الدليل الكامل لتشخيص وعلاج تصلب الألياف العصبية المتعدد

تشير الإحصائيات إلى أن اثنين من كل ثلاثة من مرضى التصلب المتعدد للألياف العصبية يمكنهم الاستمرار في القدرة على السير حتى وفاتهم، أما الباقون فيحتاجون لاستخدام عصا أو أحد الأجهزة الأخرى المعاونة على ال
تشير الإحصائيات إلى أن اثنين من كل ثلاثة من مرضى التصلب المتعدد للألياف العصبية يمكنهم الاستمرار في القدرة على السير حتى وفاتهم، أما الباقون فيحتاجون لاستخدام عصا أو أحد الأجهزة الأخرى المعاونة على ال

تختتم اليوم (الأحد) أعمال المؤتمر العالمي للمستجدات في تشخيص وعلاج مرض التصلب المتعدد للألياف العصبية Multiple sclerosis في العاصمة اللبنانية بيروت، الذي افتتح يوم السادس من أغسطس (آب) الحالي.


وأفاد البروفسور ساهر هاشم، أستاذ الأمراض العصبية بجامعة القاهرة رئيس الجمعية المصرية لمرض التصلب المتعدد، بأن هذا المؤتمر الطبي العالمي يحظى بمشاركة باحثين عالميين وبحضور نخبة من الأطباء والعلماء المتخصصين في مجالات تشخيص وعلاج التصلب المتعدد، وأن أحد أهدافه إيضاح الحقائق العلمية والمستجدات في التشخيص والعلاج، وزيادة الوعي حول المرض في العالم العربي، وشرح كيف أن الدعم في وقت مبكر يمكن أن ينقذ المرضى ويساعدهم لمواصلة حياتهم على أكمل وجه.

وقد استضافت هذا المؤتمر شركة «باير» المتخصصة في تشخيص وعلاج المرض.

تطور المرض
ويضيـف البـروفســور ساهر هاشم أنه على الرغم من أن التصلب المتعدد للألياف العصبية هو مرض مزمن، فإن تشخيص المرض له دور ضئيل في إمكانية توقع حياة المريض.

وتشير الإحصائيات إلى أن اثنين من كل ثلاثة من مرضى التصلب المتعدد للألياف العصبية يمكنهم الاستمرار في القدرة على السير حتى وفاتهم، أما الباقون فيحتاجون لاستخدام عصا أو أحد الأجهزة الأخرى المعاونة على السير.

في حالات التصلب المتعدد الانتكاسي المتردد غير المعالج، يكون متوسط الزمن الذي يمر حتى يكون المصاب في احتياج لاستخدام كرسي متحرك، هو 20 عاما، ومع وجود نوع المرض الذي يتطور سريعا من البداية يصل متوسط الوقت المطلوب حتى استخدام الكرسي المتحرك من 6 ـ 7 سنوات من بداية تشخيص المرض.

حدوث المرض
أوضح البروفسور ديفيد باتس Prof. David Bates، أستاذ علم الأعصاب الإكلينيكي بجامعة نيوكاسل وأحد المتحدثين في المؤتمر، أن التصلب المتعدد للألياف العصبية يعد من أكثر أمراض الجهاز العصبي المركزي انتشارا في الأعمار الصغيرة من البالغين، حيث يبدأ المرض عادة في الظهور عند عمر 30 سنة، ويصيب النساء بنسبة تقترب من ضعف نسبة إصابة الرجال، وأن 85 في المائة ممن يصابون مرة بأعراض تشير لمرض التصلب المتعدد للألياف العصبية تتأكد إصابتهم به في غضون سنتين.

وتشير الدراسات إلى أن العرق القوقازي يعاني من هذا المرض بنسبة نحو ضعف نسبة إصابة أي عرق آخر، وأن المرض يظهر بصورة أكثر في المناطق التي تقع على خط عرض أعلى من خط الاستواء (نحو 40 درجة مئوية) عنها في المناطق القريبة من خط الاستواء.

وأضاف البروفسور باتس أن التصلب المتعدد للألياف العصبية مرض مزمن يؤدي إلى عطب وتدمير في الغلاف المحيط للجهاز العصبي المركزي (المخ، النخاع الشوكي، العصب البصري). ومن أنواعه: الحميد، المنتكس، المتطور الثانوي، المتطور الأول.

يؤدي المرض إلى إعاقة حسية وحركية ومن ثم إلى الاكتئاب السريري الشديد، ويشعر المريض بالتصلب والإرهاق، وتشويش أو ضعف الرؤية في إحدى العينين أو كلتيهما، وصعوبة التركيز، والتنميل في الساقين والوجه وجذع الجسم، والدوخة، والارتخاء الجنسي، وقد تكون هذه الأعراض تدريجية.

أسباب وتأثيرات المرض
ذكرت الدكتورة دنيس نولز Dr. Denis Knowles، المتخصصة في المعالجة النفسية والاستشارات الأسرية وإحدى المتحدثات في المؤتمر، أن إحدى الدراسات أظهرت أن خطر الانتحار بين مرضى التصلب المتعدد للألياف العصبية يزيد بـ5.7 مرة عن باقي أفراد المجتمع.

وأضافت أن المسبب الأول لهذا المرض غير معروف، إلا أن هناك مجموعة من العوامل المسببة للمرض، منها اضطراب المناعة، التدخين، المواد الكيميائية، التعرض للأبخرة السامة أو التلوث البيئي، والوراثة، حيث وجد العلماء أن هناك مناطق جينية تسهم وتقوي الإصابة بالمرض من خلال التعرض لعدوى فيروسية أو لبعض العوامل البيئية.

مدى الانتشار
يقول استشاري طب المجتمع والوبائيات الحقلي د.منير يحيى مولوي أن نحو 5.2 مليون إنسان على مستوى العالم يعانون من مرض التصلب المتعدد للألياف العصبية، وتبلغ نسبة الانتشار في أوروبا وأميركا ما بين 30 ـ 200 لكل 100000 من السكان (بحسب الدولة والمنطقة).

وتبلغ أعلى نسبة انتشار للمرض في شمال أوروبا (أكثر من 200/100000 في اسكوتلندا)، ويقدر عدد الحالات الجديدة المكتشفة في أوروبا وحدها بأكثر من 10000 حالة سنويا، وفي الشرق الأوسط تبلغ نسبة الانتشار 35/100000.

وفي العالم العربي هناك 20 ألف مريض في مصر، و200 في لبنان، و2000 في الأردن، وازداد العدد في دول الخليج بعد حرب الخليج حيث وصل إلى 13 ألف حالة. وتقدر التكلفة المباشرة وغير المباشرة بنحو 40000 يورو (51000 دولار أميركي) للمريض الواحد.

التشخيص والعلاج
يقول البروفسور ديفيد باتس إن تشخيص المرض يتم بالفحص السريري (الإكلينيكي)، وفحص المجال البصري، وقياس الجهد الكهربي، والتشخيص التأكيدي المخبري، وأخذ خزعة من النخاع الشوكي، واستخدام أشعة الرنين المغنطيسي MRI.

وعن العلاج بالعقاقير الحديثة المطورة يقول إنها تمنع حدوث المضاعفات، والرنين المغناطيسي بعد العلاج يوضح فعالية الدواء.

وعلى الرغم من أن اكتشاف المرض تم عام 1870، فإن أول دواء لعلاج المرض تم إنتاجه بعد 120 عاما، أي في عام 1990، وهو «بيتافيرون»، وهو عقار منتج بطرق الهندسة الوراثية من الإنترفيرون الطبيعي (والإنترفيرون عبارة عن بروتين طبيعي موجود في جسم الإنسان يساعد على التغلب على العدوى والأمراض).

وتم اعتماد الدواء بواسطة وكالة الغذاء والدواء الأميركية تحت الاسم التجاري «بيتا سيرون» عام 1993، وتم اعتماده من منظمة الاتحاد الأوروبي عام 1995، وللدواء كفاءة عالية في التصدي للمرض فهو يخفض عدد الانتكاسات ويقلل حدوث الأزمات المتوسطة والشديدة إلى 50 في المائة.

وكعقار غير مسبوق في علاج مرض التصلب المتعدد يتمتع «بيتافيرون» بخبرة على مستوى العالم لسنوات كثيرة في علاج أكثر من 800 ألف مريض، وأكثر من 16 عاما من بيانات المتابعة طويلة الأجل التي تدعم الدواء كعلاج آمن ومحتمل من المرض وذي فاعلية عالية في جميع مراحل المرض.

«بينيفيت BENEFIT» تجربة رائدة كانت التجربة الرائدة لعقار بيتافيرون أول دراسة عشوائية محكمة في العلاج الوهمي تتم على نطاق واسع لأي من علاجات مرض التصلب المتعدد، وأدت إلى إجازة «بيتافيرون» في أوروبا والولايات المتحدة لعلاج التصلب المتعدد من النوع الانتكاسي المتردد.

وقد تم في هذه التجربة توزيع 372 مريضا بصورة عشوائية على ثلاثة أفرع للدراسة، وتم إعطاء المرضى «بيتافيرون» 50 ميكروغراما، و250 ميكروغراما، وعلاجا وهميا.

وتمت متابعة هؤلاء المرضى لمدة ثلاث سنوات مع عمل تحليل للنتائج بعد سنتين، وأمكن لكل المشتركين إتمام التجربة بصورة مزدوجة التعمية لمدة خمس سنوات ونصف السنة، وتم تسجيل نتائج إضافية بعد خمس سنوات.

وقد أظهرت تجربة بيتافيرون أن العلاج يساعد على:
ـ تقليل عدد الانتكاسات التي يتعرض لها المريض.

ـ زيادة الوقت بين الانتكاسات أو الهجمات.

ـ تقليل شدة الهجمات.

ـ تقليل عدد الإصابات الجديدة التي تظهر في جهاز المسح بالرنين المغناطيسي.

ـ أظهر بيتافيرون أنه يقلل عدد الإصابات الجديدة من أول شهر بعد بدء المريض للعلاج، وبعد سنتين من العلاج أدى بيتافيرون إلى تخفيض عدد الإصابات النشطة بنسبة 78 في المائة وعدد الإصابات ككل بنسبة 90 في المائة.

وأظهرت نتائج تجربة BENEFIT التي أجريت على مدى ثلاث سنوات ونشرت في مجلة «لانست» في أغسطس (آب) 2007 أن المرضى الذين تم علاجهم ببيتافيرون في بداية ظهور المرض الإكلينيكي الأول لمرض التصلب المتعدد أظهروا انخفاضا بنسبة 40 في المائة في خطورة ظهور الإعاقة المؤكدة، بالمقارنة بالمرضى الذين تأخر علاجهم، ولم يظهر أي دواء آخر لعلاج التصلب المتعدد مثل هذا التأثير في مجموعة المرضى حديثي الإصابة.

وتوجد اليوم خبرة تجارب إكلينيكية لأكثر من 16 عاما تظهر أن بيتافيرون علاج فعال ومحتمل بالنسبة للمرضى لعلاج النوع الانتكاسي من التصلب المتعدد، وله مظهر آمن وفعال على المدى الطويل.