أسبوع باريس لربيع وصيف 2010 يبدأ .. وترقب لعرض أمارتي ينقذ «كريستيان لاكروا»

هل ينقذ عربي الحلم الفرنسي ويعيد اسم دار «لاكروا» لمنصات الأزياء؟
هل ينقذ عربي الحلم الفرنسي ويعيد اسم دار «لاكروا» لمنصات الأزياء؟

على الرغم من ملامح التعب البادية على وجوه وخطوات محرري الموضة، بعد ثلاثة أسابيع طويلة من التنقل من عاصمة إلى أخرى، لتغطية عروض مكثفة تميل إلى العادي ولا تلهب الخيال، كانت العيون في المقابل تشي بمزيج من الترقب والفضول والحماس.


فهذا مهما يكون، أسبوع باريس، آخر محطة في دورة الموضة لربيع وصيف 2010 الذي قلما يخيب الآمال عندما يتعلق الأمر بالجديد والممتع والأخبار والشائعات.

وما يثير الفضول والحماس هنا منذ يوم الأربعاء الماضي، إلى جانب عرضي كل من دار «بالنسياجا» و«بالمان» طبعا، ما تناقلته الأخبار من أن دار «كريستيان لاكروا» التي غاب اسمها عن لائحة هذا الموسم، يمكن أن تنجح عملية إنقاذها التي جندت لها كل الجهود، بما فيها الحكومة الفرنسية، وتعود في المواسم القادمة لتلهبنا بألوانها الصاخبة ونقوشاتها الفنية المتضاربة.

الفضل في هذا الأمل يعود إلى شيخ من عجمان تقدم لشرائها، وحسب ما نشرته وكالة «رويترز» على لسان المسؤول ريجي فايو، فإن التوصل إلى حل يرضي كل الأطراف وشيك جدا، كون العرض معقولا يتضمن ضخ 70 مليون يورو في رأسمال الشركة، والإبقاء على جميع العاملين بها، بعد أن كانت الفكرة هي تسريح عدد لا بأس به منهم لتقليص المصاريف.

المنقذ، كما ذكرت وكالة «رويترز»، هو أحد أقارب حاكم الإمارة حميد بن راشد النعيمي، وينتمي إلى عجمان إحدى إمارات دولة الإمارات العربية المتحدة.

وعلى الرغم من أنه يواجه منافسة من جانب رجل الأعمال الإيطالي موريتسيو بوريليتي، المالك لكل من محلات «لاريناسونس» و«برانتون»، ومن شركة «برنار كريف كونسلتينغ» التي أصبحت شبه متخصصة في شراء وإنقاذ المؤسسات الآيلة للإفلاس أو تعاني من مشاكل مالية، ومن شركة «سان جيرمان» القابضة التي تملك شركتي «دوم» و«كريستال لاليك»، إلا أن عرضه هو الأفضل لحد الآن.

شراء هذه الدار .. رغم أنها لم تحقق أي أرباح تذكر منذ تأسيسها لحد الآن، قد يكون مجازفة تجارية، لكنه سبق ثقافي بلا منازع، فاسمها لا يستهان به في عالم «الهوت كوتير» بالذات، ومن المعروف أن هذا العالم يدخل في صميم الثقافة الفرنسية.

لذلك ليس غريبا أن يعتبر كل محب للموضة أن إغلاق دار «كريستيان لاكروا» تراجيديا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، عدا أن مصممها محبوب لدماثة أخلاقه وقيمه، فهو وإن كان مقصرا من الناحية التجارية والتسويقية، إلا أنه مصمم مثالي يعيش على الحلم، يتنفسه ويريد أن يبيعه، لكن للأسف ليس هناك من يشتريه.

وزاد الأمر سوءا بعد الأزمة المالية، التي جعلت الكثير من المعجبات به، من الأميركيات بالذات، يتوقفن مع أنفسهن ويتساءلن إن كن فعلا يحتجن إلى تحف فنية تكلف آلاف الدولارات للحصول عليها ثم التأمين عليها أم لا.

ومشكلته أن ثقافة الموضة تغيرت كثيرا في السنوات الأخيرة، وما كان يتهيأ له ولنا أنه قائم على الحلم، هو في الحقيقة تجارة تحتاج إلى تلميع وعطور وحقائب يد حتى تستمر، خصوصا بعد انضوت الكثير من بيوت الأزياء تحت مجموعات تجارية محضة.

«لاكروا» قد يكون أكثر المتأثرين بالأزمة، لكنه ليس الوحيد الذي اكتوى بنارها، لأن مبيعات الكثير من المصممين وبيوت الأزياء تراجعت في السنة الأخيرة، باستثناء قلة تعد على أصابع اليد الواحدة، الأمر الذي ينعكس على ما نراه على منصات العروض من أزياء تلعب على المضمون تارة وعلى الفني والجديد تارة أخرى لتتميز وتغري.

وكان من البديهي أن ينعكس هذا الأمر أيضا على إحساس الكثير من المصممين، لأنهم باتوا يعرفون أنهم تحت المجهر، وأن مستقبلهم على كف عفريت في حال لم يقدموا ما يغري المرأة بالتخلي عن حرصها وحذرها.

فالفرصة تمنح لهم مرة واحدة ولا تتكرر، وليس أدل على ذلك من عدد المصممين الذين ما إن يشاركوا في موسم أو موسمين حتى يتم الاستغناء عنهم بدون رحمة، وهذا ما جعل الكثير من المتابعين للموضة هنا يترقبون أسبوعا قاسيا على كل المستويات

 بيد أن المثير أيضا هو، أنه في مقابل تراجع المبيعات وإغلاق بيوت أزياء معروفة، وعلى رأسها «كريستيان لاكروا»، هناك بيوت أخرى بدأت تلملم أوراقها وتجتهد في استعادة أمجاد ماضية غطاها غبار السنين.

من هؤلاء نذكر دار «كاشاريل» التي عرفت عزها في السبعينات وبداية الثمانينات، وتحاول أن تعود إلى الواجهة، باستعانتها بالمصمم البلجيكي الأصل سيدريك شارلييه، الذي سبق له العمل مع داري «سيلين» و«لانفان»

من قبل. دار «سيلين» بدورها عرفت عدة تقلبات، لأنها ومنذ تركها الأميركي مايكل كورس، لم تتوفق في من يفهم ثقافتها وروحها، وستقدم عرضها في يوم الاثنين المقبل وسط اهتمام كبير، لأن مصممتها الجديدة، فيبي فيلو معروفة بلمساتها الميداسية، فهي التي جعلت من دار «كلوي» اسما عالميا تعشقه الفتيات والأنيقات في كل أنحاء العالم، وكان كل ما تطرحه من أزياء وإكسسوارات ينفذ من الأسواق في غضون أيام.

«سيلين» تطمع بطبيعة الحال أن يتحقق لها ما تحقق لـ«كلوي» من قبلها، ولا شك أن ترقب هذه التشكيلة لا يضاهيه سوى ترقب عرض دار إيمانويل أونغارو، يوم الأحد، لسبب تعرفه كل متتبعة للموضة وهو أن النجمة الشابة ليندسي لوهان ساهمت في تصميمها مع المصممة الإسبانية إيستيريلا آرشز، ولا حاجة للإشارة هنا إلى أن الجدل المثار حول هذا الاختيار يجعله من أكثر العروض ترقبا.

وللموسم الثاني، تعود دار «روشاس» إلى منصات العرض، من خلال تشكيلة أبدعها المصمم الإيطالي ماركو زانيني، الذي سبق له العمل مع «دوناتيلا فيرساتشي» وماركة «هالستون» الأميركية الشهيرة، وتعقد عليه الآمال لكي يعيدها إلى الواجهة.

وتجدر الإشارة إلى أن الدار كانت قد أغلقت أبوابها منذ سنتين تقريبا، بعد أن أعلنت ذلك مجموعة «بروكتور آند جامبل» المالكة لها.

كان قرارها في ذلك الوقت صادما، وأصاب الكثيرات بالذهول، ولم يشفع لها أن مصممها الشاب، «أوليفييه تيسكينز»، الذي التحق بها في عام 2003، حقق لها الكثير من النجاح وشهدت مبيعاتها على يديه زيادة بنسبة 30%.

بعد إغلاقها مباشرة، انتقل أوليفييه تيسكينز إلى دار «نينا ريتشي» لكنها أيضا استغنت عنه فيما بعد، واستبدلته به البريطاني بيتر كوبينغ، الذي سبق له العمل مع مارك جايكوبس، في دار «لوي فيتون» وقدم لها مساء يوم الخميس أول تشكيلة من إبداعه، يمكن وصفها بطبق مشكل من حلوى «لاديري» اللذيذة، سواء من ناحية الألوان التي تباينت بين الفستقي والوردي الأصفر ولون الفانيلا، أو من ناحية التصاميم التي لم يبخل عليها بالكشاكش، وتفاصيل من الدانتيل والورود وكل ما يرمز إلى الأنوثة الرومانسية.

حتى الجلد المعروف بقوته اكتسب على يديه نعومة، للنهار، كانت هناك تنورات مستقيمة وشالات من الحرير وقمصان من الشيفون وكنزات من الصوف الخفيف، أما للمساء، فأراد كوبينغ أن يقول إنه لا يمانع في استعمال اللون الأسود وغيره من الدرجات الغامقة مثل الأزرق النيلي وغيره في فساتين من الدانتيل والحرير والساتان بكتف واحد، وإذا كانت النية هي التغيير، فلا شك أن كوبينغ حقق ذلك بدءا من الألوان إلى التفاصيل والأهم روح التشكيلة.

قبله، قدمت الفرنسية آن فاليري هاش تشكيلة كل ما فيها يشي بأن المصممة تتوقع ربيعا دافئا وصيفا حارا، حيث كان هناك الكثير من القمصان الشفافة والبنطلونات القصيرة والتصميمات المنسابة، عمدت فيها إلى استعمال الكثير من القطن والألوان الهادئة مثل العاجي والوردي والمشمشي.

لكن أقوى ما في التشكيلة كان التنورات ذات الطبقات المتعددة والفساتين القصيرة المصنوعة من البوليستر المعدني الخفيف، كانت تلمع وكأنها نيازك تعوم في البحر، ذلك أن البحر كان «تيمة» حاضرة بقوة، بدليل أن تنورة ببليسيهات غنية بدت وكأنها أخطبوط بمخالب.

أما في عرض ليمي فو، فكانت الأحجام السخية والفساتين المنسابة طاغية تطغى على الجسم، وتستحضر أسلوب يوجي ياماموتو.

وإذا عرف السبب بطل العجب، فليمي، بكل بساطة هي ابنة يوجي، وبالتالي فإن تأثيره عليها طبيعي، تمثل في أزياء عملية قد لا تخاطب كل الأذواق لكنها فنية ومبتكرة.

لحسن الحظ أن الأسود لم يكن هو اللون الوحيد الذي لعبت عليه ليمي فو، حيث كانت هناك درجات متنوعة، تميل إلى التوهج، مثل الأحمر، كما لم تكن كل التصميمات عبارة عن قطع فضفاضة، فقد كانت هنا أيضا قطع منفصلة جد عملية تشمل بنطلونات مقلمة إما واسعة أو ضيقة، وسترات مفصلة طويلة بعضها بأكمام وبعضها الآخر من دون.

لكن أهم عرض كان أيضا في اليوم الثاني من انطلاق الأسبوع، أي الخميس، لدار «بالنسياجا»، أولى الحاضرات كانت أنا وينتور، رئيسة تحرير مجلة «فوج»، ولم تكن بحاجة للتعبير عن إعجابها بما جادت به مخيلة وأنامل مصممها الشاب نيكولا جيسكيير، لان كل ما في التشكيلة كان قويا من حيث الألوان والنقوشات والإكسسوارات والأقمشة.

ويمكن القول بكل ثقة إن هذه من أقوى التشكيلات التي قدمها المصمم الشاب إلى حد الآن من حيث حرفيتها ودقتها، ومن حيث مزجها الأقمشة المترفة مثل الجلد المغزول وجلد النعام بالحرير والنايلون.

حتى الأحذية التي كانت تغطي نصف الكاحل جاءت من الجلد والكتان والصوف المغزول والمشبوك بسلاسل معدنية.

ما يخيف في هذه التشكيلة إلى جانب قوتها، طول التنورات والفساتين القصير جدا، وجيسكيير لم يكن الوحيد في تبني الطول القصير لأن مصمم دار «بالمان»، كريستوف ديكارنين، أيضا اشترك معه في هذا الجانب، وقدم تشكيلة كان القصير فيها هو سي السيد، إلى جانب جاكيتات بأكتاف عالية وصارمة نسقها مع أحذية عالية الساق.

ديكارنين لعب على مكامن قوته، التي تتمثل في استعمال تقنيات جديدة، فمن منا لا يذكر البنطلون الجينز الممزق الذي طرحه في العام الماضي بسعر يصل إلى 1000 جنيه إسترليني ومع ذلك نفد من الأسواق وكانت هناك لائحة انتظار طويلة للحصول عليه؟ .. هذه المرة أيضا استعمل التقنية في «تيشيرت» يبدو وكأن العثة تلذذت بأكله، وليس هناك خلاف أنه سينفد من الأسواق، بغض النظر عن الأزمة، حيث تبدو الأنيقات ضعيفات أمام كل ما يطرحه هذا المصمم الشاب.