امرأة يابانية تستعد لزلزال مروع بمنزل مرتبط بنظام التحذير المبكر

المنزل تبلغ قيمته 600 ألف دولار مرتبط بنظام يقوم باستشعار أول هزة زلزال ويمكنه أن يوفر إخطارا قبل أن تصل تحركات أرضية كبرى إلى مكان معين بنصف دقيقة أو أكثر



أنفق العلماء اليابانيون مليارات الدولارات على مدار العقود على إجراء أبحاث باستخدام أجهزة استشعار، كانوا يأملون أن تساعد على معرفة الوقت الذي يحتمل أن يقع فيه زلزال توكاي (خدمة «لوس أنجليس تايمز»)
 
على الرغم من كل الصعوبات، ستكون اليابانية نوبو كونيزاكي مستعدة عندما يضرب زلزال «توكاي» المروع وسط اليابان، سواء حدث ذلك في الشهر المقبل أو خلال أعوام.

وتتوقع اليابانية وقوع زلزال اختير له اسما وتوجد تقديرات حول توقيته ومكان حدوثه وقوته، وقد تسببت هذه التوقعات في حالة من القلق داخل هذه البلد التي يكثر فيها حدوث الزلازل.

ولكن، ربما تعد هذه المرأة صغيرة الحجم التي تبلغ من العمر 39 عاما، أكثر من يشعر بالقلق من ذلك، ولذا، فإنها تقوم ببناء منزل «مقاتل» جديد يحتوي على معدات متطورة وأدخلت تعزيزات إضافية في التصميم، تأمل أن تصمد أمام الزلزال القادم لوقت يسمح لأسرتها بالهروب.

ويمكنك أن تطلق عليها «كتكوت اليابان الصغير» أو «سيدة الزلزال» أو «ملكة الكارثة»، ويسميها هكذا آخرون يعيشون في هذه المنطقة الحضرية التي تقع خارج طوكيو.

وتعزز كونيزاكي من فرصها داخل هذه المنطقة التي تقع على نقطة التقاء خطرة لصفائح قارية متغيرة تتسبب كل يوم في 1000 زلزال قوي يحس به الناس بالإضافة إلى العشرات من الزلازل سنويا تبلغ قوتها 5.5 بمقياس ريختر وربما تبلغ قوتها أكثر من ذلك.

وتبلغ قيمة منزلها 600.000 دولار وهو مرتبط بنظام التحذير المبكر من الزلازل في اليابان، الذي يقوم باستشعار أول هزة زلزال ويمكنه أن يوفر إخطارا قبل أن تصل تحركات أرضية كبرى إلى مكان معين بنصف دقيقة أو أكثر.

ويحتوي المنزل أيضا على أبواب هروب سرية ومصابيح للطوارئ وأجهز رش مياه وأجهزة استشعار أخرى.

وتقول المرأة اليابانية: «لا أعتقد أنني أعاني من البارانويا، فزلزال توكاي يوشك أن يقع، وسوف تتحرك الأرض بصورة كبرى. وأشعر أنني أستطيع أن أحيا حياة طبيعية لأنني مستعدة لذلك».

وتعد كونيزاكي نموذجا يوضح ما يسميه الخبراء الاتجاه المتنامي داخل اليابان للاستعداد لمواجهة الزلازل، ويأتي ذلك بعد أن ظل العلماء هنا على مدى عقود يركزون على تقنية يمكنها التنبؤ بدقة بالزلازل، ومداها ومكانها وتوقيت حدوثها.

وفي الوقت الحالي، غيرت الحكومة من اتجاهاتها، وتقر بالانتقادات الموجهة سواء كانت من داخل البلاد أم من خارجها، وتعترف بأن هذه العوارض الطبيعية غير السارة لا يمكن التنبؤ بها بهذه الدقة.

وفي المقابل، حولت اليابان الكثير من اهتمامها إلى توعية المواطنين بكيفية التصرف عندما يحدث زلزال، ونُفذت حملة توعية على مستوى البلاد داخل مراكز تحتوي على أجهزة محاكاة للزلزال، وعُقدت ندوات حول الإسعافات الطبية الطارئة وإطفاء النيران والخروج من مبنى يمتلئ بالدخان، وتجذب هذه الندوات مئات الآلاف من المواطنين كل عام.

وأخيرا، أمسك مدرسان في طوكيو بأرجل منضدة مثبتة من الأسفل في الوقت الذي اهتز فيه مسرح محاكاة لمدة دقيقة وبقوة 6.9 ريختر، وقد جعل ذلك غرفة الاختبار تبدو كسيارة تهتز.

ويقول توشيو سيكي، وهو رجل إطفاء سابق ومدرب في مركز «سلامة العيش» في طوكيو: «يفاجأ الجميع هنا بعنف الحركة ومدتها.

ويقول أحدهم: (لم أعلم أن الأرض تحركت بهذه الدرجة من العنف)، وأقول لهم إن هذا مجرد اختبار وإن الحدث الحقيقي سيكون أسوأ وأكثر رعبا».

وتقع منطقة توكاي على بعد 100 ميل جنوب طوكيو، وتعد هي نقطة الصفر للزلزال الكبير المقبل داخل اليابان، الذي يقول عنه الباحثون إن قوته يمكن أن تصل إلى 8.0 بمقياس ريختر، علما بأن الزلزال الأكثر قوة الذي وقع جنوب كاليفورنيا في الوقت الحديث بلغت قوته 7.9 ريختر، وهو زلزال فورت تيغون الذي وقع في 1857.

ويقول الخبراء إن الصفيحة الفيليبينية سوف تنزلق إلى أسفل الصفيحة الأوراسية، وخلال عملية تعرف باسم «التشوه القشري» تتحرك شبه جزيرة ذات حافة حادة إلى داخل البحر بمقدار عدة مليمترات كل عام.

وسوف يقوم الزلزال بإطلاق ضغط، ويؤدي إلى تحرك الأرض لأعلى بمقدار عدة ياردات وترسل موجات من الصدمات مميتة عبر اليابان.

وكانت آخر مرة تتعرض فيها منطقة توكاي إلى مثل هذا الزلزال قبل 154 عاما، ويتوقع أن يحدث هذا الزلزال كل 150 عاما، ويعني ذلك أن هذا الحدث المروع يوشك على الوقوع، حسب ما يقول سكي.

وقال في حديثه مع إحدى المجموعات المتجولة: «لو وقع الزلزال في ساعة الذروة في السادسة مساء، فإن أكثر من 60.000 شخص سوف يقضون نحبهم».

ويشار إلى أنه على مدار العقود الماضية، أنفق العلماء اليابانيون مليارات الدولارات على إجراء أبحاث باستخدام أجهزة استشعار كانوا يأملون أن تساعد على معرفة الوقت الذي يحتمل أن يقع فيه زلزال توكاي، وبعد ذلك وقع الزلزال كوب عام 1995 بقوة 6.9 ريختر وتسبب في مقتل 6.400 شخص بالإضافة إلى خسائر بلغت 90 مليار دولار.

ويقول ترويوكي كاتو، الأستاذ في معهد أبحاث الزلزال بجامعة طوكيو: «غير الزلزال كوب من كل شيء، واشتكى المواطنون من أنه لم يمكن لأحد توقع زلزال في هذه المنطقة، وقالوا إن الباحثين فشلوا».

وردت الحكومة بحملة توعية تضمنت عمليات محاكاة لوقوع زلزال بلغت قيمتها عدة ملايين من الدولارات وجهود أخرى لجعل المواطنين يستعدون للآثار الكارثية للزلزال.

ويقول كاتو إنه على الرغم من أن الباحثين ما زالوا يقومون بعمليات استشعار خاصة بالزلزال ويستخدمون أدوات أخرى من أجل رصد حركة قشرة الكرة الأرضية، فإن الهدف لم يعد هو معرفة الساعة أو اليوم أو الأسبوع الذي سوف يقع فيه الزلزال.

ويقول كاتو: «قلنا للمواطنين إن عليهم ألا يقول الباحثون توقعات حول الزلازل تتسم بأي مقدار من الدقة لأننا اكتشفنا أنه من المستحيل حدوث ذلك».

وأشار إلى أن رأيه مجمع عليه في اليابان وفي مناطق أخرى، «بدأنا نتحدث بصورة عامة عن كيفية التصرف عندما يقع زلزال».

وقد غير الزلزال كوب من حياة نوبو كونيزاكي، حيث كانت تعيش في منزل مستأجر بالقرب من طوكيو، ورأت صور الدمار على التلفزيون مع باقي البلاد، وبدأت في القراءة عن الاستعداد للكوارث ووجدت أن معظم الكتب تناولت الأمر من نظرة ذكورية.

وتقول كونيزاكي، وهي أم لثلاثة أطفال أعمارهم 13 و10 و3 سنوات: «يعتقد الرجال أنه يكفي الهرب من الطابق الثاني استخدام سلم أو حبل، ولكن هب أن هناك امرأة ولديها أطفال، لا يمكنها الهبوط مع الطفل باستخدام الحبل».

وبعد ما علمته عن الزلزال، بدأت نشاطا خاصا «استشاريا في إدارة الكوارث»، وقدمت ندوات على المحافظة على السلامة.

وكتبت أيضا كتابين «أنقذ طفلك من الزلزال» و«جاء الزلزال إلى مدينتي»، وعرضت أفكارا مثل تجهيز حقيبة طوارئ لكل طفل لا تشتمل على الضروريات وحسب، ولكن تحتوي كذلك على أدوات التسلية والتسرية مثل دمى حيوانات بهدف المساعدة على تخفيف الضغط على الطفل.

وبعد ذلك واتت كونيزاكي فكرة بناء منزلها لتوضيح أفكارها. واشترت أرضا في طوكيو وقامت ببناء المنزل، ودون أن تحصل على دورات تدريبية معمارية، صممت بناية حديثة تحتوي كل غرفة فيها على بابين وشرفة لضمان هروب أسهل ومصابيح مغطاة في حال انفجار المصابيح الكهربائية.

واختلفت كثيرا مع البنائين الذين كانوا يقولون لها باستمرار إنه لا يمكن بناء ما تريد، كما تشاجرت مع زوجها، مانوبو، وهو مهندس شارك في تحمل تكلفة ذلك، ويقول الزوج: «أصابها الهوس بفكرتها، إنها تشعر بالقلق من الزلازل أكثر من الشخص العادي».

ويوجد في كل حمام حائط أو باب يمكن دفعه في حال حبس شخص ما داخله، ولكن فتحة الهروب في الحمام العلوي صغيرة على الزوج مانوبو ولا يستطيع أن يمر من خلالها، ولذا تقول: «وضعنا في الحمام صفارة كي يطلب بها المساعدة وجهاز راديو كي يستمع إليه حتى تصل».

كما تقوم بتدريبات منتظمة مع طفليها الأكبر، ويقول يوتاكا، الذي يبلغ من العمر 10 أعوام: «أمي مصابة بنوع من البارانويا، ولكني لا أخشى من الزلازل».

ولكن، يصرخ أخوه يونيتشي من الغرفة المجاورة قائلا: «كاذب!» وقد تم الانتهاء من منزل كونيزاكي العام الماضي، وهي تنتظر حاليا وقوع الزلزال.

ويضايقها الزوج مانوبو بالسؤال عن مشروعها المقبل، وتضحك الزوجة وتقول لا لن أبني منزلا يصمد أمام النيازك.

وتقول عن زلزال توكاي: «أنا جاهزة للأسوأ، ولكن على الرغم من أنني أخذت استعداداتي، أشعر بالرعب».