البوتاسيوم والصوديوم .. ثنائي ديناميكي يساعدان الكليتين في أداء وظيفتهما

الموز غني بعنصري البوتاسيوم والصوديوم .. وهما يساعدان الكليتين ومهمان للحفاظ على توازن السوائل واختلال التوازن بينهما سيىء للقلب والصحة
الموز غني بعنصري البوتاسيوم والصوديوم .. وهما يساعدان الكليتين ومهمان للحفاظ على توازن السوائل واختلال التوازن بينهما سيىء للقلب والصحة

البوتاسيوم والصوديوم .. إنهما يحتلان أعلى المراكز في معبد الشهرة، فهما يلعبان معا دورا هائلا في تنظيم ضغط الدم، كما تظهر دلائل متزايدة على أنهما يؤثران على صحة العظام.


إلا أن الأبحاث والتوصيات الغذائية تركز على واحد منهما دون الآخر، وخصوصا على الصوديوم، إلا أن هذا الأمر خطأ ما دام هذان العنصران يوجدان أحدهما مع الآخر.

وحالة عدم التوازن الهائل في هذا الثنائي في غذاء المواطن الأميركي المتوسط، تتطلب العمل على جبهتين: الحصول على كمية أكثر من البوتاسيوم، وأقل من الصوديوم.

ثنائي ديناميكي
البوتاسيوم والصوديوم حيويان للحياة، فالمضخات الجزيئية التي تدفع البوتاسيوم نحو داخل الخلايا وتدفع الصوديوم خارجها، تولد بطارية كيميائية تقوم بتوجيه عمليات إرسال الإشارات عبر الأعصاب، كما تمكن العضلات من التقلص.

البوتاسيوم والصوديوم يساعدان الكليتين على العمل بشكل مناسب، كما أنهما مهمان لتوليد الطاقة والحفاظ على توازن السوائل، كما بدأ العلماء في فهم دورهما في صحة العظام.

وقبل آلاف السنين حينما كان البشر يجولون الأرض طلبا للصيد وجمع الثمار، كان البوتاسيوم وفيرا، إلا أن الصوديوم كان نادرا. وقدم ما يسمى «النظام الغذائي في العصر الحجري القديم» نحو 11 ألف ميلغرام (ملغم) من البوتاسيوم يوميا، أغلبه من الفواكه والخضروات، والأوراق والزهور، والجذور، وغيرها من المصادر النباتية، وأقل من 700 ملغم من الصوديوم. وانعكست ندرة الصوديوم في الجسم البشري، في قدرة الجسم على الاحتفاظ بهذه المادة.

واليوم، يسهل الحصول على الصوديوم، فهو رخيص، ووافر في غذائنا.

ويتناول الأميركي في المتوسط بين ملعقة شاي واحدة وثلاث ملاعق من الملح يوميا، أي ما يقابل بين 2500 و7500 ملغم من الصوديوم، أغلبه مخفي داخل الأغذية المعالجة أو المطهوة سلفا.

وهذا أكثر بكثير من 200 ملغم اليومية التي يحتاجها الجسم منه، الا أن المسألة تختلف مع البوتاسيوم، إذ أننا نتناول في المتوسط 2500 ملغم منه يوميا، أي نحو نصف أقل كمية ينبغي على البالغين تناولها وفق التوصيات وهي 4700 ملغم.

لدى الناس الأصحاء تستجيب الكليتان لزيادة الصوديوم، بقيامهما بلفظه خارجا مع البول، ولكن، ولسوء الحظ، فإن هذا يقود أيضا إلى لفظ البوتاسيوم، وإن كان مستوى البوتاسيوم منخفضا فإن الجسم يحاول زيادته، الأمر الذي يعني الإبقاء على الصوديوم.

الماء يتبع الصوديوم، وهذا ما يؤدي إلى زيادة كميات الماء في الجسم، وازدياد حجم الدم في الدورة الدموية، ويزداد ضغط الدم وعلى القلب العمل بقوة أكثر.

والصوديوم الزائد يقلل كثيرا من قدرة الأوعية الدموية على الاسترخاء وعلى الانقباض بسهولة، كما أنه قد يحفز أكثر من اللازم على نمو أنسجة عضلة القلب.

زد البوتاسيوم وقلل الصوديوم
وكل هذه الأمور تزداد سوءا مع قلة تناول البوتاسيوم، ولدى بعض الأشخاص وخصوصا من الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، عجز القلب، أو خلل في وظيفة الكلية، فإن الكليتين تحتفظان بالصوديوم مهما كانت الظروف، وهو الأمر الذي يعقد الحالة. وإحدى الطرق للفظ الصوديوم خارج الجسم، هي تناول كميات أكثر من البوتاسيوم.

ويفترض تقرير مهم حول دراسة «تجارب لدرء ارتفاع ضغط الدم»Trials of Hypertension Prevention أن التوازن بين هذين العنصرين بمقدوره مساعدة القلب والأوعية الدموية.

وفي تلك الدراسة التي تمت على مرحلتين، وأجريت في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، قاس الباحثون كميات الصوديوم والبوتاسيوم على مدى 24 ساعة لدى 3 آلاف من المتطوعين،(الكمية التي يلفظها الجسم ـ هي تقدير جيد للكمية المتناولة).

وقد وجد الباحثون أنه كلما كان حاصل قسمة الصوديوم إلى البوتاسيوم أعلى، كلما كان الخطر أعظم لحدوث نوبة قلبية أو سكتة دماغية، أو الخضوع إلى عملية جراحية للقلب المفتوح لتعويض الشرايين المسدودة بأوعية بديلة، أو عملية لإزالة تضيّق الشرايين، أو الوفاة بأمراض القلب والأوعية الدموية في غضون الفترة بين 10 أو 15 سنة اللاحقة (أرشيفات الطب الباطني، 12 يناير 2009).

وقالت نانسي كوك الباحثة في طب التوليد في مستشفى بريغهام التابع لجامعة هارفارد التي أشرفت على الدراسة، إن «دراستنا تفترض أن تقليل تناول الصوديوم فقط، أو زيادة البوتاسيوم فقط، لن يكون فعالا في مكافحة ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، مثل فاعلية تنفيذ هذين الأمرين في نفس الوقت».

الملح والعظام
ينصب جلّ الاهتمام في ما يخص البوتاسيوم والصوديوم على تأثيراتهما على الكليتين، الأوعية الدموية، والقلب، إلا أن هذين العنصرين يؤثران على كل جزء من الجسم، ومنها عمليات بناء العظام وهدمها. والغذاء الغني بالصوديوم يزيد من كمية الكالسيوم التي تلفظ مع البول.

ويرصد هذا النقص بقوة خصوصا عندما يتم تناول كميات قليلة من الكالسيوم، كما يحدث لدى الكثير من الأميركيين، ويساهم فقدان الكالسيوم في حدوث هشاشة العظام، وهي حالة ضعف العظام مع تقدم العمر.

وإحدى طرق مكافحة هذه المشكلة هو تناول كالسيوم أكثر من الغذاء أو المكملات. كما أن تناول 4700 ملغم يوميا من البوتاسيوم بمقدوره المساعدة هنا.

غذاء لكل العصور
لقد كان أجدادنا القدماء في العصر الحجري يتناولون كميات من البوتاسيوم أكثر بـ 16 مرة من كميات الصوديوم، وهذه نسبة بعيدة جدا عن متوسط الغذاء الأميركي، الذي يحتوي على كمية صوديوم أكبر بمرتين من كمية البوتاسيوم.

وفي مثال غذائي نموذجي ـ شريحة من اللحم المقلي مع البيض وعصير الطماطم في إفطار الصباح، شطيرة (ساندويتش) من شريحة لحم مع مشروب غازي في الغداء، وكيس من رقائق الترتيلة لوجبة خفيفة، ثم وجبة عشاء من المعكرونة مع الزبدة والفاصولياء الخضراء والخبز بالثوم، تمنحك كلها 1600 ملغم من البوتاسيوم و4100 ملغم من الصوديوم أي بنسبة 0.4: 1.

وتتمثل إحدى طرق درء ارتفاع ضغط الدم وحماية صحة القلب، في زيادة كميات البوتاسيوم المتناولة وتقليل كميات الصوديوم، ولكن عليك أن تستشير الطبيب قبل زيادة البوتاسيوم، لأنها مضرة للمصابين بأمراض في الكلية أو عجز في القلب، أو الذين يتناولون حبوبا مدرّة للبول.

وأفضل طريقة للحصول على بوتاسيوم أكثر وصوديوم أقل هي تناول الفواكه والخضروات الطازجة والفاصولياء والسمك والطعام المطهو داخل المنزل، والطعام المطهو سلفا من المتاجر من النوع القليل الملح.

ويمكنك الوصول إلى 4700 ملغم من البوتاسيوم وتقليل الصوديوم إلى أقل من 800 ملغم بتناول عصيدة الشوفان، عصير البرتقال، والقهوة في الصباح.

وتناول شطيرة من زبدة فول السوداني، مع الحليب في الغداء، والبطاطا المشوية مع قشرتها وسلطة من السبانخ مع نصف أفاكادو في العشاء، إضافة إلى بضع حبات من الفول السوداني والزبيب، وموزة، بين الوجبات.

وفي مثل هذه الوجبات يقارب حاصل قسمة البوتاسيوم على الصوديوم 14: 1، ورغم أنك لا تعيش مثل الأجداد في العصر الحجري، فإنك قد تحيا بشرايين صحية مثل تلك التي كانت لديهم