الكركديه والعرديب والقنقليز والقضيم.. مشروبات السودانيون المفضلة

التمر هندي من العصائر المنعشة في الصيف والكركديه المشروب الاكثر انتشارا في محلات بيع العصير في السودان
التمر هندي من العصائر المنعشة في الصيف والكركديه المشروب الاكثر انتشارا في محلات بيع العصير في السودان

على الرغم من انتشار المشروبات الغازية في الخرطوم بأنواع لا تحصي ولا تعد، وإعلاناتها المختلفة التي تملأ الشوارع والصحف ومغريات التسويق والبيع، خاصة عند حلول الصيف، إلا أنه ما زال للمشروبات السودانية التقليدية مكانتها في قلوب الكثيرين، فتجد محلات العصائر المختلفة المنتشرة في شوارع الخرطوم تعج ليل نهار بزبائن مخلصين لمشروباتهم المحلية، التي تعودوا على مذاقها منذ الصغر، ولا يفضلون عليها بديلا لمذاقها الجميل وفوائدها الغذائية المختلفة، وكذلك لتجنب المواد الصناعية الحافظة التي يتم التحذير من ضررها، والمشروبات التقليدية السودانية الشهيرة هي «الكركديه، العرديب، التبلدي، القضيم».


ويعتبر الكركديه بلونه الأحمر الجذاب المشروب الأكثر انتشارا في محلات بيع العصائر التقليدية، لتوفر ثماره ورخص ثمنها، وما زال يقدم في البيوت عند الزيارات الاجتماعية، وهو العصير الوحيد المسموح بتقديمه في بيوت العزاء للرجال فقط عند عودتهم من المقابر بعد دفن الميت مباشرة.

الكركديه يزرع بغرب ووسط السودان، ويصنع عصيره ببل أوراقه الحمراء التي تشبه الورود الجافة لدقائق في الماء ثم تصفيتها، وإضافة الماء حسب التركيز المطلوب والسكر، والبعض يفضل خلطه بالخلاط الكهربائي مع الموز، وكثيرون يفضلون مزجه مع التمر الهندي ليتحول إلى عصير لذيذ الطعم.

ومعروف عن مشروب الكركديه أنه مخفض لضغط الدم المرتفع، وهناك كركديه أبيض اللون ولكنه غير متوفر إلا في غرب السودان، أوراقه بيضاء مائلة إلى الصفار وينتج بعد نقعه عصيرا شفافا كالماء بلون زيتي خفيف، ولكن بطعم الكركديه نفسه تماما، وتكون مفاجأة لمن يتذوقه.

العرديب، وهو النبات المعروف باسم تمر هندي في البلاد العربية، وثماره العنقودية بلون أسود أو بني وببذور مربعة الشكل كبيرة الحجم يزرع بغرب السودان، ويستخرج عصيره بعد أن ينقع في الماء لفترة من الوقت ثم يصفي ويشرب وله نكهة لاذعة، ولكنه العصير الشعبي المفضل لدى الكثيرين.

وكثيرا ما ينخدع السودانيون المسافرون بالخارج فيطلبون من قائمة المشروبات في المطاعم والفنادق الأجنبية عصير التمر هندي لاسمه الجذاب آملين في تذوق عصير جديد، وما إن يرتشفوا الرشفة الأولي إلا ويهتفون «ده عرديب!» المشروب الذي تعودوا على شربه بكثرة.

ويباع في محلات العصير التقليدية بكثافة ويخلط مع الكاسترد لينتج مزيجا بلون بني مائل إلى الصفار، بل كان هناك محل مشهور بالسوق العربي بالخرطوم يرفع لافتة كبيرة مكتوب عليها «أخصائي العرديب»!، حيث يؤم المحل محبي العرديب لتقديم المشروب المثلج بطعم خاص لم يتم الكشف عن سر خلطته، ومعروف عن العرديب أنه ملين للمعدة والجهاز الهضمي، وأحيانا يفضل البعض أكل ثماره الحامضة أو بالأحرى مصها رغم حموضتها، وبعضهم يخلطه بالكاسترد ليصبح بمقام متماسك ويؤكل بالملعقة.

القنقليز وهو المشروب الأفضل لدى الكثيرين مقارنة مع بقية المشروبات التقليدية، ويستخرج من شجرة التبلدي الضخمة المعمرة، التي يكثر نموها بغرب السودان.

وثمرة التبلدي بحجم كبير وشكل بيضاوي أخضر اللون وبنقاط سوداء ويتم فتحها أو كسرها على الأصح بآلة قوية لقسوة الغطاء وبالداخل يتم تفريغها من حبيباتها مختلفة الأحجام ناصعة البياض والمعروفة بالقنقليز، ويتم بلها بالماء لينتج سائل أبيض بلون الشعير برغوة جذابة ويضاف إليه الماء والسكر، وعصير القنقليز أو التبلدي له طعم لذيذ جدا، والأجانب أو الغربيون المقيمون بالسودان ما إن يتذوقونه للمرة الأولي إلا ويصبح مشروبهم المفضل، فتجدهم يقدمونه في حفلات السفارات ومنازل الدبلوماسيين والفنادق الكبيرة لعشق الأجانب لذلك المشروب، ويقولون إنه مشروب بطعم فريد لا يقاوم، البعض يضيف إليه عصير العرديب، وهو يقدم في محلات العصائر التقليدية ولكن ليس متوفرا كثيرا نسبة لغلاء سعره وإقبال الناس عليه بكثافة، فيكون جواب النادل دائما أنه قد نفد، كما أنه المشروب الذي يتم تقديمه في شهر رمضان في المنازل مع الحلومر والكركديه.

والقنقليز إضافة إلى صنع العصير منه يعتبر وجبة خفيفة مفضلة لدى الأطفال والنساء الحوامل لحموضته، ومتوفر به فيتامين ج، ويتم مص ثماره من الطبقة الرقيقة البيضاء بعد التخلص من البذر الكبير أسود اللون على شكل الكلية.

ويباع القنقليز في المدارس للتلاميذ مخلوطا مع زبدة الفول السوداني والشطة والملح والماء، ويباع أيضا مسحوق التبلدي ذو اللون الأبيض ويسمى «الدقة»، ويضاف إليه الماء والسكر ليصبح العصير الأسهل تحضيرا والأكثر شعبية وإقبالا.

القضيم، وهو عبارة عن ثمار صغيرة بحجم البليلة بلون بني لامع يزرع أيضا بغرب السودان، ويتم استخراج عصيره بعد نقع ثماره ثم خلطها بالخلاط وتصفيتها من بذورها البيضاء الصغيرة وقشورها، ويكون العصير بلون بني وبطعم جميل، ولكن الإقبال عليه ليس بحجم الإقبال على العصائر التقليدية الأخرى.

ولكنه انتشر لفترة قبل سنوات بعد خروج دراسة علمية محلية تقول إن القضيم غني بالحديد، ولذا فهو يعتبر معالجا لمرض فقر الدم، فسارعت محلات المشروبات التقليدية بالأسواق بإضافته إلى قائمتهم وكتبوا بين قوسين بخط عريض على لافتة المحل «بنك الدم»!، فيعرف الزبائن توفر عصير القضيم بالمحل.

هذه المشروبات التقليدية تباع في محلات المشروبات بجانب عصائر الفاكهة الأخرى المعروفة كالمانجو والجوافة والبرتقال ولكن سعرها أقل ثمنا، كما أنها تباع على جانبي الطريق من الباعة المتجولين وتوضع في حافظات بلاستيكية ضخمة وتقدم في أكواب معدنية «كيزان» أو زجاجية. عشاق هذه المشروبات المحلية يطالبون المستثمرين المحليين بتصنيعها وتعبئتها في عبوات جميلة، بل ويتم تصديرها للخارج لتنافس بقوة المشروبات الغازية الغربية التي «غزت» الأسواق العالمية.