الطوب الزجاجي .. صديق أشعة الشمس وكاتم الأسرار والخصوصية

من الطبيعي أن نستخدم الحائط الزجاجي في الفيلات التي تكون مطلة على حديقة أو مساحة واسعة، ولكن في البيوت والعمارات يكون نصف الشفاف هو الأمثل
من الطبيعي أن نستخدم الحائط الزجاجي في الفيلات التي تكون مطلة على حديقة أو مساحة واسعة، ولكن في البيوت والعمارات يكون نصف الشفاف هو الأمثل

الحائط الزجاجي في عرف خبراء الديكور حاليا ما هو إلا نافذة غير متحركة يدخل منها الضوء وتعطي إحساسا بالسعة
على الرغم من أننا نعيش تحت دائرة ممتدة من ضوء الشمس في هذا العالم الواسع، إلا أن القليل منه يدخل بيوتنا بسبب علو البنايات من جهة، وكثرتها من جهة ثانية، وهو ما يجعل استفادتنا من الضوء الطبيعي أقل من المطلوب.
 
لهذا إذا كنت من الناس الذين يريدون التمتع بالضوء أينما كانوا، فأنت تحتاج إلى استغلال كل جزء من البيت، باستعمال أكبر قدر من الزجاج في منزلك.
 
قد يصعب على البعض تطبيق هذه الطريقة، لسبب أو لآخر، لكن مع توفر تقنية استخدام الطوب الزجاجي في بناء الحوائط والفواصل، أصبحنا نستطيع أن نحجب الضوء الشديد الذي يسبب لنا الضيق والتوتر، ونستمتع بالضوء الصحي، الذي يدخل إلينا، من دون غبار أو ضوضاء.

الإنسان عرف الزجاج منذ فجر التاريخ، وما زال يستخدمه إلى الآن في أغلب شؤونه، وعلى الرغم من أن الفراعنة قبل 5000 سنة هم من قاموا باكتشاف أنه عند مزج الرمل بحجر الكلس والصودا وتعريضها إلى درجة حرارة عالية ينتج الزجاج، إلا أنه كان في عهدهم، هشا وسهل الكسر، إلى أن قامت مصانع في جزيرة مورانو الفينيسية، التي تعد من أهم مراكز صناعة الزجاج، بتطويره وتقويته.


وفى منتصف القرن الثالث عشر كانت فينيسيا بلا منازع أشهر مدن العالم في صناعة الزجاج، ومن هنا عرف الزجاج «الموراني»، الذي يقاوم الكسر والحرارة أيضا. 

ولعشق الإنسان بالزجاج ظل يبحث في علومه، إلى أن وصل إلى جعل الزجاج له خواص الحجر، ومن هنا كان «الطوب الزجاجي». وقد عرف هذا الطوب في الدول الأوروبية قبل العربية بقرن تقريبا، فهم من سعوا إلى تطويره لكي يستفيدوا من الشمس، التي لا تخترق سماءهم على مدار اليوم إلا لماما.

في الدول العربية انتشر الطوب الزجاجي، عندما وجد البعض أنه أصبح، بعد استخدامه، يسمح باختراق أشعة الشمس للبيت، فيضفي عليه ضوءا وشعورا بالراحة والاتساع، بل سمح أن يغمر البيت بأطياف الضوء السبعة، التي يعكسها الطوب الزجاجي بإشعاعاته الجميلة في النهار، وفى الليل أيضا يحدث هذا الخليط والمزيج الرائع من خلال أضواء المصابيح المتسللة إلى المنزل.

كل هذا يجسد فائدة عظيمة أخرى، حيث إنك تشعر بالطبيعة والحرية تحيط بك من كل جانب من غير إزعاج، أو شعور بتسلل عيون الآخرين إليك، فلا تجد من يقيد حريتك أو يتعدى على خصوصيتك.

وأصبح بإمكان أصحاب البيت رؤية جزء من الشارع أو الحديقة، بدون أن يراهم من هم خارجه، كونه معتما من الخارج، مع حفاظه على شكل وخاصيات الزجاج البراق والشفاف.

وهناك العديد من الأشخاص يتعجبون من فكرة الطوب الزجاجي، «لكن يمكننا بكل بساطة بناء حائط زجاجي من الحوائط الأربعة الموجودة في أي غرفة، خاصة تلك التي تطل على الخارج، وتكون للحائط الزجاجي قاعدة خرسانية لا تفرق عن الطوب الحجري في شيء، كما يمكننا بناء فاصل زجاجي بين الغرف، فيعطى مساحة أكبر للعين، وشعورا بالحرية عندما نتخلص من الحوائط الخراسانية في منازلنا».

ونننصح من يفكرون باقتناء الطوب الزجاجي في منازلهم باستخدامه في المطبخ والحمام وحوائط السلم، وأيضا في الأسقف وغرف النوم، على ألا يكون الحائط المواجه للسرير، ولكن ما يجاوره، ولمزيد من الخصوصية، ابتكرت بعض الشركات رسومات خاصة عليه، حتى تتماشى مع كل مكان سيبنى فيه، وأحيانا تضع بداخله بعض الزهور المجففة، مما يجعله أكثر جاذبية للعين.

وتجدر الإشارة إلى أن الاهتمام بالطوب الزجاجي تزايد في عالمنا العربي، بعد أن أثبت نجاحه في التكيف مع المناخ الحار، الذي يجبرنا على الهروب من حر الشمس الشديد، فنحرم من فوائدها وجمال شعاعها، ولكن بوجوده تنوعت سبل الاستفادة من ضوء الشمس بدون الشعور بالحر.

وحسبما يتوقع خبراء الديكور، فإنه خلال السنوات العشر القادمة، سوف ينتشر الطوب الزجاجي بشكل أوسع، ليس فقط كحائط ديكور في غرفة، وإنما يمكننا أن نجد البيت كله أو نصفه أصبح زجاجيا، وهذا سوف يذكرنا بأحد مشاهد أفلام الخيال العلمي، عندما نرى البيوت وقد صنعت من الزجاج، ولكن مع زحمة المدن وتلاصق البيوت سوف يكون الحل الأمثل للتمويه على ضيق الحوائط الخراسانية.

وهناك سمة خاصة يتمتع بها الطوب الزجاجي، هي أنه لا يحتاج لعناية فائقة من الداخل، لأنه بإمكان صاحب البيت تنظيفه، شأنه شأن أي قطعة زجاجية أخرى، على شرط تنظيفه بشكل دوري من الخارج، ويكون ذلك عبر شركة متخصصة.

فالزجاج، كما نعرف، تتجمع فيه الأتربة بسرعة، مما يستدعي تنظيفه بشكل دائم للحفاظ عليه، وليس من المعقول الرغبة في الضوء والجمال من دون دفع ثمن بسيط يتمثل في النظافة.

كيف تستعمله وأين؟
الطوب الزجاجي نوعان: الأول شفاف بدرجة 100 %، والآخر نصف شفاف ويطلق علية «المصنفر»، وهذا الأخير لا يسمح بالرؤية الواضحة ولكن تكون الصورة عبارة عن ضوء ساطع، وظلال متحركة بلا ملامح محددة

- عند استخدام الطوب الزجاجي في الحمامات يكون بعدة صور، منها ما هو على شكل فاصل بين البانيو وباقي الحمام، ومنها ما هو على شكل حائط كامل نصفه شفاف باللون الأزرق للشعور بالراحة النفسية والخصوصية، وأيضا عدم الإحساس بالتقيد داخل حاجز المكان.

- في غرفة النوم يكون استخدامه كفاصل بين غرفة الملابس وباقي محتويات غرفة النوم، ولكن لا يحبذ استخدامه في غرف نوم الأولاد لا سيما إذا كان الطفل عنيفا، والحائط الزجاجي ما هو إلا نافذة غير متحركة، فعند الاستعانة به في غرف النوم يجب توفير منفذ للهواء، سواء كانت شرفة أو نافذة صغيرة.

- وعند استخدامه في الفيلات التي تكون مطلة على حديقة أو مساحة واسعة، لا نجد حرجا في استخدام الطوب الشفاف فقط، ولكن في البيوت والعمارات يكون نصف الشفاف هو الأمثل، حتى لا نشعر معه بتشتت الذهن طوال الوقت، ويراعى في تركيب الستارة هنا أن تكون متحركة، لكي نسدلها وقت الحاجة.

- وفي المطابخ هو آمن جدا ضد الحرارة ولا يتأثر بها ولكن يجب أن نحتاط من تراكم الدهون عليه وتنظيفه بصفة دورية.

- أما إذا اخترنا استخدامه في ممر داخلي فيجب أن يكون هناك مدخل للضوء، وإلا سيكون كقطعة إكسسوار فقط، ولا تكتمل باقي فوائده.

ونحذر من استخدام الطوب الزجاجي في الأماكن غير المأمونة، فعلى الرغم من صلابته إلا أنه ليس بصلابة الطوب العادي، لذلك هو مثالي الاستخدام في المنازل الساحلية وشقق المصايف، ويحبذ استخدامه في الطوابق العلوية، ويستبعد في الدور الأرضي تماما.

وفوائد الطوب الزجاجي كبيرة أهمها أنه عازل جيد للصوت والحرارة، فهو يخفض حرارة المكان عن الخارج بنسبة 40 %، كما أن وجوده في المكان يضفي عليه بهجة وحيوية، لذا نجد أن العديد من الأماكن العامة مثل المطارات وشركات السياحة تستعمله، وأيضا المستشفيات الكبرى، كنوع من العلاج النفسي.

وتعدد ألوان الطوب الزجاجي يعطي خيارا جميلا لأصحاب المنازل، فالأبيض الشفاف والمصنفر يتلاءمان مع المنازل الكلاسيكية، أما الملون فهو أكثر انسجاما مع الطابع العصري.