"كارتييه" .. تاريخ طويل تزينه الأحجار الكريمة

أنشئت دار كارتييه للمجوهرات الرفيعة في عام 1847 على يد لوي فرنسوا كارتييه، وفي نهايته حازت على رضا الملوك وإقبال الطبقات المخملية فهي  تاريخ يستلهم خطوطه من الرومانسية والكائنات الحية وتكتب سطوره النس
أنشئت دار كارتييه للمجوهرات الرفيعة في عام 1847 على يد لوي فرنسوا كارتييه، وفي نهايته حازت على رضا الملوك وإقبال الطبقات المخملية فهي تاريخ يستلهم خطوطه من الرومانسية والكائنات الحية وتكتب سطوره النس

لا يمكن الحديث عن دور المجوهرات العريقة في العالم من دون أن يكون اسم دار "كارتييه" من ضمنها، إن لم يكن على رأسها، فاسم هذه الدار ورغم قدمه لا يزال إلى يومنا هذا يشعل الرغبة في قطعة من قطعها التي لا تعترف بزمن، سواء كانت ساعة يد أو قلادة أو سواراً.


ماركتها المسجلة أنها دائما كلاسيكية وعصرية في الوقت ذاته، مما يجعل سحرها متوهجا على مر السنين، بغض النظر إن كان التصميم من وحي الباروك أو بوحي الطبيعة والكائنات الحية أو الرومانسية، كل ما تطلقه يكتسي بصبغة جذابة ومغرية، ويعود نجاح الدار إلى قدرتها على مواكبة تطورات العصر، وإعادة صياغة نفسها مع كل تصميم تطلقه.

أنشئت دار كارتييه للمجوهرات الرفيعة في عام 1847 على يد لوي فرنسوا كارتييه، وفي نهايته حازت على رضا الملوك وإقبال الطبقات المخملية، لتصبح كل قطعة تصوغها الدار جزءا من تاريخ بلاطات القصور الأوروبية، وشاهدا على أسلوب حياة أمراء ونجوم، بل وحتى على قصص حبهم.

وهكذا دخلت القرن الواحد والعشرين قوية ومستقوية بإرث عريق، يحمل أحيانا خطوطاً استمدها من الماضي المجيد، وأحيانا أخرى ينسجها من العصر ومتطلباته، لكن يبقى القاسم المشترك ان لكل مجموعة حكاية تحمل في تصميمها رسائل مفعمة بالحب والإخلاص والنبل.

وخير شاهد على ذلك مجموعة "ترينيتي" التي تروي حكاية مثيرة بدأت فصولها في عام 1918 حين اقترح صديق لويس كارتييه، الكاتب والشاعر جان كوكتو، تصميم خاتم من ثلاث حلقات بألوان الذهب الثلاثة، تمثّل تطوّر مراحل العلاقة بين طرفين، فكان الذهب الأبيض عربون الصداقة والذهب الوردي رمزاً للحب، بينما كان الأصفر للتعاهد على الوفاء والإخلاص.

ويعتبر خاتم ترينيتي الأكثر شهرة بين مجموعات الدار، وقد تمّ التسويق له في عام 1924 ليلعب دوراً ريادياً بين الأحباء، ويشهد بعد ذلك على ارتباطات تاريخيّة، كما يصبح ناطقا باسم الحب على مدى عقود.

وقد أعادت الدار صياغته بتصميم عصري لهذا العام احتفالا بمرور مائة سنة على افتتاح محلها في الولايات المتحدة الأميركية.

يبرز أيضا من ضمن مجموعات كارتييه المعبّرة، سوار الحب الشهير، الذي استوحاه أحد مصممي الدار، ألدو تشيبوللو في بداية السبعينات من القرن الماضي من حزام العفة، وما كان يحمله من معاني الإخلاص ومتانة الارتباط، ويأخذ شكل سوار صلب من الذهب مؤلف من جزءين مزخرفين ببراغي تساعد على تثبيته حول المعصم، ومع الوقت أصبح البرغي، شعار المجموعة والدجاجة التي تبيض ذهبا من حيث الإيرادات.

لكن يجب ألا ننسى أن قسما من مبيعاته يتم التبرع به لمشاريع إنسانية، على رأسها رعاية الشؤون الاجتماعية، سواء كانت تخص الأم والطفل أو لمحاربة الجوع والفقر، كما الاهتمام بالأيتام والمعوزين من حول العالم. روحه الإنسانية زادت من جماله وحجم الإقبال عليه.

آخر إنجازاته كانت في المملكة العربية السعودية حيث تسلّمت الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام "إنسان" إيرادات حملة السوار الخيري لعام 2008، فيما أطلقت الحملة الخيرية السنوية لهذا العام، في الإمارات العربية المتحدة بدعم من الأميرة هيا بنت الحسين حرم الشيخ محمد بن راشد آل المكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، على أن يخصص ريعها لدعم احد برامج منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" لعام 2009 .

والطريف انه مع توالي فصول الإبداعات، يتبين أن وراءها سيدات مميزات، كل منهن رائدة في مجالها، فولادة مجموعة "بانتير" الشهيرة، مثلا، كانت مستوحاة من المصممة جان توسان، التي انضمت الى فريق كارتييه في عام 1910، وأطلق عليها رئيس الدار لويس كارتييه لقب النمر بسبب حدّة طباعها وحدسها في اختيار القطع الفريدة لتتم على يدها ولادة مجموعة "بانتير" ويصبح النمر ولفترة سفيرا للدار.

وقد اعتمدته كارتييه في عام 1914 ليزيّن بطاقات الدعوة لحضور المعرض الخاص بها، ولحقته في السنة نفسها بساعة صمم ميناؤها على شكل نمر رصّعت بالألماس والعقيق، أما النمر على شكل بروش فقد ولد في عام 1948 بإيعاز من دوق ويندسور الذي طلبه ليقدمه كهدية للدوقة سمبسون.

ولا تزال رحلة نمر كارتييه تنتقل من نجاح إلى آخر لتؤكد روعته، وتسلط الضوء على براعة حرفيي الدار، خصوصا في تنفيذ تصاميم ثلاثية الأبعاد، أما الفضل في ولادة مجموعة "لا دونا" فيعود إلى الممثلة المكسيكية ماريا فيلكس.

تقول القصة ان هذه الأخيرة دخلت صالة عرض دار كارتييه في "رو دي لا بي" بباريس، وهي تحمل تمساحاً صغيرا يسبح في وعاء، وطلبت من الدار أن تبتكر لها عقداً على شكل تمساحها الصغير والعزيز على قلبها.

فكان لها ما أرادت، لتصبح بعدها من المخلصين لقطع كارتييه المجوهرة وتعود الدار في عام 2006 لتحيي اسمها عبر طرح ساعة "لا دونا" التي تميز حزامها بنقوشات جلد التمساح.

هذا وقد شهدت دار كارتييه أيضا أروع قصص الحب الملكيّة، لعل أشهرها العلاقة بين الدار والملك ادوار الثالث الذي تخلى عن العرش البريطاني من اجل عيون من أحبّ. فقد أغدق الأمير، الذي كان من الممكن أن يكون ملكا، على حبيبته واليس سيمبسون مجوهرات حملت توقيع كارتييه للتعبير عن مدى حبّه لها.

وتوجت الدار هذه العلاقة بقطع فريدة، كان أشهرها عقد "بيب" الشهير المشغول من البلاتين والذهب والمرصّع بالألماس والفيروز.

ولم تختلف القصة كثيرا في بلاط إمارة موناكو، الذي كان لكارتييه حضور استثنائي فيه، عبّر عنه الأمير رينييه في عام 1956 بتاج مرصّع بالألماس والياقوت أهداه للنجمة غريس كيلي.

وعاد لاحقا فقّدم لها خاتما من الألماس بزنة 10.47 قيراط، أيضا يحمل توقيع "كارتييه" حرصت النجمة الراحلة على إبرازه في فيلمها الأخير "هاي سوسايتي" قبل أن تودّع عالم هوليوود، وتتوّج أميرة موناكو، إلى جانب الملوك والأمراء، كان لكارتييه حضور قوي في حياة النجمات، ليس أدلها ماسة بزنة 69.42 قيراط، كللت قصّة حب النجمين ريتشارد بورتن واليزابيث تايلور.

كانت الماسة قد عرضت في مزاد علني في عام 1969 شارك فيه كل من المليونير اليوناني الراحل اوناسيس وبورتون بالإضافة إلى الدار التي فازت بالماسة في المزاد.

بورتون كان مصمما على الحصول عليها من باب قناعته بأن مكانها الطبيعي يجب أن يكون حول عنق حبيبته تايلور، لذلك بادر في اليوم التالي بشرائها لقاء 1.1 مليون دولار. وطبعا لا يكتمل الحديث عن مجوهرات الدار من دون أن نتطرق لصناعته لساعات يدها، التي تحمل بريق وترف المجوهرات ودقة الدقائق والساعات.

فرغم حرصها على كلاسيكية ما تنتجه لصفوة زبائنها على امتداد المعمورة، استطاعت التجديد في هذا المجال أيضا ومنافسة أعتى الصناع السويسريين، لتجتذب زبائن أوفياء وزبائن جددا يتوقون لدخول ناديها المرفه.

وهي اليوم تقدّم مجموعة واسعة من الطرازات للجنسين، منها الرياضي الكلاسيكي للرجال مثل "سانتوس" و"سانتوس دومونت"، ومنها الفاخر الأنيق مثل "باشا" و"بالون بلو"، بترصيع أو من دون ترصيع. ومنها أيضاً المجموعات الخاصة، كالمجموعة الحيوانية الشهيرة الآن، التي يحتار من يراها ما إذا كانت تحفا مرصعة أم ساعات يد.

وتبقى اليوم نسخة الـ"بالون بلو توربييون" التي يصل ثمنها إلى 96 ألف دولار أميركي من أجمل ما طرحته في الآونة الأخيرة، فهذه الساعة الكبيرة الحجم والمصنوعة من الذهب الوردي أو الذهب الأبيض بالعلبة الدائرية المألوفة لهذا الطراز بقطر 46 مم، مزودة بحركة أوتوماتيكية هي "الكاليبر 9452 إم سي" مع توربييون، بينما صنع سوارها من جلد الزواحف الأصلي مع مشبك ذهبي. كما طرحت "كارتييه" للجنس اللطيف نسخة مرصعة من الطراز نفسه، بعلبة قطرها 42 مم، من الذهب الأبيض أو الأصفر أو الوردي المرصع بالألماس، وهي أيضاً مزودة بحركة أوتوماتيكية، وبسوار من جلد الزواحف الأصلي.