ماري باير .. تصمم القفازات وتحتل مكانة مهمة في عالم الاكسسوارات

تصنع على المقاس وتضيف أناقة باريسية على مظهرك، وفي الأعلي مجموعة من القفازات المختلفة من حيث تصميماتها وألوانها وخاماتها من ماري باير
تصنع على المقاس وتضيف أناقة باريسية على مظهرك، وفي الأعلي مجموعة من القفازات المختلفة من حيث تصميماتها وألوانها وخاماتها من ماري باير

نظرة سريعة إلى عروض الأزياء وصور الجميلات على صفحات المجلات البراقة، تؤكد أن القفازات أصبحت الطريق السريع للارتقاء بأي زي بسيط ولإعطائه لمسة من الأناقة الباريسية.


 فقميص أبيض عادي، أو كنزة صوفية باللون الأسود، أو فستان ناعم دون أكمام مثلا لا تحتاج سوى إلى قفازات تصل إلى الكوع بلون فاتح، لتتحول إلى قطع أنثوية مثيرة تستوقف الناظر وتدخلك نادي الأناقة.

 الأمر نفسه ينطبق على الكثير من المعاطف هذا الموسم، التي تأتي بنصف كم، فكل ما تحتاجين إليه لإعطائها صفة العملية والأناقة على حد سواء، إضافة قفازات بلون متناقض تماما، مثل الفوشيا أو الأخضر الزمردي أو الأزرق. فكلما كانت الإطلالة درامية، كان هذا هو المطلوب.

وفي وقت كانت فيه الأناقة الرفيعة ولا تزال، تحتاج إلى آلاف الدولارات، الأمر الذي لم تعد حتى الثريات يقبلن عليه، فإن قطعة بسيطة مثل قفاز مفصل على مقاس الأصابع والكف، لا يكلف سوى بضع مئات من الدولارات، يمكن أن تغني عنها تماما، وتكون الجواب لإطلالة لا يعلى عليها.

ففي الوقت الحالي أصبحنا نحتاج إلى أن يكون صوت العقل أقوى من نبض القلب بسبب الأزمة المالية، وبالتالي فإن ما تحتاجه أي واحدة منا، ليس قميصا جديدا من «كلوي» أو معطفا من ماكسمارا أو فستانا من «شانيل» بل فقط إلى قفازات مفصلة، بلون لافت وتصميم جديد، تكون بمثابة حقنة بوتوكس تشد الإطلالة ككل، وهذا ما توفره ماري باير، المصممة المتخصصة في هذا المجال منذ عدة سنوات، لكنها ظلت إلى الآن مثل الجندي المجهول تعمل وراء كواليس الموضة.

ويقال إن الراحل إيف سان لوران كان يرفض أن يستعمل أي قفازات إذا لم تكن خارجة من معاملها الشهيرة «لافابر كاديه»، كذلك الأمر بالنسبة لجون بول غوتييه وستيفان رولان وغيرهم كثيرون.

فهي تمثل لصناعة الموضة الراقية، التي تعتمد على التفصيل، ما يمثله فرانسوا لوساج لها، حيث لا تكتمل الأزياء الراقية دون تطريزاته.

بداية ماري في هذا المجال لا تقل إثارة عن قفازاتها، فقد كانت عارضة أزياء في السبعينات، حيث عملت مع كل من إيف سان لوران وكوريج وغيرهما، تحت اسم مستعار هو «بريت كافالارو»، ثم تحولت في الثمانينات إلى مصممة مجوهرات وأخيرا إلى مصممة قفازات، لكن ليس أي قفازات عادية.

ففي عام 2000 اشترت معامل «لافابر كاديه» التي تخصصت في هذا المجال منذ عدة قرون لكنها تعرضت للكساد، قبل أن تتدخل ماري لكي تعيد لها أمجادها الغابرة وتدخلها عالم الموضة من بابه الأمامي وليس الخلفي، خصوصا أن دور أزياء كبيرة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر «ديور» و«شانيل» و«لوي فيتون» وغيرها من بين زبائنها المخلصين.

ورغم أن صناعة هذه القفازات الفخمة تمتد إلى عدة عقود، إن لم نقل قرون، فإنها ظلت سرا لا يعرفه إلا المصممون وخبراء الموضة والأنيقات، وجاءت النقلة عندما افتتحت ماري باير محلها للعامة في «باليه روايال» Palais Royal القريب من متحف اللوفر في الخامس عشر من شهر ديسمبر (كانون الأول) من عام 2008.

المحل ليس عاديا، كما يتبادر إلى الذهن، فهو ليس فخما أو بديكور مميز أو عصري، بل مجرد محل أشبه بورشة خياطة، مثل العديد من الورش التي توجد في الحواري أو الأحياء الشعبية في بلداننا.

 عند دخوله، تواجهك مجموعة من القفازات الجاهزة للبيع بألوان وأشكال مختلفة، لكن القاسم المشترك بينها هي الخامات المترفة، مثل جلود النعام والتماسيح وغيرها.

وفي ركن عادي أيضا، توجد أدوات خاصة بأخذ مقاسات كل جزئية من اليد، بدءا من الأصابع إلى الكف.

فكما تقول جوهان، ابنة ماري، يتميز كل واحد بمقاسات مختلفة. فهناك ما يتميز بكف عريض وقصير وأصابع طويلة جدا، كما هناك ما يتميز بأصابع قصيرة مع كف طويل وهكذا، مما يجعل عثور هؤلاء على مقاسات تناسبهم، من المجموعات الجاهزة، أمرا صعبا إن لم يكن مستحيلا، فيكون الحل الوحيد هو التفصيل.

والجميل هنا أنه إلى جانب الحصول على قفازات «تلبسك» كما تلبسها، يمكن أن تطلب إضافات على شكل تطريزات أو أحجار ترصعها وما شابه من تفاصيل، ثم تعود بعض فترة قصيرة، قد تتباين بين يومين إلى أسبوعين، لأخذها.

ولن تصدق، بمجرد وضعها، كيف أنها تتحول إلى جزء من يديك وكأنها جلدك الثاني. ويمكن لأي امرأة، حسب التصميم الذي تختاره والخامة، أن تكتسب إما أناقة نجمات الأربعينات والخمسينات، أو إطلالة حيوية وشابة مستوحاة من الروك اند رول.

وما عليك إلا أن تتذكري مظهر مصمم دار شانيل، المخضرم كارل لاغرفيلد، بقفازاته الجلدية المبتكرة التي تظهر منها أصابعه لمزيد من الحرية.

ماري باير لم تكتف بهذا فحسب، بل طرحت تصميمات رائعة لمستعملي الآي بود أو التلفون المحمول ويحتاجون للضغط على الأزرار بأصابعهم، فحتى تقيهم تعب إزالة القفاز بكامله كل مرة يريدون فيها الضغط على هذه الأزرار ولوحات الأرقام، ابتدعت فتحات صغيرة جدا عند السبابة تتيح هذه العملية من دون أدنى إعاقة أو تعقيد.

ورغم أن عالم الموضة يدين لماري باير بقفازات لا مثيل لها، ورغم أن صناعة القفازات تعيش نهضة مهمة حاليا بفضل مصممي الأزياء، فإنها موضة تعود إلى القرن الثالث عشر.

ففي هذه الفترة بدأت النساء يستعملنها للزينة، لتصبح جزءا لا يتجزأ من أناقتهن اليومية، إلا أنها وصلت عصرها الذهبي، وقمة جمالياتها في القرن الخامس عشر على يد الملكة إليزابيث الأولى، التي أدخلت عليها التطريزات والجواهر.

في أواخر الستينات والسبعينات، ومع انتشار موضة بنطلونات الجينز والملابس «السبور» أصبحت القفازات رمزا للبورجوازية، أو بالأحرى أصبحت دقة قديمة، وفي حالات أخرى ارتبطت بالقيام بالأعمال المنزلية، لكنها ومنذ سنوات بدأت تتسلل إلى عروض الأزياء بألوان شهية أعادت إليها بريقها الغابر.

وها هي اليوم تحتل مكانة مهمة في عالم الاكسسوارات يتفنن المصممون في تنسيقها مع أزيائهم، كما يحلو لهم، ويطرحونها مثلما يطرحون قطع مجوهرات أو حقيبة يد.

وليس أدل على هذا من التصريح الذي أدلت به ديلفينا فندي من دار «فندي»، بأن ابتكار قفازات خاصة، تمثل متعة كبيرة بالنسبة لها، لأنها تسمح بإطلاق العنان لخيالها، مضيفة أنها، أي القفازات «أصبحت اليوم اكسسوارا حقيقيا مثلها مثل قطعة مجوهرات».

ولا شك أن العديد من بيوت الأزياء والمصممين يشاطرونها الرأي، بدليل عروضهم. فسونيا ريكييل، ودار «سيلين» ودار «ميسوني» وغيرهم طرحوها من الجلد أو الكشمير أو الساتان بأطوال مختلفة، والمصمم كارل لاغرفيلد لم ير منذ سنوات من دونها، كما أن موضة الأكمام القصيرة في الشتاء تحتاج لها أمس الحاجة.