سبعة بيوت مجوهرات عالمية تشارك في معرض التحف الأثرية «بينالي ديز ونتيكير»

«هاري وينستون» .. تزاوج بين الاستثمار والأناقة بالألوان
«هاري وينستون» .. تزاوج بين الاستثمار والأناقة بالألوان

في الفترة ما بين الـ15 و22 من شهر سبتمبر (أيلول)، احتفلت باريس بواحد من أهم معارضها السنوية، معرض التحف الأثرية «بينالي ديز ونتيكير» بين أحضان «لوجران باليه» القريب من جادة الشانزليزيه، بقبته الزجاجية الضخمة ومعماره الفريد الذي يستحضر فخامة قصور فرنسا في عصرها الذهبي.


المعرض الذي تأسس في عام 1962 على يد أندريه مالرو، الذي كان حينئذ، وزير الثقافة بفرنسا، لا يزال يحظى برعاية حكومية، من قبل وزارة الثقافة والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي على حد سواء، إضافة إلى رجال أعمال وغيرهم.

هذا العام عرف حركة نشيطة رغم تقلص عدد المشاركين فيه من 111 مشاركا في عام 2006 إلى 87 فقط، لأسباب يردها البعض إلى الأزمة المالية، والبعض الآخر إلى سياسية الشللية أو ارتفاع أسعار المشاركة مقارنة بمعارض أخرى مشابهة، مثل «تيفاف» الذي تشهده ماستريخت، في شهر مارس (آذار) من كل عام، بفضل مشاركة قوية لبيوت مجوهرات كبيرة.

فالمعرض الذي احتفل هذا العام بدورته الـ25 لم يعد يقتصر على التحف الفنية والديكورات، بل توسع إلى مجال المجوهرات الرفيعة، من خلال مشاركة سبعة بيوت مجوهرات مهمة هي: «كارتييه»، «هاري وينستون»، «فان كليف أند أربلز»، «بياجيه»، «شانيل»، «ديور» و«لوي فيتون».

وعلى الرغم من أن كلا من هذه البيوت يرتكز على إرث عريق، فإنها فضلت صياغة تصميمات خصيصا للمعرض، في دلالة واضحة على أهمية المناسبة في استقطاب زبائن من نوع خاص. نوع يحب الاستثمار ويريد قطعا متميزة بأحجار نادرة لم تقع عليها عيون غيرهم من قبلهم، بغض النظر عما إذا كانت هناك أزمة أم لا. والدليل أن الطلبات انهالت على دار «هاري وينستون» من كل صوب، ويقال إنها سجلت مبيعات غير مسبوقة ستضعها أمام تحد كبير لتلبية كل الطلبات.

بالإضافة إلى أن داري «لوي فيتون» و«بياجيه» اللتين يشاركان لأول مرة في المعرض، فقد سجل المعرض هذا العام تغيرا ملحوظا في اتجاهات هذه البيوت واختياراتها لألوان وأشكال مجوهراتها.

تغير أملته بلا شك رغبة الزبائن في تصميمات عصرية تجمع الأناقة بالاستثمار، لهذا كان واضحا أن قوة الكلاسيكي تعادلت مع قوة التصميمات الحيوية والألوان المشعة. فالماس، مثلا، لم يعد الصديق الوحيد للمرأة، بعد أن انضمت إليه لائحة طويلة من الأحجار الثمينة وشبه الثمينة في تصميمات تميل إلى الطرافة والدرامية، لكنها في كل الحالات تحكي قصصا مثيرة ومؤثرة.

«هاري وينستون» كانت الدار الأميركية الوحيدة في المعرض، لهذا رأت من واجبها أن تعبر عن امتنانها بمجموعة أطلقت عليها عنوان الحديقة الملكية «دي روايال غاردن» استوحتها من حدائق قصر فرساي، تميزت بأحجار نادرة وضخمة وألوان ساطعة ومشعة، على غير عادتها. فهي تستقي لأول مرة تقريبا درجاتها وإشعاعاتها من ألوان الطبيعة مثل الزفير الوردي والتوباز والعقيق اليوسفي واللؤلؤ الأزرق وهلم جرا.

وهذا بحد ذاته يشكل تحولا واضحا في اتجاه الدار العريقة التي تأسست في عام 1932 معتمدة على الماس الأبيض الصافي في جذب النخبة والمستثمرين، وعرائس النخبة والطبقات المالكة اللاتي يقتنين مجوهراتهن منها على أساس أنها للأبد.

فضلا عن ألوانها، خرجت تصميماتها أيضا عن المألوف واكتسبت جرأة خفيفة مقارنة بما تعودت تقديمه في السابق، مما يشي بأنها تريد مخاطبة شرائح جديدة وأعمار فتية، وخصوصا أن دراستها للفكرة أفادت بأن هذه الخطوة لا تعني تنازلها عن جودة أحجارها الكريمة ولا عن مكانتها.

من هذا المنطلق طرحت، إلى جانب الماس كبير الحجم، أحجارا بألوان جديدة مثل قلادة لافتة من الماس تتوسطها حجرة ضخمة كمثرية الشكل من العقيق اليوسفي بقيراط 40.89، وأقراط أذن يتدلى منها شلال من أحجار الزفير الوردي والماس.

تجدر الإشارة إلى أن «هاري وينستون» التي تأسست في عام 1932 وأصبحت بمجرد تأسيسها الدار المفضلة للنخبة والنجوم، هي التي ابتكرت المفهوم العصري للمجوهرات الراقية، كما نعرفه اليوم، على غرار «الهوت كوتير» في ما يتعلق بالأزياء.

وظلت تستمد شهرتها من تصميماتها الكلاسيكية وأحجارها الكريمة، لا سيما الماس، التي لا يعلى عليها من حيث الصفاء والجودة، الأمر الذي جعلها دائما استثمارا لمدى الحياة.

ولا شك في أن مارلين مونرو عندما غنت أغنتيها الشهيرة «الماس أعز صديق للمرأة» كانت تعنى ماسات «هاري وينستون» الضخمة التي تزغلل العيون والعقول عند رؤيتها وملامستها عن قرب.

1 - «شانيل» أيضا شاركت في المعرض بمجموعة تلتفت إلى بداية الثلاثينات من القرن الماضي، تحديدا عام 1932، عندما أطلقت الآنسة كوكو أول مجموعة مجوهرات بعنوان «بيجو أون ديامون» (مجوهرات من ماس) قدمت فيها مجموعتها الكلاسيكية «كوميت» على شكل نيازل إلى جانب الريش في قطع من ماس. خلال المعرض كانت هناك نحو 35 قطعة تعود فيها الدار إلى شكل الريش المعقد الذي صاغته بأعداد هائلة من الماسات الصافية.

الجميل في بعض هذه القطع أن الدار حافظت على فكرة صاحبتها، ولا يزال من الممكن تفكيكها لاستعمالها بأشكال وطرق مختلفة. البطل هنا كان بروشا من عام 1932 استعملته الآنسة شانيل أيضا كتاج لتزيين رأسها في المناسبات.

2 - شهدت دار «بياجيه» بدايتها هذا العام في المعرض من خلال 60 قطعة استوحتها من الأزياء وحفلات الكوكتيل على حد سواء، الأمر الذي يفسر أشكالها المأخوذة من الدانتيل، والشراشيب، ومخرمات الستائر الشفافة. كلها صيغت من الماس على شكل قلادات وأساور وساعات يد، باستثناء خواتم الكوكتيل الضخمة، التي أخذت منحى مختلفا.

فقد تميز تصميم «الموجيتو» مثلا بالترومالين الأخضر النعناعي والزمرد بينما رصعته من الجوانب ماسات باللون الأصفر، علما أن هذا الخاتم كان واحدا فقط من بين الكثير من التصميمات المبتكرة والأنيقة التي تجعل من كل خاتم تحفة قائمة بحد ذاتها.

3 - بمناسبة اشتراكها الثاني في المعرض، وللمرة الأولى منذ إنشاء قسم مجوهرات «ديور» الراقية، تم عرض 150 قطعة في ما يشبه بوتيكا صغيرا يحمل رموز الدار من كراسي وألوان رمادية وغيرها. الجديد هنا كان ثلاث عشرة قطعة ترتكز على ثلاثة مواضيع رمزية مختلفة.

الأولى «لا روز ديور» La Rose Dior، تقديرا للوردة المفضلة لدى «كريستيان ديور»، وتبرز في عقد من الماس، وخاتم وأقراط من الزمرد، وخاتم «روز ديور باغاتيل».

الثانية، «لو كوفري دو فيكتوار» Le Coffret de Victoire، وهي مجموعة من القطع التي تم تصميم كل منها حول حجرة وسطية مصبوغة بألوان مختلفة، تضم طاقمين من الخواتم وأقراط الأذن، تتميز ببساطة الألوان الصورية «تكنيكولور»، وحيوية «بوليوود» وصخبها.

أما الثالثة، فهي «لي زانكروايابل إي مرفيوز» Les Incroyables et Merveilleuses، وهي قطع رمزية تم تصميمها في عام 1999، وكانت ركيزة أسلوب خواتم «كوكتيل» تميزت بأحجارها الضخمة التي تحكي هياكلها قصتين تاريخيتين.

4- «فان كليف آند أربلز» لم تكتف بتقديم مجوهرات متميزة كالعادة، بل ارتأت أن تحكي قصة تأخذ فيها الحضور إلى مغامرات شيقة، مرة على بالون هوائي، ومرة في مركبة تغوص به تحت المحيط. فالمجموعة المستوحاة من رحلات الفرنسي جيل فيرن، وقصصه، تعتمد على الخيال المستقبلي في القرن التاسع عشر، الذي أصبح واقعا في القرن العشرين، لكن الدار تحوله إلى قصص خيالية من جديد من خلال الأحجار الكريمة وشبه الكريمة، التي ظهر فيها الأوبال واللؤلؤ بشكل واضح.

أشكالها أيضا كانت في درامية هذه الرحلات، فبعضها أخذ أشكال كائنات بحرية وبعضها أشكال طيور ودببة وبطاريق وفيلة. لكن القاسم المشترك بينها دائما هو التصميمم الذي تميزت به الدار وجعل اسمها عنوانا للترف والفخامة العصرية.

5 - لأول تشارك دار «لوي فيتون» في المعرض. فهذه الدار التي اشتهرت عالميا بأزيائها وإكسسواراتها، تعرف أن زبوناتها الشابات يتمتعن بقدرات شرائية عالية، وبالتالي يحتجن إلى قطع تناسب هذه القدرات. لهذا في عام 2009، طرحت مجموعة مجوهرات راقية بعنوان «روح السفر» (لام دي فواياج) لوقيت بترحيب هؤلاء، وهذه المرة اختارت الدار أن تشارك في المعرض لترقى بمجوهراتها إلى مصاف التحف وتخاطب شرائح جديدة.

مجموعتها الثانية، كما الأولى، من تصميم لورانز بومر، وتضم 80 قطعة جديدة وقديمة من مجموعتها الأولى، من بينها عقود متحركة حول العنق وكأنها أشرطة متماوجة من المعادن، تشير إلى فنية الدار وقوتها في مجال التصميم عموما.

6 - «كارتييه» من الوجوه المألوفة في المعرض منذ العام الماضي. هذه المرة عرضت ما لا يقل عن 70 قطعة مجوهرات و11 قطعة أنتيكات، تشمل مجموعة خاصة بأدوات المكتب مرصعة بالمجوهرات، وساعات حائط منحوتة بمعادن وخامات مترفة.

ما يحسب لهذه الدار الفرنسية أنها ظلت وفية لجيناتها الوراثية، وحرصت على تقديم تحف فنية منحوتة بالزمرد أو الزفير والماس طبعا، إلى جانب الأوبال واللؤلؤ، من دون أن تنسى أن تأخذنا في رحلة حالمة إلى مكان بعيد، سواء إلى الهند أو أدغال أفريقيا من خلال قطع تجسد فيلة وطيورا بكل ألوان الطيف.