علاجات دوائية ونفسية فعالة للأطفال المصابين باضطرابات القلق

العقاقير والعلاج النفسي يحققان معاً أفضل النتائج للأطفال المصابين باضطرابات القلق
العقاقير والعلاج النفسي يحققان معاً أفضل النتائج للأطفال المصابين باضطرابات القلق

الآباء الذين يحاولون اختيار نوع العلاج الصحيح لأبنائهم، الذين تم تشخيصهم باضطرابات القلق، متخوفون (وذلك أمر له تبريره) من تأثيرات العقاقير المؤثرة عقلياً psychotropic medication على نمو المخ لديهم.


ومع ذلك، فإنهم وحين يطلبون إجراء العلاج النفسي لأبنائهم، فإنهم غالباً ما يعرفون حينذاك أن من الصعب العثور على متخصص في العلاج النفسي، إضافة إلى أن التكاليف، والوقت، والأموال، تكون أكثر من أن تتحملها عائلاتهم.

اختبارات حديث
المقالة التي نشرت في عدد 30 أكتوبر 2008 من مجلة «نيو إنغلاند جورنال أوف ميديسن» تساعد في توضيح الأهمية النسبية لمختلف خيارات العلاج لاضطرابات القلق لدى الأطفال، وخصوصاً اضطرابات الفراق separation anxiety، واضطراب القلق العام generalized anxiety disorder، والرهاب الاجتماعي social phobia.

وقد أفاد الباحثون عن نتائج تجربة عشوائية مراقبة أجريت على مدى 12 أسبوعاً لمقارنة طرق العلاج السلوكي الإدراكي cognitive behavioral therapy (CBT)، والعلاج بالعقار المضاد للكآبة «سيرترالين» sertraline («زولوفت» (Zoloft، والعلاج المزدوج بكليهما، والعلاج بحبوب وهمية.

وشارك في التجربة نحو 500 طفل تراوحت أعمارهم بين 7 و17 سنة، وقد حقق أكثر من 80 في المائة من الذين خضعوا إلى العلاج المزدوج تحسناً كبيراً، مقارنة بنسبة 60 في المائة من الذين خضعوا للعلاج السلوكي الإدراكي، وبنسبة 55 في المائة من الذين تناولوا عقار «سيرترالين» فقط.

ولم يكن الفرق بين الاستجابة للعلاج السلوكي الإدراكي وبين العلاج بعقار «سيرترالين» مهماً من الناحية الإحصائية، إلا أن كلا من هذين العلاجين، على انفراد، كان أكثر فاعلية بالضعف مقارنة بالعلاج بالحبوب الوهمية.

دراسة دقيقة
وقد صممت الدراسة التي مولها المعهد الوطني للصحة النفسية وأجريت في عدة مواقع في الولايات المتحدة، بشكل جيد.

وكان المشاركون ينتمون إلى مختلف الأعراق، وأجرى العلاج النفسي أخصائيون متمرسون في العلاج، وصفوا علاجات قياسية في ظروف إشراف دقيق.

وتم تقييم حالات الأطفال الذين تناولوا عقار «سيرترالين» في ثماني جلسات استمر كل منها 30 إلى 60 دقيقة.

وأتاح تصميم التجربة للباحثين مقارنة فاعلية كل نوع من العلاج مع النوع الآخر ومع الحبوب الوهمية.

كما تمكن الباحثون من قياس كيفية تقبل الجسم لعقار «سيرترالين» مقارنة مع الحبوب الوهمية، إضافة إلى تقييم الأخطار على أفراد مجموعة «سيرترالين» مقارنة بالمجموعات التي تلقى أفرادها أنواعاً أخرى من العلاج.

فاعلية العلاج
وقد تحدث الأطفال الذين تناولوا العقار المضادة للكآبة، عن شعورهم بعدد أكثر من الأعراض السيئة الخفيفة، مثل حالة التسكين sedation والأرق، والتململ fidgeting، مقارنة بالأطفال الذين لم يتناولوا العقار.

إلا أن الأمر الذي أعاد الطمأنينة إلى قلوب الباحثين، أنه وبعد الترويج والإعلان بقوة عن المخاوف بشأن حدوث حالات انتحار، لم يلجأ أي طفل إلى محاولة من هذا النوع.

كما أن الأطفال الذين تناولوا «سيرترالين» لم يبلغوا بولادة أفكار لديهم حول الانتحار كانت أكثر تكراراً من الأفكار التي تولدت لدى الأطفال الذين تناولوا حبوباً وهمية.

الدراسة مشجعة لأنها تقدم دليلا قوياً على أن علاجات القلق تؤدي مهمتها، وهي تؤكد فاعلية العلاج السلوكي الإدراكي، ولذلك فإن المخاوف من تناول العقاقير تجعل من العلاج السلوكي الإدراكي خياراً أول جيداً للكثير من الأطفال.

أما لأولئك الأطفال الذين يتناولون العقار المضاد للكآبة، فإن الدراسة تقدم لهم توكيدات أكثر تشير إلى أنه وفي ظل مراقبة دقيقة، فإن خيار تناول العقاقير، خيار آمن نسبياً.

أما القفزة الكبيرة التي حدثت في فاعلية العلاج المزدوج، فهي عتلة رافعة لحالات نصف الأطفال تقريباً التي لم تتحسن عند استخدام أي واحد من العلاجين، على انفراد.

وقد نوه الباحثون بأنه قد يصعب تحقيق مثل هذه النتائج العظيمة للاختبارات، في العالم الحقيقي.

وبالرغم من جهود إشراك أطفال من فئات اجتماعية واقتصادية غير محظوظة في الدراسة، فإن عددهم لم يكن ممثلا فيها بالقدر المطلوب.

وحتى ولو شاركوا في الدراسة، فإن هؤلاء الأطفال غير المحظوظين، لا يمكنهم عادة الحصول على الرعاية التي توفرت شروطها أثناء الدراسة.

إلا أن الآليات المتعلقة بفاعلية هذه العلاجات، لا تزال مجهولة. فالمشاركون ربما تحسنت حالاتهم بسبب اندماج آليتين علاجيتين متميزتين (أي بتعبير بسيط، العلاج بالأحاديث زائداً الدواء).

أو أنهم شعروا بأنهم أفضل حالا لأنهم قضوا أوقاتاً أطول مع أطبائهم.

وفي كلتا الحالين فإن الدراسة تسجل احتفاءها الكبير بالعلاج ذي النوعية العالية للقلق لدى الأطفال، وهي تقدم توكيدات متجددة لأولئك الذين يتخوفون من الأعراض السيئة.

أما لأولئك الذين يضعون ملامح السياسات الصحية، فإن الدراسة توفر التشجيعات اللازمة لتحسين إمكانات المرضى للحصول على رعاية على درجة عالية من الجودة للأطفال الذين هم بحاجة إليها.