يتساويا ولا يكون هناك أحد أفضل من الآخر وهذا ما تنهى عنه جميع الأديان السماوية التي أرسلها الله للبشر، لما ينتج عنه من سلوكيات مرضية يقوم بها الحاسد نحو المحسود.
 
يوضح العلماء هذا لأن ما يحدث من الأم حين تغار من ابنتها لا يسمى غيرة إنما هو في الحقيقة حسد، وهذا وضع يجب أن نتفهمه فهي أم وصلت إلى حالة من الفقدان التدريجي لشبابها، جمالها والفرص الحياتية الأخرى بينما نجد الإبنة على العكس تملك كل هذا، لذا تتجه هذه الأم المريضة إلى إضاعة تلك الفرص مما قد يصل إلى حد تدمير الإبنة والأم في آن واحد كما يدمر العلاقة بينهما.
 

تحتل العلاقة بين الأم وابنتها الجزء الأكثر تأثيرا في حياة المرأة، وهذا شيء حقيقي سواء كانت الأم موجودة أو غائبة، محبة لابنتها أو مسيئة لها، فالأم هي الشخص الأكثر تأثيرا في حياة المرأة، لذلك هناك عبء وواجب يقع على عاتق الأم وابنتها سواء كانت العلاقة بينهما متأزمة أو غير ذلك وهو الدعم وإرساء الأساسات والمقومات لتقوية تلك العلاقة وإزالة ما بها من توتر أو غيرة.

ولتحقيق ذلك لابد من توفر عنصرين هامين وهما:

- واجبات الأم نحو ابنتها.

- واجبات الابنة نحو أمها.

أولا هيا نتعرف على واجبات الأم لأنها الأكبر سنا والأكثر خبرة
على الأم أن تتفهم وتحترم شخصية ابنتها:

تنشأ معظم المشكلات بين الأم وابنتها نتيجة للاختلافات بينهما في وجهات النظر التي تتحول إلى حالة من الجدال والصراع، إذا كنت كأم شخصية منفتحة، وتتمتعين بمزيد من الطاقة وعلى العكس تتسم ابنتك بالخجل والانطوائية فلابد أن تحدث مشكلات بينكما إذا لم تتفهمي وتتقبلي ابنتك وطريقتها المختلفة في النظر إلى الأمور، لذا عليك تفهم واحترام شخصية ابنتك مهما كانت تختلف عن شخصيتك.

تحدثي مع ابنتك كل يوم:
مهما كانت الأم مشغولة عليها أن توفر بعض الوقت للاستماع إلى ابنتها وتفهم الطريقة التي تفكر بها والتعرف على ما يجول بداخلها من مشاعر، وهذا من خلال الحوار الحر بين الاثنين لتقوية الثقة والرابطة القوية بينهما.

لا تنقدي ابنتك بشكل لاذع:
تعتقد معظم الأمهات أن النقد اللاذع سيساعد على بناء شخصية الابنة بالطريقة التي يرغبون بها، لكن عندما يزيد النقد القاسي عن الحد المعقول بدلا من تصحيح الخطأ بشكل بناء، يتسبب في نتائج سلبية مستقبلا كما يؤدي إلى إثارة مشاعر الحنق والكراهية بين الاثنين، لذلك على الأم أن تكون مصدر الدفع لابنتها واختيار الكلمات المناسبة التي تشعر الابنة بالثقة بالنفس مما يجعل العالم ميسر حولهما.

اظهري وعبري عن حبك لابنتك على قدر المستطاع:ابنتك بحاجة إلى من يغمرها بالحب والحنان الفياض، لتنمو بداخلها المشاعر الجيدة الإيجابية نحوك ونحو نفسها، فالحب هو قوة الدفع الذي ينشأ به شعور تقدير الذات وخاصة حب الوالدين، فلا تفترضي أبدا أن ابنتك تعلم مدى حبك لها لكن عليك أن تثبتي لها ذلك من خلال تصرفاتك معها.
 

ثانيا واجب الابنة نحو أمها مهما كانت شخصيتها:
حاولي تفهم أمك بعمق:

ضعي قواعد لمعاملة كلا منكما للآخر:

قد يكون تفهم شخصية الأم شيء صعب، وخاصة إذا كانت هناك مشاعر مؤلمة بسبب بعض التصرفات المسيئة التي قامت بها مع ابنتها، لكن على الابنة أن تحاول الهدوء وعدم التحدث مع أمها إلا حين تهدأ ثورة كل منهما.

 
الحوار البناء الهاديء بخصوص أي مشكلة أو موضوع حيوي بين الأم وابنتها أفضل من الجدال، لذلك على الابنة تفهم مشاعر الأم وما تمر به ومحاولة مشاركتها تلك المشاعر بدلا من اتهامها.
عليك مراقبة تصرفاتك ومحاسبة نفسك بحيادية:

اظهري لأمك حبك لها:

يمكن لكما الاتفاق على بعض القواعد الهامة التي يجب أن يلتزم كل منكما بها مثل:

 
- التحدث بأسلوب مهذب وهاديء معا.
 
- مناقشة الاختلافات البسيطة بينكما قبل أن تتحول إلى مشكلات كبيرة.
 
- منح كل منكما الفرصة للاستماع إلى الآخر بالتناوب.
 
تساعد هذه القواعد كل منكما على التعبير عن نفسه ومشاعره، والاستماع يخلق علاقات قوية بينكما.
 

قبل الحكم على تصرفات أمك عليك أولا محاسبة نفسك وهذا من خلال مواجهة نفسك والرد على الأسئلة التالية:

- ما الذي تفعلينه يسبب ظهور الحواجز بينك وبين أمك؟
 
- هل أنت مطيعة وملتزمة بالقوانين الأسرية؟
 
- هل أنت بحاجة إلى مزيد من الانفتاح بينك وبينها؟
 
- هل أنت بحاجة إلى أن تكوني أكثر احتراما لها؟
 
عليك حقا أن تنظري إلى نفسك لتكتشفي إذا كانت هناك أشياء يجب عليك القيام بها لتغيري ما بك من سلبيات، فهذا يمكن أن يحل المشكلات بينك وبين أمك.
 
بالرغم من أن الأم هي رمز الحب والعطاء لابنتها لكنها بحاجة إلى الشعور بأنها محبوبة، فليس من المنطقي أن يظل الإنسان يعطي ويعطي بدون أن ياخذ شيء،لذلك عليك أيتها الابنة أن تفعلي ما بوسعك لتعبري لأمك عن حبك لها ومدى أهميتها بالنسبة لك وهذا من خلال الكثير الذي يمكنك عمله.
 
- ساعديها في كل شيء.
 
- خططي لعمل مرح يمكنكما الاستمتاع به معا.
 
- لا تنسي الاعتذار عندما تخطئين نحوها.
 
فالحب يصنع المعجزات ويحل كل المشكلات ويمحو الغضب والحقد وينشر التفاعل الصحي الذي يرسخ بذور الثقة والاحترام المتبادل.