الدليل الكامل عن دعامات الشرايين القلبية

مناقشات علمية حول أنواعها المُغلفة بالدواء
مناقشات علمية حول أنواعها المُغلفة بالدواء

عندما يكون لعضو في الجسم هذا الشأن من الأهمية بالنسبة لسلامة حياة الإنسان، فإن الاطلاع والمعرفة عن جوانب عمله ووقايته من الأمراض وكيفية معالجتها، هو استثمار جيد لوقت القراءة ولجهد إعمال الذهن في الفهم والاستيعاب، ذلك أن من الممكن جداً أن يحتاج أحد ممن حولنا إلى معرفتنا تلك حول القلب في تسهيل التواصل مع أطباء القلب المُعالجين وإدراك معنى وأهمية خطواتهم العلاجية، أو الوقائية، التي يقترحون القيام بها خدمة لمرضاهم المنتشرين في كل مكان.


أمراض شرايين القلب
وما أصبح من العبارات شائعة الذكر مُصطلح «قسطرة القلب» و«توسيع الشريان القلبي» و«الدعّامات المعدنية» وغيرها من تلك التي تتحدث عن وسائل معالجة المرض الأكثر انتشاراً في العالم، والأعلى في التسبب بالوفيات فيه، ألا وهو مرض شرايين القلب التاجية.

ولأن الشيء بالشيء يُذكر، فإن القلب الذي لا يهدأ أبداً عن القيام بحركتي الانقباض والانبساط طوال حياة الإنسان، هو نفسه الذي طبّه، أي طب القلب، لا يهدأ في محاولات توفير المزيد والأفضل من الوسائل الناجعة لمعالجة أمراض القلب، والناجحة في الوقاية منها.

والتوسيع بالبالون Angioplasty وتثبيت الدعامة المعدنية Stent أثناء قسطرة شرايين القلب، هو مما يتوفر كوسيلة لمعالجة التضيّقات التي تنشأ في شرايين القلب، والمُعيقة لجريان الدم من خلالها، لتغذية عضلة القلب نفسه.

وأحد أهم التطورات في إنتاج الدعامات المعدنية تلك، هو تغليفها بمادة دوائية تمنع حصول تضيقات في مكان تثبيت تلك الدعامات داخل الشريان.

وللعلم بالشيء، تُجرى سنوياً في العالم أكثر من مليوني عملية تثبيت دعامة معدنية لأحد الشرايين التاجية المتضيقة.

كما تُجرى عدة أضعاف لهذا الرقم من عمليات قسطرة القلب لفحص الشرايين التاجية. أي أننا نتحدث عن ملايين من الناس الذين خضعوا لعمليات استكشاف حال الشرايين القلبية بالقسطرة.

والكثير منهم احتاج أيضاً إلى عمليات التوسيع بالبالون وتثبيت الدعامة المعدنية، لمعالجة التضيقات فيها. وخلال السنوات القليلة الماضية، طُرحت عدة هواجس، وصلت إلى حد الشكوك، حول مدى أمان استخدام تلك الدعامات المعدنية المغلفة بالدواء Drug-eluting Stent. وخاصة في جانب احتمال تسببها في حصول الجلطات القلبية. وكانت نتائج الدراسات الطبية في هذا الشأن متضاربة، منها ما فنّد تلك الشكوك، ومنها ما أثبتها، ومنها ما أفادنا مزيداً من الفهم لآليات تسببها بالجلطات ووسائل منع حصولها.

الشرايين التاجية
يتم تزويد مناطق عضلة القلب بالدم من خلال ثلاثة شرايين قلبية تاجية رئيسية. كل واحد منها يتولى توفير تدفق الدم إلى منطقة معينة من مناطق عضلة القلب.

ومعلوم أن كلمة عضلة القلب تعني الجدران العضلية المكونة لحجرات القلب الأربع، وهي البطين الأيسر والبطين الأيمن والأذين الأيسر والأذين الأيمن.

 وحينما يرتفع كولسترول الدم، من النوع الخفيف الضار، أو في حال وجود ارتفاع في ضغط الدم، أو مرض السكري، أو التدخين، أو السمنة، أو ارتفاع الدهون الثلاثية، فإن الاحتمالات ترتفع لحصول ترسبات للكولسترول داخل جدران الشرايين.

ومع توالي تكرار عمليات ترسيب الكولسترول هذه، تنشأ كتل دهنية في جدران الشرايين. ووجود التضيقات في الشرايين القلبية، يُؤدي إلى إما نقص في جريان الدم من خلال الشريان، أو إلى سد تام لتدفق الدم من خلاله.

 وحينما يكون هناك مجرد ضيق في أحد المواضع من شريان قلبي ما، أو وجود عدة تضيقات فيه، فإن كمية الدم الواصلة إلى المنطقة التي يُغذيها ذلك الشريان من عضلة القلب، تتدني.

أي أن إمداد المنطقة العضلية تلك بكمية الأوكسجين وبالغذاء، لا يكفي لسد حاجتها كي تعمل بكفاءة. وبالتالي تبدأ تلك المنطقة العضلية بالشكوى.

ووسيلة تعبيرها عن شكواها هي الأنين بالألم، الذي يُحس به المريض في أجزاء منطقة الصدر. وهذا الألم القلبي هو ما يُسمى بألم الذبحة الصدرية. وأهم مميزات هذا الألم أنه يظهر عند بذل مجهود بدني أو عاطفي، ويزول بالراحة أو بتناول أحد الأدوية الموسعة للشرايين.

أما حين حصول سد تام لمجرى أحد الشرايين القلبية، فإن تدفق الدم خلال ذلك الشريان يتوقف تماماً.

وبالتالي تنقطع بشكل كلي التروية بالدم للمنطقة التي يُغذيها ذلك الشريان من عضلة القلب. وحينئذ تحصل حالة «الجلطة القلبية، أو النوبة القلبية». والتي تظهر علاماتها المرضية كألم شديد في الصدر، في غالب الأحوال.

وأهم مميزات هذا الألم، للتفريق بينه وبين ألم الذبحة الصدرية، أنه يستمر حتى مع الراحة، ولمدة تتجاوز ربع ساعة.

توسيع ضيق الشريان
ولأسباب عدة، يلجأ طبيب القلب إلى خيار توسيع ضيق الشريان التاجي القلبي خلال عملية قسطرة شرايين القلب.

وما يُجرى هو الدخول من خلال شريان الفخذ، إلى منطقة الشرايين التاجية في القلب، باستخدام أنبوب القسطرة الرفيع والطويل. وفي داخل مقدمة الأنبوب يُوجد بالون صغير منكمش على نفسه وفارغ من الهواء، أي غير منفوخ. وعبر طرق دقيقة، وتحت مشاهدة صور الأشعة السينية التلفزيونية لمادة ذات صبغة ملونة، يُوصل هذا البالون إلى داخل الشريان التاجي، وفي منطقة التضيق بالذات.

وهنا يتم نفخ البالون الصغير، والقوي الجدران، لكي يدفع إلى الخارج كتلة الدهون المتسببة بوجود الضيق.

ثم يتم شفط الهواء من البالون لكي يتم إخراجه من الشريان التاجي إلى الشريان الأبهر الكبير. ويتفحص الطبيب نتيجة نفخ البالون وتوسيع الشريان، بأخذ صور الأشعة لجريان مادة ملونة خلال الشريان الذي تم للتو العمل على توسيع مجراه.

وحينما يطمئن طبيب القلب إلى أن المجرى الداخلي للشريان تحسّن، وبإمكان الدم المرور بحرية أفضل عبر المنطقة التي كانت مُتضيقة، فإنه يعمد إلى إدخال دعامة معدنية منكمشة أيضاً على نفسها. وفي باطن الدعامة المعدنية، وعلى طولها، يُوجد أيضاً بالون آخر، غير البالون الذي تم استخدامه في التوسيع الأولي لمنطقة التضيق.

وعندما يتأكد الطبيب من أن الدعامة موضوعة في المنطقة المُراد تثبيتها فيها، يقوم بنفخ البالون، كي تتمدد الدعامة وتُصبح شبكة أنبوبية لتُبطن جدران الشريان من الداخل.

وهذه الخطوات البسيطة في شرحها، هي في الواقع دقيقة وحساسة جداً، وتتطلب مهارة من الطبيب لإتمامها بنجاح. ويقوم الطبيب مرة أخرى بإجراء فحص تقييم مدى متانة ثبوت الدعامة المعدنية داخل الشريان، بأخذ صور الأشعة السينية للمادة الصبغية الملونة خلال حقنها وجريناها خلال الشريان التاجي الذي يُجرى العمل في إصلاحه ومعالجته.

تثبيت الدعامة وما بعدها
ولأن اجراء التوسيع محتمل مرة أخرى، بعد بعض الوقت لدى نسبة مهمة من المرضى، فإن أطباء القلب اهتدوا لطريقة تُقلل من احتمال عودة الضيق.

 وذلك بإدخال شبكة معدنية أسطوانية، أي كأنبوب قصير، إلى المنطقة التي تم توسيعها بالبالون، والعمل على تثبيتها داخل مجرى الشريان لكي تكون تلك الشبكة المعدنية بطانة تدعم الحفاظ على اتساع المجرى الداخلي للشريان القلبي.

وبالتالي تتدنى احتمالات عودة نشوء تضيقات جديدة فيه. أي أن تثبيت الدعامة المعدنية داخل الشريان، وفي المنطقة المريضة منه، هو وسيلة لتقليل احتمالات عودة التضيق في تلك المنطقة.

وتظل الدعامة المعدنية داخل الشريان، كبطانة تضمن تدفق جريان الدم، طوال عمر الإنسان. و«عودة التضيق» restenosis في منطقة التوسيع بالبالون أحد أهم المُضاعفات المتوقعة الحصول لدى حوالي أربعين بالمائة ممن تُجرى لهم تلك العملية.

وذلك غالباً خلال الستة أشهر الأولى بعدها. وعند تركيب الدعامة المعدنية، بعد التوسيع بالبالون، فإن احتمالات حصول ذلك تقل إلى حوالي عشرين بالمائة. أما عند تثبيت نوعية الدعامة المعدنية المُغلفة بالدواء، فإن الاحتمالات تتدنى إلى أقل من عشرة بالمائة.

ندبة «عودة التضيق»
وحالة «عودة التضيق» ليس المقصود منها إعادة ترسب وتراكم الكوليسترول في المنطقة التي إما أنه تم توسيعها بالبالون فقط أو تم توسيعها بالبالون وثُبتت الدعامة فيها. ولكن المقصود هو نمو نسيج ضام جديد في الموضع الذي تم شد وتوسيع جدران الشريان فيه.

والحقيقة أن حالة «عودة التضيق» مرض جديد، لم تعرفه البشرية من قبل اختراق عملية توسيع الشريان المتضيق بالبالون.

وهو عبارة عن ندبة Scar tissue تتكون في منطقة التوسيع الداخلي للشريان. وللتقريب فإن أحدنا إذا ما جُرح جلده، فإن عملية الالتئام تتطلب تكوين كتلة من النسيج الضام لتلحيم القطع في الجلد. ويختلف الناس في كمية هذا النسيج.

وهناك ناس تلتئم جروحهم وتكون كتلة الندبة بسيطة، بحيث لا يرتفع مستوى الندبة عن مستوى بقية الجلد. وهناك ناس آخرون، كما لدى ذوي البشرة الداكنة والسوداء، يحصل تكوين كتلة كبيرة من النسيج الضام للندبة. ولذا نلحظ عليهم أن ندبات جروح الجلد تترك خطاً بارزاً بالنسبة لمستوى سطح الجلد.

وما يحصل في داخل الشريان عند توسيع البالون هو تهتك داخلي للشريان. وهذا التهتك، وليس الشرخ، لازم لتوسيع الشريان. وكتفاعل من أنسجة بطانة الشريان على هذا التهتك الداخلي، يحصل لدى البعض نمو نسيج ضام قوي، بالمقارنة مع كتلة الكوليسترول الدهنية الضعيفة حينما تكون خالية من ترسبات الكالسيوم.

ويتفاوت الناس في حجم تفاعل تكوين هذا النسيج الضام للندبة في بطانة المنطقة التي تم توسيعها من الشريان أثناء عملية التوسيع. ولا يُمكن في الغالب توقع مقدار الضيق الذي سينشأ نتيجة لنمو الندبة الداخلية.

ولذا نجد بعض المرضى لا تحصل لديهم «عودة التضيق»، لأن كتلة الندبة خفيفة. بينما آخرون تحصل لديهم حالة حقيقية من «عودة التضيق» لدرجة سد مجرى الشريان أو إعاقة جريان الدم من خلاله.

ووسيلة معرفة ما إذا نشأت حالة «عودة التضيق» بصفة مؤثرة، هو إما شكوى المريض من عودة الألم للذبحة الصدرية كما كان في السابق، أي قبل التوسيع. أو بإجراء اختبار جهد القلب، لتبين ما إذا كان ثمة إعاقة لجريان الدم وتدفقه، من خلال الشريان، عند بذل الجهد البدني.

نوعان من الدعامات
الدعامات المعدنية هي شبكة على هيئة أنبوب. وهناك نقوش مختلفة للأسلاك المعدنية المكونة للشبكة في الدعامات المختلفة. ولكن من ناحية تقسيم أنواع الدعامات، هناك نوعان رئيسيان منها، وهما النوع المعدني العاري، والنوع المُغلّف بالدواء.

والنوع المعدني العاري من الدعامات Bare-metal Stents، عبارة عن شبكة أنبوبية من المعدن، أي دون أي غلاف. ومهمتها تكوين سقالة اسطوانية في داخل الشريان، تضمن تدفق الدم في تجويفه.

وفي نوع الدعامات المعدنية المُغلفة بالدواء Drug-coated Stents، أو التي يتم أيضاً تسميتها بـ «الدعامة الناضحة ببطء بالدواء» Drug-eluting stents، يتم تغطية وطلاء الشبكة المعدنية للدعامة بمادة دوائية.

ومهمة هذه المادة الدوائية العمل على تخفيف حدة تفاعل بطانة الشريان بُعيد عملية التوسيع. أي تقليل كتلة الأنسجة الضامة المكونة للندبة. وبالتالي للحيلولة ما أمكن من حصول حالة «عودة التضيق» وضمان المحافظة على مجرى مُتسع لتدفق الدم خلال الشريان بعد إصلاح الضيق فيه.

ونتائج دراسات المتابعة المُقارنة، دلت بمجملها على أن استخدام الدعامات المُغلفة بالدواء تقل نسبة احتمالات حصول حالة «عودة التضيق»، حيث تبلغ أقل من عشرة بالمائة. هذا مع العلم أن احتمالات حصول «عودة التضيق» باستخدام الدعامات المعدنية العارية تبلغ حوالي عشرين بالمائة.

وأن الحاجة إلى إعادة عملية توسيع مجرى ما بداخل الشريان بواسطة القسطرة تنقص إلى أقل من خمسة بالمائة من الحالات.

وهذه هي الميزة الأهم والفائدة المأمولة من استخدام دعامة مغلفة بالدواء في معالجة تضيقات الشرايين القلبية. وحتى اليوم، استخدمت هذه النوعية من الدعامات في معالجة ملايين المرضى. وقد حمتهم من تكرار الحاجة إلى الدخول إلى المستشفى لإعادة توسيع الشريان الذي تم إصلاحه من قبل، أو الحاجة إلى عملية القلب لإصلاح الشرايين التاجية بطريقة التخطيCoronary Artery Bypass Surgery.

غبار في الأفق
وتعتبر الهيئات الطبية المعنية بتنظيم استخدام الوسائل العلاجية، من دوائية وغيرها، كإدارة الغذاء والدواء الأميركية، أن كلا من الدعامات المعدنية العارية والدعامات المعدنية المغلفة بالدواء آمنة وفاعلة في معالجة تضيق الشرايين التاجية لدى غالبية الناس.

 إلا أن لاستخدام وتثبيت كل الدعامات المعدنية، ومن أي نوع كانت، مخاطر ومضاعفات. ذلك أن القسطرة القلبية، وتوسيع الشريان المتضيق، وإدخال الدعامة وتثبيتها، مراحل تتسم باحتمالات حصول مضاعفات، وهي وإن كانت احتمالات متدنية إلا أنها موجودة وقد تقع.

والأهم أن إدخال وتثبت وإبقاء شبكة معدنية، مكونة من جسم غريب عن الجسم، طوال عمر الإنسان، يحمل مخاطر تجلط الدم على أسطح المعدن فيها.

وذلك إما في المراحل المبكرة بُعيد تثبيتها في الجسم، أو في المراحل المتأخرة والبعيدة المدى. وهذه النقطة مفهومة جداً ومنطقية، لأن المعدن جسم غريب، والدم قابل بسهولة للتجلط والتخثر عليه.

وتبعات نشوء جلطة دموية في داخل الشريان تتمثل في حصول سد تام لمجرى الدم من خلاله، أو سد جزئي. وكلهما له تبعات صحية مهمة جداً على سلامة القلب. وعادة يتم التغلب على هذه المشكلة بتناول المريض أنواعاً من الأدوية المانعة لترسب الصفائح الدموية على بعضها.

وفق برنامج واضح لتناول الأسبرين مدى الحياة. وتناول أيضاً عقار كلوبوديغريل Clopidogrel، أو ما يُطلق عليه تجارياً «بلافيكس» Plavix، لفترة تتراوح ما بين ستة أشهر أو سنة أو أطول من ذلك، بحسب عدة عناصر طبية تتحكم عادة في قرار مدة تناول «بلافيكس». وثمة مشكلة تتميز بها أنواع الدعامات المعدنية المغلفة بالدواء.

وهي احتمالات حصول التخثر الدموي، وبالتالي الجلطة القلبية. ونسبة حصول هذا الأمر هي نصف بالمائة عند الذين يتم استخدام الأطباء لنوعية الدعامات تلك وفق ما هو منصوص كدواعي طبية لاستخدامها on-label.

وترتفع النسبة عند استخدام الدعامة خارج هذا النطاق العلاجي المنصوص عليه، أوف-ليبل off-label. وتصل إلى حوالي واحد ونصف بالمائة. وهناك عدة حالات تبين للأطباء مع الوقت وكثرة الاستخدام، أن الاحتمالات ترتفع فيها.

ووفق ما تشير إليه ملاحظات أطباء القلب من مختبرات القسطرة لمايو كلينك، فإن استخدام الدعامات المغلفة بطريقة أوف-ليبل، هي حوالي ستين بالمائة من مجمل الحالات. وهذا الاستخدام الطبي وإن كان صحيحاً، إلا أن إدارة الغذاء والدواء، الدقيقة في إرشاداتها، لم تقله نصاً.

وثمة العديد من التعليلات لحصول خثرة الدم في داخل منطقة تثبيت الدعامة المغلفة بالدواء، في مراحل زمنية بعيدة.

ومنها اختلاف الناس في المدة الزمنية اللازمة لإتمام عملية الشفاء والتئام ما حصل من تهتك ميكروسكوبي داخل الشريان نفسه. ومنها أيضاً مدى استعجال المريض أو الطبيب في التوقف عن تناول عقار بلافيكس مع الأسبرين.

ومع هذا كله، تظل الدعامات المعدنية المغلفة بالدواء فاعلة وآمنة للاستخدام العلاجي، طالما أبدى المريض استعداده لتناول العلاجات التي يُنصح بها لمنع تخثر الدم دون أدنى درجة من الإهمال.

معالجة التضيقات الشريانية .. مسارات أربعة
لأن وجود تضيقات في أحد، أو بعض أو كل، الشرايين التاجية هو حالة مرضية، لها تداعياتها الصحية الخطرة، المهددة لسلامة القلب وسلامة حياة الإنسان، فإن من الضروري العمل على تخفيف تأثيرات وجود تلك التضيقات في الشرايين التاجية.

وتتم المعالجة الطبية لوجود التضيقات في الشرايين التاجية من خلال أربعة مسارات منفصلة تماماً.

وقد يتم العمل على كل هذه المسارات، أو يتم العمل على بعضها دون البعض الآخر. أي أنه لا تُوجد حالة علاجية وحيدة تتطلب من طبيب القلب توحيد العمل على جميع المسارات وربطها بعضها ببعض.

وهذه المسارات هي:
أولاً: العمل على تخفيف حدة تأثيرات وجود تضيقات في الشريان. وذلك من عدة جهات. منها تناول أدوية تعمل على ارتخاء العضلات المُغلفة للشريان، وبالتالي توسيع المجرى داخلها لتأمين تدفق كمية أكبر من المعتاد خلالها.

ومنها تناول أدوية تُسهم في إعطاء القلب مزيداً من الراحة، أي تقليل عدد مرات انقباضه وانبساطه خلال الدقيقة الواحدة.

ومنها إعطاء أدوية تُخفّض من مقدار ضغط الدم في الشرايين الكبيرة بالجسم، وبالتالي يقل الجهد الواجب على القلب بذله في نبضة لضخ الدم إلى أرجاء الجسم. وغير ذلك من الوسائل التي تُسمى بـ «العلاج الدوائي» لضيق شرايين القلب.

ثانياً: العمل على تخفيف حدة تداعيات وجود التضيقات في الشريان، أو إزالة تلك التداعيات، إن حصلت. والمقصود بالتداعيات حصول ضعف في عضلة القلب، أو تسريب في أحد الصمامات، أو ظهور أحد أنواع اضطرابات نبض القلب، أو غير ذلك من المُضاعفات المرضية. وهنا يُقرر الطبيب نوعية المعالجة على حسب حالة كل مريض.

ثالثاً: العمل على إنقاص أو إزالة كتلة التضيقات المُعيقة لتدفق الدم خلال الشريان، وإزالة تلك الترسبات الكولسترولية في داخل جدران الشرايين تشمل نوعين من الإزالة. الطريقة الأولى، هي الإزالة البطيئة، ولكن المضمونة في الغالب، عبر تناول أدوية خفض كولسترول الدم، أي بأدوية مجموعة ستاتين، مثل ليبيتور أو زوكور أو غيرهما.

كما يمكن أن تتم إزالة التضيقات بوسيلة العلاج التدخلي بقسطرة شرايين القلب. وهنا يقوم طبيب القلب بإدخال بالون فارغ إلى منطقة الضيق، ثم إجراء نفخ للبالون وهو داخل منطقة تضيق الشريان. ويُؤدي توسّع حجم البالون إلى توسيع مجرى الشريان وإزالة التضيق الكولسترولي الموجود فيه.

رابعاً: العمل على ضبط عوامل خطورة الإصابة بأمراض شرايين القلب، وتحديداً يكون الاهتمام بوقف التدخين وضبط نسبة كولسترول الدم والحفاظ على مقدار طبيعي لضغط الدم والحرص على انضباط نسبة سكر الدم وتخفيف وزن الجسم وممارسة الرياضة اليومية والابتعاد عن أسباب التوتر في الحياة اليومية وغيرها من السلوكيات الحياتية والعلاجية.

جدوى تثبيت الدعامة المعدنية
ما يهم إدراكه وفهمه أن الغاية الأصلية اليوم من تثبيت الدعامة المعدنية داخل الشريان، هي ليست دعم بناء الشريان، لأن بنية الشريان، حتى في وجود تضيقات فيه، ليست ضعيفة لتحتاج إلى دعم. بل المقصود من إدخال الدعامة المعدنية، وتثبيتها كبطانة داخل الشريان، هو محاولة منع إعادة التضيق فيه.

وفي السابق، عند بدايات استخدام تقنية توسيع ضيق الشريان بالبالون وتدني خبرة أطباء القلب فيما هو الأفضل لإتمامها، كانت هناك حالات قليلة يحصل فيها شرخ لبنية جدران الشريان جراء نفخ البالون لتوسيع الضيق في الشريان.

 وكانت هذه الحالات فقط هي التي يُثبت فيها طبيب القلب الداعمة المعدنية داخل الشريان، أي في موضع الشرخ الحادث. وهذه المهمة هي التي من أجلها تم إنتاج الدعامات المعدنية.

ولكن لأن الطب يتطور، ولأن دقة الملاحظة هي أساس تطور الطب، لاحظ أطباء القلب أن التضيقات التي يتم فيها تثبيت دعامات، هي أقل إصابة بإعادة الضيق خلال الستة أشهر الأولى من بعد توسيع الشريان.

 وذلك بالمقارنة مع مجرد توسيع ضيق الشريان بالبالون. وللتوضيح، فإن الشريان القلبي عضو حساس. وإذا ما جرى نفخ البالون داخله، لتوسيع الضيق في مجراه، فإنه يقوم برد فعل لهذا التوسيع. ورد الفعل للتوسيع هو الضيق، بلا شك. وهذا ما كان يحصل لدى حوالي أربعين بالمائة من الحالات التي تُجرى فيها عمليات التوسيع بالبالون خلال القسطرة، وذلك في أثناء الستة أشهر التالية.

وعندما بدأ أطباء القلب باستخدام طريقة تثبيت الدعامة المعدنية، قلّت تلك النسبة إلى ما بين عشرة وعشرين بالمائة، وللأسف لا يُمكن للطبيب توقع منْ سيحصل عنده عودة التضيق، ومنْ لن يحصل لديه ذلك.