العمل في البيت الأبيض .. تحول الى كابوس للأمهات

ما زالت أسرة أوباما التي لديها أطفال صغار أيضا، ملتزمة بتسهيل هذه الأمور على مستشاريهم ممن لديهم أطفال
ما زالت أسرة أوباما التي لديها أطفال صغار أيضا، ملتزمة بتسهيل هذه الأمور على مستشاريهم ممن لديهم أطفال

العاملون في البيت الأبيض لا يجدون وقتا لأسرهم .. وابن رام إمانويل يذهب للبيت الأبيض بشرط أن لا يتحدث حول إيران، وجاي كارني مدير الاتصالات في فريق نائب الرئيس الأميركي جو بايدن يتابع عمله في البيت الأبيض عبر الهاتف في الوقت الذي يرافق مجموعة من زملاء ابنته في المدرسة أثناء قيامهم برحلة مدرسية في أنابوليس (نيويورك تايمز)
 
عندما يجلس الرئيس الأميركي باراك أوباما مع أسرته في البيت الأبيض، ويقضي بعض الوقت مع أفراد أسرته على العشاء، أو عندما يحضر بعض العروض المدرسية أو يلهو في حوض السباحة مع بناته، يقول له رئيس مكتبه رام إمانويل إن «أسرتي تحسد أسرتك».


ويمتلئ جدول كرستينا رومر مستشارة الرئيس للاقتصاد بكثير من المهام، حتى إن زيارتها الأولى لمدرسة ابنها هذا العام كانت في الساعة العاشرة من مساء يوم الجمعة.

وقالت رومر عن هذه الليلة التي كان ابنها الذي يبلغ من العمر 12 عاما يشير فيها إلى فصله في الظلام: «لقد شعرت بالدناءة البالغة. نعم شعرت بذلك».

ويقول بيتر أورزاغ رئيس ميزانية البيت الأبيض، وهو مطلق له ولدان ويعمل في كثير من أيام العطلة الأسبوعية، إنه دائما ما يستعين بوالديه من أجل العناية بابنته التي تبلغ من العمر 9 أعوام وابنه الذي يبلغ من العمر 7 أعوام. ويقول: «يبدو أننا ما زلنا نتلمس طريقنا هنا».

وبالنسبة إلى رام إمانويل أو «رامبو» البيت الأبيض، فقد ذهب مؤخرا إلى حوض السباحة مع ابنتيه اللتين تبلغان من العمر 9 و11 عاما في الساعة الـ5 صباحا.

ويقول إمانويل الذي يكافح من أجل توفير الوقت لزوجته وأطفاله الثلاثة منذ أن انتقلوا إلى واشنطن من شيكاغو: «بغض النظر عن محاولات الرئيس أو محاولات ميشيل ـ فإن البيت الأبيض قاس فيما يتعلق بالحياة الأسرية.» وقد تعهد أوباما وزوجته بخلق بيئة عمل مناسبة للموظفين.

ولكن بالنسبة لكثير من المستشارين فإن المواءمة بين العمل والأسرة التي تتمتع بها أسرة أوباما ما زالت حلما بعيد المنال.

وغالبا ما يعمل المستشارون في البيت الأبيض نحو 60 إلى 70 ساعة في الأسبوع ويتحملون المشكلات المتعلقة بعدم حضور حفلات عيد الميلاد أو أوقات النوم أو العشاء أو اللعب أو الزواج، وذلك بسبب وظائفهم التي توفر لهم فرصة التأثير على الرئيس أو التواصل معه.

ويقول كثير من المحللين إنه في وقت تعاني فيه الأمة من الركود أو الحرب فإن الشعب لا يتوقع أقل من ذلك.

ومع ذلك، فما زالت أسرة أوباما التي لديها أطفال صغار أيضا، ملتزمة بتسهيل هذه الأمور على مستشاريهم ممن لديهم أطفال، حسبما يقول المسؤولون.

ومن هؤلاء المساعدين روبرت جيبس وهو السكرتير الصحافي الذي لديه ولد يبلغ من العمر 5 أعوام، وكذلك منى ساتفين نائب مدير المكتب التي لديها بنت في الرابعة من عمرها وولد في الثانية من عمره، ونانسي آن دي بارل مستشار الصحة التي لديها ولدان عمرهما 8 و9 أعوام وسينيثا هوجان المستشار العام لنائب الرئيس التي تقود جهود الإدارة للمصادقة على تعيين سونيا سوتومايو كرئيس للمحكمة العليا، لديها بنت تبلغ من العمر 12 عاما وولد يبلغ من العمر 9أعوام.

ولدعم الآباء العاملين، قامت أسرة أوباما بتوزيع أجهزة كمبيوتر محمولة على المساعدين ذوي الأسر ـ قبل أولئك ممن ليس لديهم أطفال ـ حتى يعملوا من المنزل.

وقد تمت دعوة أطفال بعض المستشارين إلى البيت الأبيض لمشاهدة فيلم «مدغشقر» وأخذ أطفالك إلى يوم عمل الذي استضافته السيدة الأولى.

كما تم وضع بعض الجداول المرنة وتشجيع المساعدين على أخذ أطفالهم إلى العمل عندما لا يستطيعون توفير الرعاية لهم، بالإضافة إلى السماح بالسباحة في حوض السباحة الخاص بالبيت الأبيض أو اللعب في الخارج.

وقد قال أوباما في مقابلة مع برنامج أخبار المساء على قناة «إن بي سي» إن «جزءا من السبب الذي دفعنا إلى بناء الأرجوحة خارج البيت الأبيض هو أن نقول للمساعدين إنه بإمكانهم جلب أطفالهم هنا في أيام العطلات أو بعد المدرسة، وتركهم يمرحون لأننا نرغب في أن يستمروا على اتصال مع أسرهم. وأنا أعتقد أن ذلك يجعل الأشخاص في حالة أفضل».

ويؤمن أوباما بذلك تماما. فقد قام الرئيس، الذي يشجع بناته في المناسبات الرياضية دائما، بمقاطعة موجز اقتصادي للاتصال بابنته ساشا التي كانت تحتفل بعيد ميلادها الثامن في لندن. (أختها ماليا سوف تبلغ 11 عاما يوم السبت).

ويقول المساعدون إنهم يتشجعون عندما يرونه كمثال لهم. وقد قام جاي كارني مدير اتصالات نائب الرئيس جوزيف بايدن، بمصاحبة ابنته التي تبلغ من العمر 4 أعوام في رحلة مدرسية إلى أنابوليس، على الرغم من أن هذه الرحلة جاءت قبل وقت قصير من ظهور بايدن في برنامج «قابل الصحافة» على قناة «إن بي سي».

وقد ذهب أورزاغ الذي يشاهد مباريات كرة القدم التي يلعب فيها ابنه، لمشاهدة مسرحية تشارك فيها ابنته، التي بدأت في الساعة 6.45 مساء.

وبالنسبة إلى العائلات، فإن هناك مقابلات من آن إلى آخر مع الرئيس أو نائب الرئيس أو السيدة الأولى. وتقول رومر إن ابنتها التي تبلغ من العمر 23 عاما قالت لها: «إنك تشجعيننا تماما».

ومع ذلك، فإن اثنين من المساعدين ممن لديهم أطفال وهما إلين موران وهي مدير الاتصالات السابق لأوباما، وجاكي نوريس مديرة مكتب السيدة الأولى، قد تركا البيت الأبيض وانتقلا إلى وظائف إدارية تتيح لهما التفرغ أكثر لأسرهما.

ويسرد هؤلاء الذين ما زالوا في عملهم قصصا عن كيف أنهم كانوا يلهثون للذهاب بأطفالهم خلف الأطباء قبل الاجتماعات، وكيف كانوا يحضرون الاجتماعات الهاتفية أثناء قيادتهم إلى مراكز رعاية الأطفال، وكيف يتم تأجيل العشاء أو تركه. وهم يعتمدون على ساعات العمل الإضافية التي توفرها راعيات الأطفال وعلى المساعدة من جانب الأبوين والأقرباء وعلى مدى تحمل أزواجهن.

وهم يعلمون أن كثيرا من الأسر العاملة يواجه تحديات صعبة، لكن ذلك لا يخفف من تعبهم الذي لا ينتهي حتى وقت غروب الشمس.

وتقول ليزا براون وهي سكرتيرة موظفي البيت الأبيض التي لديها ابن في السادسة من عمره: «هناك ذلك السؤال اليومي في المساء عندما توشك الساعة على الثامنة مساء وتسأل نفسك: هل يمكنني إنهاء ذلك؟ هل يمكنني الخروج من هنا في الموعد لأذهب إلى بيتي؟» ويقول أورزاغ الذي خالف مواعيد أطباء الأطفال والرحلات المدرسية: «إن التوفيق بين متطلبات العمل والأبوة يبقى أمرا صعبا على الرغم من دعم الرئيس».

وأضاف بقوله: «هناك لحظات ينهار فيها تصور إمكانية المحافظة على كل شيء بحيث يعمل بصورة جيدة مع إمكانية أن يكون الأطفال سعداء واستمرار سير العمل بصورة جيدة، وذلك عندما ينفد صبر الأطفال وتكون هناك مشكلة في العمل».

وتقوم كورتني أودونيل، وهي مديرة الاتصالات لجيل بايدن وهي زوجة نائب الرئيس، بتقبيل مولودها الرضيع الذي يبلغ من العمر 11 شهرا، خارج بوابات البيت الأبيض عندما تأخذه مربية الأطفال في ظهيرة أحد الأيام المشمسة. وقد اعتادت رومر التنزه مع أسرتها في نحو العاشرة مساء يوم الجمعة عندما يتوافر لديها بعض الوقت وتقول إن «الأمر أطول وأصعب مما كنت أتوقع».

في هذه الأيام، يقوم زوج رومر، وهو اقتصادي، بأعمال الغسل وشراء مستلزمات المنزل. وتقوم كلير شيبمين وهي زوجة كارني ومراسلة في برنامج «صباح الخير أميركا» على قناة «ايه بي سي» برعاية الابن والابنة البالغين من العمر 7 أعوام وقت استحمامهما وخلودهما إلى النوم.

وتقول شيبمين: «في الأشهر القليلة الأولى، كنا نقول إنه أمر مثير. وهو بالفعل مثير. ولكن علي أن أقول إنه قد أصبح أمرا صعبا حتى أصبحت أطلب المساعدة».

ويقول إمانويل إن الفرح بالذهاب إلى البيت الأبيض قد بدأ يخفت لدى أفراد أسرته، فعندما أخبر ابنه أنهم سوف يذهبون إلى البيت الأبيض مرة أخرى يوم السبت، لم يقفز الابن الذي يبلغ من العمر 12 عاما من الفرح، لكنه وضع شروطا، وقال: «سوف أذهب. لكنني لا أريد أن أجلس في اجتماع حول إيران مرة أخرى».