هذا الموسم .. قليل من الذهب والماس كثير من الذوق

ساتين للمساء والسهرة تتحدى الأجواء الكئيبة بألوان المجوهرات
ساتين للمساء والسهرة تتحدى الأجواء الكئيبة بألوان المجوهرات

أغلب واجهات المحلات العالمية تتحول هذه الأيام، إلى ما يشبه مغارة علي بابا، تتزاوج فيها خيوط الذهب مع بريق الياقوت والزمرد والماس واللؤلؤ.


لكن رغم مظاهر الترف هاته، فإن ليس كل ما يلمع ذهبا خالصا بـ 18 أو 24 قيراطا ولا ماسا مصقولا صافيا ولا حتى لؤلؤا مصفوفا، بل هو فقط لعب وتلاعب على الألوان المعدنية وغيرها من الألوان التي تغذي رغبتنا في التألق في المناسبات الكبيرة والخاصة على حد سواء.

فهذه هي الألوان التي تعودنا عليها في هذا الوقت من السنة، واصبحنا نعتمدها لإدخال بعض الدفء والمرح على كآبة الخريف والشتاء، قد نحتاجها اكثر هذا العام كمضاد للتوقعات الاقتصادية المتشائمة، التي تهددنا من كل صوب.

لهذا قد يكون الإقبال الكبير على كل ما يلمع بــالذهب والمــاس والأحجار الثمينة، محاولة للحصول على بعض الثقة في وقت اهتزت فيه الثقة الاقتصادية.

الطريف أنه لو رجعنا بذاكرتنا عشر سنوات للوراء، لتذكرنا انه عندما أرسل المصمم هيلموت لانغ، عارضاته بأحذية تقطر ذهبا وفضة مع تايورات مفصلة للمرأة العملية، شهق الحضور استغرابا، وفكرت المرأة ألف مرة كيف يمكنها ان توظف هذا التناقض اللذيذ في خزانتها وتحافظ على رزانتها في الوقت ذاته ؟.

لكن شتان بين الأمس واليوم، فأينما صوبت النظر حاليا، طالعتك ازياء واكسسوارات «تزغلل» العيون.

وربما يكون هذا أجمل شيء في الموضة، فهي تصدم وتداعب ثم تصالح، بدليل ان هذه الألوان، بكل درجاتها، لم تعد تثير نظرات الاستهجان والاستنكار خارج مناسبات السهرة والمساء، بعد أن أدخلتها الموضة إلى خزانة المرأة العاملة والعملية في كل الأوقات وعلى كل الاقمشة، بما فيها الصوف والكشمير، وليس فقط في اكسسواراتها.

أما جديد هذا الموسم، فهو درجة بريقها الذي اكتسى بألوان المجوهرات الكريمة ونصف الثمينة، ولم يعد يقتصر على الذهب والفضة، كما كان سابقا.

وربما يكون هذا امرا طبيعيا، فبيوت الازياء العالمية وكبار المصممين لا يمكنهم ان يتركوا اقتحام صائغي المجوهرات عالمهم، يغرفون من جمالياته وخيراته بنهم، مرور الكرام، وكان لا بد ان يردوا عليهم بالمثل.

ومن هنا كان سخاؤهم بطرح فساتين سهرة ساحرة بألوان السيترين والجمشت وأخرى بالأكومارين والماس والزفير والياقوت وغيرها ترصعها احجار اللؤلؤ أو سواروفسكي، وليس ادل على هذا من اللبناني إيلي صعب الذي طرح مجموعة بأكملها، من فساتين الكوكتيل والسهرة، بألوان المجوهرات الهادئة، كذلك الأمر بالنسبة لدريز فان نوتن وميوتشا برادا ومارك جايكوبس وبالمان، ممن قدموا إبداعات بألوان المعادن في فساتين من الساتان أو الدانتيل أو المخمل، يتباين لهيبها وتوهجها حسب ذوق كل واحد منهم.

ولا يمكن الحديث عن هذه الموجة دون الحديث عن دار «بالمان» التي تعيش عصرا ذهبيا في المواسم الأخيرة منذ ان التحق بها الشاب، كريستوف ديكارنين كمصمم فني.

فقد أكدت فيما طرحته لهذا الموسم أنها دار تعيش على البريق وتتنفسه، من خلال تصميمات معدنية للنهار والمساء على حد سواء.

ولأن السخاء في استعمال الترتر والخرز وخيوط الذهب والفضة، ماركة مسجلة للمصمم الشاب، فلا الأزمة الاقتصادية ولا تغير الأذواق يمكنهما ان يدفعاه إلى التخلي عنها.

ولحسن حظه، فإنها مست وترا حساسا في اوساط الموضة، التي تهلل له، وتعانق أي شيء يطرحه، إلى درجة ان العديد من بيوت الازياء العالمية باتت تحتذي به وبأسلوبه، مما يؤكد ان هذا المظهر سيبقى معنا طويلا، ولن يكون استثمارا خاسرا.

وفي منطقة مايفير، اللندنية، حيث يوجد محل المصممة جيني باكام، فإن أي مترجلة سيستوقفها فستان طويل باللون الأحمر مطرز بالخرز والترتر، تم تعمد عرضه في الواجهة، وبيعت منه لحد الآن ما لا يقل عن 10 نسخ، رغم أن سعره يقدر بـ 14000 دولار أميركي.

قد يقول البعض ان هذا تناقض صارخ بما يجري حاليا، بينما قد يذهب البعض الآخر إلى أبعد من هذا بوصفه نوعا من الانفصام أو عدم الواقعية، فالاسعار لا تزال جنونية فيما ان الإمكانيات شحت عن ذي قبل، أو على الاقل الكل ينتظر في خوف ما ستسفر عنه الأحوال في العام المقبل.

لكن هارييت كويك، من مجلة «فوغ« تقول ان الأزمات المالية، تفرض استعمال الموضة كوسيلة لرفع المعنويات لما تمنحه من فانتازيا ومرح.

ويوافقها الرأي المصمم النيويوركي، ديريك لام، الذي قدم مجموعة مطرزة بالخرز واحجار سواروفسكي، قائلا ان هذه الازياء قد تبدو غالية الثمن واستعراضية «لكن الناس تبحث عن طرق للهروب من الواقع ومستعدين للاستثمار في قطعة مميزة».

وإذا كان التاريخ يقدم لنا دروسا يجب ان نستفيد منها، فإنه يؤكد ان انتعاش الأزياء الزاهية بالبريق وأحجار سواروفسكي وخيوط الذهب أو الفضة والماس، في وقت يمر به العالم بركود مالي، ليس بالأمر الجديد أو المتناقض.

فالملابس القصيرة، مثلا، تعرف أوجها في أوقات الانتعاش الاقتصادي والاجتماعي، ويزيد طولها في الأوقات العصيبة، رغم ان العكس يمكن ان يكون منطقيا اكثر، من منطلق التقشف واستعمال اقمشة اقل.

وفي هذا الصدد ايضا تشرح الدكتورة كاثرين ريتشاردسون، وهي خبيرة في الملابس العصرية ومديرة مركز الدراسات القديمة والقرون الوسطى في جامعة «كنت» البريطانية أن النظرة لمعاني الملابس المطرزة بالذهب لا تتغير.

فعندما تكون الأحوال مستقرة، تكون النفسية أكثر اطمئنانا وثقة، وبالتالي ليست بحاجة إلى إثبات الذات والمكانة الاجتماعية، لأنه يمكن التمييز بين الأثرياء وغيرهم بسهولة أكبر».

وتستدل ريتشاردسون بعصر النهضة حين تم تقنين مظاهر الترف والجاه بجعلها حكرا على الطبقات الرفيعة في المجتمع بقولها: «الأمر يتعلق بإظهار القوة في الأوقات التي تعرف تغيرات» أو تذبذبات.

من جهتها، ترى المصممة البيرتا فيريتي، المعروفــة بــأسلوبها الرومانسي المنساب، انه لا ضرر في قليل من البريق حول الياقة والاكمام وزخات من ألوان المجوهرات في الفساتين، لأنها تمنح المرأة الثقة وإحساسا بالقوة، مضيفة أن هذه الاخيرة اصيبت بالتخمة من الألوان الحيادية والترابية التي تجعلها تعيش في الظل «فهي الآن بطلة في الحياة وفي السياسة، وبالتالي اكثر استعدادا ورغبة في التميز عن غيرها».

ومما لاشك فيه أن هذا الإسهاب من قبل المصممين، من جهة، والإقبال من قبل المستهلكات، من جهة ثانية، يؤكدان ان ألوان المعادن والأحجار النفيسة لا تتأثر، مهما كانت الأحوال الاقتصادية، وإن كان يفضل في الوقت الحالي البحث عن فستان لا تخضع موضته للتغييرات، ولا تذوب حلاوته بعد انتهاء العام مباشرة، وذلك بتخصيص ميزانية محترمة لواحد لا يعترف بالزمن، حتى إذا رجعت إليه فيما بعد، شعرت بالسعادة والزهو، وكأنك تلبسينه لأول مرة.

وهذا يتطلب تصميما كلاسيكيا عصريا، بتفاصيل ذكية وهادئة بعيدة كل البعد عن المبالغة، بغض النظر إن كان بتوقيع مصمم معروف طبع اسمه بالبنط العريض عليه، أو واحد مغمور، لأن المهم هنا ليس المصمم، بل أنت ومدى تألقك.

 كما لا يهم إن كان بالأسود أو بألوان المجوهرات الثمينة التي تلمع من كل الجهات كلما انعكس الضوء عليها.

- إذا كنت من المدمنات على الأسود، أو بالأحرى الفستان الاسود الناعم، فالبشرى انه متواجد في الساحة، ويتمتع بنفس ميزات الذهبي أو غيره من ألوان الموسم الحالي، لأنه وبكل بساطة جاء هو الآخر يتحلى بالبريق، سواء من ناحية اقمشته التي تتراقص على انعكاسات الضوء، أو من ناحية تطريزاته أو ترصيعاته.

- طبعا الذهب والماس لا يمكن ان يغيبا، بل العكس تماما، فهما الحاضر الدائم في مناسبات السهرة والمساء ولا تكتمل الاناقة من دونهما، إلى جانب الخرز والترتر واحجار سواروفكسي وغيرها، وهذا ما يفسر طرح المحلات الشعبية المترامية في شوارع الموضة، عددا لا يستهان به منها لكل المناسبات، بما فيها مناسبات النهار، من خلال كنزات أو فساتين مغزولة بخيوط الذهب أو مرصعة بأحجار سواروفسكي، وإن كان ماركات مثل «انتيك باتيك» و«داي بيرغر» و«بينك سودا» من الأسماء التي تخطر بالبال.

- يجب الانتباه ان البريق الذي يهدف إليه المصممون، لا يشي بالترف والجاه بقدر ما هو يتراقص على إيقاعات العصر.

فهو يناسب حتى المرأة العملية والهادئة في حال تم تنسيقه مع قطع بسيطة مثل الكنزات الصوفية والفساتين القصيرة والقمصان.

بعبارة أخرى، إذا كنت تريدين التألق في الذهب أو الماس، فإن ما عليك توخيه هو إطلالة تجمع بين الحيوية والاناقة، وأجمل القطع هي تلك التي تكون بتفاصيل هادئة.

- تذكري أن الحصول على إطلالة متألقة من «بالمان» قد تكلف ثروة صغيرة، لكن هناك بدائل اخرى في المتاجر الكبيرة يمكن تنسيقها مع قطعة مميزة للحصول على نفس النتيجة تقريبا.